الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَلَقَّفُ تَلَقَّمُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألقِ عصاك فَإِذا هِيَ تلقف مَا يأفكون} (الْأَعْرَاف: 711) . وَفَسرهُ بقوله: تلقم، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة.
2933 -
حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حَدثنَا اللَّيْث قَالَ حدَّثني عُقَيْلٌ عنِ ابْن شِهابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَ قالَتْ عائِشَةُ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا فَرَجَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤادُهُ فانْطَلَقَتْ بِهِ إلَى ورَقَةَ بنِ نَوْفَلٍ وكانَ رَجُلاً تَنَصَّرَ يَقْرَأُ الإنْجِيلَ بالعَرَبِيَّةِ فَقَالَ ورَقَةُ ماذَا تَرَى فأخْبَرَهُ فَقَالَ ورَقَةُ هذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ الله عَلَى مُوساى وإنْ أدْرَكَنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرَاً مُؤَزَّرَاً. النَّامُوسُ صاحِبُ السِّرِّ الَّذِي يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عنْ غَيْرِهِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (هَذَا الناموس الَّذِي أنزل الله على مُوسَى، عليه الصلاة والسلام وَهَذَا قِطْعَة من الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ فِي أول الْكتاب مطولا عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. قَوْله: (والناموس) إِلَى آخِره من كَلَام البُخَارِيّ، وَقد مر تَحْقِيقه هُنَاكَ فَليرْجع إِلَيْهِ من أَرَادَ أَن يقف عَلَيْهِ.
42 -
(بابُ قَوْلِ الله عز وجل {وهَلْ أتَاكَ حَديثُ مُوسَى إذْ رَأى نَارا} إِلَى قَوْلِهِ {بالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} (طه:
9 21) .)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَهل أَتَاك حَدِيث مُوسَى إِذْ رأى نَارا فَقَالَ لأَهله امكثوا إِنِّي آنست نَارا لعلِّي آتيكم مِنْهَا بقبس أَو أجد على النَّار هدى فَلَمَّا أَتَاهَا نُودي يَا مُوسَى إِنِّي أَنا رَبك فاخلع نعليك إِنَّك بالوادي الْمُقَدّس طوى} . قَوْله: (وَهل أَتَاك) أَي: قد أَتَاك، لِأَن: هَل، هُنَا لَا تلِيق أَن تكون للاستفهام، لِأَنَّهُ لَا يجوز على الله تَعَالَى. قَوْله:(إِذْ رأى) أَي: حِين رأى، عَن وهب: اسْتَأْذن مُوسَى شعيباً فِي الرُّجُوع إِلَى أمه فَخرج إِلَى أَهله فولد لَهُ فِي الطَّرِيق ابْن فِي لَيْلَة شَاتِيَة مظْلمَة مثلجة، فحاد مُوسَى عَن الطَّرِيق وقدح النَّار فَلم تور المقدحة شَيْئا، فَبينا هُوَ يزاول ذَلِك أبْصر نَارا من بعيد عَن يسَار الطَّرِيق، قيل: كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة، فَقَالَ مُوسَى لأَهله: امكثوا مَكَانكُمْ إِنِّي آنست أَي أَبْصرت نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا أَي: من النَّار بقبس أَي: بشعلة، القبس: النَّار المقتبسة فِي رَأس عود أَو فَتِيلَة أَو غَيرهمَا. قَوْله: (أَو أجد على النَّار هدى)، يَعْنِي: من يدلني على الطَّرِيق، أَو يَنْفَعنِي بهداه فِي أَبْوَاب الدّين. قَوْله:(فَلَمَّا أَتَاهَا)، أَي: فَلَمَّا أَتَى مُوسَى النَّار رأى شَجَرَة خضراء من أَسْفَلهَا إِلَى أَعْلَاهَا كَأَنَّهَا نَار بَيْضَاء تتقد، وَسمع تَسْبِيح الْمَلَائِكَة، وَرَأى نورا عَظِيما فخاف فألقيت عَلَيْهِ السكينَة، وَنُودِيَ:{يَا مُوسَى إِنِّي أَنا رَبك فاخلع نعليك} ، قيل: سَبَب أمره بخلع نَعْلَيْه أَنَّهُمَا كَانَتَا من جلد حمَار ميت غير مدبوغ، فَخلع مُوسَى نَعْلَيْه وألقاهما من وَرَاء الْوَادي. قَوْله:(إِنَّك بالوادي الْمُقَدّس)، أَي: المطهر، طوى إسم وادٍ، قَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو بِالتَّنْوِينِ منصرفاً بِتَأْوِيل الْمَكَان، وَالْبَاقُونَ بِغَيْر تَنْوِين غير منصرف بِتَأْوِيل الْبقْعَة، وَقيل للوادي الْمُقَدّس: طوى طوى، مرَّتَيْنِ أَي: قدس، مرَّتَيْنِ، وَقيل: نُودي نداءين.
آنَسْتُ أبْصَرْتُ
يَعْنِي: معنى آنست أَبْصرت من الإيناس، وَهُوَ الإبصار الْبَين الَّذِي لَا شُبْهَة فِيهِ، وَمِنْه إِنْسَان الْعين: لِأَنَّهُ يتَبَيَّن بِهِ الشَّيْء، وَالْإِنْس لظهورهم، وَقيل: الإيناس: إبصار مَا يؤنس بِهِ.
قَالَ ابنُ عبَّاسٍ المُقَدَّسُ الْمُبَارَكُ
وَقع هَذَا من قَول ابْن عَبَّاس إِلَى آخر مَا ذكره من تَفْسِير الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني
خَاصَّة، وَلم يذكرهُ جَمِيع رُوَاة البُخَارِيّ هُنَا، وَإِنَّمَا ذكرُوا بعضه فِي تَفْسِير سُورَة طه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَذكر أَمْثَال هَذَا فِي هَذَا الْكتاب الْعَظِيم الشَّأْن اشْتِغَال بِمَا لَا يعنيه، وَقَول ابْن عَبَّاس: وَصله عَليّ بن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ.
طُوًى اسْمُ الوَادِي
وَقد ذَكرْنَاهُ، وروى الطَّبَرِيّ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه سمي طوى لِأَن مُوسَى صلى الله عليه وسلم، طواه لَيْلًا.
سِيرَتَها حالَتَهَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {سنعيدها سيرتها الأولى} (طه: 12) . وَفسّر السِّيرَة بالحالة، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن مُجَاهِد وَقَتَادَة: سيرتها: هيئتها.
والنُّهَى التُّقَى
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن فِي ذَلِك لآيَات لأولي النهى} (طه: 45 و 821) . وَفسّر النَّهْي: بالتقى، كَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، فِي قَوْله: لأولي النهى، قَالَ: لأولي التقى، وَعَن قَتَادَة: لأولي الْوَرع، وَقَالَ الطَّبَرِيّ، خص أولي النهى لأَنهم أهل التفكر وَالِاعْتِبَار.
بِمَلْكِنا بأمْرِنَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا أخلفنا موعدك بملكنا} (طه: 78) . وَفَسرهُ بقوله: بأمرنا، وَهَكَذَا روى الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَمن طَرِيق سعيد عَن قَتَادَة: بملكنا، أَي: بطاقتنا، وَكَذَا قَالَ السّديّ.
هَوَى شَقِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمن يحلل عَلَيْهِ غَضَبي فقد هوى} (طه: 18) . وَفَسرهُ بِلَفْظ: شقي، وَكِلَاهُمَا ماضيان، وَكَذَا رُوِيَ عَن الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم.
فارِغاً إلَاّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} . ثمَّ فسره بقوله: إلَاّ من ذكر مُوسَى، يَعْنِي: لم يخل قَلبهَا عَن ذكره، وَهَذَا وَصله سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي فِي تَفْسِير ابْن عُيَيْنَة من طَرِيق عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَلَفظه:{وَأصْبح فؤاد أم مُوسَى فَارغًا} . من كل شَيْء إلَاّ من ذكر مُوسَى، وَكَذَا أخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ أَبُو عبيد: فَارغًا من الْحزن لعلمها أَنه لم يغرق.
رِدْءًا كَيْ يُصَدِّقَنِي
أَشَارَ بقوله (ردْءًا) إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأخي هَارُون هُوَ أفْصح مني لِسَانا فَأرْسلهُ معي ردْءًا يصدقني} (الْقَصَص: 43) . ثمَّ أَشَارَ إِلَى أَن التَّقْدِير فِي قَوْله: يصدقني، كي يصدقني وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق السّديّ: كَيْمَا يصدقني، وَمن طَرِيق مُجَاهِد وَقَتَادَة: ردْءًا، أَي: عوناً، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَي: معينا، يُقَال: أردأت فلَانا على عدوة أَي: أكنفته وأعنته وصرت لَهُ كنفاً.
ويُقَالُ مُغِيثاً أوْ مُعِينَاً
أَي: يُقَال فِي تَفْسِير ردْءًا مغيثاً، بالغين الْمُعْجَمَة والثاء الْمُثَلَّثَة من الإغاثة. قَوْله:(أَو معينا) أَي: أَو يُقَال معينا بِالْعينِ الْمُهْملَة من الْإِعَانَة وَهِي المساعدة.
يَبْطُشُ ويَبْطِشُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن لفظ (يبطش) فِيهِ لُغَتَانِ: إِحْدَاهمَا كسر الطَّاء، وَالْأُخْرَى ضمهَا. وَهُوَ فِي قَوْله:{فَلَمَّا أَرَادَ أَن يبطش بِالَّذِي هُوَ عَدو لَهما} (الْقَصَص: 91) . وَالْكَسْر هِيَ: الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة هُنَا، وَفِي قَوْله تَعَالَى:{يَوْم نبطش البطشة الْكُبْرَى} (الدُّخان: 61) . وَالضَّم قِرَاءَة الْحسن وَابْن جَعْفَر، رَحِمهم الله تَعَالَى.
يأتَمِرُونَ يَتَشَاوَرُونَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الْمَلأ يأتمرون بك ليقتلوك} (الْقَصَص: 02) . وَفَسرهُ بقوله: يتشاورون، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: مَعْنَاهُ يَأْمر بَعضهم بَعْضًا.
والجَذْوَةُ قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو جذوة من النَّار} (الْقَصَص: 92) . ثمَّ فَسرهَا بِمَا ذكره أَبُو عُبَيْدَة، والجذوة مُثَلّثَة الْجِيم.
سَنَشُدُّ سَنُعِينُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {سنشد عضك بأخيك} (الْقَصَص: 53) . وَفَسرهُ بقوله: سنعينك، وَفَسرهُ أَبُو عُبَيْدَة بقوله: سنقويك بِهِ ونعينك، يُقَال: شدّ فلَان عضد فلَان إِذا أَعَانَهُ.
كُلَّمَا عَزَّزتَ شَيْئَاً فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدَاً
هَذَا من بَقِيَّة تَفْسِير: سنشد عضدك، وَهُوَ ظَاهر.
وَقَالَ غَيْرُهُ كُلَّمَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أوْ فأفَأةٌ فَهْيَ عُقْدَة
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى تَفْسِير: عقدَة، فِي قَوْله تَعَالَى:{رب اشرح لي صَدْرِي وَيسر لي أَمْرِي واحلل عقدَة من لساني} (طه: 52 72) . وروى الطَّبَرِيّ بِإِسْنَادِهِ من طَرِيق السّديّ، قَالَ: لما تحرّك مُوسَى أَخَذته آسِيَة امْرَأَة فِرْعَوْن ترقصه ثمَّ ناولته لفرعون فَأخذ مُوسَى بلحية فِرْعَوْن فنتفها، فاستدعى فِرْعَوْن بالذباحين، فَقَالَت آسِيَة: إِنَّه صبي لَا يعقل، فَوضعت لَهُ جمراً وياقوتاً، وَقَالَت: إِن أَخذ الْيَاقُوت فاذبحه، وَإِن أَخذ الْجَمْر فاعرف أَنه لَا يعقل، فجَاء جِبْرِيل، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَطرح فِي يَده جَمْرَة، فطرحها فِي فِيهِ، فاحترقت لِسَانه، فَصَارَت فِي لِسَانه عقدَة من يَوْمئِذٍ، وَقيل: لما وضع فِرْعَوْن مُوسَى فِي حجره تنَاول لحيته ومدها ونتف مِنْهَا، وَكَانَت لحيته طَوِيلَة سَبْعَة أشبار، وَكَانَ هُوَ قَصِيرا، وَيُقَال: لطم وَجهه وَكَانَ يلْعَب بَين يَدَيْهِ، وَيُقَال: كَانَ بِيَدِهِ قضيب صَغِير يلْعَب بِهِ فَضرب بِهِ رَأسه فَعِنْدَ ذَلِك غضب غَضبا شَدِيدا وَتَطير مِنْهُ، وَقَالَ: هَذَا عدوي الْمَطْلُوب ثمَّ جرى مَا ذَكرْنَاهُ. فَإِن قلت: كَيفَ لم تحرقه النَّار يَوْم التَّنور الي ألقِي فِيهَا وأحرقت لِسَانه فِي هَذَا الْيَوْم؟ قلت: لِأَنَّهُ قَالَ يَوْمًا لفرعون: يَا بَابا، فَعُوقِبَ لِسَانه وَلم تعاقب يَده لِأَنَّهَا مدت لحية فِرْعَوْن، وَلِهَذَا ظَهرت المعجزة فِي الْيَد دون اللِّسَان. {تخرج بَيْضَاء من غير سوء} (طه: 22، النَّمْل: 21، الْقَصَص: 23) . وَقيل: لم يَحْتَرِق فِي التَّنور ليدوم لَهُ الْأنس بَينه وَبَين النَّار لَيْلَة التكليم، وَقيل: إِنَّمَا لم تحترق يَده ليجاهد بهَا فِرْعَوْن بِحمْل الْعَصَا. قَوْله: (تمتمة) هِيَ التَّرَدُّد فِي النُّطْق بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، قَوْله:(أَو فأفأة) هِيَ التَّرَدُّد فِي النُّطْق بِالْفَاءِ.
أزْرِي ظَهْرِي
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أشدد بِهِ أزري وأشركه فِي أَمْرِي} (طه: 13) . وَفسّر الأزر بِالظّهْرِ، كَذَا روى الطَّبَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس.
فَيُسْحِتَكُمْ فَيُهْلِكَكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فيسحتكم بِعَذَاب وَقد خَابَ من افترى} (طه: 16) . وَفسّر: فيسحتكم، قَوْله: يهلككم، وَهَكَذَا روى الطَّبَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سحت وأسحت بِمَعْنى، وَقَالَ الطَّبَرِيّ: سحت أَكثر من أسحت.
الْمُثْلى تأنِيثُ الأمْثَلِ يَقُولُ بِدِينِكُمْ يُقالُ خُذِ المُثْلَى خُذِ الأمْثَلَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} (طه: 36) . ومثلى، على وزن: فعلى، تَأْنِيث الأمثل. قَوْله:(تَقول بدينكم)، تَفْسِير لقَوْله: بطريقتكم المثلى، يَعْنِي: يُرِيد مُوسَى وَهَارُون أَن يذهبا بدينكم الْمُسْتَقيم، وَقيل: بسنتكم ودينكم وَمَا أَنْتُم عَلَيْهِ، وَقيل: أَرَادَا أهل طريقتكم المثلى، وهم بَنو إِسْرَائِيل لقَوْل مُوسَى: أرسل معي بني إِسْرَائِيل، وَقيل: الطَّرِيقَة اسْم لوجوه النَّاس وأشرافهم الَّذين هم قدوة لغَيرهم. فَيُقَال: هم طَريقَة قَومهمْ، وَقَالَ الشّعبِيّ: مَعْنَاهُ ويصرفا وُجُوه النَّاس إِلَيْهِمَا. وَقَالَ الزّجاج: يَعْنِي المثلى والأمثل ذُو الْفضل الَّذِي بِهِ يسْتَحق أَن يُقَال: هَذَا مثل لِقَوْمِهِ.
ثُمَّ ائْتُوا صَفَّاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فاجمعوا كيدكم ثمَّ ائْتُوا صفا وَقد أَفْلح الْيَوْم من استعلى} (طه: 46) . الْخطاب لقوم فِرْعَوْن من السَّحَرَة يَعْنِي: ائْتُوا جَمِيعًا، وَقيل: صُفُوفا لِأَنَّهُ أهيب فِي صُدُور الرائين، رُوِيَ أَن الْحَسْرَة كَانُوا سبعين ألفا مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم حَبل وعصا، وَقد أَقبلُوا إقبالة وَاحِدَة.
يُقالُ هَلْ أتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ يَعْنِي الْمُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ
قَائِل هَذَا التَّفْسِير أَبُو عُبَيْدَة، فَإِنَّهُ قَالَ: المُرَاد من قَوْله: صفا، يَعْنِي: الْمصلى والمجتمع، وَعَن بعض الْعَرَب الفصحاء: مَا اسْتَطَعْت أَن آتِي الصَّفّ أمس، يَعْنِي: الْمصلى، وَوجه صِحَّته أَن يَجْعَل صفا علما لمصلى بِعَيْنِه فَأمروا بِأَن يأتوه أَو يُرَاد ائْتُوا مصلى من الْمُصَليَات.
فأوْجَسَ أضْمَرَ خَوْفاً فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ خِيفَةِ لِكَسْرَةِ الخَاءِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فأوجس مِنْهُم خيفة} (طه: 76) . وَفسّر أوجس بقوله: أضمر خوفًا. قَوْله: فَذَهَبت الْوَاو من خيفة لكسرة الْخَاء. قلت: اصْطِلَاح أهل التصريف أَن يُقَال: أصل خيفة خوفة، فقلبت الْوَاو يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا.
فِي جُذُوعِ النَّخْلِ علَى جُذُوعِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ولأصلبنَّكُم فِي جُذُوع النّخل} (طه: 17) . وَأَشَارَ بقوله: على جُذُوع، أَن كلمة: فِي، فِي قَوْله:{فِي جُذُوع النّخل} (طه: 17) . بِمَعْنى: على، للاستعلاء، وَقَالَ: هم صلبوا الْعَبْدي فِي جُذُوع نَخْلَة.
خَطْبُكَ بالُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ فَمَا خَطبك يَا سامري} (طه: 59) . وَفسّر: خَطبك بقوله: بالك، وقصته مَشْهُورَة ملخصها: أَن مُوسَى صلى الله عليه وسلم أقبل على السامري، واسْمه مُوسَى بن ظفر، الَّذِي {أخرج لَهُم عجلاً جسداً لَهُ خوار فَقَالَ هَذَا إِلَهكُم وإل هـ مُوسَى} (طه: 88) . قَالَ لَهُ: مَا خَطبك؟ أَي: مَا شَأْنك وحالك الَّذِي دعَاك وحملك على مَا صنعت؟ .
مِساسَ مَصْدَرُ ماسَّه مِساساً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَاة أَن تَقول لَا مساس} (طه: 79) . أَي: قَالَ مُوسَى للسامري: فَاذْهَبْ من بَيْننَا فَإِن لَك فِي الْحَيَاة، أَي: مَا دمت حَيا أَن تَقول: لَا مساس، أَي: لَا أمِس وَلَا أُمَس، وَهُوَ مصدر: ماسه يماسه مماسة ومساساً، فعاقبه الله فِي الدُّنْيَا بالعقوبة الَّتِي لَا شَيْء أَشد مِنْهَا، وَلَا أوحش وَذَلِكَ أَنه منع من مُخَالطَة النَّاس منعا كلياً، وَحرم عَلَيْهِم ملاقاته ومكالمته ومبايعته ومواجهته، وَإِذا اتّفق أَن يماس أحدا رجلا أَو امْرَأَة، حم الماس والممسوس، فتحامى النَّاس وتحاموه وَكَانَ يَصِيح: لَا مساس، وَعَن قَتَادَة: أَن بقاياهم الْيَوْم يَقُولُونَ: لَا مساس.
لَنَنْسِفَنَّهُ لَنُذْرِيَنَّهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لنحرقنه ثمَّ لننسفنه فِي اليم نسفاً} (طه: 79) . وَفسّر قَوْله: لننسفنه، بقوله: لنذرينه من التذرية فِي اليم،
حُكيَ أَن مُوسَى، عليه الصلاة والسلام أَخذ الْعجل فذبحه فَسَالَ مِنْهُ الدَّم لِأَنَّهُ كَانَ قد صَار لَحْمًا ودماً، ثمَّ أحرقه بالنَّار وذراه فِي اليم.
الضَّحى الحَرُّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّك لَا تظمأ فِيهَا وَلَا تضحى} (طه: 911) . وَفسّر الضُّحَى بِالْحرِّ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذَا خطاب لآدَم، عليه الصلاة والسلام، وَمعنى: لَا تظمأ: لَا تعطش فِيهَا، أَي: فِي الْجنَّة وَلَا تضحى أَي: وَلَا تشرق للشمس فيؤذيك حرهَا، وَقيل: لَا يصيبك حر الشَّمْس إِذْ لَيْسَ فِيهَا شمس، وَذكر هَذَا هُنَا غير مُنَاسِب لِأَنَّهُ فِي قَضِيَّة آدم، عليه الصلاة والسلام، وَلَا تعلق لَهُ بِقصَّة مُوسَى، عليه الصلاة والسلام.
قُصِّيهِ اتَّبِعِي أثَرَهُ وقَدْ يَكُونُ أنْ تَقُصَّ الكَلَامَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَت لأخته قصيه} (الْقَصَص: 11) . وَفسّر: قصيه، بقوله: اتبعي أَثَره، هَكَذَا فسره أهل التَّفْسِير، وَيُقَال: مَعْنَاهُ استعلمي خَبره، وَهُوَ خطاب لأخت مُوسَى، عليه الصلاة والسلام، من أمهَا، وَاسم أُخْته: مَرْيَم بنت عمرَان، وافقها فِي ذَلِك: مَرْيَم بنت عمرَان أم عِيسَى صلى الله عليه وسلم قَوْله: (وَقد يكون) إِلَى آخِره من جِهَة البُخَارِيّ، أَي: قد يكون معنى القص من: قصّ الْكَلَام، كَمَا فِي قَوْله:{نَحن نقص عَلَيْك أحسن الْقَصَص} (يُوسُف: 3) .
عنْ جُنُبٍ عنْ بُعْد
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فبصرت بِهِ عَن جنب وهم لَا يَشْعُرُونَ} (الْقَصَص: 11) . وَفسّر قَوْله: عَن جنب بقوله: عَن بعد، أَي: بصرت أُخْت مُوسَى مُوسَى عَن بعد، وَالْحَال أَن قوم فِرْعَوْن لَا يعلمُونَ بهَا.
وعَنْ جنابَةٍ وعنِ اجْتِنابٍ واحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى: عَن جنب، وَعَن جَنَابَة وَعَن اجْتِنَاب وَاحِد، فَيُقَال: مَا يأتينا إلَاّ عَن جَنَابَة وَاجْتنَاب، وأصل معنى هَذِه الْمَادَّة يدل على الْبعد، وَمِنْه سمي الْجنب: لبعده عَن الصَّلَاة وَعَن قِرَاءَة الْقُرْآن.
قَالَ مُجاهِدٌ عَلى قَدَرٍ عَلى مَوْعِدٍ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَبثت سِنِين فِي أهل مَدين ثمَّ جِئْت على قدر يَا مُوسَى} (طه: 04) . وَفسّر قَوْله: على قدر، بقوله: على موعد، وَقيل: على قدر: أَي جِئْت لميقات قدرته لمجيئك قبل خلقك، وَكَانَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم مكث عِنْد شُعَيْب، عليه الصلاة والسلام، فِي مَدين ثمانياً وَعشْرين سنة، عشر سِنِين مِنْهَا مهر امْرَأَته صفورا بنت شُعَيْب، ثمَّ أَقَامَ بعده ثَمَانِيَة عشر سنة عِنْده حَتَّى ولد لَهُ فِي مَدين، ثمَّ جَاءَ على قدر.
لَا تَنِيَا لَا تَضْعُفَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنيا فِي ذكري إذهبا إِلَى فِرْعَوْن إِنَّه طَغى} (طه: 24) . وَفسّر قَوْله تَعَالَى: لَا تنيا، بقوله: لَا تضعفا، يَعْنِي: لَا تفترَّا، من: ونى يني ونياً، وَهُوَ الضعْف والفتور، وَالْخطاب فِيهِ لمُوسَى وَهَارُون.
مَكانَاً سِوًى مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاجْعَلْ بَيْننَا وَبَيْنك موعداً لَا نخلفه نَحن وَلَا أَنْت مَكَانا سوى} (طه: 85) . وَفسّر قَوْله: مَكَانا سوى، بقوله: منصف بَينهم، قَرَأَ ابْن عَامر وَعَاصِم وَحَمْزَة بِضَم السِّين، وَالْبَاقُونَ بِكَسْرِهَا، قيل: مَعْنَاهُ سوياً لَا سَاتِر فِيهِ، وَقيل: مَكَانا عدلا بَيْننَا وَبَيْنك، وَعَن ابْن عَبَّاس مثل مَا فسره بقوله: منصف بَينهم أَي: بَين الْفَرِيقَيْنِ، أَي: يَسْتَوِي مسافته بَين الْفَرِيقَيْنِ فَتكون مَسَافَة كل فريق إِلَيْهِ كمسافة الْفَرِيق الآخر.
يَبَساً يابِساً