الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشورى لا الديمقراطية:
إن الإسلام لا يقبل الديمقراطية إذ هما مذهبان مختلفان في أصولهما وجذورهما، أو فلسفتهما، ونتائج تطبيقهما.
وأوجه الاختلاف بينهما أوصلها إلى أكثر من خمس وعشرين نقطة وجعل منها حاجزاَ للفصل مابين الشورى والديمقراطية فالديمقراطية غالباَ ما كانت تمارس في أنظمة سياسية لادينية ، لاسيما في الغرب ، لأن الاعتقاد كان سائدًا أن الحكم الديني ينتج طبقة كهنوتية ويجعل الحاكم مقدسًا، في حين أن الشورى تنبع عن مجتمع يؤمن بأن الإسلام لا يحكم بعيدًا عن معاني الإيمان المرتبطة بالحياة بكافة أشكالها وصورها ويجعل الدين منهاجًا للحياة ، ولا يحصر العبادة في طائفة أو فرقة وإن كانت حاكمة أو عالمة.
ومفهوم الأمة لا يتحدد في الإسلام بجنس أو عرق أو أرض ، بل بمفهوم الأمة الأوسع وبالتالي روح العقيدة الإسلامية ومفهوم الوحدة بين المسلمين هي الأصل في حين أن النظام الديمقراطي يحدد ذلك في قطر معين ، مع وجود المشاحنات والتنافر بين أبناء القطر الواحد.
وفي النظام الديمقراطي يكون الشعب هو مصدر التشريع وبالتحديد في إيكال أمر التمثيل إلى فئة تمثلهم في البرلمان أو المجلس النيابي ، علما ان أرادة الشعب تتمثل غالباَ في الأغلبية أو الأكثرية ، كما أن النظام النيابي أو البرلماني الديمقراطي يعوزه نوع من الدقة في مسألة التمثيل النسبي وهو أن ينال كل حزب سياسي نصيبًا من مقاعد الهيئة التشريعية ، يتناسب مع ما ناله من مجمل الأصوات التي أدلي بها في الانتخابات وهو يتيح أيضًا فرصًا لمرشحي أحزاب الأقلية في الانتخابات للحصول على مقاعد فى المجلس ، إلى ضبابية البرامج الانتخابية والدعائية ، أي أن الذين يمثلون الشعب ليس بالتأكيد هم الشرعية وإن كانوا حاصلين على تفويض بناءً على إجراءات النظام البرلماني.
في حين أن في نظام الشورى يكون التشريع فيه لله ـ وحده والحاكمية له سبحانه، وحتى في المسائل الاجتهادية أو الخلافية، الأصل أن لا تخرج عن مقررات الشريعة وهذا ما يوازيه في النظام الديمقراطي السيادة في الفكر الغربي ، بيد أن سلطة الشعب في ظل النظام الإسلامي ليس مطلقة ، بل هي مقيدة بمقرارات الشريعة وأحكامها أو بصورة أوضح ، أن
الديمقراطية تتجاهل المبادئ العليا والشرائع السماوية ، بل قد تكون في بعض الأحيان في حال رفض وازدراء لكل المعتقدات السماوية.
والشورى مرتبطة بالنظام الإسلامي الذي يجمع ما بين الأخلاق والتشريع، والعمل السياسي الإسلامي لا يخرج عن إطار العمل الأخلاقي، لأن الغاية من هذا النظام هو العمل على كسب الدنيا والآخرة معاَ، من خلال تحقيق مصالح الأفراد والدولة بصورة فيها صلاح وعمران لمفهوم الاستخلاف في الأرض.
في حين أن الديمقراطية تخضع غالبًا في الفكر الغربي إلى تحصيل المنافع والقيم النسبية ، حسب رأي الأغلبية ، لاسيما إذا كانت الأغلبية مطلقة وعليه قد تقع الحيل والمخادعات وسياسات مكيافيللي:«الغاية تبرر الوسيلة» ، مما يوقع الفساد الأخلاقي والإصلاحي باسم الديمقراطية لاسيما إذا كان الدستور والقيم تنحصر في هذه الأغلبية ، فمن الممكن أن تنحصر القيم التي تحكم الإجراءات الديمقراطية ، وأن يقرر الناخبون القانون والقيمة ، بدون أي مرجعية أخلاقية أو معرفية ، كما فعل
هتلر بعد حصوله على الأغلبية من خلال العملية الديمقراطية فقام بتصفية الأقليات العرقية والدينية بموافقة الأغلبية الألمانية.
وهذا النوع من الديمقراطية هو الممارس في الغرب، إذ بهذا النظام القائم على تحصيل المنفعة واللذة يمكن إجازة الزواج المثلي، أو السحاق أو الإجهاض، وغير ذلك من الأفعال المخالفة للقيم الإنسانية بحجج تحصيل الأغلبية من النواب ، إذ يكون بعضهم مرشحًا من قبل هذه الجمعيات الشاذة أخلاقيًا وهذا ما يجعلنا نؤكد على أن الأنظمة الغربية تقوم على منظومة قيم تختلف جذريًا عن تلك القائمة عند المسلمين وليس المشكلة في النظام السياسي فقط ، بل إجراءات تحصيل المصلحة للشعوب وهذا يعود بالأساس إلى فلسفة القيم والخلق.
إن قيمة الشورى كمفهوم شرعي لها من الدلالات والمعاني الإيمانية ما هو أشمل وأوسع استخدامًا واستعمالًا من المقيدات والمحددات في العملية الديمقراطية، إذ أن المواطن في الدولة الإسلامية يستشعر مدى المسؤولية الشرعية أمام الله ـ في إنكار المنكر، وفي حمل الغير على ذلك، أي أن المسؤولية الشرعية أقوى من المسؤولية القانونية في النظام الديمقراطي.