الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملكه يجب أَن يعْتق عَلَيْهِ وَيُحَاسب بِهِ من سَهْمه، وَكَانَ يجب لَو تَأَخَّرت الْقِسْمَة فِي الْعين وَالْوَرق، ثمَّ إِن قسمت يكون حول الزَّكَاة على الْغَانِمين يَوْم غنموا، إِذْ فِي اتِّفَاقهم أَنه لَا يعْتق عَلَيْهِم من يلْزم عتقه إلَاّ بعد الْقِسْمَة، وَلَا يكون حول الزَّكَاة إلَاّ من يَوْم حَاز نصِيبه بِالْقِسْمَةِ، فَدلَّ هَذَا كُله على أَنَّهَا لَا تملك بِنَفس الْغَنِيمَة، إِذْ لَو ملكت بِنَفس الْغَنِيمَة لم يجب عَلَيْهِ الْحَد إِذا وطىء جَارِيَة من الْمغنم. وَقد أنكر الدَّاودِيّ دُخُول التخميس فِي أُسَارَى بدر، فَقَالَ: لم يَقع فيهم غير أَمريْن: أما الْمَنّ بِغَيْر فدَاء، وَأما الْفِدَاء بِمَال، وَمن لم يكن مَال لَهُ علم أَوْلَاد الْأَنْصَار الْكِتَابَة، ورد بِأَنَّهُ لَا يلْزم من وُقُوع شَيْء أَو شَيْئَيْنِ مِمَّا خير فِيهِ رفع التَّخْيِير، فَافْهَم.
71 -
(بابٌ ومِنَ الدَّلِيلِ علَى أنَّ الخُمُسَ لِلإمَامِ وأنَّهُ يُعْطِي بعض قَرَابَتَه دُونَ بَعْضٍ مَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي المُطَّلِبِ وبَني هاشِمٍ مِنْ خَمْسِ خَيْبَرَ)
هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: وَمن الدَّلِيل، وَقد مر تَوْجِيه هَذَا عِنْد قَوْله: بَاب وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب الْمُسلمين. قَوْله: (للْإِمَام) أَرَادَ بِهِ من كَانَ نَائِب رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، لِأَن التَّصَرُّف فِيهِ لَهُ، صلى الله عليه وسلم، وَلمن يقوم مقَامه. قَوْله:(وَأَنه يُعْطي)، عطف على: أَن الْخمس، أَي: وعَلى أَنه يُعْطي بعض قرَابَته دون بعض. قَوْله: (مَا قسم) ، فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء، و: مَا، مَوْصُولَة وَخَبره قَوْله: وَمن الدَّلِيل، مقدما. قَوْله:(لبني الْمطلب) ، هَذَا الْمطلب هُوَ عَم عبد الْمطلب جد رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ الْمطلب وهَاشِم وَنَوْفَل وَعبد شمس كلهم أَوْلَاد عبد منَاف، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: عبد شمس وهَاشِم وَالْمطلب أخوة لأم، وأمهم عَاتِكَة بنت مرّة، وَكَانَ نَوْفَل أَخَاهُم لأبيهم، فقسم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، لبني الْمطلب وَبني هَاشم وَترك بِي نَوْفَل وَبني عبد شمس، فَهَذَا يدل على أَن الْخمس لَهُ، وَله فِيهِ الْخِيَار يَضَعهُ حَيْثُ شَاءَ.
قَالَ عُمَرُ بنُ عبْدِ العَزِيزِ لَمُ يَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ ولَمْ يَخُصَّ قَرِيباً دُونَ مَنْ أحْوَجُ إلَيْهِ وإنْ كانَ الَّذِي أعْطَى لِمَا يَشْكُوا إلَيْهِ مِنَ الحَاجَةِ ولِمَا مستْهُمْ فِي جَنْبِهِ مِنْ قَوْمِهِمْ وحُلَفَائِهِمْ
قَوْله: (لم يعمهم) أَي: لم يعم قُريْشًا بذلك، أَي: بِمَا قسمه. قَوْله: (من أحْوج إِلَيْهِ) أَي: من أحْوج هُوَ إِلَيْهِ، قَالَ ابْن مَالك: فِيهِ حذف الْعَائِد على الْمَوْصُول، وَهُوَ قَلِيل، وَمِنْه قِرَاءَة يحيى بن يعمر.
(تَمامًا عليَّ الَّذِي أحسن)، بِضَم النُّون أَي: الَّذِي هُوَ أحسن، قَالَ: وَإِذا طَال الْكَلَام فَلَا ضعف وَمِنْه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه} (الزخرف: 48) . أَي: وَفِي الأَرْض هُوَ إِلَه وَاحِد. قلت: وَفِي بعض النّسخ: دون من هُوَ أحْوج إِلَيْهِ، فعلى هَذَا لَا يحْتَاج إِلَى التَّكَلُّف الْمَذْكُور، وأحوج من أحوجه إِلَيْهِ غَيره، وأحوج أَيْضا بِمَعْنى احْتَاجَ. قَوْله:(وَإِن كَانَ) ، شَرط على سَبِيل الْمُبَالغَة، ويروى بِفَتْح: أَن، قَالَه الْكرْمَانِي. قَوْله:(أعطيَ) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَحَاصِل الْمَعْنى: وَإِن كَانَ الَّذِي أعطي أبعد قرَابَة مِمَّن لم يُعط. قَوْله: (لما تَشْكُو) تَعْلِيل لعطية الْأَبْعَد قرَابَة، وتشكو بتَشْديد الْكَاف من التشكي من بَاب التفعل، ويروى لما يشكو من شكا يشكو شكاية. قَوْله:(وَلما مستهم) عطف على: لما، الأولى، ويروى: مسهم، بِدُونِ تَاء التَّأْنِيث. قَوْله:(فِي جنبه)، أَي: فِي جَانِبه. قَوْله: (وحلفائهم) بِالْحَاء الْمُهْملَة، أَي: حلفاء قَومهمْ بِسَبَب الْإِسْلَام، وَأَشَارَ بذلك إِلَى مَا لَقِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابه بِمَكَّة من قُرَيْش بِسَبَب الْإِسْلَام.
0413 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ جُبَيْرِ بنِ مُطعمٍ قَالَ مَشَيْتُ أَنا وعُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فقُلْنَا يَا رسولَ الله أعْطَيْتَ بَني المُطَّلِبِ وتَرَكْتَنَا ونَحْنُ وهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ واحِدَةٍ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إنَّما بَنُو المُطَّلِبِ وبَنُو هاشِمٍ شَيْءٌ واحِدٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة. والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي مَنَاقِب قُرَيْش عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل وَفِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخراج عَن القواريري عَن ابْن الْمهْدي وَعَن القواريري عَن عُثْمَان بن عمر، وَعَن مُسَدّد عَن هشيم وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي قسم الْفَيْء عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجِهَاد عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (عَن ابْن الْمسيب)، فِي رِوَايَة أبي دَاوُد: أَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب. قَوْله: (عَن جُبَير بن مطعم)، فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي من رِوَايَة يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب: أَن جُبَير بن مطعم أخبرهُ. قَوْله: (مشيت أَنا وَعُثْمَان) ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد، قَالَ: أَخْبرنِي جُبَير بن مطعم أَنه جَاءَ هُوَ وَعُثْمَان بن عَفَّان يكلمان رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فِيمَا قسم من الْخمس فِي بني الْمطلب، فَقلت: يَا رَسُول الله قسمت لإِخْوَانِنَا فِي بني الْمطلب وَلم تُعْطِنَا شَيْئا، وقرابتنا وقرابتهم مِنْك وَاحِدَة؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب شَيْء وَاحِد قَوْله: (بِمَنْزِلَة وَاحِدَة) لِأَن عُثْمَان ابْن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف، وَجبير هُوَ ابْن مطعم بن عدي بن نَوْفَل بن عبد منَاف، فهما وَبَنُو الْمطلب كلهم أَوْلَاد عَم جده صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(شَيْء وَاحِد) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره همزَة، قَالَ عِيَاض: روينَا فِي البُخَارِيّ هَكَذَا بِلَا خلاف، وَقَالَ الْخطابِيّ: روى بَعضهم: سي، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَمَعْنَاهُ: سَوَاء وَمثل. قيل: هَذَا رِوَايَة الْكشميهني هُنَا، وَرِوَايَة الْمُسْتَمْلِي فِي الْمَغَازِي ومناقب قُرَيْش، وَكَذَا رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَيحيى بن معِين وَحده، وَقَالَ الْخطابِيّ: هُوَ أَجود فِي الْمَعْنى، وَقَالَ عِيَاض: الصَّوَاب رِوَايَة الْعَامَّة لرِوَايَة أبي دَاوُد: إِنَّا وَبَنُو الْمطلب لَا نفترق فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام، وَإِنَّمَا نَحن وهم شَيْء وَاحِد، وَشَبك بَين أَصَابِعه. انْتهى. وَهَذَا دَلِيل على الِاخْتِلَاط والامتزاج كالشيء الْوَاحِد، لَا على التَّمْثِيل والتنظير. قيل: وَقع فِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي: شَيْء أحد، بِغَيْر الْوَاو، فَقيل: الْوَاحِد والأحد بِمَعْنى وَاحِد، وَقيل: الْأَحَد الْمُنْفَرد بِالْمَعْنَى، وَالْوَاحد الْمُنْفَرد بِالذَّاتِ، وَقيل: الْأَحَد لنفي مَا يذكر مَعَه من الْعدَد، وَالْوَاحد اسْم لمفتاح الْعدَد، وَقيل: لَا يُقَال: أحد، إِلَّا لله تَعَالَى.
حدَّثَنِي يُونس وزَادَ قَالَ. قَالَ اللَّيْثُ جُبَيْرٌ ولَمْ يَقْسِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَنِي عبْدِ شَمْسٍ ولَا لِبَنِي نَوْفَلٍ
هَذَا التَّعْلِيق أسْندهُ البُخَارِيّ فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن يُونُس بِتَمَامِهِ.
وقالَ ابْنُ إسْحَاقَ عَبْدُ شَمْسٍ وهاشِمٌ والمُطَّلِبُ إخْوَةٌ لاُِمٍّ وأمُّهُمْ عاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ وكانَ نَوْفَلٌ أخاهُمْ لأِبِيهِمْ
ابْن إِسْحَاق هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق صَاحب (الْمَغَازِي) ، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره ابْن جرير وَالزُّبَيْر بن بكار وَمُحَمّد بن إِسْحَاق، وَقَالَ ابْن جرير: وَكَانَ هَاشم توأم أَخِيه عبد شمس وَأَن هاشماً خرج وَرجله ملتصقة بِرَأْس عبد شمس، فَمَا تخلصت حَتَّى سَالَ بَينهمَا، دم، فتفاءل النَّاس بذلك أَن يكون بَين أولادهما حروب، فَكَانَت وقْعَة بني الْعَبَّاس مَعَ بني أُميَّة بن عبد شمس سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة من الْهِجْرَة. قَوْله:(وَكَانَ نَوْفَل أَخَاهُم لأبيهم) وَلم يذكر أمه، وَهِي: واقدة، بِالْقَافِ: بنت عَمْرو المازنية، وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة قد سادوا قَومهمْ بعد أَبِيهِم وَصَارَت إِلَيْهِم الرياسة، فَكَأَن يُقَال لَهُم: المجيرون، وَذَلِكَ لأَنهم أخذُوا لقومهم قُرَيْش الْأمان من مُلُوك الأقاليم ليدخلوا فِي التِّجَارَات إِلَى بلدانهم، فَكَانَ هَاشم قد أَخذ أَمَانًا من مُلُوك الشَّام وَالروم وغسان، وَأخذ لَهُم عبد شمس من النَّجَاشِيّ الْأَكْبَر ملك الْحَبَشَة، وَأخذ لَهُم نَوْفَل من الأكاسرة، وَأخذ لَهُم الْمطلب أَمَانًا من مُلُوك حمير، وَكَانَت إِلَى هَاشم السِّقَايَة والرفادة بعد أَبِيه، وَإِلَيْهِ وَإِلَى أَخِيه الْمطلب نسب ذَوي الْقُرْبَى، وَقد كَانُوا شَيْئا وَاحِدًا، وَقَالَ ابْن كثير فِي (تَفْسِيره) :