المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب فرض الخمس) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٥

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابٌ إذَا غَنِمَ الْمُشْرِكُونَ مالَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ وجَدَهُ المُسْلِمُ)

- ‌(بابُ مَنْ تَكَلَّمَ بالْفَارِسِيَّةِ والرَّطَانَةِ)

- ‌(بابُ الغُلُولِ)

- ‌(بابُ القَلِيلِ مِنَ الغُلُولِ)

- ‌(بابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ذَبْحِ الإبِلِ والغَنَمِ فِي المَغَانِمِ)

- ‌(بابُ الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ)

- ‌(بابُ مَا يُعْطَى لِلْبَشِيرِ)

- ‌(بابٌ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ)

- ‌(بابٌ إذَا اضْطُرَّ الرَّجُلُ إِلَى النَّظَرِ فِي شُعُورِ أهْلِ الذِّمَّةِ والْمؤْمِناتِ إِذا عَصَيْنَ الله وتَجْرِيدِهِنَّ)

- ‌(بابُ اسْتِقْبَالِ الغُزَاةِ)

- ‌(بابُ مَا يَقُولُ إذَا رَجَع مِنَ الغَزْوِ)

- ‌(بابُ الصَّلاةِ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ)

- ‌(بابُ الطَّعامِ عنْدَ القُدُومِ)

- ‌(كتابُ الخُمُسِ)

- ‌(بابُ فَرْضِ الخُمُسِ)

- ‌(بابٌ أدَاءُ الْخُمْسِ مِنَ الدِّينِ)

- ‌(بابُ نَفَقَةِ نِساءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بعْدَ وفَاتِهِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ بُيُوتِ أزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَا نُسِبَ مِنَ البُيُوتِ إلَيْهِنَّ)

- ‌(بابُ مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعَصاهُ وسَيْفِهِ وقَدَحِهِ وخاتَمِهِ وَمَا اسْتَعْمَلَ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ مِنْ ذلِكَ مِمَّا لَمْ يُذْكَرُ قِسْمَتُهُ وَمن شَعَرِهِ ونَعْلِهِ وآنِيَتِهِ مِمَّا يتَبَرَّكُ أصْحَابُهُ

- ‌(بابُ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِنَوَائِبِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَالمَسَاكِينِ وإيثَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ الصُّفَّةِ والأرَامِلَ حِينَ سألَتْهُ فاطِمَةُ وشَكَتْ إلَيْهِ الطَّحْنَ والرَّحَى أنْ يُخْدِمَهَا مِنَ

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {فإنَّ لله خُمُسَهُ ولِلْرَّسُولِ} (الْأَنْفَال: 14) . يَعْنِي لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ قَالَ رسوُلُ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّما أنَا قاسِمٌ وخازِنٌ وَالله يُعْطِي)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُحِلَّتْ لَكُمُ الغَنَائِمُ)

- ‌(بَاب الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة)

- ‌(بابُ مَنْ قَاتَلَ لِلْمَغْنَمِ هَلْ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ)

- ‌(بابُ قِسْمَةِ الإمامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ ويَخْبَاُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أوْ يَغِيبُ عَنْهُ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ قسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قُرَيْظَةَ والنَّضِيرَ وَمَا أعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ)

- ‌(بابُ بَرَكَةِ الغَازِي فِي مالِهِ حيَّاً ومَيِّتاً مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووُلَاةِ الأمْرِ)

- ‌(بابٌ إِذا بَعَثَ الإمامُ رسولاٍ فِي حاجَةٍ أوْ أمَرَهُ بالْمُقَامِ هَلْ يُسْهَم لَهُ)

- ‌(بابٌ ومِنَ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِنَوائِبِ المُسْلِمِينَ مَا سَأَلَ هَوازِنُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بِرَضَاعِهِ فِيهِم فتَحَلَّلَ مِنَ المُسْلِمِينَ وَمَا كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعِدُ النَّاسَ أنْ يُعْطِيهُمْ مِنَ الفَيْءِ

- ‌(بابُ مَا مَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم علَى الأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أنْ يُخَمِّسَ)

- ‌(بابٌ ومِنَ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِلإمَامِ وأنَّهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتَه دُونَ بَعْضٍ مَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي المُطَّلِبِ وبَني هاشِمٍ مِنْ خَمْسِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ منْ لَم يُخَمِّسِ الأسْلَابَ)

- ‌(بابُ مَا كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي المُؤلَّفَةَ قُلوبُهُمْ وغَيْرَهُمْ مِنَ الخُمْسِ ونَحْوهِ)

- ‌(بابُ مَا يُصِيبُ مِنَ الطَّعامِ فِي أرْضِ الحَرْبِ)

- ‌(كِتَابُ الْجِزْيَةِ والْمُوَادَعَةِ مَعَ أهْلِ الذِّمَّةِ والحَرْبِ)

- ‌(بابٌ إذَا وادَعَ الإمَامُ مَلِكَ القَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ

- ‌(بابُ الوَصاةِ بأهْلِ ذِمَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ مَا أقْطَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ البَحْرَيْنِ وَمَا وعَدَ مِنْ مالِ البَحْرَيْنِ والجِزْيَةِ ولِمَنْ يُقْسَمُ الفَيْءُ والجِزْيَةُ)

- ‌(بابُ إثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعاهَدَاً بِغَيْرِ جُرْمٍ)

- ‌(بابُ إخْرَاجِ الَيهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ)

- ‌(بابٌ إذَا غدَرَ المُشْرِكُونَ بالمُسْلِمينَ هَلْ يُعْفَى عَنْهُمْ)

- ‌(بَاب الدُّعاءِ عَلَى مَنْ نَكَثَ عَهْدَاً)

- ‌(بابُ أمانِ النِّسَاءِ وجِوارِهنَّ)

- ‌(بابٌ ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وجِوارُهُمْ واحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أدْناهُمْ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالُوا صَبَأْنَا ولَمْ يُحْسِنُوا أسْلَمْنَا)

- ‌(بابُ المُوَادَعَةِ والْمُصَالَحَةِ مَعَ المُشْرِكِينَ بالمالِ وغَيْرِهِ وإثْمِ مَن لَمْ يَفِ بالْعَهْدِ)

- ‌(بابُ فَضْلِ الوَفاءِ بالْعَهْدِ)

- ‌(بابٌ هَلْ يُعْفَى عنِ الذِّمِّيِّ إذَا سَحَرَ)

- ‌(بابُ مَا يُحْذَرُ مِنَ الغَدْرِ)

- ‌(بابٌ كَيْفَ يُنْبَذُ إِلَى أهْلِ العَهْدِ)

- ‌(بابُ إثْمِ منْ عاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ الْمُصَالَحَةِ علَى ثَلاثَةِ أيَّامٍ أوْ وَقْتٍ مَعْلُومٍ)

- ‌(بالُ المُوَادَعَةِ منْ غَيْرِ وَقْتٍ)

- ‌(بابُ طَرْحِ جِيَفِ المُشْرِكِينَ فِي البِئْره وَلَا يُؤْخَذُ لَهُمْ ثَمَنٌ)

- ‌(بابُ إثْمِ الغَادِرِ لِلْبَرِّ والفَاجِرِ)

- ‌(كتابُ بَدْءِ الخَلْقِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَوْلِ الله تعَالى: {وهْوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وهُوَ أهْوَنُ عَلَيْهِ} (الرّوم:

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي سَبْعِ أرَضينَ)

- ‌(بابٌ فِي النُّجُومِ)

- ‌(بابُ صِفَةِ الشَّمْسِ والقَمَرِ بِحُسْبَانٍ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وهْوَ الَّذي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (الْأَعْرَاف:

- ‌(بابُ ذِكْرِ المَلَائِكَةِ صَلَواتُ الله علَيْهِمْ)

- ‌(بابٌ إذَا قَالَ أحدُكُمْ آمِينَ والمَلائِكَةُ فِي السَّماءِ فَوافَقَتْ إحْدَاهُمَا الأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

- ‌(بابُ مَا جاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وأنَّهَا مَخْلُوقَةٌ)

- ‌(بابُ صِفَةِ أبْوَاب الجَنَّةِ)

- ‌(بابُ صِفَةِ النَّارِ وأنَّهَا مَخْلُوقَةٌ)

- ‌(بابُ صِفَةِ إبْلِيسَ وجُنُودِهِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ الجِنِّ وثَوَابِهِمْ وعِقَابِهِمْ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله جَلَّ وعَزَّ: {وإذْ صَرَفْنَا إلَيْكَ نَفَرَاً مِنَ الجِنِّ} إِلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (الْأَحْقَاف:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {وبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بَاب خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعف الْجبَال)

- ‌(بابٌ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الحَرَمِ)

- ‌(بابٌ إذَا وقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ فإنَّ فِي إحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءٌ وَفِي الأخْرَى شِفَاءً)

- ‌(كِتابُ أحَادِيثِ الأنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ)

- ‌(بابُ خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ الله علَيْهِ وذُرِّيَّتِهِ)

- ‌(بابُ قَوْل الله تَعَالَى: {وإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابٌ الأرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل {ولَقَدْ أرْسَلْنا نُوحَاً إلَى قَوْمِهِ} (هود:

- ‌(بابٌ {وإنَّ إلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إذْ قالَ لِقَوْمِهِ ألَا تَتَّقُونَ أتدْعُونَ بَعْلاً وتَذَرُونَ أحْسَنَ الخَالِقِينَ الله رَبُّكُمْ وربُّ آبائِكُمْ الأوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ فإنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ إلَاّ عِبادَ الله المُخْلِصِينَ

- ‌(بابُ ذِكْرِ إدْرِيسَ عليه السلام

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وَإِلَى عَاد أخاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله} (هود: 05) . الْآيَة)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل {وأمَّا عادٌ فأُهْلِكُوا بِريحٍ صَرْصَرٍ} شَدِيدَةٍ {عَاتِيَةٍ} (الحاقة: 8) . قالَ ابنُ عُيَيْنَةَ عَتَتْ عَلى الخُزَّانِ سَخَّرَهَا علَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وثَمَانِيَةَ أيَّامٍ حُسومَاً مُتَتَابِعَةً فتَرَى

- ‌(بابُ قِصَّةِ يأجُوُجَ ومأجُوجَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {واتَّخَذَ الله إبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (النِّسَاء:

- ‌(بابٌ يَزِفّونَ النَّسَلَانُ فِي المَشْيِ)

- ‌(بابٌ قَوْلُهُ عز وجل: {ونَبِّئْهُمْ عنْ ضَيْفِ إبْرَاهِيمَ إذْ دَخَلُوا علَيْهِ. .} (الْحجر: 15) . الْآيَة: لَا تَوْجَلْ لَا تَخَفْ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {واذْكُرْ فِي الكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كانَ صادِقَ الوَعْدِ} (مَرْيَم:

- ‌(بابُ قِصَّةِ إسْحَاقَ بنِ إبْرَاهِيمَ عليهما السلام

- ‌(بابٌ {أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءً إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ} إِلَى قَوْلِهِ {ونحْن لَهُ مُسْلِمُونَ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابٌ {ولُوطَاً إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أتَأتُونَ الْفَاحِشَةَ وأنْتُمْ تُبْصِرُونَ أئِنَّكُمْ لَتَأتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إلَاّ أنْ قالُوا أخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ

- ‌(بابٌ {فَلَمَّا جاءَ آلُ لُوطٍ المُرْسَلُونَ قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} (الْحجر:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وَإِلَى ثَمُودَ أخاهُمْ صالِحَاً} (الْأَعْرَاف:

- ‌(بابٌ {أمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ المَوْتُ} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وإخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} (يُوسُف:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعالى عز وجل {وأيُّوبَ إذْ نادَى رَبَّهُ أنِّي مسَّنِي الضُّرُّ وأنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (الْأَنْبِيَاء:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {واذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسَى إنَّهُ كانَ مُخْلِصَاً وكانَ رسُولاً نبِيَّاً ونادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُورِ الأيْمَنِ وقَرَّبْنَاهُ نَجِيَّا} كَلَّمَهُ {ووَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أخَاهُ هارُونَ نَبِيَّاً}

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل {وهَلْ أتَاكَ حَديثُ مُوسَى إذْ رَأى نَارا} إِلَى قَوْلِهِ {بالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} (طه:

- ‌(بابٌ {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمْ إيمَانَهُ} إِلَى قولِهِ {مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (غَافِر:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل {وهَلْ أتاكَ حِديثُ مُوسَى} (طه: 9 01) . {وكلَّمَ الله مُوسَى تَكْلِيماً} (النِّسَاء:

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعالَى {وَوَاعَدْنا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأِخِيهِ هارُونَ أخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وأصْلِحْ ولَا تَتَّبِعِ سَبِيلَ الْمُفْسِدين ولَمَّا جاءَ مُوساى

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ طُوفانٍ مِنَ السَّيْلِ)

- ‌باب

- ‌(بابٌ {يَعْكِفُونَ عَلَى أصْنَامٍ لَهُمْ} (الْأَعْرَاف:

- ‌(بابٌ {وإذْ قالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (الْبَقَرَة:

- ‌(بابُ وفاتِ مُوساى وذِكْرُهُ بَعْدُ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعالَى {وضَرَبَ الله مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأةَ فِرْعَوْنَ} إِلَى قَوْله: {وكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ} (التَّحْرِيم:

- ‌(بابٌ {إنَّ قَارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} (الْقَصَص: 67) . الْآيَة)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعالَى {وَإِلَى مَدْيَنَ أخَاهُمْ شُعَيْبَاً} (الْأَعْرَاف: 58، هود: 48، وَالْعَنْكَبُوت:

الفصل: ‌(باب فرض الخمس)

75 -

(كتابُ الخُمُسِ)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان حكم الْخمس، وَفِي بعض النّسخ: هَذَا متوج بالبسملة وَبعده.

1 -

(بابُ فَرْضِ الخُمُسِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فرض الْخمس، وَفِي بعض النّسخ أَيْضا هَكَذَا فرض الْخمس بِدُونِ ذكر لفظ: بَاب.

1903 -

حدَّثنا عَبْدَانُ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا يُونُسُ عنِ الْزُّهْرِيِّ قالَ أَخْبرنِي علِيُّ بنُ الحُسَيْنِ أنَّ حُسَيْنَ بنَ عَلِيٍّ عليهما السلام أخْبَرَهُ أنَّ علِيَّاً قالَ كانتُ لِي شارِفٌ مِنْ نَصِيبي مِنَ المَغْنَمُ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أعْطاني شارِفاً منَ الخُمُسِ فلَمَّا أردْتُ أنْ أبْتَنِي بِفَاطِمَةَ بِنْتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم واعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغاً من بَني قَيْنُقَاعٍ أنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنأتِيَ بإذْخِرٍ أرَدْتُ أنْ أبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ وأسْتَعِينَ بِهِ فِي ولَيمَةِ عُرْسِي فبَيْنَا أَنا أجمعُ لِشارِفَيَّ مَتاعاً منَ الأقْتَابِ والغَرَائِرِ والحِبَالِ وشارِفاي مُناخانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ رَجَعْتُ حِينَ جَمعْتُ مَا جَمَعْتُ فإذَا شارِفَايَ قَدِ أجبَّتْ أسْنِمَتُهُمَا وبُقِرَتْ خَواصِرُهُما وأُخِذَ مِنْ أكْبَادِهِما فلَمُ أمْلِكْ عَيْنيَّ حِينَ رأيْتُ ذَلِكَ المَنْظَرَ مِنْهُمَا فَقُلْتُ مَنْ فعَلَ هَذَا فَقالوا فعَل حَمْزَةُ بنُ عبْدِ المُطَّلِبِ وهْوَ فِي هَذا البَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأنْصَارِ فانْطَلَقتُ حتَّى أدْخُلَ علَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وعِنْدَهُ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ فعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مالَكَ فَقُلْتُ يَا رسولَ الله مَا رأيْتُ كالْيَوْمِ قَطُّ عدَا حَمْزَةُ علَى نَاقَتيَّ فأجَبَّ أسْنِمَتُهُما وبَقِرَ خَواصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ معَهُ شَرْبٌ فدَعا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرِدَائِهِ فارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي واتَّبَعْتُهُ أَنا وزَيْدُ بنُ حَارِثَةَ حتَّى جاءَ الْبَيْتَ الَّذي فِيهِ حَمْزَةُ فاسْتأذَنَ فأذِنُوا لَهُمْ فإذَا هُمْ شَرْبٌ فَطَفِقَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يلُومُ حَمْزَةَ فِيما فَعَلَ فإذَا حَمْزَة قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ فنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَمَّدَ النَّظَر فنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فنَظَرَ إلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قالَ حَمْزَةُ هَلْ أنْتُمْ إلَاّ عَبِيدٌ لأِبِي فعَرَفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَدْ ثَمِلَ فنَكَصَ رسُوُلُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرى وخَرَجْنا معَهُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: أَعْطَانِي شارفاً من الْخمس، وعبدان قد مر غير مرّة وَهُوَ لقب عبد الله بن عُثْمَان، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَعلي بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، يروي عَن أَبِيه الْحُسَيْن بن عَليّ أَخُو الْحسن بن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

والْحَدِيث مر فِي كتاب الشّرْب فِي: بَاب بيع الْحَطب والكلأ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى عَن هِشَام عَن ابْن جريج عَن ابْن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ عَن أَبِيه حُسَيْن بن عَليّ عَن عَليّ ابْن أبي طَالب

إِلَى آخِره، وَبَين المتنيين بعض تفَاوت بِزِيَادَة ونقصان.

قَوْله: (شَارف) بالشين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ المسنة من النوق، قَوْله:(أَعْطَانِي شارفاً من الْخمس) يَعْنِي يَوْم بدر، ظَاهره أَن الْخمس كَانَ يَوْم بدر، قَالَ ابْن بطال: لم يخْتَلف أهل السّير أَن الْخمس لم يكن يَوْم بدر. قلت: فَحِينَئِذٍ يحْتَاج قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى تَأْوِيل لَا يُعَارض قَول أهل السّير، وَهُوَ أَن معنى قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: وَكَانَ

ص: 17

النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شارفاً من الْخمس، يَعْنِي من سَرِيَّة عبد الله بن جحش، وَكَانَت قبل بدر الأولى فِي رَجَب من السّنة الثَّانِيَة وَكَانَ صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن جحش وَمَعَهُ ثَمَانِيَة رَهْط من الْمُهَاجِرين إِلَى نَخْلَة بَين مَكَّة والطائف، فوجدوا بهَا غير قُرَيْش فَقَتَلُوهُمْ وَأخذُوا العير فَقَالَ عبد الله لأَصْحَابه: إِن لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا غنمنا الْخمس، وَذَلِكَ قبل أَن يفْرض الله الْخمس من الْمَغَانِم، فعزل لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم خمس الْغَنِيمَة وَقسم الْبَاقِي بَين أَصْحَابه، وَقد روى أَبُو دَاوُد مَا يدل على هَذَا الْمَعْنى، قَالَ: كَانَ لي شَارف من نَصِيبي من الْمغنم يَوْم بدر، وَأَعْطَانِي رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم شارفاً من الْخمس يَوْمئِذٍ، يَعْنِي: يَوْم بدر، وَأَرَادَ بِهِ من الْخمس الَّذِي عَزله عبد الله بن جحش لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم من العير الَّتِي أَخذهَا كَمَا ذكرنَا. وَقيل: أول يَوْم جعل فِيهِ الْخمس فِي غَزْوَة بني قُرَيْظَة حِين حكم سعد: بِأَن تقتل الْمُقَاتلَة وتسبى الذُّرِّيَّة، وَقيل: نزل بعد ذَلِك وَلم يأتِ فِي ذَلِك من الحَدِيث مَا فِيهِ بَيَان شافٍ، وَإِنَّمَا جَاءَ أَمر الْخمس يَقِينا فِي غَنَائِم حنين وَهِي آخر غنيمَة حضرها الشَّارِع. قَوْله:(إِن أبتني) : من الابتناء وَهُوَ الدُّخُول بِالزَّوْجَةِ، وَكَذَلِكَ الْبناء وَقد ذكرنَا أَن أصل ذَلِك: أَن الرجل كَانَ إِذا أَرَادَ تزوج امْرَأَة بنى عَلَيْهَا قبَّة ليدْخل بهَا فِيهَا، فَيُقَال: بنى الرجل على أَهله. قَوْله: (من بني قينقاع)، بِفَتْح القافين وَضم النُّون وَفتحهَا وَكسرهَا منصرفاً وَغير منصرف. قَالَ الْكرْمَانِي: هم قَبيلَة من الْيَهُود، وَقَالَ الصَّاغَانِي: هم حَيّ من الْيَهُود. قلت: هُوَ مركب من: قين، الَّذِي هُوَ الْحداد، وقاع، اسْم أَطَم من آطام الْمَدِينَة. قَوْله:(بأذِخْر)، بِكَسْر الْهمزَة: حشيشة طيبَة الرَّائِحَة يسقف بهَا الْبيُوت فَوق الْخشب، وهمزته زَائِدَة، وَقد مر فِي كتاب الْحَج. قَوْله:(وَلِيمَة عرسي) الْوَلِيمَة طَعَام الزفاف، وَقيل: اسْم لكل طَعَام، والعرس، بِالْكَسْرِ: امْرَأَة الرجل، وبالضم: طَعَام الْوَلِيمَة، وَيَنْبَغِي أَن يكون بِالْكَسْرِ وَألا يكون الْمَعْنى وَلِيمَة وليمتي، وَهَكَذَا لَا يُقَال. وَفِي (الْمغرب) : الْعرس بِالضَّمِّ: اسْم، وَمِنْه إِذا دعى أحدكُم إِلَى وَلِيمَة عرس فليُجب، أَي: إِلَى طَعَام عرس، وَطَعَام الْوَلِيمَة يُسمى: عرساً باسم سَببه. قَوْله: (من الأقتاب)، جمع قتب وَهُوَ مَعْرُوف (والغرائر) : بالغين الْمُعْجَمَة وبالراء المكررة، ظرف التِّبْن وَنَحْوه، وَهُوَ جمع غرارة. قَالَ الْجَوْهَرِي: أَظُنهُ معرباً. قَوْله: (وشارفاي)، مُبْتَدأ وَخَبره قَوْله:(مناخان)، أَي: مبروكان، ويروى: مناختان، فالتذكير بِاعْتِبَار لفظ: شَارف، والتأنيث بِاعْتِبَار مَعْنَاهُ. قَوْله:(فَإِذا)، كلمة مفاجأة. قَوْله:(قد اجتبت)، افتعل من: الْجب، بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، وَهُوَ الْقطع. قَوْله:(بقرت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من البَقْر بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَالْقَاف، وَهُوَ الشق. قَوْله:(وَلم أملك عَيْني) أَي: من الْبكاء، وَإِنَّمَا كَانَ بكاؤه، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، خوفًا من توهم تَقْصِيره فِي حق فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَو فِي تَأْخِير الابتناء بِسَبَب مَا كَانَ مِنْهُ مَا يستعان بِهِ، لَا لأجل فواتهما، لِأَن مَتَاع الدُّنْيَا قَلِيل، لَا سِيمَا عِنْد أَمْثَاله. قَوْله:(فِي شرب)، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة جمع: شَارِب. قَوْله: (حَتَّى أَدخل)، يجوز بِالرَّفْع وَالنّصب. قَوْله:(مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قطّ)، أَي: مَا رَأَيْت يَوْمًا أفظع كَالْيَوْمِ. قَوْله: (فَطَفِقَ)، أَي: جعل. قَوْله: (قد ثمل)، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الْمِيم: أَي: سكر. قَوْله: (ثمَّ صعد)، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْعين الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة أَي: جر النّظر. قَوْله: (إلَاّ عبيد)، أَي: كعبيد، وغرضه أَن عبد الله وَأَبا طَالب كَانَا كَأَنَّهُمَا عَبْدَانِ لعبد الْمطلب فِي الخضوع لِحُرْمَتِهِ، وَأَنه أقرب إِلَيْهِ مِنْهُمَا. قَوْله:(فنكص رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم الْقَهْقَرَى)، قَالَ الْأَخْفَش: يَعْنِي رَجَعَ وَرَاءه وَوَجهه إِلَيْهِ، والنكوص الرُّجُوع إِلَى وَرَاء، يُقَال: نكص يَنْكص فَهُوَ ناكص، قَالَ ابْن الْأَثِير: الْقَهْقَرَى مصدر، وَمِنْه قَوْلهم: رَجَعَ الْقَهْقَرَى، أَي: رَجَعَ الرُّجُوع الَّذِي يعرف بِهَذَا الأسم. قلت: يكون الْقَهْقَرَى مَنْصُوبًا على المصدرية من غير لَفظه. كَمَا فِي: قعدت جُلُوسًا، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الْقَهْقَرَى الارتداد عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَقد قهقر وتقهقر، وَقيل: إِنَّه مُشْتَقّ من الْقَهْر.

وَقَالَ الطَّبَرِيّ: وَفِي حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن الْمُسلمين كَانُوا يشربون الْخمر ويسمعون الْغناء فِي أول الْإِسْلَام حَتَّى نهى الله عَن ذَلِك بقوله:{إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} (الْمَائِدَة: 09) . الْآيَة، وَإِنَّمَا حرمت الْخمر بعد غَزْوَة أحد، احْتج بعض أهل الْعلم بِهَذَا الحَدِيث فِي إبِْطَال أَحْكَام السَّكْرَان، وَقَالُوا: لَو لزم السَّكْرَان مَا يكون مِنْهُ فِي حَال سكره كَمَا يلْزمه فِي حَال صحوه لَكَانَ الْمُخَاطب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بِمَا استقبله حَمْزَة كَافِرًا مُبَاح الدَّم، قَالَه الْخطابِيّ، ثمَّ قَالَ: وَقد ذهب على هَذَا الْقَائِل أَن ذَلِك مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ قبل تَحْرِيم الْخمر. فَإِن قلت: إِلَى مَا آل إِلَيْهِ أَمر الناقتين؟ قلت: كَانَ ضمانهما لَازِما لِحَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَو كن طَالبه عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَيُمكن أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، عوضهما، إِذْ الْعلمَاء لَا يَخْتَلِفُونَ أَن جنايات الْأَمْوَال لَا تسْقط عَن المجانين وَغير الْمُكَلّفين، ويلزمهم ضَمَانهَا فِي كل حَال كالعقلاء. وَمن شرب لَبَنًا أَو أكل طَعَاما أَو تداوى

ص: 18

بمباح فَسَكِرَ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ والمغمى عَلَيْهِ وَالصَّبِيّ يسْقط عَنْهُم حد الْقَذْف وَسَائِر الْحُدُود غير إِتْلَاف الْأَمْوَال لرفع الْقَلَم عَنْهُم، وَمن سكر من حَلَال فَحكمه حكم هَؤُلَاءِ، وَعَن أبي عبد الله النحال: أَن من سكر من ذَلِك لَا طَلَاق عَلَيْهِ. وَحكى الطَّحَاوِيّ: أَنه إِجْمَاع من الْعلمَاء، رَحِمهم الله تَعَالَى.

2903 -

حدَّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ عبْدِ الله قَالَ حدَّثنا إبرَاهِيمُ بنُ سَعْد عنْ صَالِحٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ أخْبرنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ أمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا أخْبَرَتْهُ أنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام ابْنَةَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سألَتْ أبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وفَاةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيْرَاثَها مَا تَرَكَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَمَّا أفَاءَ الله علَيْهِ. فقالَ لَهَا أبُو بَكْرٍ إنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فغَضِبَتْ فاطِمَةُ بِنْتُ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَهَجَرَتْ أبَا بَكْرٍ فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حتَّى تُوُفِّيَتْ وعاشَتْ بَعْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أشْهُرٍ قالَتْ وكانَتْ فاطِمَةُ تَسْألُ أبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مَمَّا تَرَكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ وفَدَكَ وصَدَقَتَهُ بالْمَدِينَةِ فأبَى أبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَالَ لَسْتُ تارِكاً شَيْئاً كانَ رَسُولُ الله يَعْمَلُ بِهِ إلَاّ عَمِلْت بِهِ فإنِّي أخْشَى إنْ تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ أمْرِهِ أنْ أزِيغَ فأمَّا صَدَقَتُهُ بالمَدِينَةِ فَدَفَعَها عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ فأمَّا خَيْبَرُ وفَدَكٌ فأمْسَكَهُمَا عُمَرُ وَقَالَ هُمَا صَدَقَةُ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم كانَتا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ ونَوَائِبِهِ وأمْرُهُمَا إِلَى مَنْ ولِيَ الأمْرَ قَالَ فَهُمَا علَى ذَلِكَ إِلَى اليَوْمِ. .

قيل: لَا مُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر الْخمس، وَأجِيب: بِأَن من جملَة مَا سَأَلت فَاطِمَة مِيرَاثهَا من خَيْبَر، وَقد ذكر الزُّهْرِيّ أَن بعض خَيْبَر صلح وَبَعضهَا عنْوَة، فَجرى فِيهَا الْخمس، وَقد جَاءَ فِي بعض طرق الحَدِيث فِي كتاب الْمَغَازِي، وَقَالَت عَائِشَة: إِن فَاطِمَة جَاءَت تسْأَل نصِيبهَا مِمَّا ترك رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وفدك، وَمَا بَقِي من خمس خَيْبَر، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ البُخَارِيّ، وَاسْتغْنى بشهرة الْأَمر عَن إِيرَاده مكشوفاً بِلَفْظ الْخمس فِي هَذَا الْبَاب.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى الْقرشِي العامري الأويسي الْمَدِينِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده. الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَبُو إِسْحَاق الْقرشِي الزُّهْرِيّ الْمَدِينِيّ. الثَّالِث: صَالح بن كيسَان أَبُو مُحَمَّد مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الرَّابِع: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس: أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي: بَاب غَزْوَة خَيْبَر، عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَن فَاطِمَة بنت النَّبِي صلى الله عليه وسلم أرْسلت إِلَى أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ

الحَدِيث.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سَأَلت أَبَا بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا) قَالَ عِيَاض: تَأَول قوم طلب فَاطِمَة مِيرَاثهَا من أَبِيهَا على أَنَّهَا تأولت الحَدِيث أَن كَانَ بلغَهَا، قَوْله، صلى الله عليه وسلم: إِنَّا لَا نورث على الْأَمْوَال الَّتِي لَهَا بَال، فَهُوَ الَّذِي لَا يُورث لَا مَا يتركون من طَعَام وأثاث وَسلَاح، قَالَ: وَهَذَا التَّأْوِيل يردهُ قَوْله: مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِ، وَقَوله:(مِمَّا ترك من خَيْبَر وفدك وصدقته بِالْمَدِينَةِ) . وَقيل: إِن طلبَهَا لذَلِك كَانَ قبل أَن تسمع الحَدِيث الَّذِي دلّ على خُصُوصِيَّة سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بذلك وَكَانَت متمسكة بِآيَة الْوَصِيَّة.:{وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف} (النِّسَاء: 11) . وَقَالَ ابْن التِّين: حكى ابْن بطال أَن طَائِفَة من الشِّيعَة تزْعم أَنه لَا يُورث، قَالُوا: وَلم تطالب فَاطِمَة بِالْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا طالبت بِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نحلهَا من غير علم

ص: 19

أبي بكر، وَأنكر هَذَا، وَقَالُوا: مَا ثَبت أَنه صلى الله عليه وسلم نحلهَا شَيْئا وَلَا أَنَّهَا طالبت بِهِ. فَإِن قلت: رووا أَن فَاطِمَة طلبت فدك، وَذكرت أَن رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم أقطعها إِيَّاهَا وَشهد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على ذَلِك فَلم يقبل أَبَا بكر شَهَادَته، لِأَنَّهُ زَوجهَا. قلت: هَذَا لَا أصل لَهُ وَلَا يثبت بِهِ رِوَايَة أَنَّهَا ادَّعَت ذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ أَمر مفتعل لَا يثبت. قَوْله:(مَا ترك) بَيَان أَو بدل لميراثها. قَوْله: (مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِ) من الْفَيْء، وَهُوَ مَا حصل لَهُ صلى الله عليه وسلم من أَمْوَال الْكفَّار من غير حَرْب وَلَا جِهَاد. قَوْله:(لَا نورث)، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: جَمِيع الرواه لهَذِهِ اللَّفْظَة يَقُولُونَهَا بالنُّون: لَا نورث، يَعْنِي جمَاعَة الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث. قَوْله: (مَا تركنَا) فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء. (وَصدقَة) بِالرَّفْع خَبره، وَقد صحف بعض الشِّيعَة هَذَا وَقَالَ: لَا يُورث، بياء آخر الْحُرُوف، وَمَا تركنَا صَدَقَة، بِالنّصب على أَن يَجْعَل: مَا، مَفْعُولا لما لم يسم فَاعله، و: صَدَقَة، تنصب على الْحَال، يكون معنى الْكَلَام: أَن مَا نَتْرُك صَدَقَة لَا يُورث، وَهَذَا مُخَالف لما وَقع فِي سَائِر الرِّوَايَات، وَإِنَّمَا فعل الشِّيعَة هَذَا واقتحموه لما يلْزمهُم على رِوَايَة الْجُمْهُور من فَسَاد مَذْهَبهم، لأَنهم يَقُولُونَ: إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُورث كَمَا يُورث غَيره من الْمُسلمين مُتَمَسِّكِينَ بِعُمُوم الْآيَة الْكَرِيمَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَا نورث بِفَتْح الرَّاء، وَالْمعْنَى على الْكسر أَيْضا صَحِيح.

ثمَّ الْحِكْمَة فِي سَبَب عدم مِيرَاث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، أَنه لَا يظنّ بهم أَنهم جمعُوا المَال لورثتهم، وَقيل: لِئَلَّا يخْشَى على وارثهم أَن يتَمَنَّى لَهُم الْمَوْت فَيَقَع فِي مَحْذُور عَظِيم. وَقيل: لأَنهم كالآباء لأمتهم، فَمَا لَهُم لكل أَوْلَادهم، وَهُوَ معنى الصَّدَقَة. قَوْله:(فهجرت أَبَا بكر) قَالَ الْمُهلب: إِنَّمَا كَانَ هجرها انقباضاً عَن لِقَائِه وَترك مواصلته، وَلَيْسَ هَذَا من الهجران الْمحرم، وَأما الْمحرم من ذَلِك أَن يلتقيا فَلَا يسلم أَحدهمَا على صَاحبه وَلم يرو أحد أَنَّهُمَا التقيا وامتنعا من التَّسْلِيم، وَلَو فعلا ذَلِك لم يَكُونَا متهاجرين إلَاّ أَن تكون النُّفُوس مظهرة للعداوة والهجران، وَإِنَّمَا لازمت بَيتهَا فَعبر الرَّاوِي عَن ذَلِك بالهجران. وَقد ذكر فِي كتاب (الْخمس) تأليف أبي حَفْص بن شاهين عَن الشّعبِيّ: أَن أَبَا بكر قَالَ لفاطمة: يَا بنت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم مَا خير عَيْش حَيَاة أعيشها وَأَنت عليَّ ساخطة؟ فَإِن كَانَ عنْدك من رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فِي ذَلِك عهد فَأَنت الصادقة المصدقة المأمونة على مَا قلت. قَالَ: فَمَا قَامَ أَبُو بكر حَتَّى رضيت وَرَضي. وروى الْبَيْهَقِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما مَرضت فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَتَاهَا أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَاسْتَأْذن عَلَيْهَا فَقَالَ عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: يَا فَاطِمَة هَذَا أَبُو بكر يسْتَأْذن عَلَيْك فَقَالَت: أَتُحِبُّ أَن آذن لَهُ؟ قَالَ: نعم، فَأَذنت لَهُ فَدخل عَلَيْهَا يَتَرَضَّاهَا، فَقَالَ: وَالله مَا تركت الدَّار وَالْمَال والأهل وَالْعشيرَة إلَاّ ابْتِغَاء مرضاة الله ومرضاة رَسُوله ومرضاتكم أهل الْبَيْت، ثمَّ ترضاها حَتَّى رضيت، وَهَذَا قوي جيد، وَالظَّاهِر أَن الشّعبِيّ سَمعه من عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَو مِمَّن سَمعه من عَليّ. فَإِن قلت: روى أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن أبي الطُّفَيْل، قَالَ: لما قبض رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم أرْسلت فَاطِمَة إِلَى أبي بكر: لأَنْت ورثت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم أم أَهله؟ فَقَالَ: لَا بل أَهله. قَالَت: فَأَيْنَ سهم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أَبُو بكر: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِن الله تَعَالَى إِذا أطْعم نَبيا طعمة ثمَّ قَبضه جعله للَّذي يقوم من بعده، فَرَأَيْت أَن أرده على الْمُسلمين. قَالَت: فَأَنت وَمَا سَمِعت من رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. قلت: فِي لَفْظَة غرابة ونكارة، وَفِي إِسْنَاده من يتشيع، وَأحسن مَا فِيهِ قَوْلهَا: أَنْت وَمَا سَمِعت من رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا هُوَ المظنون بهَا، واللائق بأمرها وسيادتها وَعلمهَا ودينها. قَوْله:(وفدك) بِالْفَاءِ وَالدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ المفتوحتين منصرفاً وَغير منصرف، بَينهَا وَبَين مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مرحلتان، وَقيل: ثَلَاث. قَوْله: (وصدقته بِالْمَدِينَةِ) أَي: أملاكه الَّتِي بِالْمَدِينَةِ الَّتِي صَارَت بعده صلى الله عليه وسلم صَدَقَة، وَيُقَال: صدقته بِالْمَدِينَةِ أَمْوَال بني النَّضِير، وَكَانَت قريبَة من الْمَدِينَة. وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ وَهِي مِمَّا أَفَاء الله على رَسُوله صلى الله عليه وسلم مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بخيل وَلَا ركاب، وَقَالَ عِيَاض: الصَّدقَات الَّتِي صَارَت إِلَيْهِ صلى الله عليه وسلم: أَحدهَا: من وَصِيَّة مخيريق يَوْم أحد، وَكَانَت سبع حَوَائِط فِي بني النَّضِير. قلت: مخيريق كَانَ يَهُودِيّا فَأعْطى تِلْكَ الحوائط لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم عِنْد إِسْلَامه. الثَّانِي: مَا أعطَاهُ الْأَنْصَار من أَرضهم، وَهُوَ مِمَّا لَا يبلغهُ المَاء، وَكَانَ هَذَا ملكا لَهُ صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهَا حَقه من الْفَيْء من أَمْوَال بني النَّضِير، كَانَت لَهُ خَاصَّة حِين أجلاهم، وَكَذَا نصف أَرض فدك، صَالح أَهلهَا بعد

ص: 20

فتح خَيْبَر على نصف أرْضهَا فَكَانَت خَالِصَة لَهُ، وَكَذَا ثلث أَرض وَادي الْقرى، أَخذه فِي الصُّلْح حِين صَالح الْيَهُود، وَكَذَا حصنان من حصون خَيْبَر: الوطيح والسلالم أخذهما صلحا. وَمِنْهَا: سَهْمه من خمس خَيْبَر وَمَا افْتتح فِيهَا عنْوَة، فَكَانَت هَذِه كلهَا ملكا لسيدنا رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم خَاصَّة لَا حق لأحد فِيهَا، فَكَانَ يَأْخُذ مِنْهَا نَفَقَته وَنَفَقَة أَهله وَيصرف الْبَاقِي فِي مصَالح الْمُسلمين. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:(مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي ومؤونة عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَة) . وَكَانَ ابْن عُيَيْنَة يَقُول: أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي معنى المعتدَّات لِأَنَّهُنَّ لَا يجوز لَهُنَّ النِّكَاح أبدا، فجرت عَلَيْهِنَّ النَّفَقَة وَتركت لَهُنَّ حجرهن يسكنهَا، وَأَرَادَ بمؤونة الْعَامِل من يَلِي بعده. قَوْله:(لست تَارِكًا شَيْئا عمله رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم إِلَّا عملته) يَعْنِي: أَنه كَانَ مَعَ مَا كَانَ يعْمل يخبر أَنه لَا يُورث عَنهُ، قَالَه الدَّاودِيّ قَوْله:(أَن أزيغ) من الزيغ بالزاي والغين الْمُعْجَمَة، وَهُوَ الْميل يَعْنِي: أَن أميل عَن الْحق قَوْله: (فَأَما صدقته) إِلَى آخِره من كَلَام عَائِشَة أَيْضا. قَوْله: (فَدَفعهَا) أَي: دفع عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الصَّدَقَة الْمَذْكُورَة إِلَى عَليّ بن أبي طَالب وعباس عَمه، صلى الله عليه وسلم، ليتصرفا فِيهَا وينتفعا مِنْهَا بِقدر حَقّهمَا، كَمَا تصرف رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، لَا على جِهَة تَمْلِيكه لَهما. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: لما ولي عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يُغير هَذِه الصَّدَقَة عَمَّا كَانَت فِي أَيَّام الشَّيْخَيْنِ، ثمَّ كَانَت بعده بيد الْحسن ثمَّ بيد الْحُسَيْن ثمَّ بيد عَليّ بن الْحُسَيْن ثمَّ بيد الْحسن بن الْحسن ثمَّ بيد زيد بن الْحسن ثمَّ بيد عبد الله بن حُسَيْن ثمَّ وَليهَا بَنو الْعَبَّاس على مَا ذكره البرقاني فِي (صَحِيحه) وَلم يرو عَن أحد من هَؤُلَاءِ أَنه تَملكهَا وَلَا ورثهَا وَلَا ورثت عَنهُ، فَلَو كَانَ مَا يَقُوله الشِّيعَة حَقًا لأخذها عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَو أحد من أهل بَيته لما ولوها. قَوْله:(الَّتِي تعروه) أَي: تنزل وتنتابه وتغشاه. قَوْله: (ونوائبه) النوائب جمع نائبة، وَهِي الْحَادِثَة الَّتِي تصيب الرجل.

قَالَ أَبُو عبْدِ الله اعْتَرَاكَ افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ فأصَبْتُهُ ومِنْهُ يَعْرُوهُ واعْتَرَانِي

أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (اعتراك) أَشَارَ بِهَذَا إِلَى الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى: {اعتراك بعض آلِهَتنَا بِسوء} (هود: 45) . قَوْله، افتعل،

أَرَادَ بِهِ أَنه من بَاب الافتعال، وَأَصله من: عروته إِذا أصبته. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: عراني هَذَا الْأَمر واعتراني إِذا غشيك، وعروت الرجل أعروه عرواً إِذا أَلممْت بِهِ وأتيته طَالبا فَهُوَ معرو، وَفُلَان تعروه الأضياف ويعتريه أَي: تغشاه.

قِصَّةُ فَدَك

4903 -

حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرَوِيُّ قَالَ حدَّثنا مالِكُ بنُ أنَسٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ مالِكِ بنِ أوْسِ بنِ الحدَثَانِ وكانَ مُحَمَّدُ بنُ جُبَيْرٍ ذَكَرَ لي ذِكْراً مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ فانْطَلَقْتُ حتَّى أدْخُلَ علَى مالِكٍ بنِ أوْسٍ فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ الحَدِيثِ فقالَ مالِكٌ بَيْنا أنَا جالِسٌ فِي أهْلِي حِينَ متَعَ النَّهَارُ إذَا رسُولُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ يأتِينِي فَقَالَ أجِبْ أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أدُخُلَ علَى عُمَرَ فإذَا هُوَ جالِسٌ علَى رِمَالِ سَرِيرٍ لَيْسَ بَيْنَه وبَيْنَهُ فِرَاشٌ مُتَّكِيءٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أدَمٍ فَسَلَّمْتُ علَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ فَقَالَ يَا مالِ إنَّهُ قَدِمَ علَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أهْلُ أبْيَاتٍ وقَدْ أمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فاقْبِضْهُ فاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ فَقُلْتُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لوْ أمَرْتَ بِهِ غَيْرِي قَالَ اقْبِضْهُ أيُّهَا الْمَرْء فَبَيْنا أَنا جَالِسٌ عنْدَهُ أتَاهُ حاجِبُهُ يَرْفا فَقَالَ هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وعبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَوْفٍ والزُّبَيْرِ وسَعْدِ بنِ أبِي وقَّاصٍ يَسْتَأذِنُونَ قَالَ نَعَمْ فأذِنَ لَهُمْ فدَخَلُوا فَسَلَّمُوا وجَلَسُوا ثُمَّ جَلَسَ يَرْفا يَسِيرا ثُمَّ قَالَ هَلْ لَكَ فِي علِيٍّ وعَبَّاسٍ قَالَ نعَمْ فأذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا فَسَلَّمَا فجَلَسَا فَقَالَ عبَّاسٌ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ اقْضِ بَيْنِي

ص: 21

وبَيْنَ هذَا وهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِيما أفَاءَ الله علَى رَسولهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي النَّضِيرِ فَقَالَ الرَّهْطُ عُثْمَانُ وأصْحَابُهُ يَا أمِيرَ الْمُؤْمِنينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وأرِحْ أحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ قَالَ عُمَرُ تَيْدَكُمْ أنْشُدُكُمْ بِاللَّه الَّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّماءُ والأرْضُ هلْ تَعْلَمُونَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنا صَدَقَةٌ يُرِيدُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم نَفْسَهُ قَالَ الرَّهْطُ قدْ قَالَ ذَلِكَ فأقْبَلَ عُمَرُ علَى عَلِيٍّ وعَبَّاسٍ فَقَالَ أنْشُدُكُمَا الله أتَعْلَمَانِ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ قالَ ذَلِكَ قالَا قَدْ قالَ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ فإنِّي أُحَدِّثُكُمْ عنْ هَذَا الأمْرِ إنَّ الله قَدْ خَصَّ رسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أحَداً غَيْرَهُ ثُمَّ قرَأ {وَمَا أفاءَ الله علَى رسُولهِ مِنْهُم} (الْحَشْر: 6) . إلَى قَوْلِهِ {قَدِيرٌ} فَكانَتْ هاذِهِ خالِصَةَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَالله مَا احْتَازَها دُونَكُمْ ولَا اسْتَأثَرَ بِهَا علَيْكُمْ قَدْ أعْطَاكُمُوهَا وبَثَّهَا فِيكُمْ حتَّى بَقِيَ مِنْها هذَا المَالُ فَكانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ علَى أهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هاذَا المَالِ ثُمَّ يأخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مالٍ الله فَعَمِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ حَياتَهُ أنْشُدُكُمْ بِاللَّه هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ قَالُوا نَعَمْ ثُمَّ قَالَ لِعَلِيُ وعَبَّاسٍ أنْشُدُكُمَا بِاللَّه هَلْ تَعْلَمانِ ذَلِكَ قَالَ عُمَرُ ثُمَّ تَوَفَّى الله نِبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنا ولِيُّ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقَبَضَها أبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ فِيهَا بِما عَمِلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَالله يَعْلَمُ إنَّهُ فِيها لَصادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ تَوَفَّى الله أبَا بَكْرٍ فَكُنْتُ أنَا وَلِيَّ أبي بَكْرٍ فقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ مِنْ إمَارَتِي أعْمَلُ فِيها بِمَا عَمِلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ومَا عَمِلَ فِيِهَا أبُو بَكْرٍ وَالله يَعْلَمُ إنِّي فِيهَا لَصادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابِعٌ لِلْحَقِّ ثُمَّ جِئْتُمَاني تُكَلِّمَانِي وَكَلِمَتُكُما واحِدَةٌ وأمْرُكُمَا واحِدٌ جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ تَسْألُنِي نَصِيبَكَ مِنِ ابنِ أخِيكَ وجاءَنِي هذَا يُرِيدُ عَلِيّاً يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأتِهِ مِنْ أبِيهَا فَقُلْتُ لَكُمَا إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَلَمَّا بَدَا لي أنْ أدْفَعَهُ إلَيْكُمَا قُلْتُ إنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إلَيْكُمَا علَى أنَّ عَلَيُكُمَا عَهْدَ الله ومِيثَاقَهُ لَتَعْمَلان فِيها بِما عَمِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وبِمَا عَمِلَ فِيهَا أبُو بَكْرٍ وبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا فَقُلْتُمَا ادْفَعْهَا إلَيْنَا فَبِذَلِكَ دَفَعْتُها إلَيْكُما فأنْشُدُكُمْ بِاللَّه هَلْ دَفَعْتُها إلَيْهِمَا بِذَلِكَ قَالَ الرَّهْطُ نَعَمْ ثُمَّ أقْبَلَ عَلى عَلِيٍّ وعبَّاسٍ فقالَ أنْشُدُكُما بِاللَّه هَلْ دَفَعْتُها إلَيْكُمَا بِذَلِكَ قالَا نَعَمْ قَالَ فَتَلْتَمِسَانه مِنِّي قَضاءٍ غَيْرَ ذَلِكَ فَوَالله الَّذِي بإذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ والأرْضُ لَا أقْضِي فِيها قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ فإنْ عَجَزْتُمَا عَنْها فادْفَعَاها إلَيَّ فإنِّي أكْفِيكُمَاها. .

ص: 22

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (إِن الله قد خص رَسُوله) إِلَى قَوْله: (فَكَانَت هَذِه خَالِصَة لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم لَا من جملَة مَا سَأَلت فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، مَا بَقِي من خمس خَيْبَر، وَكَانَ عَليّ وعباس يختصمان فِي الْفَيْء الَّذِي خص الله تَعَالَى نبيه بذلك كَمَا سَيَجِيءُ بَيَان ذَلِك أَن قي الْفَيْء خص رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِشَيْء دون غَيره وَحقه فِي الْفَيْء من أَمْوَال بني النَّضِير كَانَت لَهُ خَاصَّة حِين أجلاهم، وَكَذَا نصف أَرض فدك، صَالح أَهلهَا بعد فتح خَيْبَر على نصف أرْضهَا فَكَانَت خَالِصَة لَهُ، وَكَذَا ثلث أَرض وَادي الْقرى، أَخذه فِي الصُّلْح حِين صَالح الْيَهُود، وَكَذَا حصنان من حصون خَيْبَر: الوطيح والسلالم، أخذهما صلحا، وَمِنْهَا: سَهْمه من خمس خَيْبَر وَمَا افْتتح مِنْهَا عنْوَة فَكَانَ هَذَا ملكا لَهُ خَاصَّة لَا حق لأحد فِيهَا.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: إِسْحَاق بن مُحَمَّد الْفَروِي، بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وبالواو. وَقَالَ الغساني: وَفِي بعض النّسخ: مُحَمَّد بن إِسْحَاق وَهُوَ خطأ. الثَّانِي: مَالك بن أنس. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: مَالك ابْن أَوْس، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالسين الْمُهْملَة: ابْن الْحدثَان، بالمهملتين المفتوحتين وبالثاء الْمُثَلَّثَة: ابْن عَوْف بن ربيعَة النصري من بني نصر بن مُعَاوِيَة، يكنى أَبَا سعيد، زعم أَحْمد بن صَالح الْمصْرِيّ وَكَانَ من جملَة أهل هَذَا الشان: أَن لَهُ صُحْبَة، وَقَالَ سَلمَة بن وردان: رَأَيْت جمَاعَة من أَصْحَاب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، فَذكرهمْ وَذكر فيهم مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان النصري، وَقَالَ أَبُو عمر: لَا أحفظ لَهُ صُحْبَة أَكثر مِمَّا ذكرت، وَلَا أعلم لَهُ رِوَايَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأما رِوَايَته عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَأكْثر من أَن تذكر، وروى عَن الْعشْرَة الْمُهَاجِرين وَعَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، روى عَنهُ مُحَمَّد بن جُبَير بن مطعم وَالزهْرِيّ وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر وَآخَرُونَ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَهُوَ ابْن أَربع وَتِسْعين سنة. الْخَامِس: مُحَمَّد بن جُبَير، بِضَم الْجِيم وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن مطعم بن عدي بن نَوْفَل بن عدي بن عبد منَاف الْقرشِي الْمَدِينِيّ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ زمن عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النَّفَقَات عَن سعيد بن عفير وَفِي الِاعْتِصَام عَن عبد الله بن يُوسُف وَفِي الْفَرَائِض عَن يحيى بن بكير، وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن عبد الله بن أَسمَاء وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن رَافع وَعبد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخراج عَن الْحسن بن عَليّ الْخلال وَمُحَمّد بن يحيى بن فَارس وَعَن مُحَمَّد ابْن عبيد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي السّير عَن الْحسن بن عَليّ الْخلال بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْفَرَائِض عَن عَمْرو بن عَليّ وَفِي قسم الْفَيْء عَن عَليّ بن حجر وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (حَتَّى أَدخل) ، يجوز فِيهِ ضم اللَّام وَفتحهَا، فَوجه الضَّم هُوَ أَن تكون: حَتَّى، عاطفة وَالْمعْنَى: انْطَلَقت فَدخلت، وَوجه الْفَتْح هُوَ أَن تكون: حَتَّى، بِمَعْنى: كي، وَمثله قَوْله تَعَالَى:{وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول} (الْبَقَرَة: 412) . قَوْله: (بَينا)، قد مر غير مرّة أَن أَصله: بَين، فأشبعت فَتْحة النُّون بِالْألف وَرُبمَا تزاد فِيهِ الْمِيم، فَيُقَال: بَيْنَمَا، وهما ظرفا زمَان ويضافان إِلَى جملَة إسمية وفعلية ويحتاجان إِلَى جَوَاب يتم بِهِ الْمَعْنى، وَجَوَابه هُوَ قَوْله: إِذا رَسُول عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، والأفصح أَن لَا يكون فِي جوابهما إِذْ وَإِذا. قَوْله:(حِين متع النَّهَار) ، بِالْمِيم وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات، وَمَعْنَاهُ: حِين ارْتَفع وَطَالَ ارتفاعه. وَقَالَ صَاحب (الْعين) : متع النَّهَار متوعاً، وَذَلِكَ قبل الزَّوَال، وَقيل: مَعْنَاهُ طَال وَعلا، وامتع الشَّيْء: طَالَتْ مدَّته، وَمِنْه فِي الدُّعَاء: أمتعني الله بك، وَقيل: مَعْنَاهُ نفعنى الله بك، وَقَالَ الدَّاودِيّ: متع صَار قرب نصف النَّهَار، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد أرسل عَليّ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حِين تَعَالَى النَّهَار، وَفِي رِوَايَة مُسلم: أرسل إِلَيّ عمر بن الْخطاب فَجِئْته حِين تَعَالَى النَّهَار. قَوْله: (على رمال سَرِير) ، الرمال بِكَسْر الرَّاء وَضمّهَا مَا ينسج من سعف النّخل ليضطجع عَلَيْهِ، وَيُقَال: رمل سَرِيره وأرمله إِذا رمل شريطاً أَو غَيره فَجعله ظهرا. وَقيل: رمال السرير: مَا مد على وَجهه من خيوط وشريط وَنَحْوهمَا، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد فَجِئْته فَوَجَدته فِي بَيته جَالِسا على سَرِير مفضياً إِلَى رماله، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَوَجَدته فِي بَيته جَالِسا على سَرِيره مفضياً إِلَى رماله مُتكئا على وسَادَة من أَدَم. قَوْله: (مفضياً إِلَى رماله)، يَعْنِي: لَيْسَ بَينه وَبَين رماله شَيْء، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن

ص: 23

الْعَادة أَن يكون فَوق الرمال فرَاش أَو نَحوه، وَمعنى قَوْله: لَيْسَ بَينه وَبَينه أَي: لَيْسَ بَين عمر وَبَين الرمال فرَاش. قَوْله: (يَا مَال) أَي: يَا مَالك، فرخمه، بِحَذْف الْكَاف، وَيجوز ضم اللَّام وَكسرهَا على الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْخِيم. قَوْله:(إِنَّه قدم علينا من قَوْمك) وَفِي رِوَايَة مُسلم: أَنه قد دف أهل أَبْيَات من قَوْمك، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: دف من الدُّف وَهُوَ الْمَشْي بِسُرْعَة. قَوْله: (برضخ)، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره خاء مُعْجمَة وَهِي الْعَطِيَّة القليلة غير الْمقدرَة. قَوْله:(لَو أمرت بِهِ غَيْرِي)، أَي: لَو أمرت بِدفع الرضخ إِلَيْهِم غَيْرِي، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: وَقد أمرت فيهم بِشَيْء فاقسم فيهم. قلت: لَو أمرت غَيْرِي بذلك؟ فَقَالَ: خُذْهُ وَفِي رِوَايَة مُسلم: لَو أمرت بِهَذَا غَيْرِي قَالَ: خُذْهُ يَا مَال. قَوْله: (إقبضه أَيهَا الْمَرْء) هُوَ عزم عَلَيْهِ فِي قَبضه. قَوْله: (يرفأ) هُوَ مولى عمر وحاجبه، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْفَاء مهموزاً وَغير مَهْمُوز، وَهُوَ الْأَشْهر، وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: اليرفأ بِالْألف وَاللَّام. قَوْله: (هَل لَك فِي عُثْمَان؟) أَي: هَل لَك إِذن فِي عُثْمَان؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَل لَك رَغْبَة فِي دُخُولهمْ؟ قَوْله: (يستأذنون) جملَة حَالية. قَوْله: (إقضِ بيني وَبَين هَذَا؟) يَعْنِي: عَليّ بن أبي طَالب، وَفِي رِوَايَة مُسلم: إقض بيني وَبَين هَذَا الْكَاذِب الْإِثْم الغادر الخائن، يَعْنِي: الْكَاذِب إِن لم ينصف، فَحذف الْجَواب. وَزعم الْمَازرِيّ أَن هَذِه اللَّفْظَة ننزه الْقَائِل وَالْمقول فِيهِ عَنْهَا وننسبها إِلَى أَن بعض الروَاة وهم فِيهَا، وَقد أزالها بعض النَّاس من كِتَابه تورعاً، وَإِن لم يكن الْحمل فِيهَا على الروَاة فأجود مَا يحمل عَلَيْهِ أَن الْعَبَّاس قَالَهَا إدلالاً عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة وَالِده، وَلَعَلَّه أَرَادَ ردع عَليّ عَمَّا يعْتَقد أَنه مخطىء فِيهِ، وَأَن هَذِه الْأَوْصَاف يَتَّصِف بهَا لَو كَانَ يَفْعَله عَن قصد، وَإِن كَانَ عَليّ لَا يَرَاهَا مُوجبَة لذَلِك فِي اعْتِقَاده، وَهَذَا كَمَا يَقُول الْمَالِكِي شَارِب النَّبِيذ نَاقص الدّين والحنفي يعْتَقد أَنه لَيْسَ بناقص وكل وَاحِد محق فِي اعْتِقَاده وَلَا بُد من هَذَا التَّأْوِيل لِأَن هَذِه الْقَضِيَّة جرت بِحَضْرَة عمر وَالصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَلم يُنكر أحد مِنْهُم هَذَا الْكَلَام مَعَ تشددهم فِي إِنْكَار الْمُنكر، وَمَا ذَلِك إلَاّ أَنهم فَهموا بِقَرِينَة الْحَال أَنه تكلم بِمَا لَا يَعْتَقِدهُ. انْتهى. قلت: كل هَذَا لَا يُفِيد شَيْئا، بل يجب إِزَالَة هَذِه اللَّفْظَة عَن الْكتاب، وحاشا من عَبَّاس أَن يتَلَفَّظ بهَا وَلَا سِيمَا بِحَضْرَة عمر بن الْخطاب وَجَمَاعَة من الصَّحَابَة، وَلم يكن عمر مِمَّن يسكت عَن مثل هَذَا لصلابته فِي أُمُور الدّين وَعدم مبالاته من أحد، وَفِي مَا قَالَه نِسْبَة عمر إِلَى ترك الْمُنكر وعجزه عَن إِقَامَة الْحق، فاللائق لحَال الْكل إِزَالَة هَذِه من الْوسط، فَلَا يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل غير طائل، فَافْهَم. قَوْله:(وهما يختصمان) أَي: الْعَبَّاس وَعلي يختصمان، أَي: يتجادلان ويتنازعان، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله:(فِيمَا أَفَاء الله على رَسُوله صلى الله عليه وسلم، من مَال بني النَّضِير) وَهُوَ مِمَّا لم يوجف عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ بخيل وَلَا ركاب، وَهُوَ المَال الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وفدك وَمَا بَقِي من خمس خَيْبَر، وَفِي رِوَايَة عَن الزُّهْرِيّ: قرى غربية فدك، وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله:{وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم} (الْحَشْر: 6) . الْآيَة هُوَ من أَمْوَال الْكفَّار وَأهل الْقرى، وهم قُرَيْظَة وَالنضير وهما بِالْمَدِينَةِ، وفدك وخيبر وقرى غربية وينبع، كَذَا فِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) . قَوْله:(فَقَالَ الرَّهْط) ، وهم المذكورون فِيمَا مضى، وهم عُثْمَان وَأَصْحَابه فَقَوله: عُثْمَان، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هم عُثْمَان وَأَصْحَابه المذكورون، وَيجوز أَن يكون بَيَانا أَو بَدَلا. قَوْله:(وأرح) ، أَمر من الإراحة، بالراء الْمُهْملَة. وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَاقْض بَينهم وأرحهم، فَقَالَ مَالك بن أَوْس: يخيل إِلَيّ أَنهم كَانُوا قدموهم لذَلِك، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إقضِ بيني وَبَين هَذَا! يَعْنِي: عليا، فَقَالَ بَعضهم: أجل يَا أَمِير المؤمِنين، فَاقْض بَينهمَا وأرحهما. قَوْله:(فَقَالَ عمر: تيدكم) بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسرهَا وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَضمّهَا، وَهُوَ اسْم فعل: كرويد، أَي: اصْبِرُوا وأمهلوا وعَلى رسلكُمْ، وَقيل: إِنَّه مصدر تأد يتئد، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: هُوَ من التؤدة، كَأَنَّهُ قَالَ: إلزموا تؤدتكم، يُقَال: تأد تأداً كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَقُول: تأدكم، فابدل من الْهمزَة يَاء يَعْنِي آخر الْحُرُوف، هَكَذَا ذكره أَبُو مُوسَى، وَفِي رِوَايَة مُسلم: اتئدوا، أَي: تأنوا واصبروا. قَوْله: (أنْشدكُمْ بِاللَّه) ، بِضَم الشين، أَي: أَسأَلكُم بِاللَّه، يُقَال: نشدتك الله وَبِاللَّهِ. قَوْله: (لَا نورث، مَا تركنَا صَدَقَة) قد مضى تَفْسِيره، وَأَن الرِّوَايَة بالنُّون. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يَعْنِي جمَاعَة الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَمَا فِي رِوَايَة أُخْرَى: نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث، روى أَبُو عمر فِي (التَّمْهِيد) من حَدِيث ابْن شهَاب عَن مَالك ابْن أَوْس عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة، وَهَذَا حجَّة على الْحسن الْبَصْرِيّ فِي ذَهَابه إِلَى أَن هَذَا خَاص بنبينا، مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، دون غَيره من الْأَنْبِيَاء، فاستدل بقوله تَعَالَى فِي قصَّة زَكَرِيَّاء، عليه السلام:

ص: 24

{يَرِثنِي وَيَرِث من آل يَعْقُوب} (مَرْيَم: 6) . وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} (النَّمْل: 61) . وَحمل جُمْهُور الْعلمَاء الْآيَتَيْنِ على مِيرَاث الْعلم والنبوة وَالْحكمَة ومنطق الطير فِي حق سُلَيْمَان عليه السلام. قَوْله: (قد قَالَ ذَلِك) أَي: قَوْله صلى الله عليه وسلم: لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة، وَكَذَلِكَ معنى قَوْله: قد قَالَ ذَلِك، فِي الْمَوْضِعَيْنِ الآخرين. قَوْله:(وَلم يُعْطه أحدا غَيره) أَي: لم يُعْط الْفَيْء أحدا غير النَّبِي صلى الله عليه وسلم، لِأَنَّهُ خصص الْفَيْء كُله لَهُ، كَمَا هُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور، أَو جله، كَمَا هُوَ مَذْهَب الشافعة. وَقيل: أَي حَيْثُ حلل الْغَنِيمَة لَهُ وَلم تحل لسَائِر الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَقَالَ القَاضِي: تَخْصِيصه بالفيء إِمَّا كُله أَو بعضه،، وَهل فِي الْفَيْء خمس أم لَا؟ قَالَ ابْن الْمُنْذر: لَا نعلم أحدا قبل الشَّافِعِي قَالَ بالخمس. قَوْله: (ثمَّ قَرَأَ {وَمَا أَفَاء الله على رَسُول مِنْهُم} )(الْحَشْر: 6) . إِلَى قَوْله: {قدير} (الْحَشْر: 6) . وَتَمام الْآيَة: {فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب وَلَكِن الله يُسَلط رسله على من يَشَاء وَالله على كل شَيْء قدير} (الْحَشْر: 6) . أَي: وَمَا رد الله على رَسُوله وَرجع إِلَيْهِ، وَمِنْه فِي فَيْء الظل، والفيء كالعود وَالرُّجُوع يسْتَعْمل بِمَعْنى الْمصير، وَإِن لم يتَقَدَّم ذَلِك قَوْله: فَمَا أَوجَفْتُمْ، من الإيجاف من الوجيف، وَهُوَ السّير السَّرِيع وَالْمعْنَى: إِنَّمَا جعل الله لرَسُوله من أَمْوَال بني النَّضِير شَيْئا لم تحصلوه بِالْقِتَالِ وَالْغَلَبَة، وَلَكِن سلط الله رَسُوله عَلَيْهِم وعَلى أَمْوَالهم كَمَا كَانَ يُسَلط رسله على أعدائهم، فَالْأَمْر فِيهِ مفوض إِلَيْهِ يَضَعهُ حَيْثُ يَشَاء، وَهُوَ معنى قَوْله: فَكَانَت هَذِه خَالِصَة لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَلَا حق لأحد فِيهَا، فَكَانَ يَأْخُذ مِنْهَا نَفَقَته وَنَفَقَة أَهله وَيصرف الْبَاقِي فِي مصَالح الْمُسلمين، وَفِي رِوَايَة مُسلم: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن الله خص رَسُوله بِخَاصَّة لم يخصص بهَا أحدا غَيره. قَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} (الْحَشْر: 7) . مَا أَدْرِي هَل قَرَأَ الْآيَة الَّتِي قبلهَا أم لَا. قَالَ: فقسم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بَيْنكُم أَمْوَال بني النَّضِير، فوَاللَّه مَا اسْتَأْثر عَلَيْكُم وَلَا أَخذهَا دونكم حَتَّى بَقِي هَذَا المَال، وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم يَأْخُذ مِنْهُ نَفَقَته سنة ثمَّ يَجْعَل مَا بَقِي أُسْوَة المَال. انْتهى. وَهَذَا تَفْسِير لرِوَايَة البُخَارِيّ فِي نفس الْأَمر. فَقَوله:(وَالله مَا احتازها) أَي: مَا جمعهَا دونكم، وَهُوَ بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي. قَوْله:(وَلَا اسْتَأْثر بهَا)، أَي: وَلَا استبد بهَا وتخصص بهَا عَلَيْكُم. قَوْله: (وبثها فِيكُم)، أَي: فرقها عَلَيْكُم. قَوْله: قَوْله: (نَفَقَة سنتهمْ)، فَإِن قلت: كَيفَ يجمع هَذَا مَعَ مَا ثَبت أَن درعه حِين وَفَاته كَانَت مَرْهُونَة على الشّعير استدانة لأَهله؟ قلت: كَانَ يعْزل مِقْدَار نَفَقَتهم مِنْهُ ثمَّ ينْفق ذَلِك أَيْضا فِي وُجُوه الْخَيْر إِلَى حِين انْقِضَاء السّنة عَلَيْهِم. قَوْله: (فَجعل مَال الله)، بِفَتْح الْمِيم وَهُوَ مَوضِع الْجعل بِأَن يَجعله فِي السِّلَاح والكراع ومصالح الْمُسلمين. قَوْله:(فَلَمَّا بدا)، أَي: ظهر وَصَحَّ لي. قَوْله: (من ابْن أَخِيك) ، وَهُوَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم لِأَن أَخَاهُ عبد الله وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ابْن عبد الله. قَوْله:(يُرِيد نصيب امْرَأَته من أَبِيهَا) أَي: يُرِيد عَليّ بن أبي طَالب نصيب زَوجته فَاطِمَة الَّذِي آل إِلَيْهَا من أَبِيهَا، وَهُوَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ الْكرْمَانِي: إِن كَانَ الدّفع إِلَيْهِمَا صَوَابا فَلم لم يَدْفَعهُ فِي أول الْحَال؟ وإلَاّ فَلم دَفعه فِي الآخر؟ وَأجَاب بِأَنَّهُ منع أَولا: على الْوَجْه الَّذِي كَانَا يطلبانه من التَّمَلُّك، وَثَانِيا: أعطاهما على وَجه التَّصَرُّف فِيهَا كَمَا تصرف رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم وصاحباه أَبُو بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذِه الْقِصَّة مشكلة جدا، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا إِذا كَانَا قد أخذا هَذِه الصَّدَقَة من عمر على الشريطة الَّتِي شَرطهَا عَلَيْهِم، وَقد اعترفا بِأَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا تركنَا صَدَقَة، وَقد شهد الْمُهَاجِرُونَ بذلك، فَمَا الَّذِي بدا لَهما بعد حَتَّى تخاصما، وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَنه كَانَ يشق عَلَيْهِمَا الشّركَة، فطلبا أَن يقسم بَينهمَا ليستبد كل وَاحِد مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ وَالتَّصَرُّف فِيمَا يصير إِلَيْهِ فمنعهما عمر الْقسم لِئَلَّا يجْرِي عَلَيْهِمَا اسْم الْملك، لِأَن الْقِسْمَة إِنَّمَا تقع فِي الْأَمْوَال ويتطاول الزَّمَان، فتظن بِهِ الملكية. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: وَلما صَارَت الْخلَافَة إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يغيرها عَن كَونهَا صَدَقَة. قَوْله:(قَضَاء غير ذَلِك)، أَي: غير الَّذِي قضى بِهِ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: وَالله لَا أَقْْضِي بَيْنكُمَا بِغَيْر ذَلِك حَتَّى تقوم السَّاعَة. قَوْله: (فادفعاها إليَّ)، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: فَإِن عجزتما عَنْهَا فرداها إليَّ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: أَن عليا وَالْعَبَّاس اخْتَصمَا فِي مَا أَفَاء الله على رَسُوله من مَال بني النَّضِير وَلم يتنازعا فِي الْخمس، وَإِنَّمَا تنَازعا فِيمَا كَانَ خَاصّا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْفَيْء، فَتَركه صَدَقَة بعد وَفَاته. وَفِيه: أَنه يجب أَن يولي أَمر كل قَبيلَة سَيِّدهَا لِأَنَّهُ أعرف بِاسْتِحْقَاق كل رجل مِنْهُم لعلمه بهم. وَفِيه: التَّرْخِيم لَهُ، وَلَا عَار على المنادى بذلك وَلَا نقيصة. وَفِيه: استعفاؤه

ص: 25