المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - السنن تفصيلا: المؤكدة وغير المؤكدة مع الفرائض: - صلاة التطوع

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أولاً: مفهوم التطوع:

- ‌ثانياً: فضل التطوع:

- ‌1 - تُكمِّلُ الفرائضَ وتجبر نقصها

- ‌2 - التطوع تُرفع به الدرجات وتُحطُّ الخطايا

- ‌3 - كثرة النوافل من أعظم أسباب دخول الجنة

- ‌4 - صلاة التطوع أفضل أعمال نوافل البدن بعد الجهاد

- ‌5 - صلاة التطوع في البيوت تجلب البركة

- ‌6 - التطوّعُ يجلبُ محبة الله لعبده

- ‌7 - كمال التطوع يزيد في شكر العبد لله عز وجل

- ‌ثالثاً: جواز صلاة التطوع جالساً:

- ‌رابعاً: جواز التطوع على المركوب في السفر الطويل والقصير:

- ‌خامساً: أخلص مواضع صلاة التطوع:

- ‌سادساً: أحب التطوع إلى الله ما دُووِمَ عليه:

- ‌سابعاً: جواز صلاة التطوع جماعة أحياناً:

- ‌ثامناً: أقسام صلاة التطوع:

- ‌القسم الأول: السنن الدائمة المستمرة

- ‌1 - الرواتب المؤكدة مع الفرائض:

- ‌2 - السنن تفصيلاً: المؤكدة وغير المؤكدة مع الفرائض:

- ‌3 - وقت الرواتب مع الفرائض:

- ‌4 - قضاء الرواتب

- ‌5 - الفصل بين الرواتب والفرائض بخروج أو كلام

- ‌6 - ترك الرواتب وغيرها إذا أقيمت المكتوبة

- ‌7 - السنة ترك الرواتب في السفر

- ‌النوع الثاني: الوتر:

- ‌1 - الوتر سنة مؤكدة

- ‌2 - فضل الوتر

- ‌3 - وقت صلاة الوتر:

- ‌4 - أنواع الوتر وعدده

- ‌5 - القراءة في الوتر

- ‌6 - القنوت في الوتر

- ‌7 - مَوضِعُ دعاء القنوت

- ‌8 - رفع اليدين في دعاء القنوت وتأمين المأمومين

- ‌9 - آخر صلاة الليل الوتر

- ‌10 - الدعاء بعد السلام من صلاة الوتر

- ‌11 - لا وتران في ليلة ولا يُنقض الوتر

- ‌12 - إيقاظ الأهل لصلاة الوتر مشروع

- ‌13 - قضاء الوتر لمن فاته

- ‌14 - دعاء القنوت في النوازل في الصلاة المفروضة

- ‌النوع الثالث: صلاة الضحى:

- ‌1 - صلاة الضحى سنة مؤكدة

- ‌2 - فضل صلاة الضحى

- ‌3 - وقت صلاة الضحى، من ارتفاع الشمس قيد رمح

- ‌4 - عدد ركعات سنة الضحى لا حدّ له على الصحيح

- ‌القسم الثاني: ما تسن له الجماعة ومنه صلاة التراويح:

- ‌1 - مفهوم صلاة التراويح:

- ‌2 - صلاة التراويح سنة مؤكدة

- ‌3 - فضل صلاة التراويح

- ‌4 - مشروعية الجماعة في صلاة التراويح

- ‌5 - الاجتهاد في قيام عشر شهر رمضان الأواخر

- ‌6 - وقت صلاة التراويح بعد صلاة العشاء

- ‌7 - عدد صلاة التراويح ليس له تحديد

- ‌القسم الثالث: التطوع المطلق

- ‌النوع الأول: التهجد بالليل:

- ‌أولاً: مفهوم التهجد

- ‌ثانياً: صلاة التهجد سنة مؤكدة

- ‌ثالثاً: فضل قيام الليل عظيم

- ‌1 - عناية النبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل حتى تفطرت قدماه

- ‌2 - من أعظم أسباب دخول الجنة

- ‌3 - قيام الليل من أسباب رفع الدرجات

- ‌4 - المحافظون على قيام الليل محسنون

- ‌5 - مدح الله أهل قيام الليل

- ‌6 - شهد لهم بالإيمان الكامل

- ‌7 - نفى الله التسوية بينهم وبين غيرهم

- ‌8 - قيام الليل مكفِّر للسيئات ومنهاة للآثام

- ‌9 - قيام الليل أفضل الصلاة بعد الفريضة

- ‌10 - شرف المؤمن قيام الليل

- ‌11 - قيام الليل يُغْبَطُ عليه صاحبه

- ‌12 - قراءة القرآن في قيام الليل غنيمة عظيمة

- ‌رابعاً: أفضل أوقات قيام الليل الثلث الأخير

- ‌خامساً: عدد ركعات قيام الليل، ليس له عددٌ مخصوص

- ‌سادساً: آداب قيام الليل:

- ‌1 - ينوي عند نومه قيام الليل وينوي بنومه التَّقوِّي على الطاعة ليحصل على الثواب على نومه

- ‌2 - يمسح النوم عن وجهه عند الاستيقاظ، ويذكر الله

- ‌3 - يفتتح تهجّدَه بركعتين خفيفتين

- ‌4 - يُستحبُّ أن يكون تهجدُه في بيته

- ‌5 - المداومة على قيام الليل وعدم قطعه

- ‌6 - إذا غلبه النعاس ينبغي له أن يترك الصلاة وينام حتى يذهب عنه النوم

- ‌7 - يُستحب له أن يوقظ أهله

- ‌8 - يقرأ المتهجد جزءاً من القرآن أو أكثر

- ‌9 - جواز التطوع جماعة أحياناً

- ‌10 - يختم تهجده بوتر

- ‌11 - يحتسب النومة والقومة

- ‌12 - طول القيام مع كثرة الركوع والسجود

- ‌سابعاً: الأسباب المعينة على قيام الليل:

- ‌1 - معرفة فضل قيام الليل

- ‌2 - معرفة كيد الشيطان، وتثبيطه عن قيام الليل

- ‌3 - قصر الأمل وتذكر الموت

- ‌4 - اغتنام الصحة والفراغ

- ‌5 - الحرص على النوم مبكراً

- ‌6 - الحرص على آداب النوم

- ‌7 - العناية بجملة الأسباب التي تعين على قيام الليل

- ‌النوع الثاني: صلاة النهار والليل المطلقة:

- ‌القسم الرابع: الصلوات ذوات الأسباب:

- ‌أولاً: تحية المسجد

- ‌ثانياً: صلاة القدوم من السفر في المسجد

- ‌ثالثاً: الصلاة عقب الوضوء:

- ‌رابعاً: صلاة الاستخارة

- ‌خامساً: صلاة التوبة:

- ‌سادساً: سجود تلاوة القرآن الكريم:

- ‌1 - فضل سجود التلاوة

- ‌3 - سجود المستمع إذا سجد القارئ

- ‌4 - عدد سجدات القرآن ومواضعها

- ‌5 - سجود التلاوة في الصلاة الجهرية

- ‌6 - صفة سجود التلاوة

- ‌7 - الدعاء في سجود التلاوة

- ‌سابعاً: سجود الشكر

- ‌القسم الخامس: أوقات النهي عن صلاة التطوع:

- ‌أولاً: أوقات النهي عن صلاة التطوع المطلق خمسة

- ‌ثانياً: الصلوات ذوات الأسباب في أوقات النهي:

الفصل: ‌2 - السنن تفصيلا: المؤكدة وغير المؤكدة مع الفرائض:

نَشِط المسلم صلى اثنتي عشرة، وإذا كان هناك شاغل صلى عشراً، وكلها رواتب، والكمال والتمام أن يصلي كما في حديث عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما (1).

‌2 - السنن تفصيلاً: المؤكدة وغير المؤكدة مع الفرائض:

اثنتان وعشرون ركعة، وهي على النحو الآتي:

أ- أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها؛ لحديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حافظ على أربعِ ركعات قبل الظهر، وأربعٍ بعدها حرَّمه الله على النار)) (2).

(1) سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 374.

(2)

أحمد في المسند، 6/ 326، وأبو داود، كتاب التطوع، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم 1269، والترمذي، كتاب الصلاة، باب منه، برقم 427، وحسنه، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم 1814، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، والسنة فيها، باب ما جاء فيمن صلى قبل الظهر أربعاً وبعدها أربعاً، برقم 1160، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 191، وسمعت الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 381:((هذا الحديث إسناده جيد، والذي حافظ عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو ما في حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم))، قلت: وقد رأيته يصلي أربعاً قبل الظهر وأربعاً بعدها جالساً في آخر حياته رحمه الله.

ص: 28

ب- أربع ركعات قبل العصر؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً)) (1). وجاء عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كان يصلي قبل العصر ركعتين)) (2).

ج- ركعتان قبل المغرب وركعتان بعدها؛ لحديث أنس رضي الله عنه وفيه: ((وكنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب)) (3). وقال رضي الله عنه: ((كنا في المدينة فإذا أذَّن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري فركعوا ركعتين، ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل

(1) أحمد في المسند 2/ 117، وأبو داود، كتاب التطوع، باب الصلاة قبل العصر، برقم 1271، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم 430، وحسنه، وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه، برقم 1193، وغيرهم، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 237، وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 382، يقول:((جيد لا بأس بإسناده، وهو يدل على مشروعية صلاة أربع [ركعات] قبل العصر، وذلك سنة، وليست من الرواتب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يواظب عليها، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه أنه كان يصلي ركعتين قبل العصر، وهذا يدل على أنه يستحب للمؤمن أن يصلي قبل العصر ركعتين أو أربعاً)).

(2)

أبو داود، كتاب صلاة التطوع، باب الصلاة قبل العصر، برقم 1272،وقال العلامة الألباني، صحيح سنن أبي داود،1/ 237:((حسن لكن بلفظ أربع ركعات)).

(3)

مسلم، برقم 836، وتقدم تخريجه.

ص: 29

المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما)) (1)؛ولحديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلوا قبل صلاة المغرب))،قال في الثالثة:((لمن شاء)) (2).

وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((صلى قبل المغرب ركعتين)) (3).

وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة))، قال في الثالثة:((لمن شاء)) (4).

وهذه الأحاديث تدلّ على أن الركعتين قبل المغرب سنة قولية، وفعلية، وتقريرية.

وأما الركعتان بعد المغرب فهي سنة مؤكدة كما تقدم من حديث عائشة، وأم حبيبة، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم.

والسنة أن يقرأ في الركعتين بعد المغرب بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا

(1) متفق عليه: البخاري، برقم 625، ومسلم، برقم 837، وتقدم تخريجه.

(2)

البخاري، برقم 1183، ورقم 7368، وتقدم تخريجه.

(3)

صحيح ابن حبان [الإحسان]، 3/ 457 برقم 1588، وقال شعيب الأرنؤوط:((إسناده صحيح على شرط مسلم)).

(4)

البخاري، برقم 624، وتقدم تخريجه.

ص: 30

الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال:((ما أُحصي ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب، وفي الركعتين قبل صلاة الفجر، بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}،و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} (1).

د- ركعتان قبل صلاة العشاء، وركعتان بعدها؛ لحديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة))، ثم قال في الثالثة:((لمن شاء)) (2).

وأما الركعتان بعد العشاء، فهي سنة راتبة مؤكدة كما تقدم من حديث عبد الله بن عمر، وعائشة، وأم حبيبة رضي الله عنهم.

هـ- ركعتان قبل الفجر، وسنة الفجر آكد السنن الرواتب؛ لأمور تسعة:

(1) الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الركعتين بعد المغرب والقراءة فيهما، برقم 431،وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقرأ في الركعتين بعد المغرب، برقم 1166،قال الألباني في صحيح سنن الترمذي:((حسن صحيح))،1/ 135.

(2)

البخاري، برقم 624، 627، وتقدم تخريجه.

ص: 31

الأمر الأول: شدة تعاهد النبي صلى الله عليه وسلم لها يدلُّ على عظمها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشدَّ منه تعاهداً على ركعتي الفجر)) (1).

الأمر الثاني: بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم فضلها، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها)) (2).

الأمر الثالث: السنة تخفيفهما؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: ((هل قرأ بأمِّ الكتاب؟)) (3).

الأمر الرابع: وقتها بين الأذان والإقامة؛ لحديث حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح وبدا الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة (4)؛ ولحديث عائشة

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب تعاهد ركعتي الفجر ومن سماهما تطوعاً برقم 1169،ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي الفجر، برقم 724.

(2)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر، برقم 725.

(3)

متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم 1171، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي الفجر، برقم 724.

(4)

متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان بعد الفجر، برقم 618، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي الفجر والحث عليهما، برقم 723.

ص: 32

رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح (1).

الأمر الخامس: لا يُصلّى بعدها إلا فريضة الفجر؛ لحديث حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين (2).

الأمر السادس: يقرأ فيهما: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ،

و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} (3)، أو يقرأ في الركعة الأولى:{قُولُواْ آمَنَّا بِالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا} الآية التي في البقرة (4). وفي الآخرة

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان بعد الفجر، برقم 619،ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما، برقم724.

(2)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما، برقم 723.

(3)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما، برقم 726.

(4)

سورة البقرة، الآية:136.

ص: 33

منهما: {آمَنَّا بِالله وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (1). وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر: {قُولُواْ آمَنَّا بِالله وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا}، والتي في آل عمران: {تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (2).

الأمر السابع: الاضطجاع بعدهما؛ لحديث عائشة رضي الله عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى سنة الفجر اضطجع على شقه الأيمن)) (3). وفي لفظِ مسلمٍ: ((

فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة)) (4).

الأمر الثامن: لا تُتْرَكُ في الحضر ولا في السفر؛ لحديث

(1) سورة آل عمران، الآية:52.

(2)

سورة آل عمران، الآية: 64، والحديث أخرجه مسلم، في كتاب المسافرين، باب استحباب ركعتي الفجر، برقم 727.

(3)

متفق عليه: البخاري، كتاب التهجد، باب الضجعة على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر، برقم 1160، واللفظ له، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعددها، برقم 736.

(4)

مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الليل وعددها، برقم 736.

ص: 34

عائشة رضي الله عنها وفيه: ((ولم يكن يدعهما أبداً)) (1)، وهذا يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم يداوم على ركعتي سنة الفجر في الحضر والسفر (2).

الأمر التاسع: قضاء سنة الفجر، من فاتته راتبة الفجر صلاها بعدها أو بعدما ترتفع الشمس؛ لحديث قيس بن عمرو رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقيمت الصلاة فصليت معه الصبح، ثم انصرف النبي صلى الله عليه وسلم فوجدني أصلي، فقال:((مهلاً يا قيس أصلاتان معاً؟))، قلت: يا رسول الله إني لم أكن ركعت ركعتي الفجر، قال:((فلا إذن)) (3)، ولحديث قيس الآخر رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الصبح

(1) متفق عليه: البخاري واللفظ له، كتاب التهجد، باب المداومة على ركعتي الفجر، برقم 1159، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما، برقم 724.

(2)

انظر: المغني لابن قدامة، 3/ 196، و2/ 540، وزاد المعاد لابن القيم، 1/ 315، وفتح الباري لابن حجر، 3/ 43، ومجموع فتاوى ومقالات الإمام ابن باز،

11/ 390، والشرح الممتع لابن عثيمين، 4/ 96.

(3)

الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر، برقم 422، وصححه الألباني في سنن الترمذي، 1/ 133.

ص: 35

ركعتان))،فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).ولفظ ابن ماجه:((أصلاة الصبح مرتين؟)) الحديث (2).

أو يصليها بعد ارتفاع الشمس؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يصلِّ ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس)) (3).

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى راتبة الفجر مع الفريضة لما نام عن الفجر في السفر، فصلى الراتبة قبل الفريضة، ثم صلى الفريضة، وذلك بعد ارتفاع الشمس (4)؛ ولحديث

(1) أبو داود، كتاب التطوع، باب من فاتته متى يقضيهما، برقم 1267، واللفظ له، وأخرجه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما، برقم 1154، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/ 136، وصحيح ابن ماجه، 1/ 190.

(2)

ابن ماجه، برقم 1154، وتقدم تخريجه في الذي قبله.

(3)

الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس، برقم 423، وابن حبان في صحيحه، برقم 4272، والحاكم وصححه، 1/ 274، والدارقطني، 1/ 382 - 383، والبيهقي، 2/ 482، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، 1/ 133، وانظر: المغني لابن قدامة، 2/ 531.

(4)

أخرجه مسلم، كتاب المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة، برقم 681.

ص: 36

أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نام عن ركعتي الفجر فقضاهما بعدما طلعت الشمس (1).

ز- السنة الراتبة بعد الجمعة أربع ركعات، أما قبل صلاة الجمعة فيصلي المسلم صلاة مطلقة، وليس لها قبلها سنة راتبة مقدرة، بل يشتغل بالتطوع المطلق والذكر حتى يخرج الإمام (2).

أما راتبة الجمعة بعدها؛ فلحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه حفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم السنن الرواتب وفيه: ((وركعتين بعد الجمعة في بيته)) (3)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلى أحدُكم الجمعة فليصلِّ بعدها أربعاً)). وفي لفظ: ((إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً)). وفي لفظ ثالث: ((من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصلِّ أربعاً))، قال سهيل أحد رواة الحديث: ((فإن

(1) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، برقم 1155، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/ 190.

(2)

انظر: زاد المعاد، 1/ 277، 436، 378.

(3)

البخاري، برقم 182، وتقدم تخريجه.

ص: 37

عجل بك شيء فصلِّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت)) (1). وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته، ثم قال:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك)) (2).

واختلف أهل العلم في الراتبة بعد صلاة الجمعة، فمنهم من قال: يصليها أربعاً؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ومنهم من قال: يصليها ركعتين في البيت؛ لحديث ابن عمر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الإمام ابن القيم أنه سمع شيخه ابن تيمية - رحمهما الله - يقول:((إن صلّى في المسجد صلَّى أربعاً، وإن صلّى في بيته صلّى ركعتين))، ثم قال ابن القيم:((وعلى هذا تدل الأحاديث، وقد ذكر أبو داود (3) عن ابن عمر أنه كان إذا صلّى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلّى في بيته صلّى ركعتين)) (4). قال الإمام

(1) مسلم، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم 881.

(2)

مسلم، كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم 882.

(3)

أبو داود، كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم 1130، وصححه الألباني في سنن أبي داود، 1/ 210.

(4)

زاد المعاد، 1/ 440.

ص: 38

الصنعاني رحمه الله: ((والأربع أفضل من الاثنتين لوقوع الأمر بذلك

)) (1).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يذكر أن أهل العلم اختلفوا في هذا: ((فقال قوم: إن صلاها في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في البيت صلى اثنتين جمعاً بين الروايات، وقال آخرون: أقلها اثنتان وأكثرها أربع، ولا فرق بين كونها تُصلَّى في البيت أو في المسجد، وهذا القول أظهر؛ لأن القول مقدم على الفعل، والأربع أفضل؛ لأنه يتعلق بها الأمر)) (2).

وأما الصلاة قبل الجمعة فنافلة مطلقة بدون تقدير؛ لحديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من الطهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم

(1) سبل السلام، 3/ 181.

(2)

سمعته من سماحته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 484.

ص: 39

الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)) (1)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قُدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)) (2). قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((فندبه إلى الصلاة ما كتب له، ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإمام؛ ولهذا قال غير واحد من السلف: منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتبعه عليه الإمام أحمد بن حنبل: خروج الإمام يمنع الصلاة، وخطبته تمنع الكلام، فجعلوا المانع من الصلاة خروج الإمام لانتصاف النهار)) (3).

وذكر رحمه الله أن الصلاة لا تُكره قبل زوال يوم الجمعة حتى يخرج الإمام كما هو مذهب الشافعي واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (4)، وأما إذا تأخر المأموم

(1) البخاري، كتاب الجمعة باب الدهن للجمعة، برقم 883، و910.

(2)

مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم 857.

(3)

زاد المعاد في هدي خير العباد، 1/ 378، 437.

(4)

المرجع السابق، 1/ 378، 437.

ص: 40