المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ إسْلَامِ أبِي ذَرٍّ الغَفَارِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَعيدِ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ انْشِقَاقِ القَمَرِ)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ النَّجاشِيِّ)

- ‌‌‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(بابُ تَقَاسُمِ المُشْرِكِينَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قِصةِ أبي طالِبٍ)

- ‌(بَاب حَدِيث الْإِسْرَاء)

- ‌(بابُ المِعْرَاجِ)

- ‌(بابُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ وقُدُومِها المَدِينَةَ وبِنائِهِ بِها)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ إلَى المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ إقَامَةِ المُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضاءِ نُسُكِهِ)

- ‌‌‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ومَرْثِيَّتِهِ لِمَنْ ماتَ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابٌ كيْفَ آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أصْحَابِهِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ إتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(كِتَابُ المَغَازِي)

- ‌(بابُ غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ أوِ الْعُسَيْرَةِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {إذْ تسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجَابَ لكُم أنِّي مُمِدُّكُمْ بألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلَاّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلَاّ مِنْ عِنْدِ الله إنَّ الله عَزِيزٌ

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ عِدَّةِ أصْحابِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ دُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ وعُتْبَةَ والوَلِيدِ وأبِي جَهْلِ بنِ هِشامٍ وهَلَاكِهِمْ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي جَهْلٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أهْلِ بَدْرٍ فِي الجَامِعِ الَّذِي وضَعَهُ أبُو عَبْدِ الله علَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي رافِع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالَى {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ولَقَدْ عفَا الله عنْهُمْ إنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} (آل عمرَان:

- ‌(بابٌ {إذْ تُصْعِدُونَ ولَا تَلْوُونَ علَى أحَدٍ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فأثَابَكُمْ غَمَّاً بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا علَى مَا فَاتَكُمْ ولَا مَا أصَابَكُمْ وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أمَنَةً نُعَاسَاً يَغْشَى طائِفَةً مِنْكُمْ وطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتهُمْ أنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّه غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ

- ‌(بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فإنَّهُمْ ظالِمُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ)

- ‌(بابُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌‌‌(بابُمَا أصابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجِرَاح يَوْمَ أحُدٍ)

- ‌(بابُ

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لله والرَّسُولِ} (آل عمرَان:

- ‌(بَاب من قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ واليَمَانُ وأنَسُ بنُ النَّضْرِ ومُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ)

- ‌‌‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ ورِعْلٍ وذَكْوَانَ وبِئْرِ مَعُونَةَ وحَدِيثِ عَضَلٍ والقارَة وعاصِمِ بنِ ثَابِتٍ وخُبَيْبٍ وأصْحَابِهِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وهْيَ الأحْزَابُ)

- ‌(بابُ مَرْجِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأحْزَابِ ومَخْرَجهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ومُحَاصَرَتِهِ وإيَّاهُمْ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

- ‌‌‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أنْمَارٍ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ الإفْكِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بنِ حارِثَةَ)

- ‌(بابُ عُمْرَةِ الْقَضاءِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ مُوتةَ مِنْ أرْضِ الشَّامِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابٌ أيْنَ رَكَزَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ دُخُول النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أعْلَى مَكَّةَ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ مَنْزلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ مُقامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِين ثُمَّ أنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

- ‌(بَاب غَزْوَة أَوْطَاس)

- ‌(بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

- ‌(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتي قِبَلَ نَجْدٍ)

- ‌(بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ)

- ‌(بابُ سَرِيّةِ عَبْدِ الله بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وعَلْقَمَةَ بنِ مُجَزِّرٍ المُدْلِجِيِّ ويُقالُ إنَّها سَرِيةُ الأنْصاري)

الفصل: ‌(باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها)

وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَهُوَ يروي عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن أخي الزُّهْرِيّ، وَهُوَ يروي عَن عَمه أبي بكر مُحَمَّد بن مُسلم، وَهُوَ يروي عَن أبي إِدْرِيس عَائِذ الله بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل من العوذ بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالذال الْمُعْجَمَة ابْن عبد الله بن عَمْرو الْخَولَانِيّ العوذي، وَيُقَال: العيذي أَيْضا، كَانَ من عُلَمَاء أهل الشَّام وعبادهم وقرائهم، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ. والْحَدِيث قد مضى فِي أول كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب مُجَرّد، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره.

3893 -

حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يَزِيدَ بنِ أبِي حَبِيبٍ عنْ أبِي الخَيْرِ عنِ الصُّنَابِحِيِّ عنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ قَالَ إنِّي مِنَ النُّقَبَاءِ الَّذِينَ بايَعُوا رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ بايَعْنَاهُ علَى أنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّه شيْئَاً ولَا نَسْرِقُ وَلَا نَزْنِي ولَا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حرَّمَ الله إلَاّ بالحَقِّ ولَا نَنْتَهِبَ ولَا نَعْصِيَ بالجَنَّةِ إنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ فإنْ غَشِينا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً كانَ قَضاءَ ذَلِكَ إِلَى الله. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بَايعُوا) وَفِي قَوْله: (بَايَعْنَاهُ) وَأَبُو الْخَيْر ضد الشَّرّ اسْمه مرْثَد، بِفَتْح الْمِيم وبالثاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الرَّاء بَينهمَا وبالدال الْمُهْملَة، والصنابحي، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة: واسْمه عبد الرَّحْمَن ابْن عسيلة مصغر عسلة بالمهملتين التَّابِعِيّ، وَأَصله من الْيمن، خرج مِنْهَا مُهَاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَمَاتَ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي الطَّرِيق.

والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الدِّيات عَن عبد الله بن يُوسُف. وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح.

قَوْله: (من النُّقَبَاء) وهم الْأَشْرَاف، وَقيل: الْأُمَنَاء الَّذين يعْرفُونَ طرق أُمُورهم، وَقيل: شُهَدَاء الْقَوْم وضمناؤهم. قَوْله: (وَلَا تنتهب) بِالنّصب أَيْضا عطفا على المنصوبات، قبله أَي: لَا نَأْخُذ مَال أحد بِغَيْر حَقه، وَحمله بَعضهم على الْعُمُوم فمنعوا من النهب فِيمَا أَبَاحَهُ مَالِكه فِي الْأَمْلَاك وَشبههَا، وَاحْتج الْمُجِيز بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نحر بدنات، وَقَالَ: من شَاءَ فليقطع، قَوْله:(وَلَا نعصي) بِالْعينِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهَذِه رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي روزاية غيرَة: وَلَا نقضي، بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، وَمعنى الأولى: أَن لَا نعصي الله فِي شَيْء من ذَلِك. قَوْله: (بِالْجنَّةِ)، مُتَعَلق بقوله: بَايَعْنَاهُ، وَحَاصِل الْمَعْنى: أَنا بَايَعْنَاهُ على أَن لَا نَفْعل شَيْئا من الْمَذْكُورَات بِمُقَابلَة الْجنَّة، يَعْنِي: يكون لنا الْجنَّة عِنْد ذَلِك، وَمعنى الثَّانِيَة: لَا نقضي لَهُ بِالْجنَّةِ، بل الْأَمر فِيهِ موكول إِلَى الله تَعَالَى لَا حتم فِي شَيْء مِنْهُ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: فالجنة، بِالْفَاءِ. قلت: ذكر ذَلِك وَسكت، فَإِن صحت الرِّوَايَة بِالْفَاءِ فالتقدير: فالجنة جزاؤنا إِن فعلنَا ذَلِك. قَوْله: (فَإِن غشينا) بالغين والشين المعجمتين: من الغشيان، وَهُوَ الْإِصَابَة. قَوْله:(شَيْئا)، بِالنّصب مفعول: غشينا، ويروى: إِن غشينا، بِفَتْح الْيَاء على لفظ الْمَاضِي، و: نَا، مَفْعُوله. وَقَوله:(شَيْء) بِالرَّفْع فَاعله على هَذِه الرِّوَايَة. قَوْله: (كَانَ قَضَاء ذَلِك)، أَي: كَانَ الحكم فِيهِ عِنْد الغشيان من ذَلِك مفوضاً إِلَى الله تَعَالَى، إِن شَاءَ عاقب وَإِن شَاءَ عَفا، أللهم أعفِّ عنَّا يَا كريم.

44 -

(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ وقُدُومِها المَدِينَةَ وبِنائِهِ بِها)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: بَاب تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَوَقع هَكَذَا فِي بعض النّسخ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: التَّزْوِيج بِمَعْنى التَّزَوُّج، نَحْو التَّقْدِيم بِمَعْنى التَّقَدُّم، وَالْمرَاد تَزْوِيجه لنَفسِهِ إِيَّاهَا، أَو هُوَ مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول الأول. قلت: هَذَا مَوضِع التَّأَمُّل وَالصَّوَاب هُوَ الَّذِي وَقع فِي بعض النّسخ: بَاب تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَوَقع من رِوَايَة أبي ذَر، تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِدُونِ لَفْظَة: بَاب، أَي: هَذَا بَيَان تَزْوِيج النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (وقدومها)، أَي: وَفِي بَيَان قدوم عَائِشَة الْمَدِينَة، وَكَانَ قدوم عَائِشَة مَعَ أمهَا وَأُخْتهَا أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى الْمَدِينَة بعد أبي بكر، لِأَن أَبَا بكر هَاجر مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَبعد أَن اسْتَقر ركاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر بِالْمَدِينَةِ بعد الْهِجْرَة بعثا زيد بن حَارِثَة وَأَبا رَافع، مولى رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، ليأتيا بِأَهَالِيِهِمْ من مَكَّة، وبعثا مَعَهُمَا بجملين وَخَمْسمِائة دِرْهَم ليشتريا بهَا إبِلا من قديد، فذهبا فجاآ ببنتي النَّبِي صلى الله عليه وسلم: فَاطِمَة وَأم كُلْثُوم، وَزَوجته سَوْدَة وَعَائِشَة وَأمّهَا أم رُومَان، فقدمن ونزلن بالسنح

ص: 33

ثمَّ دخل رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم بعائشة بالسنح فِي منزل أبي بكر، وَكَانَ بعد الْهِجْرَة بسبعة أشهر أَو ثَمَانِيَة أشهر. وَاخْتلفُوا فِي سنّهَا يَوْمئِذٍ؟ فَقَالَ الْوَاقِدِيّ: كَانَت بنت سِتّ سِنِين، وَعَن ابْن عَبَّاس: سبع سِنِين، وَالأَصَح أَنَّهَا كَانَت بنت تسع سِنِين لِأَنَّهُ تزَوجهَا قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين وَتُوفِّي رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم وَهِي بنت ثَمَان عشرَة سنة. وَاخْتلفُوا: فِي أَي شهر دخل بهَا؟ فَذكر البلاذري أَنه فِي رَمَضَان، وَعَن ابْن إِسْحَاق والطبري: فِي ذِي الْقعدَة بعد مقدمه الْمَدِينَة بِثمَانِيَة أشهر، وَالأَصَح أَنه فِي شَوَّال، لما روى مُسلم وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن عَائِشَة، قَالَت:(تزَوجنِي رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّال وَبنى بِي فِي شَوَّال)، الحَدِيث. قَوْله:(وبنائه بهَا) أَي: وَفِي بَيَان بِنَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعائشة، وَقد اعْترض على البُخَارِيّ بِأَن الْجَوْهَرِي قَالَ: الْعَامَّة تَقول: بنى بأَهْله، وَهُوَ خطأ، وَإِنَّمَا يُقَال: بنى على أَهله، ورد على الْمُعْتَرض بِأَن الفصحاء استعملوه بِالْبَاء، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَول عَائِشَة: بنى بِي فِي شَوَّال، وَسَيَأْتِي قَول عُرْوَة فِي آخر الحَدِيث: وَبنى بهَا، وَالْأَصْل فِي هَذَا أَن الدَّاخِل على أَهله يضْرب عَلَيْهِ قبْلَة لَيْلَة الدُّخُول، ثمَّ قيل لكل دَاخل بأَهْله: بانٍ.

377 -

(حَدثنِي فَرْوَة بن أبي المغراء حَدثنَا عَليّ بن مسْهر عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت تزَوجنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَأَنا بنت سِتّ سِنِين فقدمنا الْمَدِينَة فنزلنا فِي بني الْحَارِث بن خزرج فوعكت فتمرق شعري فوفي جميمة فأتتني أُمِّي أم رُومَان وَإِنِّي لفي أرجوحة وَمَعِي صَوَاحِب لي فصرخت بِي فأتيتها لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأخذت بيَدي حَتَّى أوقفتني على بَاب الدَّار وَإِنِّي لأنهج حَتَّى سكن بعض نَفسِي ثمَّ أخذت شَيْئا من مَاء فمسحت بِهِ وَجْهي ورأسي ثمَّ أدخلتني الدَّار فَإِذا نسْوَة من الْأَنْصَار فِي الْبَيْت فَقُلْنَ على الْخَيْر وَالْبركَة وعَلى خير طَائِر فأسلمتني إلَيْهِنَّ فأصلحن من شأني فَلم يرعني إِلَّا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - ضحى فأسلمتني إِلَيْهِ وَأَنا يَوْمئِذٍ بنت تسع سِنِين) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ مُشْتَمل على تزَوجه صلى الله عليه وسلم َ - إِيَّاهَا وبنائه بهَا وفروة بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء ابْن أبي المغراء بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالراء وبالمد أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ الْكُوفِي وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والْحَدِيث أخرجه ابْن ماجة فِي النِّكَاح عَن سُوَيْد بن سعيد عَن عَليّ بن مسْهر قَوْله " فقدمنا الْمَدِينَة " قد ذكرنَا قدومها عَن قريب قَوْله " فوعكت " على صِيغَة الْمَجْهُول أَي حميت من الوعك وَهِي الْحمى قَوْله " فتمرق " بالراء وَفِي رِوَايَة الْكشميهني أَي انتتف وَفِي رِوَايَة غَيره بالزاي أَي تقطع قَوْله " فوفى " بِالْفَاءِ أَي كثر وَفِيه حذف تَقْدِيره فنصلت من الوعك فنبر بِي شعري فوفي قَوْله جميمة بِالرَّفْع فَاعل وَفِي وَقَالَ ابْن الْأَثِير وَمِنْه حَدِيث عَائِشَة حِين بنى بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - قَالَت وفت لي جميمة أَي كثرت والجميمة بِالْجِيم مصغر الجمة بتَشْديد الْمِيم والجمة من شعر الرَّأْس مَا سقط على الْمَنْكِبَيْنِ وَإِذا كَانَ إِلَى شحمة الْأُذُنَيْنِ يُسمى وفرة قَوْله " أم رُومَان " عطف بَيَان لقولها أُمِّي وَهِي كنية أم عَائِشَة وَاسْمهَا زَيْنَب بنت عَامر بن عُوَيْمِر قَالَه الذَّهَبِيّ وَقَالَ أَبُو عمر أم رُومَان يُقَال بِفَتْح الرَّاء وَضمّهَا بنت عَامر وَلم يذكر لَهَا اسْما مَاتَت فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - سنة سِتّ من الْهِجْرَة فَنزل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قبرها واستغفر لَهَا وَقَالَ اللَّهُمَّ لم يخف عَلَيْك مَا ألقيت أم رُومَان فِيك وَفِي رَسُولك قَوْله " لفي أرجوحة " بِضَم الْهمزَة وَإِسْكَان الرَّاء وَضم الْجِيم وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة نوع لعب للصبيان يطفرون بِهِ بَين الجذعين بِحَبل وَغَيره وَقَالَ الْجَوْهَرِي ترجحت الأرجوحة بالغلام مَالَتْ بِهِ قَوْله " لأنهج " بالنُّون أَي أتنفس تنفسا عَالِيا قَالَ الْكرْمَانِي وأنهج بِلَفْظ الْمَجْهُول يُقَال أنهج الرجل إِذا غَلبه التنفس من الإعياء والنهج تتَابع النَّفس وَقَالَ ابْن فَارس يُقَال أَتَانَا فلَان ينهج أَي مبهورا مُنْقَطع النَّفس وَقَالَ الْهَرَوِيّ أنهج أُرِيد التنفس يُقَال نهج وأنهج وَقَالَ أَبُو عبيد لَا يُقَال نهج قَوْله وعَلى خير طَائِر أَي قدمت على خير قَالَ وَقيل على خير حَظّ وَنصِيب قَوْله فَلم يرعني بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة أَي لم يفاجئني وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك فِي الشَّيْء لَا تتوقعه فيهجم عَلَيْك فِي غير زَمَانه أَو مَكَانَهُ وَيُقَال مَعْنَاهُ لم يفزعني شَيْء إِلَّا دُخُوله عَليّ وَكنت

ص: 34