الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لما قضى الله الْخلق) . ومغيرة، بِضَم الْمِيم وَكسرهَا.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة، وَالنَّسَائِيّ فِي النعوت كلهم عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (لما قضى الله الْخلق)، قَالَ الْخطابِيّ: يُرِيد لما خلق الله الْخلق كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فقضاهن سبع سموات} (فصلت: 21) . أَي: خَلقهنَّ، وَقَالَ ابْن عَرَفَة: قَضَاء الشي إحكامه وإمضاؤه والفراغ مِنْهُ، وَبِه سمي القَاضِي لِأَنَّهُ إِذا حكم فقد فرغ مِمَّا بَين الْخَصْمَيْنِ. قَوْله:(كتب فِي كِتَابه)، أَي: أَمر الْقَلَم أَن يكْتب فِي كِتَابه وَهُوَ اللَّوْح الْمَحْفُوظ، والمكتوب هُوَ: أَن رَحْمَتي غلبت غَضَبي. قَوْله: (فَهُوَ عِنْده)، أَي: الْكتاب عِنْده، والعندية لَيست مكانية بل هُوَ إِشَارَة إِلَى كَمَال كَونه مكنوناً عَن الْخلق مَرْفُوعا عَن حيّز إدراكهم. قَوْله:(فَوق الْعَرْش)، قَالَ الْخطابِيّ: قَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ دون الْعَرْش استعظاماً أَن يكون شَيْء من الْخلق فَوق الْعَرْش كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {بعوضة فَمَا فَوْقهَا} (الْبَقَرَة: 62) . أَي: فَمَا دونهَا أَي: أَصْغَر مِنْهَا، وَقَالَ بَعضهم: إِن لفظ الفوق زَائِد كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ} (النِّسَاء: 11) . إِذْ الثنتان يرثان الثُّلثَيْنِ. قلت: فِي كل مِنْهُمَا نظر، أما الأول فَفِيهِ اسْتِعْمَال اللَّفْظ فِي غير مَوْضِعه، وَأما الثَّانِي فَفِيهِ فَسَاد الْمَعْنى، لِأَن مَعْنَاهُ: يكون حِينَئِذٍ: فَهُوَ عِنْده الْعَرْش، وَهَذَا لَا يَصح، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال معنى قَوْله: فَهُوَ عِنْده فَوق الْعَرْش أَي: علم ذَلِك عِنْد الله فَوق الْعَرْش لَا ينْسَخ وَلَا يُبدل، أَو ذكر ذَلِك عِنْد الله فَوق الْعَرْش، وَلَا مَحْذُور من إِضْمَار لفظ الْعلم أَو الذّكر، على أَن الْعَرْش مَخْلُوق وَلَا يَسْتَحِيل أَن يمسهُ كتاب مَخْلُوق، فَإِن الْمَلَائِكَة حَملَة الْعَرْش حاملونه على كواهلهم، وَفِيه المماسة فَلَا مَحْذُور أَن يكون كِتَابه فَوق الْعَرْش. فَإِن قلت: مَا وَجه تَخْصِيص هَذَا بِالذكر على مَا قلت، مَعَ أَن الْقَلَم كتب كل شَيْء؟ قلت: لما فِيهِ من الرَّجَاء الْكَامِل وَإِظْهَار أَن رَحمته وسعت كل شَيْء، بِخِلَاف غَيره. قَوْله:(أَن رَحْمَتي)، بِفَتْح أَن على أَنَّهَا بدل من: كتب، وبكسرها ابْتِدَاء كَلَام يحمي مَضْمُون الْكتاب. قَوْله:(غلبت)، فِي رِوَايَة شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد فِي التَّوْحِيد: سبقت، بدل: غلبت، وَالْمرَاد من الْغَضَب مَعْنَاهُ الغائي وَهُوَ لَازمه، وَهُوَ إِرَادَة الإنتقام مِمَّن يَقع عَلَيْهِ الْغَضَب والسبق وَالْغَلَبَة بِاعْتِبَار التَّعَلُّق أَي: تعلق الرَّحْمَة سَابق غَالب على تَعْلِيق الْغَضَب، لِأَن الرَّحْمَة مُقْتَضى ذَاته المقدسة، وَأما الْغَضَب فَإِنَّهُ مُتَوَقف على سَابِقَة عمل من العَبْد حَادث، وَبِهَذَا ينْدَفع إِشْكَال من أورد وُقُوع الْعَذَاب قبل الرَّحْمَة فِي بعض الْمَوَاضِع كمن يدْخل النَّار من الْمُوَحِّدين ثمَّ يخرج بالشفاعة أَو غَيرهَا، وَقيل: الرَّحْمَة وَالْغَضَب من صِفَات الْفِعْل لَا من صِفَات الذَّات فَلَا مَانع من تقدم بعض الْأَفْعَال على بعض، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ فِي سبق الرَّحْمَة إِشَارَة إِلَى أَن قسط الْخلق مِنْهَا أَكثر من قسطهم من الْغَضَب، وَأَنَّهَا تنالهم من غير اسْتِحْقَاق، وَأَن الْغَضَب لَا ينالهم إلَاّ بِاسْتِحْقَاق، فالرحمة تَشْمَل الشَّخْص جَنِينا ورضيعاً وفطيماً وناشئاً قبل أَن يصدر مِنْهُ شَيْء من الطَّاعَة وَلَا يلْحقهُ الْغَضَب إلَاّ بعد أَن يصدر عَنهُ من الذُّنُوب مَا يسْتَحق مَعَه ذَلِك، وَالله تَعَالَى أعلم.
2 -
(بابُ مَا جاءَ فِي سَبْعِ أرَضينَ)
هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ فِي وضع سبع أَرضين.
وقَوْلِ الله تعَالى {ألله الَّذِي خلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ ومِنَ الأرْضِ مَثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أنَّ الله علَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وأنَّ الله قَدْ أحاطَ بِكُلَّ شَيْءٍ عِلْمَاً (الطَّلَاق: 21) .
وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: فِي سبع أَرضين. قَوْله: (الله) مُبْتَدأ. و: الَّذِي خلق، خَبره. قَوْله:(سبع سموات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ) فِي الْعدَد، قيل: مَا فِي الْقُرْآن آيَة تدل على أَن الْأَرْضين سبع: إلَاّ هَذِه الْآيَة. وَقَالَ الدَّاودِيّ: فِيهِ دلَالَة على أَن الْأَرْضين بَعْضهَا فَوق بعض مثل السَّمَوَات لَيْسَ بَينهَا فُرْجَة، وَحكى ابْن التِّين عَن بَعضهم: أَن الأَرْض وَاحِدَة، قَالَ: وَهُوَ مَرْدُود بِالْقُرْآنِ وَالسّنة. وروى الْبَيْهَقِيّ عَن أبي الضُّحَى عَن مُسلم عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه قَالَ:{الله الَّذِي خلق سبع سموات وَمن الأَرْض مِثْلهنَّ} (الطَّلَاق: 21) . قَالَ: سبع أَرضين فِي كل أَرض نَبِي كنبيكم وآدَم كآدمكم ونوح كنوحكم وَإِبْرَاهِيم كإبراهيمكم وَعِيسَى كعيسى، ثمَّ قَالَ: إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس صَحِيح، وَهُوَ شَاذ بِمرَّة لَا أعلم لأبي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابعًا. وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لَو حدثتكم بتفسير هَذِه الْآيَة لكَفَرْتُمْ، وكفركم تكذيبكم بهَا، وَقد روى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، أَن بَين كل سَمَاء وسماء خَمْسمِائَة عَام، وَأَن سمك كل سَمَاء كَذَلِك، وَأَن بَين كل أَرض
وَأَرْض خَمْسمِائَة عَام. وَأخرجه إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار من حَدِيث أبي ذَر نَحوه. فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَرْفُوعا: بَين كل سَمَاء وسماء إِحْدَى أَو اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سنة. قلت: يجمع بَينهمَا بِأَن اخْتِلَاف الْمسَافَة بَينهمَا بِاعْتِبَار بطء السّير وسرعته، وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) : وَقيل: إِن المُرَاد بقوله: سبع أَرضين الأقاليم السَّبْعَة، والدعوة شَامِلَة جَمِيعهَا، وَقيل: إِنَّهَا سبع أَرضين مُتَّصِلَة بَعْضهَا بِبَعْض والحائل بَين كل أَرض وَأَرْض بحار لَا يُمكن قطعهَا وَلَا الْوُصُول إِلَى الأَرْض الْأُخْرَى وَلَا تصل الدعْوَة إِلَيْهِم قَوْله: (لِتَعْلَمُوا) اللَاّم تتَعَلَّق بِخلق، وَقيل: بيتنزل، وَالْأول أقرب، وَأَن الله تَعَالَى قد أحَاط بِكُل شَيْء علما لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء، وعلماً مصدر من غير لفظ الْفِعْل أَي: قد علم كل شَيْء علما.
والسَّقْفِ المَرْفُوعِ السَّماءُ
هَذِه حِكَايَة عَمَّا فِي سُورَة الطّور وَهُوَ: {وَالطور وَكتاب مسطور فِي رق منشور وَالْبَيْت الْمَعْمُور والسقف الْمَرْفُوع} (الطّور: 1) . فَقَوله: والسقف الْمَرْفُوع، بِالرَّفْع مُبْتَدأ وَقَوله:{السَّمَاء} (الطّور: 1) . خَبره وَهُوَ تَفْسِيره، كَذَا فسره مُجَاهِد، رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم وَغَيره من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَيجوز بِالْجَرِّ على طَرِيق الْحِكَايَة عَمَّا فِي سُورَة الطّور سمى السَّمَاء سقفاً لِأَنَّهَا للْأَرْض كالسقف للبيت، وَهُوَ يَقْتَضِي الرَّد على من قَالَ: إِن السَّمَاء كرية، لِأَن السّقف فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة لَا يكون كرياً، وَفِيه نظر.
سَمْكَهَا بِنَاءَها
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {رفع سمكها فسواها} (النازعات: 82) . فِي: والنازعات، وَهنا: سمكها، مَرْفُوع على الِابْتِدَاء وَخَبره قَوْله: بناؤها، وَيجوز بِالنّصب على الْحِكَايَة. وَقَوله:{رفع سمكها} (النازعات: 82) . أَي: بناءها يَعْنِي: رفع بنيانها، والسمك، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْمِيم، وَهَكَذَا فسره ابْن عَبَّاس، رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن أبي طَلْحَة عَنهُ.
الْحُبُكُ اسْتِوَاؤُهَا وحُسْنُها
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّمَاء ذَات الحبك} (الذاريات: 7) . وَيجوز فِي الحبك الرّفْع على الِابْتِدَاء وَخَبره: استواؤها، وَيجوز الْجَرّ على الْحِكَايَة، وَالتَّفْسِير الَّذِي فسره رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن يزِيد عَن سعيد بن جُبَير عَنهُ، والحبك بِضَمَّتَيْنِ جمع حبيكة، كطرق جمع طَريقَة، وزنا وَمعنى. وَقيل: وَاحِدهَا حباك كمثال، وَقيل: الحبك الطرائق الَّتِي ترى فِي السَّمَاء من آثَار الْغَيْم، وروى الطَّبَرِيّ عَن الضَّحَّاك نَحوه، وَقيل: هِيَ النُّجُوم أخرجه الطَّبَرِيّ بِإِسْنَاد حسن عَن الْحسن، وروى الطَّبَرِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو: أَن المُرَاد بالسماء هُنَا السَّمَاء السَّابِعَة.
وأذِنَتْ سَمِعَتْ وأطَاعَتْ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذا السَّمَاء انشقت وأذنت لِرَبِّهَا وحقت} (الانشقاق: 1، 2) . وَرَوَاهُ هَكَذَا ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: {وأذنت لِرَبِّهَا} أَي: أطاعت، وَمن طَرِيق الضَّحَّاك: أَي: سَمِعت، قَالَ النَّسَفِيّ: وَحَقِيقَته من أذن الشَّيْء إِذا أصغى إِلَيْهِ أُذُنه للاستماع، وَالسَّمَاع يسْتَعْمل للإسعاف والإجابة، كَذَلِك الْإِذْن أَي: أجابت لِرَبِّهَا إِلَى الانشقاق وَمَا أَرَادَهُ مِنْهَا.
وألْقَتْ أخْرَجَتْ مَا فِيهَا مِنَ المَوْتَى وتَخَلَّتْ عَنْهُمْ
أَشَارَ إِلَى قَوْله تَعَالَى بعد قَوْله: {وأذنت لِرَبِّهَا وحقت وَإِذا الأَرْض مدت وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وتخلت} (الانشقاق: 2، 3) . وحقت أَي: حق لَهَا أَن تطيع، وَأَلْقَتْ أَي: طرحت مَا فِيهَا، ومدت من مد الشَّيْء فامتد وَهُوَ: أَن تَزُول جبالها وآكامها، وكل أمة فِيهَا حَتَّى تمتد وتنبسط وَيَسْتَوِي ظهرهَا، وتخلت أَي: خلت غَايَة الْخُلُو حَتَّى لَا يبْقى فِي بَطنهَا شَيْء كَأَنَّهَا تكلفت أقْصَى جهدها فِي الْخُلُو.
طَحَاهَا دَحاها
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْأَرْض وَمَا طحاها، وَنَفس وَمَا سواهَا} (الشَّمْس: 6، 7) . وَأَرَادَ بقوله: (دحاها)، تَفْسِير قَوْله:{طحاها} وَهَكَذَا فسره مُجَاهِد، أخرجه عَنهُ عبد بن حميد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن عَبَّاس وَالسُّديّ وَغَيرهمَا:{دحاها} أَي: بسطها، من الدحو وَهُوَ الْبسط، يُقَال: دحا يدحو ويدحي، أَي: بسط ووسع.
بالسَّاهِرَةِ وَجْهُ الأرْضِ كانَ فِيهَا الحَيَوَانُ نَوْمُهُمْ وسَهَرُهُمْ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا هم بالساهرة} (النازعات: 41) . أَي: وَجه الأَرْض، وَلَعَلَّه سمى بهَا لِأَن نوم الْخَلَائق وسهرهم فِيهَا، هَكَذَا فسره عِكْرِمَة، أخرجه ابْن أبي حَاتِم، وَأخرج أَيْضا من طَرِيق مُصعب بن ثَابت عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد فِي قَوْله تَعَالَى:{فَإِذا هم بالساهرة} (النازعات: 41) . قَالَ: أَرض بَيْضَاء عفراء كالخبزة، وَعَن ابْن أبي حَاتِم: المُرَاد بهَا أَرض الْقِيَامَة، وَقَالَ النَّسَفِيّ: قيل: هَذِه الساهرة جبل عِنْد بَيت الْمُقَدّس، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة:{فَإِذا هم بالساهرة} (النازعات: 41) . بالصقع الَّذِي بَين جبل حسبان وجبل أرِيحَا.
5913 -
حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله قَالَ أخْبَرَنَا ابنُ عَليَّةَ عنْ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى ابنُ أبِي كَثِيرٍ عنْ مُحَمَّدِ بنِ إبْرَاهِيمَ بنِ الحَارِثِ عنْ أبِي سلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ وكانَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَ أُنَاسٍ خُصُومَةٌ فِي أرْض فَدَخَلَ علَى عائِشَةَ فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ فقالَتْ يَا أبَا سلَمَةَ اجْتَنِبِ الأرْضَ فإنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعٍ أرَضِينَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من سبع أَرضين) . وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَابْن علية اسْمه إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، وَعليَّة اسْم أمه وَقد مر غير مرّة.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب إِثْم من ظلم شَيْئا من الأَرْض، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث عَن حُسَيْن عَن يحيى بن أبي كثير إِلَى آخِره.
قَوْله: (قيد شبر) ، بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ الْمِقْدَار. قَوْله:(طوقه) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، وَمعنى التطويق أَن يخسف الله بِهِ الأَرْض فَتَصِير الْبقْعَة الْمَغْصُوبَة مِنْهَا فِي عُنُقه يَوْم الْقِيَامَة كالطوق، وَقيل: هُوَ أَن يطوق حملهَا يَوْم الْقِيَامَة، أَي: يُكَلف، لَا من طوق التَّقْلِيد، بل من طوق التَّكْلِيف.
6913 -
حدَّثنا بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أخبرَنا عَبْدُ الله عنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ عنْ سَالِمٍ عنْ أبِيهِ قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَنْ أخَذَ شَيْئاً مِنَ الأرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ إِلَى سَبْعِ أرْضِينَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: ابْن مُحَمَّد الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَسَالم يروي عَن أَبِيه عبد الله بن الْمُبَارك. والْحَدِيث مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب إِثْم من ظلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن الْمُبَارك.
7913 -
حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى قَالَ حدَّثنا عبْدُ الوَهَّابِ قَالَ حدَّثنَا أيُّوبُ عنْ مُحَمَّدِ بنِ سِيرِينَ عنِ ابنِ أبِي بَكْرَةَ عَن أبي بكرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خلَقَ السَّمَواتِ والأرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرَاً مِنْهَا أرْبَعةٌ حُرُمٌ ثَلاث مُتَوَالِياتٌ ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والْمُحَرَّمُ ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادي وشَعْبَانَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تتأتى بالتعسف لِأَن الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة فِيهَا التَّصْرِيح بِسبع أَرضين، وَهَذَا الْمَذْكُور لفظ: الأَرْض فَقَط، وَلَكِن المُرَاد مِنْهُ سبع أَرضين أَيْضا. وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَابْن أبي بكرَة عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو بكرَة نفيع بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ، وَقد مضى فِي كتاب الْعلم عَن أبي بكرَة، وَفِي الْحَج أَيْضا من هَذَا الْوَجْه، وَلَكِن يَأْتِي نَحوه بأتم مِنْهُ فِي آخر
الْمَغَازِي.
قَوْله: (الزَّمَان) اسْم لقَلِيل الْوَقْت وَكَثِيره، وَأَرَادَ بِهِ هُنَا السّنة، وَذَلِكَ أَن قَوْله:(السّنة إثني عشر شهرا) إِلَى آخِره، جمل مستأنفة مبينَة للجملة الأولى. فَالْمَعْنى أَن الزَّمَان فِي انقسامه إِلَى الأعوام، والأعوام إِلَى الْأَشْهر عَاد إِلَى أصل الْحساب والوضع الَّذِي اخْتَارَهُ الله وَوَضعه يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض. قَوْله:(اسْتَدَارَ)، يُقَال: دَار يَدُور، واستدار يستدير بِمَعْنى: إِذا طَاف حول الشَّيْء وَإِذا عَاد إِلَى الْموضع الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ، وَمعنى الحَدِيث: أَن الْعَرَب كَانُوا يؤخرون الْمحرم إِلَى صفر وَهُوَ النسيء الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا النسيء زِيَادَة فِي الْكفْر} (التَّوْبَة: 73) . وَذَلِكَ لِيُقَاتِلُوا فِيهِ، ويفعلون ذَلِك كل سنة بعد سنة فَينْتَقل الْمحرم من شهر إِلَى شهر حَتَّى جَعَلُوهُ فِي جَمِيع شهور السّنة، فَلَمَّا كَانَت تِلْكَ السّنة قد عَاد إِلَى زَمَنه الْمَخْصُوص بِهِ، قيل: دارت السّنة كهيئتها الأولى، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا أخر النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْحَج مَعَ الْإِمْكَان ليُوَافق أصل الْحساب فيحج فِيهِ حجَّة الْوَدَاع. قَوْله: (كَهَيْئَته)، الْكَاف صفة مصدر مَحْذُوف أَي: اسْتَدَارَ استدارة مثل حَالَته يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض. قَوْله: (ثَلَاث مُتَوَالِيَات) إِنَّمَا حذف التَّاء من الْعدَد بِاعْتِبَار أَن الشَّهْر وَاحِد الْأَشْهر بِمَعْنى اللَّيَالِي، فَاعْتبر لذَلِك تأنيثه، وَيُقَال: ذَلِك بِاعْتِبَار الْغرَّة أَو اللَّيْلَة، مَعَ أَن الْعدَد الَّذِي لم يذكر مَعَه الْمُمَيز جَازَ فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث، ويروى:(ثَلَاثَة)، على الأَصْل. قَوْله:(ذُو الْقعدَة) مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هِيَ ذُو الْقعدَة، أَو: أَولهَا ذُو الْقعدَة، وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ. قَوْله:(وَرَجَب مُضْمر) عطف على قَوْله: (ثَلَاث)، وَلَيْسَ بعطف على قَوْله: وَالْمحرم، وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى مُضر لِأَنَّهَا كَانَت تحافظ على تَحْرِيمه أَشد من مُحَافظَة سَائِر الْعَرَب، وَلم يكن يستحله أحد من الْعَرَب. قَوْله:(بَين جُمَادَى وَشَعْبَان)، ذكره تَأْكِيدًا وإزاحة للريب الْحَادِث فِيهِ من النسىء. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: النسيء تَأْخِير حُرْمَة شهر إِلَى شهر آخر، كَانُوا يحلونَ الشَّهْر الْحَرَام ويحرمون مَكَانَهُ شهرا آخر حَتَّى رفضوا تَخْصِيص الْأَشْهر الْحرم، فَكَانُوا يحرمُونَ من شهور الْعَام أَرْبَعَة أشهر مُطلقًا، وَرُبمَا زادوا فِي الْأَشْهر فيجعلونها ثَلَاثَة عشر، أَو أَرْبَعَة عشر، قَالَ: وَالْمعْنَى: رجعت الْأَشْهر إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ وَعَاد الْحَج إِلَى ذِي الْحجَّة وَبَطل النسيء الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَقد وَافَقت حجَّة الْوَدَاع ذَا الْحجَّة، فَكَانَت حجَّة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قبلهَا فِي ذِي الْقعدَة.
8913 -
حدَّثني عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثناأبُو أُسَامَةَ عنْ هِشَامٍ عنْ أبِيهِ عنْ سَعِيدِ بنِ زَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ نُفَيْلٍ أنَّهُ خَاصَمَتْهُ أرْوَى فِي حَقٍّ زَعَمَ أنَّهُ انْتَقَصَهُ لَهَا إِلَى مَرْوانَ فقالَ سَعِيدٌ أنَا أنْتَقِصُ مِنْ حقِّهَا شَيْئاً أشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقُولُ منْ أخَذَ شِبْرَاً مِنَ الأرْضِ ظُلْماً فإنَّهُ يُطَوِّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أرْضِينَ. (انْظُر الحَدِيث 2542) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبيد، بِضَم الْعين: واسْمه فِي الأَصْل عبد الله الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام بن عُرْوَة بن الزبير يروي عَن أَبِيه عُرْوَة، وَسَعِيد بن زيد بن عَمْرو بن نفَيْل، بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء: الْعَدوي أحد الْعشْرَة المبشرة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
والْحَدِيث من قَوْله: (لسمعت رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم إِلَى آخِره، قد مر فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب إِثْم من ظلم شَيْئا من الأَرْض.
قَوْله (أروى) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْوَاو وبالقصر بنت أبي أويس بِالسِّين الْمُهْملَة قَالَ ابْن الْأَثِير لم أتحقق أَنَّهَا صحابية أَو تابعية قَوْله: (زعمت)، أَي: أدعت أَنه أَي: أَن سعيد بن زيد انتقصه، أَي: انتقصها من حَقّهَا فِي أَرض. قَوْله: (إِلَى مَرْوَان)، يتَعَلَّق بقوله: خاصمته، أَي: ترافعا إِلَى مَرْوَان، وَهُوَ كَانَ يَوْمئِذٍ مُتَوَلِّي الْمَدِينَة، وَقد ترك سعيد الْحق لَهَا ودعا عَلَيْهَا، فَاسْتَجَاب الله تَعَالَى دعاءه وَمَرَّتْ الْقِصَّة فِي الْمَظَالِم.
قَالَ ابنُ الزِّنادِ عنْ هشامٍ عنْ أبِيهِ قَالَ قَالَ لِي سَعِيدُ بنُ زَيْدٍ دَخَلْتُ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم
ابْن أبي الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وبالنون: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله مفتي بَغْدَاد، وَأَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق بَيَان لِقَاء عُرْوَة