الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من نام عن الوتر أو نسيه فليصلِّ إذا أصبح أو ذكره)) (1). فالأفضل أن يقضي الوتر إذا نام عنه أو نسيه، من النهار بعد ارتفاع الشمس شفعاً على حسب عادته، فإن كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة صلى في النهار اثنتي عشرة ركعة، وإن كان يصلي تسع ركعات صلى عشر ركعات، وهكذا.
14 - دعاء القنوت في النوازل في الصلاة المفروضة
، قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت عند النازلة شهراً يدعو على
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب في الدعاء بعد الوتر، برقم 1431، وابن ماجه بلفظه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من نام عن وتر أو نسيه، برقم 1188، والترمذي، كتاب الوتر، باب ما جاء في الرجل ينام عن الوتر أو ينسى، برقم 465، ولفظه:((فليصلِّ إذا ذكر وإذا استيقظ))، وفي لفظ له:((فليصلِّ إذا أصبح))، والحاكم بلفظ الترمذي، 1/ 302، وصححه ووافقه الذهبي، وأحمد، 3/ 44 بلفظ:((إذا ذكرها أو إذا أصبح))، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 2/ 153. وسمعت الإمام ابن باز رحمه الله يقول:((هذا ضعيف بهذا اللفظ، ورواه أبو داود بإسناد جيد؛ لكن ليس فيه إذا أصبح، فرواية أبي داود تشهد له بالصحة، فالأفضل له أن يقضيه لكنه يشفعه، فقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا شغله عن وتره نوم أو مرض صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة))، سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم412.
قوم، وثبت أنه قنت يدعو لقوم مستضعفين من أصحابه كانوا مأسورين عند أقوام يمنعونهم من الهجرة، فلما زال السبب ترك القنوت، ولم يداوم النبي صلى الله عليه وسلم على القنوت في شيء من الصلوات المفروضة: لا الفجر، ولا غيرها، وكذلك خلفاؤه الراشدون كانوا يقنتون نحو هذا القنوت، فما كانوا يداومون عليه، ولكن إذا زال السبب تركوا القنوت، فالسنة القنوت عند النوازل ويُدعى فيها بما يناسب الحال من الدعاء لقوم أو عليهم، أو بما يناسب النازلة (1).
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء؛ لكن القنوت في الفجر والمغرب آكد (2)، فلما زال السبب ترك القنوت، لزوال سببه، حتى في الفجر، وهذا يؤكد أن دعاء القنوت في
(1) انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 21/ 151 - 156، و23/ 98 - 116، وزاد المعاد، 1/ 172 - 186.
(2)
انظر: الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص97.
الفجر على الدوام في غير النوازل بدعة (1).
ويدل على ما تقدم من مشروعية القنوت في النوازل الأحاديث الآتية:
الحديث الأول: حديث أنس رضي الله عنه قال: ((قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعلٍ وذكوان)) (2). وفي لفظ لمسلم: ((دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين
(1) ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن المسلمين تنازعوا في القنوت على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن القنوت منسوخ وكله بدعة، فلا يشرع بحال بناءً على أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت ثم ترك، والترك نسخ للفعل.
القول الثاني: أن القنوت مشروع دائماً، وأن المداومة عليه سنة، ولكن يكون ذلك في الفجر.
القول الثالث: وهو الصحيح، أنه يسن عند الحاجة إليه، كما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، ثم تركوا عند ارتفاع النوازل، فيكون القنوت مسنوناً عند النوازل، وهو الذي عليه فقهاء الحديث. انظر: الفتاوى، 23/ 99 و105 - 108، وقال رحمه الله:((ولا يقنت في غير الوتر إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة، فيقنت كل مصلٍّ في جميع الصلوات، لكنه في الفجر والمغرب آكد، بما يناسب تلك النازلة)). انظر: الاختيارات الفقهية، ص97.
(2)
متفق عليه: البخاري بلفظه: كتاب الوتر، باب القنوت قبل الركوع وبعده، برقم 1004، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزل بالمسلمين نازلة، برقم 677.
صباحاً
…
)). وفي لفظ له: ((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على سرية ما وجد على السبعين الذين أصيبوا يوم بئر معونة، كانوا يُدعَوْن القرَّاء فمكث شهراً يدعو على قَتَلَتِهِم)) (1).
الحديث الثاني: حديث خفاف بن إيماء الغفاري رضي الله عنه قال: ((ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رفع رأسه فقال: ((غِفارُ غفَرَ الله لها، وأسلم سالمها الله، وعُصيَةُ عَصَتِ الله ورسوله، اللهم العن بني لحيان، والعن رِعلاً وذكوان))، ثم وقع ساجداً)) (2).
الحديث الثالث: حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ((قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح والمغرب)) (3).
الحديث الرابع: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((كان
(1) مسلم، برقم 297 (677)، و302 - (677)، وتقدم تخريجه.
(2)
مسلم، كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزل بالمسلمين نازلة، برقم 679.
(3)
مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزل بالمسلمين نازلة، برقم 678.
القنوت في المغرب والفجر)) (1).
الحديث الخامس: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((والله لأقرِّبنَّ بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخرى من صلاة الظهر، وصلاة العشاء، وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار)) (2).
الحديث السادس: حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وصلاة الصبح، في دبُر كل صلاة إذا قال: ((سمع الله لمن حمده)) من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سُليم، على رِعلٍ وذكوان، وعصيّة، ويؤمِّن مَن خلفه)) (3).
(1) البخاري، كتاب الوتر، باب القنوت قبل الركوع وبعده، برقم 1004.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، بابٌ: حدثنا معاذ بن فضالة، برقم 797، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة، برقم 676.
(3)
أبو داود، كتاب الوتر، باب القنوت في الصلوات، برقم 1443، وأحمد، 1/ 301 - 302، والحاكم، والبيهقي، 2/ 200، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في الإرواء، 2/ 163، وفي صحيح سنن أبي داود، 1/ 270.
الحديث السابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركعة في صلاةٍ شهراً، إذا قال:((سمع الله لمن حمده)) يقول في قنوته: ((اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مُضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف))، قال أبو هريرة رضي الله عنه:((ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الدعاء بعدُ، فقلت: أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم؟ قال: فقيل: وما تراهم قد قدموا؟)) (1). وفي رواية للبخاري: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعوَ على أحدٍ، أو يدعو لأحدٍ قنت بعد الركوع
…
)) (2). وفي لفظ لمسلم: ((إن ذلك في صلاة الفجر)) (3). وفي لفظ للبخاري: ((بينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء)) (4).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، بابٌ: يهوي بالتكبير حين يسجد، برقم 804، ومسلم، كتاب المساجد، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين نازلة برقم 675.
(2)
البخاري، برقم 4560، وتقدم تخريجه في الذي قبله.
(3)
مسلم، برقم 675، وتقدم تخريجه.
(4)
البخاري، برقم 4598، وتقدم تخريجه.
الخبر الثامن: خبر عمر موقوفاً، فعن عبد الرحمن بن أبزى، قال: صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الصبح، فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع:((اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفِدُ، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إن عذابك بالكافرين مُلحقٌ، اللهم إنا نستعينك، ونستغفرك، ونثني عليك الخير، ولا نكفرك، ونؤمن بك، ونخضع لك، ونخلع من يكفر)) (1). وفي رواية أخرى أنه قنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء (2).
الحديث التاسع: حديث سعد بن طارق الأشجعي رضي الله عنه قال: ((قلت لأبي: يا أبتِ إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي بن أبي طالب هاهنا بالكوفة نحواً من خمس سنين، أفكانوا يقنتون في
(1) البيهقي، 2/ 211، وصحح إسناده، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل،
2/ 170.
(2)
سنن البيهقي،2/ 12 وصححه، وقال الألباني في قنوت عمر بعد الركوع وقبله:((والصواب ثبوت الأمرين عنه)) الإرواء، 2/ 171.
الفجر؟ قال: أي بُنيَّ محدثٌ)) (1). فالقنوت في الفجر لا يكون إلا في النوازل.
فظهر من جميع الأحاديث السابقة: أن القنوت في النوازل سُنَّة، وأنه يكون في الصلوات الخمس، ولكن في صلاة المغرب والفجر آكد، وأن الأفضل أن يكون القنوت بعد الرفع من الركوع، وأن الأفضل أن يرفع يديه ويجهر بالدعاء، ويؤمِّن مَن خلف الإمام، وأن القنوت في الفجر في غير النوازل بدعة (2)؛ لحديث سعد بن طارق رضي الله عنه وفيه:((أي بني محدث)) (3)، فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم 402، والنسائي، كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم 1080، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم 1241، وأحمد،
6/ 394، وصححه الألباني في إرواء الغليل، برقم 435.
(2)
انظر: فتاوى ابن تيمية، 23/ 98 - 116، و21/ 151 - 156، وزاد المعاد لابن القيم، 1/ 272 - 286.
(3)
وأما حديث أنس عند أحمد، 3/ 162، والدارقطني، 2/ 39، وغيرهما ولفظه:((ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا))، فضعفه أهل العلم، ونقل الألباني رحمه الله تضعيفهم له بالتفصيل في الأحاديث الضعيفة، برقم 238،
3/ 384 - 388، وقال: منكر.
وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على بلوغ المرام الحديث رقم 325 يقول عن هذه الرواية: ((ضعيفة بكل حال ويدل على ضعفها حديث سعد بن طارق)).