المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثانيا: الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي: - صلاة التطوع

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: مفهوم التطوع:

- ‌ثانياً: فضل التطوع:

- ‌1 - تُكمِّلُ الفرائضَ وتجبر نقصها

- ‌2 - التطوع تُرفع به الدرجات وتُحطُّ الخطايا

- ‌3 - كثرة النوافل من أعظم أسباب دخول الجنة

- ‌4 - صلاة التطوع أفضل أعمال نوافل البدن بعد الجهاد

- ‌5 - صلاة التطوع في البيوت تجلب البركة

- ‌6 - التطوّعُ يجلبُ محبة الله لعبده

- ‌7 - كمال التطوع يزيد في شكر العبد لله عز وجل

- ‌ثالثاً: جواز صلاة التطوع جالساً:

- ‌رابعاً: جواز التطوع على المركوب في السفر الطويل والقصير:

- ‌خامساً: أخلص مواضع صلاة التطوع:

- ‌سادساً: أحب التطوع إلى الله ما دُووِمَ عليه:

- ‌سابعاً: جواز صلاة التطوع جماعة أحياناً:

- ‌ثامناً: أقسام صلاة التطوع:

- ‌القسم الأول: السنن الدائمة المستمرة

- ‌1 - الرواتب المؤكدة مع الفرائض:

- ‌2 - السنن تفصيلاً: المؤكدة وغير المؤكدة مع الفرائض:

- ‌3 - وقت الرواتب مع الفرائض:

- ‌4 - قضاء الرواتب

- ‌5 - الفصل بين الرواتب والفرائض بخروج أو كلام

- ‌6 - ترك الرواتب وغيرها إذا أقيمت المكتوبة

- ‌7 - السنة ترك الرواتب في السفر

- ‌النوع الثاني: الوتر:

- ‌1 - الوتر سنة مؤكدة

- ‌2 - فضل الوتر

- ‌3 - وقت صلاة الوتر:

- ‌4 - أنواع الوتر وعدده

- ‌5 - القراءة في الوتر

- ‌6 - القنوت في الوتر

- ‌7 - مَوضِعُ دعاء القنوت

- ‌8 - رفع اليدين في دعاء القنوت وتأمين المأمومين

- ‌9 - آخر صلاة الليل الوتر

- ‌10 - الدعاء بعد السلام من صلاة الوتر

- ‌11 - لا وتران في ليلة ولا يُنقض الوتر

- ‌12 - إيقاظ الأهل لصلاة الوتر مشروع

- ‌13 - قضاء الوتر لمن فاته

- ‌14 - دعاء القنوت في النوازل في الصلاة المفروضة

- ‌النوع الثالث: صلاة الضحى:

- ‌1 - صلاة الضحى سنة مؤكدة

- ‌2 - فضل صلاة الضحى

- ‌3 - وقت صلاة الضحى، من ارتفاع الشمس قيد رمح

- ‌4 - عدد ركعات سنة الضحى لا حدّ له على الصحيح

- ‌القسم الثاني: ما تسن له الجماعة ومنه صلاة التراويح:

- ‌1 - مفهوم صلاة التراويح:

- ‌2 - صلاة التراويح سنة مؤكدة

- ‌3 - فضل صلاة التراويح

- ‌4 - مشروعية الجماعة في صلاة التراويح

- ‌5 - الاجتهاد في قيام عشر شهر رمضان الأواخر

- ‌6 - وقت صلاة التراويح بعد صلاة العشاء

- ‌7 - عدد صلاة التراويح ليس له تحديد

- ‌القسم الثالث: التطوع المطلق

- ‌النوع الأول: التهجد بالليل:

- ‌أولاً: مفهوم التهجد

- ‌ثانياً: صلاة التهجد سنة مؤكدة

- ‌ثالثاً: فضل قيام الليل عظيم

- ‌1 - عناية النبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل حتى تفطرت قدماه

- ‌2 - من أعظم أسباب دخول الجنة

- ‌3 - قيام الليل من أسباب رفع الدرجات

- ‌4 - المحافظون على قيام الليل محسنون

- ‌5 - مدح الله أهل قيام الليل

- ‌6 - شهد لهم بالإيمان الكامل

- ‌7 - نفى الله التسوية بينهم وبين غيرهم

- ‌8 - قيام الليل مكفِّر للسيئات ومنهاة للآثام

- ‌9 - قيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة

- ‌10 - شرف المؤمن قيام الليل

- ‌11 - قيام الليل يُغْبَطُ عليه صاحبه

- ‌12 - قراءة القرآن في قيام الليل غنيمة عظيمة

- ‌رابعاً: أفضل أوقات قيام الليل الثلث الأخير

- ‌خامساً: عدد ركعات قيام الليل، ليس له عددٌ مخصوص

- ‌سادساً: آداب قيام الليل:

- ‌1 - ينوي عند نومه قيام الليل وينوي بنومه التَّقوِّي على الطاعة ليحصل على الثواب على نومه

- ‌2 - يمسح النوم عن وجهه عند الاستيقاظ، ويذكر الله

- ‌3 - يفتتح تهجّدَه بركعتين خفيفتين

- ‌4 - يُستحبُّ أن يكون تهجدُه في بيته

- ‌5 - المداومة على قيام الليل وعدم قطعه

- ‌6 - إذا غلبه النعاس ينبغي له أن يترك الصلاة وينام حتى يذهب عنه النوم

- ‌7 - يُستحب له أن يوقظ أهله

- ‌8 - يقرأ المتهجد جزءاً من القرآن أو أكثر

- ‌9 - جواز التطوع جماعة أحياناً

- ‌10 - يختم تهجده بوتر

- ‌11 - يحتسب النومة والقومة

- ‌12 - طول القيام مع كثرة الركوع والسجود

- ‌سابعاً: الأسباب المعينة على قيام الليل:

- ‌1 - معرفة فضل قيام الليل

- ‌2 - معرفة كيد الشيطان، وتثبيطه عن قيام الليل

- ‌3 - قصر الأمل وتذكر الموت

- ‌4 - اغتنام الصحة والفراغ

- ‌5 - الحرص على النوم مبكراً

- ‌6 - الحرص على آداب النوم

- ‌7 - العناية بجملة الأسباب التي تعين على قيام الليل

- ‌النوع الثاني: صلاة النهار والليل المطلقة:

- ‌القسم الرابع: الصلوات ذوات الأسباب:

- ‌أولاً: تحية المسجد

- ‌ثانياً: صلاة القدوم من السفر في المسجد

- ‌ثالثاً: الصلاة عقب الوضوء:

- ‌رابعاً: صلاة الاستخارة

- ‌خامساً: صلاة التوبة:

- ‌سادساً: سجود تلاوة القرآن الكريم:

- ‌1 - فضل سجود التلاوة

- ‌3 - سجود المستمع إذا سجد القارئ

- ‌4 - عدد سجدات القرآن ومواضعها

- ‌5 - سجود التلاوة في الصلاة الجهرية

- ‌6 - صفة سجود التلاوة

- ‌7 - الدعاء في سجود التلاوة

- ‌سابعاً: سجود الشكر

- ‌القسم الخامس: أوقات النهي عن صلاة التطوع:

- ‌أولاً: أوقات النهي عن صلاة التطوع المطلق خمسة

- ‌ثانياً: الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي:

الفصل: ‌ثانيا: الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي:

ابن عمر قال: رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة فقال: ((ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين)) (1).

‌ثانياً: الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي:

الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي، اختلف العلماء - يرحمهم الله - هل تؤدى في الأوقات التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها أم لا تفعل؟ والصواب من ذلك أنها مخصوصة بالاستثناء في أوقات النهي، قال الإمام النووي رحمه الله بعد أن ذكر أحاديث النهي: ((في أحاديث الباب نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد طلوعها حتى ترتفع، وعند استوائها حتى تزول، وعند

(1) سنن أبي داود، برقم 1278، وتقدم تخريجه في الذي قبله.

ص: 188

اصفرارها حتى تغرب، وأجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها، واختلفوا في النوافل التي لها سبب كصلاة: تحية المسجد، وسجود التلاوة، والشكر، وصلاة العيد، والكسوف، وفي صلاة الجنازة، وقضاء الفوائت. ومذهب الشافعي وطائفة جواز ذلك كله بلا كراهة، ومذهب أبي حنيفة وآخرين أنه داخل في النهي لعموم الأحاديث، واحتج الشافعي وموافقوه بأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، وهذا صريح في قضاء السنة الفائتة فالحاضرة أولى، والفريضة المقضيَّة أولى وكذا الجنازة)) (1). واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن ذوات الأسباب تفعل في أوقات النهي، وقال: ((

وهذا أصح قولي العلماء وهو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه)) (2).

(1) شرح صحيح مسلم، 6/ 358، وتعقب الحافظ ابن حجر في فتح الباري،2/ 59 مسألة الإجماع، فقد حكي عن طائفة من السلف الإباحة مطلقاً، وأن أحاديث النهي منسوخة، وعن طائفة أخرى المنع مطلقاً.

(2)

مجموع فتاوى شيخ الإسلام، 23/ 210، وانظر: المختارات الجلية للمسائل الفقهية، للعلامة عبد الرحمن السعدي، ص51.

ص: 189

وقال سماحة الإمام ابن باز رحمه الله على قول من قال: ((يُحْمَل النهي على ما لا سبب له ويخص منه ما له سبب جمعاً بين الأدلة)) (1): ((وهذا القول هو أصح الأقوال، وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، وبه تجتمع الأخبار والله أعلم)) (2).

ومما يدل على استثناء الصلوات ذوات الأسباب حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني عبد منافٍ لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى، أيةَ ساعةٍ شاء من ليلٍ أو نهار)) (3).

(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 2/ 59.

(2)

حاشية ابن باز على فتح الباري، 2/ 59، وانظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 178 - 222.

(3)

أبو داود، كتاب المناسك، باب الطواف بعد العصر، برقم 1894، والترمذي، باب ما جاء في الصلاة بعد العصر، وبعد الصبح لمن يطوف، برقم 868، والنسائي، كتاب المناسك، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم 2924، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم 1254، وسمعت الإمام ابن باز يقول: إسناده جيد، وذلك أثناء تقريره على سنن النسائي، الحديث رقم 2924،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود،1/ 354.

ص: 190

وحديث يزيد بن الأسود رضي الله عنه قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخَيف، فلما قضى صلاته انحرف فإذا هو برجلين في أُخْرى القوم لم يصليا معه فقال:((عليَّ بهما)) فجيء بهما ترعد فرائصُهُما (1) فقال: ((ما منعكما أن تصليا معنا؟)) فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال:((فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلِّيا معهم، فإنها لكما نافلة)) (2). وفي لفظ لأبي داود: ((إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه؛ فإنها له نافلة)) (3).

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنت

(1) ترعد فرائصهما: تتحرك فرائصهما، والفريضة لحمة بين الكتف والجنب ترجف عند الخوف. انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 297.

(2)

الترمذي واللفظ له، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي وحده، ثم يدرك الجماعة، برقم 219، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، برقم 575، والنسائي، كتاب الإمامة، باب إعادة الفجر في جماعة لمن صلى وحده، برقم 858، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي،

1/ 186.

(3)

سنن أبي داود، برقم 575، وتقدم تخريجه في الذي قبله.

ص: 191

إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟)) (1) قال، قلت: فما تأمرني؟ قال: ((صلِّ الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة [ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي])) (2).

قال الإمام النووي رحمه الله: ((وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإعادة الصبح والعصر والمغرب كباقي الصلوات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الأمر بإعادة الصلاة ولم يفرق بين صلاة وصلاة وهذا هو الصحيح)) (3).

وعن محجن أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع ومحجن في مجلسه، فقال رسول صلى الله عليه وسلم:((ما منعك أن تصلي؟ ألست برجل مسلم؟)) قال: بلى ولكني كنت قد صليت في أهلي، فقال

(1) يميتون الصلاة: يؤخرونها فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه، والمراد بتأخيرها عن وقتها: أي عن وقتها المختار. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 153.

(2)

-مسلم، كتاب المساجد، باب كراهة تأخير الصلاة عن وقتها المختار وما يفعله المأموم إذا أخرها الإمام، برقم648.

(3)

شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 154.

ص: 192

رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جئت فصلِّ مع الناس وإن كنت قد صليت)) (1).

وهذه الأحاديث وما في معناها تدل على مشروعية الدخول مع الجماعة بنية التطوع لمن كان قد صلى تلك الصلاة، وإن كان الوقت وقت كراهة، للتصريح في حديث يزيد بن الأسود بأن ذلك كان في صلاة الصبح؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الأمر بإعادة الصلاة في حديث أبي ذر وحديث محجن، ولم يفرق صلى الله عليه وسلم بين صلاة وصلاة، فتكون هذه الأحاديث مخصصة لعموم الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة في أوقات النهي (2).

وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها الذي قالت فيه: ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل بيتي فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله، صليت صلاة لم تكن تصليها؟ فقال: ((قدم

(1) النسائي، كتاب الإمامة، باب إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل نفسه، برقم 857، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 186،وفي صحيح الجامع برقم 480، وفي الإرواء، برقم 534.

(2)

انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 298.

ص: 193

عليَّ مال فشغلني عن الركعتين كنت أركعهما بعد الظهر فصليتهما الآن)) فقلت: يا رسول الله، أنقضيهما إذا فاتتا؟ قال:((لا)) (1)، فهذا من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، قال الصنعاني رحمه الله:((والحديث دليل على ما سلف من أن القضاء في ذلك الوقت كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم)) (2).

وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول عن هذا الحديث: ((سنده جيد ويدل على أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وهناك من أهل العلم من يقول: تقضى، والصحيح أنها من خصائصه صلى الله عليه وسلم)) (3).

ويجوز قضاء الفرائض في أوقات النهي؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من نسي صلاة فليصلِّها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك)). وفي رواية لمسلم: ((من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها)) (4).

(1) أحمد في المسند، 6/ 315، وسمعت سماحة الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 188 يقول:((سنده جيد)).

(2)

سبل السلام، 2/ 52، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 262.

(3)

سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 188.

(4)

متفق عليه: البخاري برقم 597، ومسلم، برقم 684، وتقدم تخريجه.

ص: 194

والذي اتضح من الأحاديث التي مضت جواز صلاة ذوات الأسباب في أوقات النهي ومنها:

قضاء الفوائت، والصلاة المعادة مع الجماعة، وتحية المسجد، وسجود التلاوة وسجود الشكر، وصلاة الكسوف، وصلاة الطواف بالبيت، وصلاة الجنازة بعد العصر وبعد الفجر، وصلاة نصف النهار في المسجد يوم الجمعة للمأمومين حتى يخرج الإمام، وسنة الوضوء، وصلاة الاستخارة إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخره، وصلاة التوبة، وقضاء سنة الفجر بعدها (1)، ولكن لا يُصلي على الجنائز ولا يقبر الموتى في أوقات النهي المضيَّقة: عند الغروب، وعند الشروق، وعندما تكون الشمس في وسط السماء؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ((ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيها موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين

(1) جميع هذه الصلوات ذوات الأسباب ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى، 23/ 259 - 261 و23/ 178 - 221، وذكر كثيراً منها سماحة الإمام ابن باز في مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، 11/ 286 - 295 و11/ 384.

ص: 195

تضيَّف الشمس للغروب حتى تغرب)) (1).

وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر رجلاً يصلي وحده، فقال:((ألا رجل يتصدَّق على هذا فيصلي معه)) (2). وذكر ابن تيمية رحمه الله: أن هذا الحديث مما جاء في الإعادة لسبب، ثم قال:((فهنا هذا المتصدق قد أعاد الصلاة ليحصل لذلك المصلي فضيلة الجماعة، ثم الإعادة المأمور بها مشروعة عند الشافعي، وأحمد، ومالك وقت النهي، وعند أبي حنيفة لا تشرع وقت النهي)) (3)، والله عز وجل أعلم (4).

(1) مسلم، برقم 831، وتقدم تخريجه.

(2)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد، برقم574، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صُلِّي فيه، برقم 220، وأحمد، 3/ 45،

5/ 45، والحاكم، 1/ 209، وابن حبان، 6/ 257، برقم 2397 - 2399، وأبو يعلى،

2/ 321، برقم 1057،وصححه الألباني في إرواء الغليل، 2/ 613 برقم 535.

(3)

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 261، وينظر: 23/ 259، وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/ 380، والمغني لابن قدامة 2/ 515، 517، 519، 531،533،والمختارات الجلية في المسائل الفقهية، للعلامة السعدي، ص50 - 51، والشرح للعلامة ابن عثيمين، 4/ 175 - 176.

(4)

انظر: الأمور التي تفارق فيها النوافل الفرائض في الشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين 4/ 184 - 187، فقد ذكر واحداً وثلاثين فرقاً.

ص: 196