الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل أجمع الفقهاء على وجوب طاعة الأئمة والولاة في غير معصية، وعلى تحريمها في المعصية.
من آفات الديمقراطية:
من أكبر الآفات التي تعاني منها الديمقراطية اليوم، سيطرة أرباب المال على مقاليدها، بدءًا من السيطرة على المؤسسة السياسية بما يتبعها من مؤسسات متحكمة وموجهة ثم التحكم في تأسيس الأحزاب الكبرى وتمويلها ثم تمويل الحملات الانتخابية الباهظة التكاليف، بطرق قانونية وغير قانونية، ثم امتلاك وسائل الإعلام الكبرى والتحكم فيها وتوجيهها لصالح من يريدون، وضد من يريدون، وهكذا نصل في النهاية إلى أغلبية برلمانية تابعة للأقلية، أو نصل إلى حكومة الأقلية المسماة بحكومة الأغلبية.
ولا تزال كلمات برنادرشو عن الديمقراطية تمثل رأْيَ مَن رأَى الديمقراطية في الواقع ورأى ما فيها من خلل واضطراب وإفساد، وهذه هي كلماته:«الديمقراطية هي السماح لكل المسافرين بقيادة القطار لتكون النتيجة المحتومة الاصطدام والكارثة» .
لقد بذلتْ أمريكا جهودًا ضخمة من أجل الدعوة إلى (الديمقراطية)، جهودًا سياسيّة وإعلامية ومؤسساتية وعسكرية، ولقد حقَّقت اختراقات واضحة في صفوف المسلمين، وكوّنت لها أتباعًا منهم يردِّدون نعيقها.
ولكن مع كل هذا النشاط والنجاح النسبي الذي حققوه، فإن الديمقراطية التي وعدوا بها لم يظهر لها وجود إلا في المجازر التي أقاموها، والتدمير المروّع، والإبادة الجماعية، كل ذلك في العالم الإسلامي. فإن كانت هذه هي الديمقراطية التي يدعون لها فليطبّقوها في ديارهم أولًا لنرى الأشلاء والتدمير والإبادة هناك عندهم.
أساس الديمقراطية ومحورها عزل الدنيا عن الآخرة، والانصراف كلية إلى الدنيا، كأن الدار الآخرة هي مسؤولية الفرد وحده ليست مسؤولية الأمة كلها، والإنسانية كلها.
وأساس الإسلام هو الدار الآخرة وإيثارها على الدنيا، لتكون هذه القضية هي القضية الرئيسة في حياة البشرية، ولتكون قضية الإيمان بالله الذي لا إله إلا هو هي الحقيقة الكبرى في
الكون كله والحياة كلها، وفي حياة الإنسان والبشرية كلها، وهي مسؤولية الأمة كلها لتصوغ نظامها ومواقفها من الإسلام!
إنه فرق كبير واسع بين الإسلام والديمقراطية، فرق يجب أن لا يخفى على من يتلو كتاب الله ويدرس سنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز أن يغيب عن بال العلماء المسلمين والدعاة المسلمين!
إن الخسارة التي يُبتلى بها المسلمون بالدعوة إلى خدعة الديمقراطية هي خسارة الدنيا والآخرة. خسارة الدنيا لأَن هذه الدعوة لم تحقّقْ أيّ عزّة أو كرامة أو تقدم أو نصر للمسلمين، وخسارة الآخرة لأنها تنبذ الدار الآخرة التي هي الحقيقة الكبرى في الكون والحياة.
نادوا بالديمقراطية لإنقاذ فلسطين وجعلوا لها عُرْسًا، فضاعت فلسطين وضاعت كل جهود لإنقاذها، وأصبحت الجهود شعارات تدوّي لا نهج فيها ولا خطة، إلا الانقسامات والصراع على الدنيا! ضاعت الأعراس وحلّت المآسي والأحزان، نادوا بالديمقراطية لإصلاح العراق، فدُمرت العراق وقُسّمت وتمزّقت شيعًا وأحزابًا، وفتنًا وصراعًا! وقِسْ على ذلك سائر بقاع المسلمين كالصومال والسودان وغيرهما!
ومع كلّ هذه المآسي الممتدة، والمصائب المتتالية، والأخطار المتلاحقة فلا زالت الديمقراطية موضوع حديث قطاع واسع من الإعلام، من الصحف والمجلات والندوات.
كأنّ الناس قد نسوا التاريخ، فلنأخذ الحاضر والعهد القريب. ولنسأل أسئلة بسيطة: أين الديمقراطية التي جاء بوش بها إلى العراق لينشرها؟ فما وجدناها إلا مليون قتيل عراقي، وتفتَّت العراق قطعًا، وأحزابًا وصراعًا هائلًا لا يتوقف.
أين الديمقراطية في العراق؟!
أين الديمقراطية في أفغانستان؟! تدمير ومئات آلاف الضحايا، وشراء ضمائر الناس بالدولارات؟! أين هي أفغانستان؟! بقايا منها تكاد تبدو! كأنها دمّرت تدميرًا كاملًا!
أين الديمقراطية في أكبر عملية سرقة يشهدها التاريخ، سرقة فلسطين من أهلها المسلمين وإعطائها لليهود، وطرد شعبها منها ليُشتّت في الأرض!
لو تابعنا الأسئلة لوجدنا أن الديمقراطية ودعاتها لم تخرج عن كونها فسادًا وظلمًا في الأرض، وحروبًا لا تكاد تقف حتى تقوم حروب أخرى أهلكت الناس!