الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي ظل التحرش بالمادة الثانية مِن الدستور الآن: نريد أن نعرف بعض الخلفيات القانونية، والتاريخية، التي يأتي بيانها في النقاط التالية:
ما هو الدستور
؟
* السلطة التشريعية هي: إحدى السلطات الثلاث التي يقوم عليها نظام الحكم في الدولة المدنية، وهو أخطرها على الإطلاق.
والنظام الديمقراطي يجعل الشعب هو مصدر هذه السلطات؛ ومن ثَمَّ فقد جرى العمل على أن تصاغ تطلعات الأمة وتوجهاتها العامة في شكل قواعد محددة تمثل العقد الاجتماعي بين الشعب والسلطات الثلاث، وتبين كيفية إفراز هذه السلطات، ويصطلح على تسميتها بالدستور، وهو أشبه ما يكون في علومنا الشرعية بعلم:«القواعد الفقهية» .
إذن فالدستور هو: «أبو القوانين» المهيمن عليها، بل هو الموجه الرئيسي لأداء السلطة التنفيذية، ويُعرِّفه القانونيون بأنه هو:«القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة «بسيطة أم مركبة» ، ونظام الحكم «ملكي أم جمهوري» ، وشكل
الحكومة «رئاسية أم برلمانية» ، وينظم السلطات العامة فيها مِن حيث التكوين والاختصاص، والعلاقات التي بين السلطات، وحدود كل سلطة، والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.
* وُضِعَ أول دستور مصري عام 1882، وكان عالمانيًا قُحًّا، ولم يكن فيه أدنى إشارة إلى هوية الأمة وتميزها عن أمة الاحتلال.
* وكردِّ فعل للمد الثوري في مصر تم وضع دستور 1923، والذي لم يختلف كثيرًا عن سابقه في احتقار هوية الأمة، وهو شيء طبيعي لدستور كُتب في ظل الاحتلال.
وتمثل هذا في:
- خلو الدستور من أي ذكر للشريعة الاسلامية.
- وضع المادة الخاصة بدين الدولة ولغتها في ترتيب متأخر جدًا في الباب السادس مِن الدستور.
فهل يمكن بعد ذلك لمسلم أن يعطي صوته لمرشح لمنصب الرئاسة ينادي بالعودة إلى دستور 1923؟!
* ظهرت الشريعة على استحياء في القانون المدني المصري لعام 1949، والذي تضمن خطابين: أحدهما: للسلطة التشريعية، والثاني: للسلطة القضائية، ووضع الشريعة في المرتبة الثالثة لكل منهما.
فأما السلطة التشريعية: فقد خاطبها باستمداد الأحكام مِن:
1 -
أحكام القانون المدني السابق، والذي صدر عام 1883 في ظل دستور 1882.
2 -
القوانين اللاتينية لا سيما الفرنسي.
3 -
ثم جاءت الشريعة الإسلامية في المرتبة الثالثة.
وأما القاضي فخاطبه أن يحكم:
1 -
بالمنصوص عليه في القانون.
2 -
فإن لم يجد فبالعرف.
3 -
فإن لم يجد حكم بالشريعة الإسلامية.
* قامت ثورة يوليو 52، وألغت العمل بدستور 1923، وأصدرت بعده عدة بيانات دستورية لا ترقى إلى أن تكون دستورًا.
* بعد نكسة يونيو 67 ظهرت الروح الإسلامية قوية، وعرفت الأمة أنها لا عز لها إلا في الاسلام.
* ظهر هذا جليًا في الدستور الدائم لمصر عام 1971، والذي اعتنى بهوية الأمة؛ فكان نص المادة الثانية منه، والتي تقع في الباب الأول الذي يتكلم عن شكل الدولة:«دين الدولة الرسمي الإسلام، ولغتها العربية، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيها» .
* كان مِن نتاج ذلك أن وافقت الأمة على الدستور، وانطلقت عجلة الإصلاح التي كان مِن نتاجها صور البطولة النادرة التي أظهرها الجنود في حرب العاشر مِن رمضان، والتي استعمل الجيش فيها العمليات الاستشهادية لتفجير حقول الألغام، وسد فوهات الدبابات برؤوسهم وأجسادهم.
* بعد الحرب بدأت عجلة القوانين المخالفة للشريعة تدور، وبالطعن عليها أمام المحكمة الدستورية العليا كان التفسير:«إن وجود مصدر رئيسي لا يعني عدم وجود مصادر فرعية» ؛ مما يعني أن المادة عديمة الفائدة.
* وفي عام 1980، وعندما أراد أنور السادات ـ الرئيس المصري آنذاك ـ أن يفتح مدد إعادة الترشيح للرئاسة، وحتى يقبل الناس ذلك في الاستفتاء أدخل معها تعديلًا على المادة الثانية باضافة «ال» إلى كلمة مصدر؛ لتصبح:«الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي مِن مصادر التشريع» .
* عند الطعن بعدم دستورية بعض الأحكام المخالفة للشريعة قررت المحكمة الدستورية العليا ثلاث نقاط في غاية الأهمية:
1 -
أن المادة بهذه الصياغة تمنع مِن سن قوانين جديدة مخالفة للشريعة.
2 -
أن المادة تخاطب السلطة التشريعية لا القضائية، ومِن ثمَّ فلا يجوز للقاضي أن يترك القانون الصادر عن السلطة التشريعية بحال، ومهما كان مخالفًا للشريعة.
3 -
أن القوانين التي سبق سنها قبل هذا التعديل الدستوري اكتسبت حصانة دستورية، ولا يمكن إسقاطها إلا بنص صريح مِن السلطة التشريعية.