المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب غزوة الطائف) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ إسْلَامِ أبِي ذَرٍّ الغَفَارِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَعيدِ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ انْشِقَاقِ القَمَرِ)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ النَّجاشِيِّ)

- ‌‌‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(بابُ تَقَاسُمِ المُشْرِكِينَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قِصةِ أبي طالِبٍ)

- ‌(بَاب حَدِيث الْإِسْرَاء)

- ‌(بابُ المِعْرَاجِ)

- ‌(بابُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ وقُدُومِها المَدِينَةَ وبِنائِهِ بِها)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ إلَى المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ إقَامَةِ المُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضاءِ نُسُكِهِ)

- ‌‌‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ومَرْثِيَّتِهِ لِمَنْ ماتَ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابٌ كيْفَ آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أصْحَابِهِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ إتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(كِتَابُ المَغَازِي)

- ‌(بابُ غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ أوِ الْعُسَيْرَةِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {إذْ تسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجَابَ لكُم أنِّي مُمِدُّكُمْ بألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلَاّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلَاّ مِنْ عِنْدِ الله إنَّ الله عَزِيزٌ

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ عِدَّةِ أصْحابِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ دُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ وعُتْبَةَ والوَلِيدِ وأبِي جَهْلِ بنِ هِشامٍ وهَلَاكِهِمْ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي جَهْلٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أهْلِ بَدْرٍ فِي الجَامِعِ الَّذِي وضَعَهُ أبُو عَبْدِ الله علَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي رافِع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالَى {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ولَقَدْ عفَا الله عنْهُمْ إنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} (آل عمرَان:

- ‌(بابٌ {إذْ تُصْعِدُونَ ولَا تَلْوُونَ علَى أحَدٍ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فأثَابَكُمْ غَمَّاً بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا علَى مَا فَاتَكُمْ ولَا مَا أصَابَكُمْ وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أمَنَةً نُعَاسَاً يَغْشَى طائِفَةً مِنْكُمْ وطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتهُمْ أنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّه غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ

- ‌(بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فإنَّهُمْ ظالِمُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ)

- ‌(بابُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌‌‌(بابُمَا أصابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجِرَاح يَوْمَ أحُدٍ)

- ‌(بابُ

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لله والرَّسُولِ} (آل عمرَان:

- ‌(بَاب من قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ واليَمَانُ وأنَسُ بنُ النَّضْرِ ومُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ)

- ‌‌‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ ورِعْلٍ وذَكْوَانَ وبِئْرِ مَعُونَةَ وحَدِيثِ عَضَلٍ والقارَة وعاصِمِ بنِ ثَابِتٍ وخُبَيْبٍ وأصْحَابِهِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وهْيَ الأحْزَابُ)

- ‌(بابُ مَرْجِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأحْزَابِ ومَخْرَجهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ومُحَاصَرَتِهِ وإيَّاهُمْ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

- ‌‌‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أنْمَارٍ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ الإفْكِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بنِ حارِثَةَ)

- ‌(بابُ عُمْرَةِ الْقَضاءِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ مُوتةَ مِنْ أرْضِ الشَّامِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابٌ أيْنَ رَكَزَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ دُخُول النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أعْلَى مَكَّةَ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ مَنْزلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ مُقامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِين ثُمَّ أنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

- ‌(بَاب غَزْوَة أَوْطَاس)

- ‌(بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

- ‌(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتي قِبَلَ نَجْدٍ)

- ‌(بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ)

- ‌(بابُ سَرِيّةِ عَبْدِ الله بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وعَلْقَمَةَ بنِ مُجَزِّرٍ المُدْلِجِيِّ ويُقالُ إنَّها سَرِيةُ الأنْصاري)

الفصل: ‌(باب غزوة الطائف)

عَم أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ ابْن إِسْحَاق هُوَ ابْن عَمه وَالْأول أشهر قَوْله على جَيش أَي أَمِيرا عَلَيْهِم وَذَلِكَ أَن هوَازن بعد الْهَزِيمَة اجْتمع بَعضهم فِي أَوْطَاس فَأَرَادَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - استئصالهم فَبَعثه إِلَيْهِم قَوْله " فلقي دُرَيْد بن الصمَّة " دُرَيْد بِضَم الدَّال مصغر الدرد بالمهملتين وَالرَّاء والصمة بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم ابْن بكر بن عَلْقَمَة وَيُقَال ابْن الْحَارِث بن عَلْقَمَة الْجُشَمِي بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة من بني جشم بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن والصمة لقب لِأَبِيهِ واسْمه الْحَارِث ودريد شَاعِر مَشْهُور قَوْله " فَقتل دُرَيْد " على صِيغَة الْمَجْهُول وَاخْتلف فِي قَاتله فَعَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَتله ربيعَة بن رفيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وبالعين الْمُهْملَة ابْن وهبان بن ثَعْلَبَة بن ربيعَة السّلمِيّ وَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن الذعنة بِمُعْجَمَة ومهملة وَيُقَال بِالْعَكْسِ وَهِي أمه وَقَالَ ابْن هِشَام يُقَال اسْمه عبد بن قبيع بن أهبان وَيُقَال لَهُ أَيْضا ابْن الدغنة وَلَيْسَ هُوَ ابْن الدغنة الْمَذْكُور فِي قصَّة أبي بكر فِي الْهِجْرَة وروى الْبَزَّار فِي مُسْند أنس بِإِسْنَاد حسن مَا يشْعر بِأَن قَاتل دُرَيْد بن الصمَّة هُوَ الزبير بن الْعَوام وَلَفظه لما انهزم الْمُشْركُونَ انحاز دُرَيْد بن الصمَّة فِي سِتّمائَة نفس على أكمة فَرَأَوْا كَتِيبَة فَقَالَ خلوهم فخلوهم فَقَالَ هَذِه قضاعة وَلَا بَأْس عَلَيْكُم ثمَّ رَأَوْا كَتِيبَة مثل ذَلِك فَقَالُوا هَذِه سليم ثمَّ رَأَوْا فَارِسًا وَحده فَقَالَ خلوه لي فَقَالُوا معتجر بعمامة سَوْدَاء فَقَالَ هَذَا الزبير بن الْعَوام وَهُوَ قاتلكم ومخرجكم من مَكَانكُمْ هَذَا قَالَ فَالْتَفت الزبير فَقَالَ علام هَؤُلَاءِ هَهُنَا فَمضى إِلَيْهِم وَتَبعهُ جمَاعَة فَقتلُوا مِنْهُم ثَلَاثمِائَة وحز رَأس دُرَيْد بن الصمَّة فَجعله بَين يَدَيْهِ وَكَانَ دُرَيْد لما قتل ابْن عشْرين وَيُقَال ابْن سِتِّينَ وَمِائَة قَوْله قَالَ أَبُو مُوسَى وبعثني أَي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مَعَ أبي عَامر أَي إِلَى من التجأ إِلَى أَوْطَاس قَوْله " فَرمي " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " جشمي " أَي رجل جشمي يَعْنِي من بني جشم بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَاخْتلف فِي اسْم هَذَا الْجُشَمِي فَقَالَ ابْن إِسْحَق زَعَمُوا أَن سَلمَة بن دُرَيْد بن الصمَّة هُوَ الَّذِي رمى أَبَا عَامر بِسَهْم فَأصَاب ركبته فَقتله وَأخذ الرَّايَة أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَقَاتلهُمْ فَفتح الله عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن هِشَام حَدثنِي من أَثِق بِهِ أَن الَّذِي رمى أَبَا عَامر أَخَوان من بني جشم وهما أوفى والْعَلَاء ابْنا الْحَارِث فَأصَاب أَحدهمَا ركبته وقتلهما أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وروى الطَّبَرِيّ فِي الْأَوْسَط من وَجه آخر عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِإِسْنَاد حسن لما هزم الله الْمُشْركين يَوْم حنين بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - على خيل الْمطلب أَبَا عَامر الْأَشْعَرِيّ وَأَنا مَعَه فَقتل ابْن دُرَيْد أَبَا عَامر فعدلت إِلَيْهِ فَقتلته وَأخذت اللِّوَاء الحَدِيث فَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكره ابْن إِسْحَق قَوْله " ولى " أَي أدبر قَوْله " فَأَتْبَعته " ضبط بِقطع الْألف وَصَوَابه بوصلها وَتَشْديد التَّاء لِأَن مَعْنَاهُ سرت فِي أَثَره وَمعنى أتبعته بِقطع الْألف لحقته وَالْمرَاد هُنَا سرت فِي أَثَره قَوْله فَكف أَي توقف وكف نَفسه يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى قَوْله " فنزا مِنْهُ المَاء " أَي انصب من مَوضِع السهْم وَقَالَ الْكرْمَانِي فنزا أَي وثب قلت لَيْسَ كَذَلِك وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ قَوْله يَا ابْن أخي هَذَا يرد قَول ابْن إِسْحَق أَنه ابْن عَمه قَوْله مرمل بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم أَي مَعْمُول بالرمال وَهِي حبال الْحَصِير الَّتِي يظفر بهَا الأسرة قَوْله وَعَلِيهِ فرَاش قَالَ ابْن التِّين وَأنْكرهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن وَقَالَ الصَّوَاب مَا عَلَيْهِ فرَاش فَسَقَطت مَا قيل لَا يلْزم من كَونه رقد على غير فرَاش أَن لَا يكون على سَرِيره دَائِما فرَاش قَوْله فَوق كثير من خلقك أَي فِي الْمرتبَة وَفِي رِوَايَة ابْن عَائِذ فِي الْأَكْثَرين يَوْم الْقِيَامَة من النَّاس قَالَ الْكرْمَانِي تَعْمِيم بعد تَخْصِيص قلت بَيَان لقَوْله " من خلقك " لِأَن الْخلق أَعم من أَن يكون من النَّاس وَغَيرهم قَوْله " قَالَ أَبُو بردة " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " إِحْدَاهمَا " أَي الدعوتين -

4321 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسفَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ عُمَرَ بنِ كَثيرِ بنِ أفْلحَ عنْ أبي مُحَمَّدٍ مَوْلَى قَتَادَةَ عنْ أبي قَتادَةَ قَالَ خَرَجْنا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عامَ حُنَيْنٍ فلَمَّا الْتقَيْنا كانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جوْلَةٌ فَرَأيْتُ رجُلاً منَ المُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ فَضَرَبْتُهُ مِنْ ورَائِهِ عَلَى جَبْلِ عاتِقِهِ بالسَّيْفِ فقَطَعْتُ الدِّرْعَ وأقْبَلَ عَلَيَّ فضَمَّني ضَمَّةً وجَدْتُ مِنْها رِيحَ المَوْتِ ثُمَّ أدْرَكَهُ المَوْتُ فأرْسَلَني فَلَحِقْتُ عُمَرَ فقُلْتُ مَا بالُ النَّاسِ قَالَ أمْرُ الله عز وجل ثُمَّ رجَعُوا وجَلَسَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهدُ ثُمَّ جلَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لي ثُمَّ جَلَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فقُمْتُ فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا قَتادَةَ فأخْبَرْتُهُ فَقَالَ رجُلٌ صَدقَ وسَلبُهُ عِنْدِي فأرْضِهِ مِنِّي فَقَالَ أبُو بَكْرٍ لَا هَا الله إِذا لَا يَعْمِدُ إِلَى أسَدٍ مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلُ عَن الله ورسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم صَدْقَ فأعْطِهِ فأعْطانِيهِ فابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفاً فِي بَني سَلِمَةَ فإنَّهُ لأوَّلُ مالٍ تأثَّلْتُهُ فِي الإسْلَامِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ قَاضِي الْمَدِينَة، وَعمر بن كثير ضد الْقَلِيل ابْن أَفْلح الْمدنِي مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره من التَّابِعين الصغار، وَلَكِن ذكره ابْن حبَان فِي أَتبَاع التَّابِعين وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، وحرف يحيى بن يحيى الأندلسي فِي رِوَايَته فَقَالَ: عَمْرو بن كثير، بِفَتْح الْعين وَالصَّوَاب: عمر، بِضَم الْعين، وَأَبُو مُحَمَّد اسْمه نَافِع بن عَبَّاس مَعْرُوف باسمه وكنيته وَهُوَ مولى أبي قَتَادَة، وَيُقَال: مولى عقيلة بنت طلق، وَيُقَال: عبلة بنت طلق، وَأَبُو قَتَادَة اسْمه الْحَارِث بن ربعي، وَقيل: غَيره.

والْحَدِيث مضى فِي الْخمس فِي: بَاب من لم يُخَمّس الأسلاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (جَوْلَة) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو، أَي: تقدم وَتَأَخر، وَفِي الْعبارَة لطف حَيْثُ لم يقل: هزيمَة، وَهَذِه الجولة كَانَت فِي بعض الْمُسلمين لَا فِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمن حواليه. قَوْله:(قد علا رجلا) أَي: ظهر على قَتله. قَوْله: (على حَبل عَاتِقه) . العاتق: مَوضِع الرِّدَاء من الْمنْكب، وَالْحَبل العصب. قَوْله:(بِالسَّيْفِ) ، ويروى بِسيف، بِدُونِ الْألف وَاللَّام. قَوْله:(فَقطعت الدرْع) أَي: اللّبْس الَّذِي كَانَ لابسه. قَوْله: (وجدت مِنْهَا) أَي: من تِلْكَ الضمة (ريح الْمَوْت) أَي: من شدتها. قَوْله: (فأرسلني)، أَي: أطلقني. قَوْله: (فلحقت عمر رضي الله عنه ، فِيهِ حذف تَقْدِيره: فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ وانهزمت مَعَهم، فلحقت عمر. قَوْله: (مَا بَال النَّاس؟) أَي: مَا حَالهم؟ قَوْله: (قَالَ أَمر الله)، أَي: قَالَ عمر: حكم الله تَعَالَى وَمَا قضا بِهِ، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: مَحْذُوف، أَي: هَذَا الَّذِي أَصَابَهُم أَمر الله. قَوْله: (ثمَّ رجعُوا) أَي: ثمَّ تراجعوا، وَهَكَذَا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة، وَكَيْفِيَّة رجوعهم قد تقدّمت عَن قريب قَوْله:(من قتل قَتِيلا) أَي: مشرفاً على الْقَتْل، فَهُوَ مجَاز بِاعْتِبَار المَال قَالَ الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون حَقِيقَة بِأَن يُرَاد بالقتيل الْقَتِيل بِهَذَا الْقَتْل لَا بقتل سَابق، كَمَا قَالَ المتكلمون فِي جَوَاب المغالطة الْمَشْهُورَة، وَهُوَ أَن إِيجَاد الْمَعْدُوم محَال لِأَن الإيجاد إِمَّا حَال الْعَدَم، فَهُوَ جمع بَين النقيضين، وَإِمَّا حَال الْوُجُود. وَهُوَ تَحْصِيل للحاصل أَن إِيجَاد الْمَوْجُود بِهَذَا الْوُجُود لَا بِوُجُود مُتَقَدم. قَوْله:(فأرضه مني) هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره. فأرضه مِنْهُ. قَوْله:(فَقَالَ أَبُو بكر) أَي: الصّديق، رضي الله عنه قَوْله:(لَا هَا الله) كلمة: هَا، للتّنْبِيه، وَقد يقسم بهَا يُقَال: لَا هَا الله مَا فعلت أَي: لَا وَالله، وَقَالَ ابْن مَالك: فِيهِ شَاهد على جَوَاز الِاسْتِغْنَاء عَن وَاو الْقسم بِحرف التَّنْبِيه. قَالَ: وَلَا يكون ذَلِك إلَاّ مَعَ الله، أَي: لم يسمع: لَا هَا الرَّحْمَن، كَمَا سمع لَا والرحمن وَحكى ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ أَنه روى رفع: الله، وَالْمعْنَى: يَأْبَى الله، وَقيل: إِن ثبتَتْ الرِّوَايَة بِالرَّفْع فَيكون هَا، للتّنْبِيه وَالله، مُبْتَدأ. وَقَوله:(لَا يعمد) خَبره، وَفِيه تَأمل. قَوْله:(إِذا) ، بِكَسْر الْهمزَة وبالذال الْمُعْجَمَة المنونة، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَكَذَا نرويه، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامهم أَي: العربَ لَا هَا الله، يَعْنِي بِدُونِ الْهمزَة فِي أَوله، وَالْهَاء فِيهِ بِمَنْزِلَة الْوَاو، وَالْمعْنَى: لَا وَالله لَا يكون ذَا وَقَالَ عِيَاض فِي (الْمَشَارِق) : عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي أَن الْمَازِني قَالَ: قَول الروَاة: لَا هَا الله إِذا، خطأ، وَالصَّوَاب: لَا هَا الله ذَا يَمِيني وقسمي، وَقَالَ أَبُو زيد لَيْسَ فِي كَلَامهم: لَا هَا الله إِذا، وَإِنَّمَا هُوَ: لَا هَا الله ذَا، وَذَا صلَة فِي الْكَلَام، والمعني: لَا وَالله هَذَا مَا أقسم بِهِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: ثَبت فِي الرِّوَايَة: لَا هَا الله إِذا، فَحَمله بعض النَّحْوِيين على أَنه من تَعْبِير بعض الروَاة لِأَن الْعَرَب لَا تسْتَعْمل: لَا هَا الله، بِدُونِ ذَا، وَإِن سلم اسْتِعْمَاله بِدُونِ ذَا فَلَيْسَ هَذَا مَوضِع إِذا لِأَنَّهَا حرف جَزَاء، وَمُقْتَضى الْجَزَاء أَن لَا يذكر إِلَّا فِي قَوْله:(لَا يعمد)، بل كَانَ يَقُول: إِذا يعمد إِلَى أَسد ليَصِح جَوَابا لطَالب السَّلب انْتهى وَقد أَطَالَ بَعضهم الْكَلَام فِي هَذَا جدا، مختلطاً بعضه بِبَعْض من غير تَرْتِيب، فالناظر فِيهِ إِن كَانَ لَهُ يَد يشمئز خاطره من ذَلِك وإلَاّ فَلَا يفهم شَيْئا أصلا، وَالَّذِي يُقَال بِمَا يجدي النَّاظر أَنه إِن كَانَ إِذا، على مَا هُوَ الْمَوْجُود فِي الْأُصُول يكون مَعْنَاهُ حينئذٍ وَإِن كَانَ ذَا بِدُونِ الْهمزَة، فوجهه مَا تقدم فَلَا يحْتَاج إِلَى الإطالة الْغَيْر الطائلة قَوْله:(لَا يعمد)، أَي: لَا يقْصد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، إِلَى رجل كَأَنَّهُ أَسد فِي الشجَاعَة يُقَاتل عَن دين الله وَرَسُوله، فَيَأْخُذ حَظه ويعطيكه بِغَيْر طيبَة من نَفسه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويعمد، بالغيبة والتكلم وَوَقع فِي (مُسْند أَحْمد) أَن الَّذِي خَاطب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بذلك عمر، وَلَفظه فِيهِ: فَقَالَ عمر: وَالله لَا يفيئها الله على أَسد ويعطيكها، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: صدق عمر. قلت: صَاحب الْقِصَّة أَبُو قَتَادَة فَهُوَ اتقن لما وَقع فِيهَا من غَيره، وَقيل: يحْتَمل الْجمع بِأَن يكون عمر أَيْضا قَالَ ذَلِك تَقْوِيَة لأبي بكر رضي الله عنه. قَوْله: (فابتعت بِهِ)، أَي: اشْتريت بذلك السَّلب وَقَالَ الْوَاقِدِيّ بَاعه الحاطب بن أبي بلتعة بِسبع أَوَاقٍ. قَوْله: (مخرفاً) ، بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء بَينهمَا خاء مُعْجمَة، قيل: يجوز فِيهِ كسر الْخَاء وَهُوَ الْبُسْتَان، وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يخْتَرف مِنْهُ التَّمْر أَي: يجني، وَذكر الْوَاقِدِيّ أَن هَذَا الْبُسْتَان كَانَ يُقَال لَهُ: الودنيين، والمخرف، بِكَسْر الْمِيم إسم الْآلَة الَّتِي يجتني بهَا. قَوْله:(فِي بني سَلمَة) بِكَسْر اللَّام: بطن من الْأَنْصَار وهم ثوم أبي قَتَادَة. قَوْله: (تأثلته)، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: اتخذته أصل المَال واقتنيته، وأثلة كل شَيْء: أَصله.

4322 -

وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني يحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ عُمَرَ بن كَثِيرِ بن أفْلَحَ عنْ أبي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبي قتَادَةَ أنَّ أَبَا قتادَةَ قَالَ لمَّا كانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقاتِلُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ وآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ ورَائِهِ مِنْ ورَائِهِ لِيَقْتُلَهُ فأسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ فرَفَعَ يَدهُ لِيَضْرِبَنِي وأضْرِبُ يدَهُ فقَطَعْتُها ثُمَّ أخَذَنِي فَضَمَّني ضَمًّا شَدِيداً حَتَّى تَخَوَّفْتُ ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ ودَفَعْتُهُ ثُمَّ قتَلْتُهُ وانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وانهَزَمْتُ معَهُمْ فإِذَا بِعُمَرَ بن الخَطَّابِ فِي النَّاسِ فقُلْتُ لَهُ مَا شأنُ النَّاسِ قَالَ أمْرُ الله ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم منْ أقامَ بيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ لألْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلي فَلَمْ أرَ أَحَداً يَشْهَدُ لي فَجَلَسْتُ ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أمْرَهُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقال رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلَاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي فأرْضِهِ منهُ فَقال أبُو بَكْرٍ كَلَاّ لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ منْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أسَداً مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلَ عنِ الله ورسولِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَقامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأدَّاهُ إليَّ فاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافاً فَكانَ أوَّلَ مالٍ تَاثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَامِ. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور وَهُوَ مُعَلّق وَصله البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَيحيى بن سعد هُوَ الْأنْصَارِيّ.

قَوْله: (يختله)، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: أَي يخدعه. قَوْله: (حَتَّى تخوفت) أَي: الْهَلَاك، وَهُوَ مفعول قد حذف. قَوْله:(بدالي) أَي: ظهر لي قَوْله: (الَّذِي يذكر)، أَي: أَبُو قَتَادَة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الَّذِي ذكره. قَوْله: (كلا) كلمة ردع. قَوْله: (لَا يُعْطه)، أَي: لَا يُعْطي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سلَاح الرجل الَّذِي هُوَ سلبه. قَوْله: (أصيبغ) بِضَم الْهمزَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا الْغَيْن الْمُعْجَمَة: وَهُوَ نوع من الطير ضَعِيف شبهه بِهِ لعَجزه وَهُوَ أَنه، وَقيل: شبهه بالصبغاء، وَهُوَ نبت مَعْرُوف، وَقيل: نبت ضَعِيف كالثمام إِذا طلع من الأَرْض يكون أول مَا يَلِي الشَّمْس مِنْهُ أصفر، هَذَا الضَّبْط رِوَايَة الْقَابِسِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة، وعَلى رِوَايَته هُوَ تَصْغِير: الضبع، على غير قِيَاس، كَأَنَّهُ لما عظم أَبَا قَتَادَة بِأَنَّهُ أَسد صغر خَصمه وَشبهه بالضبع لضعف افتراسه وَمَا يُوصف بِهِ من الْعَجز، وَقَالَ ابْن مَالك: أضيبع، بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة تَصْغِير: أضبع ويكنى بِهِ عَن الضَّعِيف. قَوْله: (ويدع)، أَي: يتْرك وَهُوَ بِالنّصب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويدع، بِالرَّفْع والجر نَحْو: لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن.

56 -

(بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غَزْوَة أَوْطَاس، قَالَ عِيَاض: هُوَ وَاد فِي ديار هوَازن وَهُوَ مَوضِع حَرْب حنين، وَهُوَ من وطست الشَّيْء موطساً إِذا كددته وأثرت فِيهِ، والوطيس: نقرة فِي حجر توقد حوله النَّار فيطبخ بِهِ اللَّحْم، والوطيس: التَّنور.

57 -

(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غَزْوَة الطَّائِف، وَهُوَ بلد كَبِير مَشْهُور كثير الأعناب والنخيل على ثَلَاث مراحل أَو اثْنَتَيْنِ من مَكَّة من جِهَة الْمشرق، وأصل تَسْمِيَته بِالطَّائِف أَن هشاماً ذكر أَن رجلا من الصدف يُقَال لَهُ: لدمون بن عبيد بن مَالك قتل ابْن عَم لَهُ يُقَال لَهُ عمر بحضرموت ثمَّ هرب، وَرَأى مَسْعُود بن معتب الثَّقَفِيّ يعرج وَمَعَهُ مَال كثير وَكَانَ تَاجِرًا. فَقَالَ: أحالفكم لتزوجوني، وأزوجكم وأبني عَلَيْكُم طوفاً مثل الْحَائِط لَا يصل إِلَيْكُم أحد من الْعَرَب؟ فَبنى بذلك المَال طوفاً عَلَيْهِم، فَسُمي بِهِ الطَّائِف. وَحكى السُّهيْلي: أَن الْجنَّة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي قَوْله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون} (الْقَلَم: 19) هِيَ: الطَّائِف

ص: 302

اقتلعها جِبْرِيل، عليه الصلاة والسلام، من موضعهَا فَأَصْبَحت كالصريم وَهُوَ اللَّيْل، ثمَّ سَار بهَا إِلَى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى فَطَافَ بهَا حول الْبَيْت ثمَّ أنزلهَا حَيْثُ الطَّائِف الْيَوْم، فَسمى بهَا وَكَانَت تِلْكَ الْجنَّة بضوران على فَرسَخ من صنعاء وَمن ثمَّ كَانَ المَاء وَالشَّجر بِالطَّائِف دون مَا حوله من الأَرْض وَكَانَت قصَّة هَذِه الْجنَّة بعد عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، بِيَسِير.

فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمانٍ قالهُ مُوسى بنُ عُقْبَةَ

أَي: كَانَت غَزْوَة الطَّائِف فِي شَوَّال سنة ثَمَان، قَالَه مُوسَى بن عقبَة بِالْقَافِ صَاحب (الْمَغَازِي) وعَلى قَول الْجُمْهُور من أهل الْمَغَازِي.

4324 -

حدَّثنا الحُمَيْديُّ سَمِعَ سُفْيَانَ حدّثنا هِشامٌ عنْ أَبِيه عنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أبي سَلَمَةَ عنْ أُمِّها أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها دَخَلَ عَلَيَّ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وعِنْدِي مُحَنَّثٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ الله بنِ أبي أمَيَّة يَا عَبْدِ الله أرأيْت إنْ فَتَحَ الله عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَداً فَعَلَيْكَ بابْنةِ غَيْلَانَ فإنَّها تُقْبِلُ بأرْبَعٍ وتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَدْخُلَنَّ هاؤُلَاءِ عَلَيْكُنَّ.

وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث هُوَ أَن فِيهِ ذكر فتح الطَّائِف، والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير نسب إِلَى أحد أجداده، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير، وَزَيْنَب ابْنة أبي سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد المَخْزُومِي وَكَانَ اسْمهَا برة فسماها النَّبِي صلى الله عليه وسلم، زَيْنَب، وَاسم أمهَا أم سَلمَة هِنْد بنت أبي أُميَّة المخزومية زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد، لَطِيفَة: هِشَام عَن أَبِيه وهما تابعيان وَزَيْنَب وَأمّهَا وهما صحابيتان.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مَحْمُود بن غيلَان هُنَا وَفِي النِّكَاح أَيْضا عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَفِي اللبَاس عَن أبي غَسَّان مَالك بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن مُحَمَّد بن آدم وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي النِّكَاح وَفِي الْحُدُود عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.

قَوْله: (مخنث) قَالَ النَّوَوِيّ: بِكَسْر النُّون وَفتحهَا وَالْكَسْر أفْصح وَالْفَتْح أشهر وَهُوَ الَّذِي خلقه خلق النِّسَاء، سمي بِهِ لانكسار كَلَامه وَلينه، يُقَال: خنثت الشَّيْء فتخنث أَي: عطفته فتعطف. قَوْله: (يَا عبد الله) هُوَ أَخُو أم سَلمَة راوية الحَدِيث، وَكَانَ إِسْلَامه مَعَ أبي سُفْيَان بن الْحَارِث فِي غَزْوَة الْفَتْح وَاسْتشْهدَ بِالطَّائِف أَصَابَهُ سهم فَمَاتَ مِنْهُ. قَوْله:(أَرَأَيْت؟) أَي: أَخْبرنِي. قَوْله: (فَعَلَيْك)، أَي: إلزم ابْنة غيلَان، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون وَاسم ابْنَته: بادية ضد الْحَاضِرَة وَقيل: بادنة، بالنُّون بعد الدَّال وَقَالَ أَبُو نعيم: أسلمت وَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، عَن الِاسْتِحَاضَة، وَأَبُو غيلَان بن سَلمَة بن معتب بن مَالك بن كَعْب بن عَمْرو بن سعد بن عَوْف بن قيس، وَهُوَ ثقفي أسلم بعد فتح الطَّائِف وَلم يُهَاجر وَهُوَ أحد من قَالَ:{لَوْلَا أنزل هَذَا الْقُرْآن على رجل من القريتين عَظِيم} (الزخرف: 31) وَكَانَ أَبيض طوَالًا جَعدًا فخماً جميلاً، وَلما وَفد على كسْرَى وَاسْتحْسن عقله، قَالَ لَهُ كسْرَى: مَا غذاؤك؟ قَالَ: الْبر. قَالَ كسْرَى: هَذَا الْعقل من الْبر لَا من اللَّبن وَالتَّمْر، وَذكر الْمبرد أَن كسْرَى قَالَ هَذَا لهوزة بن عَليّ، قَالَ السُّهيْلي: وَالصَّحِيح عِنْد الْإِخْبَار بَين أَنه قَالَه لغيلان، وَكَذَا قَالَه أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ، وَأم غيلَان سبيعة بنت عبد شمس، وَكَانَ شَاعِرًا محسناً توفّي فِي آخر خلَافَة عمر بن الْخطاب رضي الله عنه. قَوْله:(فَإِنَّهَا تقبل بِأَرْبَع وتدبر بثمان) قَالَ: بثمان، وَلم يقل: بِثمَانِيَة، لِأَنَّهُ أَرَادَ الْأَطْرَاف وَهِي مذكرة لِأَنَّهُ لم يذكرهَا، وَكَذَلِكَ بِأَرْبَع وَلم يقل: بأَرْبعَة، لِأَن العكن واحدتها عكنة وَهُوَ من التَّأْنِيث الْمَعْنَوِيّ، يُقَال: أَربع على تَأْنِيث الْعدَد. وَقَالَ الْخطابِيّ، يُرِيد أَربع عُكَن فِي الْبَطن من قدامها، فَإِذا أَقبلت رؤيت موَاضعهَا شاخصة منكسرة الغضون وَأَرَادَ بالثمان أَطْرَاف هَذِه العكن من وَرَائِهَا عِنْد مُنْقَطع الجنبين. قلت: حَاصله أَن السمينة يحصل لَهَا فِي بَطنهَا أَربع عُكَن وَيرى من الوراء لكل عكنة طرفان، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ يُؤذن لَهُ على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم على أَنه من جملَة غير أولى إِلَّا ربة من الرِّجَال فَلم يرَ بَأْسا بِهِ، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ، إِنَّه قَالَ: تَغْدُو وتدبر بمثان، مَعَ ثغر كالأقحوان إِن قعدت تثنت وَإِن تَكَلَّمت تغنت، بَين رِجْلَيْهَا مثل الْإِنَاء المكفوف، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يسمع، فَقَالَ: لقد غلغلت النّظر إِلَيْهَا يَا عَدو الله، ثمَّ أجلاه عَن الْمَدِينَة إِلَى الْحمى، فَلَمَّا فتح الطَّائِف

ص: 303

تزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فَولدت لَهُ نزيهة. وَلما قبض صلى الله عليه وسلم أبي أَن يردهُ الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَلما ولي عمر رضي الله عنه. قيل لَهُ: إِنَّه قد ضعف وَكبر فَاحْتَاجَ، فَأذن لَهُ أَن يدْخل كل جُمُعَة فَيسْأَل النَّاس وَيرد إِلَى مَكَانَهُ. وَفِي (صَحِيح ابْن حبَان) : عَن عَائِشَة رضي الله عنها: دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وهيت ينعَت امْرَأَة من يهود، فَأخْرجهُ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يدْخل كل جُمُعَة يستطعم. وَفِي (مُسْند سعد بن أبي وَقاص) إِنَّه خطب امْرَأَة بِمَكَّة وَهُوَ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي من يَرَاهَا وَلَا من يُخْبِرنِي عَنْهَا، فَقَالَ: هيت: أَنا أنعتها إِذا أَقبلت أَقبلت بست، وَإِذا أَدْبَرت أَدْبَرت بِأَرْبَع، وَكَانَ يدْخل على سَوْدَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: مَا أرَاهُ إلَاّ مُنْكرا فَمَنعه، وَلما قدم الْمَدِينَة نَفَاهُ، وَلأبي دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم مخنث قد خضب يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ، فَقيل: يَا رَسُول الله هَذَا يتشبه بِالنسَاء، فنفاه إِلَى البقيع فَقيل: أَلا تقتله؟ فَقَالَ: إِنِّي نهيت عَن قتل الْمُصَلِّين.

قَالَ ابْن عُيَيْنَة وَقَالَ ابنُ جُرَيْجٍ المُخَنَّثُ هِيتٌ

أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَعبد الْملك بن عبد الْعَزِيز ابْن جريج: اسْم المخنث الْمَذْكُور فِي الحَدِيث: بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخر تَاء مثناة من فَوق، وَقيل: بِفَتْح الْهَاء، وَوجد هَكَذَا بِخَط بعض الْفُضَلَاء الْمُتَقَدِّمين، وَقيل: هنب، بنُون سَاكِنة بعد هَاء مَكْسُورَة، وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه: هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَمَا سواهُ تَصْحِيف. قَالَ: والهنب الأحمق، وَقيل: اسْمه ماتع، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق ذكره أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي الصَّحَابَة، حَيْثُ قَالَ: هيت ماتع وَهُوَ مولى عبد الله بن أبي أُميَّة الْمَذْكُور مَعَه، وَعند أبي مُوسَى: نفى أَبُو بكر ماتعاً إِلَى فدك وَلَيْسَ بهَا أحد يومئذٍ من الْمُسلمين، وَكَانَ فِي الْمَدِينَة مخنث آخر اسْمه: الْهدم، بِكَسْر الْهَاء وَسُكُون الدَّال وَفِي الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع: أَنه صلى الله عليه وسلم، أخرج الْحر، وَأخرج عمر رضي الله عنه، فلَانا وَفُلَانًا، وَكَانَ هَؤُلَاءِ على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، كَانَ فيهم لين فِي القَوْل وخضاب فِي الْأَيْدِي والأرجل وَلَا يرْمونَ بِفَاحِشَة، وَرُبمَا لعب بَعضهم بالكرج وَفِي مَرَاسِيل أبي دَاوُد أَن عمر رضي الله عنه، رأى لاعباً بالكرج فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت هَذَا يلْعَب بِهِ على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، لنفيتك من الْمَدِينَة. قلت: الكرج، بِضَم الْكَاف وَتَشْديد الرَّاء الْمَفْتُوحَة وَفِي آخِره جِيم مُعرب: كرة.

4325 -

حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفْيانُ عنْ عَمْروٍ عنْ أبي العَبَّاسِ الشَّاعِرِ الأعْمَى عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْروٍ قَالَ لما حاصَرَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الطَّائِفَ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئاً قَالَ إنَّا قافِلُونَ إنْ شاءَ الله فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ وقالُوا نَذْهَبُ وَلَا نَفْتَحُهُ وَقَالَ مَرَّةً فَقَالَ اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوْا فأصابَهُمْ جِرَاحٌ فَقَالَ إنَّا قافِلُونَ غَداً إنْ شاءَ الله فأعْجَبَهُمْ فَضَحِكَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ سُفْيانُ مرَّةً فَتَبَسَّمَ قَالَ قَالَ الحمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ الخَبَرَ كُلَّهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَأَبُو الْعَبَّاس الشَّاعِر اسْمه السَّائِب بن فروخ الْمَكِّيّ الْأَعْمَى، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، هَكَذَا وَقع عَمْرو، بِالْوَاو وَفِي رِوَايَة الْكشميهني والنسفي والأصيلي وقرىء على ابْني زيد الْمروزِي فَرده بِضَم الْعين الْمُهْملَة، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الصَّوَاب عمر بن الْخطاب رضي الله عنه، وَكَذَلِكَ عِنْد ابْن الْمَدِينِيّ والْحميدِي وَغَيرهمَا، من حفاظ أَصْحَاب ابْن عُيَيْنَة عبد الله بن الْخطاب، وَقد بَالغ الْحميدِي فِي (مُسْنده) فِي رِوَايَته عَن ابْن عُيَيْنَة فِي الحَدِيث عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَكَذَلِكَ أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي (الدَّلَائِل) عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب وَأخرجه بن أبي شيبَة عَن ابْن عُيَيْنَة، فَقَالَ عبد الله بن عَمْرو يَعْنِي: بِالْوَاو وَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ مُسلم، وَكَذَا روى عَن يحيى بن معِين، وَهَذَا كَمَا رَأَيْت فِيهِ اخْتِلَاف شَدِيد، وَلَكِن غير ضار.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الأدي عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ من السّير عَن عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء.

قَوْله:

ص: 304

(لما حاصر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الطَّائِف) كَانَت مُدَّة المحاصرة ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا، ذكره ابْن سعد، وَيُقَال: خَمْسَة عشر يَوْمًا، وَقَالَ ابْن هِشَام: سَبْعَة عشر يَوْمًا، وَعَن مَكْحُول: أَنه صلى الله عليه وسلم، نصب المنجنيق على أهل الطَّائِف أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَفِي (الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ) لأبي نعيم الْحداد حِصَار الطَّائِف كَانَ أَرْبَعِينَ لَيْلَة، وروى يُونُس عَن ابْن إِسْحَاق: ثَلَاثِينَ لَيْلَة أَو قَرِيبا من ذَلِك، وَفِي (السّير) لِسُلَيْمَان بن طرخانٍ أبي الْمُعْتَمِر: حَاصَرَهُمْ شهرا. وَعند الزُّهْرِيّ وَابْن حبَان: بضع عشرَة لَيْلَة، وَصَححهُ ابْن حزم، وَعَن الرّبيع بن سَالم: عشْرين يَوْمًا. قَوْله: (إِنَّا قافلون) أَي: رَاجِعُون إِلَى الْمَدِينَة قَوْله: (فثقل عَلَيْهِم)، يَعْنِي: قَوْله: (إِنَّا قافلون)، وَبَين سَبَب ذَلِك بقَوْلهمْ: نَذْهَب وَلَا نفتحه؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (أغدو على الْقِتَال)، يَعْنِي يرَوا أول النَّهَار لأجل الْقِتَال. قَوْله:(فَأَصَابَهُمْ جراح)، أَي: من السِّهَام وَالْحِجَارَة وسكك الْحَدِيد المحماة. قَوْله: (فَأَعْجَبَهُمْ) أَي: قَوْله: (إِنَّا قافلون غَدا، إِن شَاءَ الله) ، لأَنهم كَانُوا تألموا مِنْهُم، فَلَمَّا سمعُوا من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، القفول فرحوا، فَلذَلِك ضحك صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(وَقَالَ سُفْيَان)، أَي: ابْن عُيَيْنَة الرَّاوِي (مرّة: فَتَبَسَّمَ) وَهَذَا ترديد مِنْهُ. قَوْله: (قَالَ الْحميدِي حَدثنَا سُفْيَان الْخَبَر كُله)، بِالنّصب أَي: أخبرنَا سُفْيَان بِجَمِيعِ الحَدِيث بِلَفْظ: أخبرنَا وَأَخْبرنِي لَا بِغَيْرِهِ مثل العنعنة، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: بالْخبر كُله.

4327 -

حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ عاصِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمانَ قَالَ سَمِعْتُ سَعْداً وهْوَ أوَّلُ مَنْ رَمى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ الله وَأَبا بَكْرَةَ وكانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائفِ فِي أُناسٍ فَجاء إلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا سَمِعْنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبِيهِ وهْوَ يَعْلَمُ فالجَنَّةُ عليهِ حَرَامٌ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَكَانَ) أَي: أَبُو بكرَة (تسور حصن الطَّائِفَة) وَلم يَقع هَذَا إلَاّ فِي وَقت حِصَار النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

وغندر قد مر غير مرّة وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن النَّهْدِيّ، بالنُّون، وَسعد هُوَ ابْن أبي وَقاص أحد الْعشْرَة المبشرة، وَأَبُو بكرَة اسْمه نفيع، بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره عين مُهْملَة: ابْن مسروح، وَيُقَال: نفيع بن كلدة، وَكَانَ من عبيد الْحَارِث بن كلدة بن عَمْرو الثَّقَفِيّ غلبت عَلَيْهِ كنيته، وَاسم أمه سميَّة أمة لِلْحَارِثِ بن كلدة، وَهِي أم زِيَاد بن أبي سُفْيَان، وتدلى أَبُو بكرَة من حصن الطَّائِف ببكرة وَنزل إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فكناه صلى الله عليه وسلم: أَبَا بكرَة، وَسكن الْبَصْرَة وَمَات بهَا فِي سنة إِحْدَى وَخمسين، وَكَانَ مِمَّن اعتزل يَوْم الْجمل لم يُقَاتل مَعَ وَاحِد من الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

قَوْله: (وَكَانَ تسور حصن الطَّائِف) لِأَنَّهُ أسلم وَهُوَ فِي الْحصن وَعجز عَن الْخُرُوج مِنْهُ إلاّ بِهَذَا الطَّرِيق، وتسور الْحَائِط أَي: تسلقه. قَوْله: (فِي أنَاس) ، يَعْنِي من عبيد أهل الطَّائِف، وَذكر فِي الطَّبَقَات بضعَة عشر رجلا مِنْهُم: المنبعث عبد عُثْمَان بن عَامر بن معتب، وَكَانَ اسْمه المضطجع، فبدل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اسْمه، وَمِنْهُم: الْأَزْرَق عبد الْحَارِث بن كلدة المتطبب وَزوج سميَّة مولاة الْحَارِث وَأم زِيَاد، ثمَّ حَالف بني أُميَّة لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دَفعه إِلَى خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ ليعلمه الْإِسْلَام، وَمِنْهُم: وردان كَانَ لعبد الله بن ربيعَة وَهُوَ جد الْفُرَات بن زيد بن وردان، وَمِنْهُم: يحنس النبال كَانَ لِابْنِ مَالك الثَّقَفِيّ، وَمِنْهُم: إِبْرَاهِيم بن جَابر كَانَ لخرشة الثَّقَفِيّ، وَمِنْهُم: بشار كَانَ لعُثْمَان بن عبد الله، وَمِنْهُم: نَافِع مولى الْحَارِث بن كلدة، وَمِنْهُم: نَافِع مولى غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ، وَهَؤُلَاء الَّذين وجدنَا أساميهم لَيْسَ إلَاّ وَجعل سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَاء هَؤُلَاءِ العبيد لساداتهم حِين أَسْلمُوا. قَوْله:(من ادّعى إِلَى غير أَبِيه)، أَي: من انتسب إِلَى غير أَبِيه (فالجنة عَلَيْهِ حرَام) إِمَّا على سَبِيل التَّغْلِيظ، وَإِمَّا أَنه إِذا اسْتحلَّ ذَلِك.

وَقَالَ هِشَامٌ وأخبرَنا مَعْمَرٌ عنْ عاصِمِ عنْ أبي العالِيَةِ أوْ أبي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سعْداً وَأَبا بكرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ عاصِمٌ قُلْتُ لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلَانِ

ص: 305

حسْبُكَ بِهِما قَالَ أجَلْ أمَّا أحَدُهُما فأوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبيلِ الله وأمّا الآخَرُ فنزَلَ إِلَيّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثالِثَ ثَلَاثَةٍ وعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ.

هِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَعَاصِم قد مر الْآن، وَأَبُو الْعَالِيَة رفيع مصغر رفع ضد الْخَفْض ابْن مهْرَان الريَاحي الْبَصْرِيّ، أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَأسلم بعد موت النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِسنتَيْنِ.

قَوْله: (أَو أبي عُثْمَان) ، شكّ من الرَّاوِي، وَهُوَ مر عَن قريب. قَوْله:(عنْدك) ، خطاب لأبي الْعَالِيَة أَو لأبي عُثْمَان، وَالَّذِي يُخَاطب هُوَ عَاصِم. قَوْله:(رجلَانِ)، أَرَادَ بهما سَعْدا وَأَبا بكرَة. قَوْله:(حَسبك بهما)، أَي: كافيك بِهَذَيْنِ الْإِثْنَيْنِ فِي الشَّهَادَة. قَوْله: (وَأما الآخر) فَهُوَ: أَبُو بكرَة. قَوْله: (ثَالِث ثَلَاثَة وَعشْرين من الطَّائِفَة) . أَرَادَ أَن الَّذين نزلُوا من أهل الطَّائِف راغبين فِي الْإِسْلَام ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ، وَأَبُو بكرَة مِنْهُم. وَأَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذِهِ الرِّوَايَة بَيَان عدد من أبهم فِي الرِّوَايَة السَّابِقَة لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا: فِي أنَاس، وَهُوَ مُبْهَم من حَيْثُ الْعدَد، وَبَينه فِي هَذِه الرِّوَايَة فَإِن قلت: قد زعم مُوسَى بن عقبَة فِي مغازيه أَنه لم ينزل من سور الطَّائِف غير أبي بكرَة، وَتَبعهُ الْحَاكِم فِي ذَلِك (قلت الَّذِي فِي الصَّحِيح) يرد عَلَيْهِ، ووفق بَعضهم بَين الْقَوْلَيْنِ بِأَن أَبَا بكرَة نزل وَحده أَولا ثمَّ نزل الْبَاقُونَ بعد، وَالله أعلم.

4328 -

حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلَاءِ حدَّثنا أبُو أُسامَةَ عنْ بُرَيْدِ بن عبْدِ الله عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهْوَ نازِلٌ بالجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ ومَعَهُ بلالٌ فَأتى النَّبِي صلى الله عليه وسلم أعْرَابِيٌّ فَقال أَلا تُنْجِزُ لي مَا وَعَدْتَني فَقَالَ لهُ أبْشرْ فَقال قدْ أكْثَرْتَ عليَّ منْ أبْشِرْ فأقْبَلَ عَلَى أبي مُوساى وبِلَال كَهَيْئَةِ الغَضْبانِ فَقال رَدَّ البُشْرَى فاقْبَلَا أنْتُما قَالَا قبِلنا ثُمَّ دَعا بِقَدَحٍ فِيهِ ماءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ ومَجَّ فِيهِ ثُمَّ قَالَ اشْرَبا منْهُ وأفْرِغا عَلَى وُجُوهِكُما وَنُحُورِكُما وأبْشِرَا فأخَذَا القَدَحَ فَفَعَلَا فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ ورَاءِ السِّتْرِ أنْ أفْضِلَا لأُمِّكُما فأفْضَلَا لَهَا مِنْه طائِفَةَ. (انْظُر الحَدِيث 188 وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ من متعلقات غَزْوَة حنين. وَأَبُو أُسَامَة هُوَ حَمَّاد بن أُسَامَة، وبريد وَأَبُو بردة كِلَاهُمَا بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، وبريد بن عبد الله يروي عَن جده أبي بردة عَامر عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

وَهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد مضى بِبَعْض الحَدِيث فِي الطَّهَارَة فِي: بَاب الْوضُوء وَالْغسْل فِي المخضب والقدح. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

قَوْله: (بالجعرانة) ، بِكَسْر الْجِيم، سُكُون الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وَقد تكسر الْعين وتشدد الرَّاء، وَقد مضى تَفْسِيره غير مرّة. قَوْله:(بَين مَكَّة وَالْمَدينَة)، قَالَ عِيَاض: هِيَ بَين الطَّائِف وَمَكَّة وَإِلَى مَكَّة أقرب، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ: بَينهَا وَبَين مَكَّة بريد، وَقَالَ الْبَاجِيّ: ثَمَانِيَة عشر ميلًا وَقد أنكر الدَّاودِيّ قَوْله: إِن الْجِعِرَّانَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ بَين مَكَّة والطائف، وَبِه جزم النَّوَوِيّ. قَوْله:(ألَا تنجز لي؟) : أَي: أَلا توفّي لي مَا وَعَدتنِي؟ وَهَذَا الْوَعْد الَّذِي ذكره يحْتَمل أَن يكون وَعدا خَاصّا لهَذَا الْأَعرَابِي، وَيحْتَمل أَن يكون من الْوَعْد الْعَام الَّذِي وعد أَن يقسم غَنَائِم حنين بالجعرانة بعد رُجُوعه من الطَّائِف، وَكَانَ طلبه التَّعْجِيل بِنَصِيبِهِ مِنْهَا. قَوْله:(أبشر)، بِهَمْزَة قطع يَعْنِي: أبشر أَيهَا الْأَعرَابِي بِقرب الْقِسْمَة أَو الثَّوَاب الجزيل على الصَّبْر. قَوْله: (فنادت أم سَلمَة) ، وَهِي زرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أم الْمُؤمنِينَ، فَلهَذَا قَالَت:(لأمكما) قَوْله: (فأفضلا)، من الإفضال. قَوْله:(طَائِفَة)، أَي: بَقِيَّة.

329 -

(حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا إِسْمَاعِيل حَدثنَا ابْن جريج قَالَ أَخْبرنِي عَطاء أَن صَفْوَان بن يعلى بن أُميَّة أخبرهُ أَن يعلى كَانَ يَقُول لَيْتَني أرى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -

ص: 306

حِين ينزل عَلَيْهِ قَالَ فَبينا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بالجعرانة وَعَلِيهِ ثوب قد أظل بِهِ مَعَه فِيهِ نَاس من أَصْحَابه إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِي عَلَيْهِ جُبَّة متضمخ بِطيب فَقَالَ يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي رجل أحرم بِعُمْرَة فِي جُبَّة بعد مَا تضمخ بالطيب فَأَشَارَ عمر إِلَى يعلى بِيَدِهِ أَن تعال فجَاء يعلى فَأدْخل رَأسه فَإِذا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - محمر الْوَجْه يغط كَذَلِك سَاعَة ثمَّ سري عَنهُ فَقَالَ أَيْن الَّذين يسألني عَن الْعمرَة آنِفا فالتمس الرجل فَأتي بِهِ فَقَالَ أما الطّيب الَّذِي بك فاغسله ثَلَاث مَرَّات وَأما الْجُبَّة فانزعها ثمَّ اصْنَع فِي عمرتك كَمَا تصنع فِي حجك) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " بالجعرانة " وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن علية وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج الْمَكِّيّ وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح ويعلى بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة ابْن أُميَّة وَيُقَال منية وَهِي أمه أُخْت عتبَة بن غَزوَان وَأَبوهُ أَيْضا أُميَّة بن أبي عُبَيْدَة بن همام بن الْحَارِث قَالَ أَبُو عمر ينْسب حينا إِلَى أمه وحينا إِلَى أَبِيه قتل بصفين مَعَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بعد أَن كَانَ مَعَ عَائِشَة فِي وقْعَة الْجمل روى هَذَا الحَدِيث عَنهُ ابْنه صَفْوَان وروى عَنهُ عَطاء فِي مَوَاضِع والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الْحَج فِي بَاب غسل الخلوق وَأَيْضًا مضى فِي بَاب يفعل فِي الْعمرَة مَا يفعل فِي الْحَج فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي نعيم عَن همام عَن عَطاء قَوْله " حِين ينزل عَلَيْهِ " أَي الْوَحْي قَوْله " متضمخ " بِالرَّفْع صفة أَعْرَابِي بعد صفة أَو هُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هُوَ متضمخ أَي متلطخ قَوْله " يغط " يُقَال غط أَي هدر فِي الشقشقة وغطيط النَّائِم غَيره قَوْله " ثمَّ سرى عَنهُ " أَي انْكَشَفَ وَقد مر شَرحه مُسْتَوفى فِي بَاب غسل الخلوق -

4330 -

حدَّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا وُهَيْبٌ حَدثنَا عَمْرُو بنُ يَحْيَى عنْ عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ عنْ عَبْدِ الله بن زَيْدٍ بنِ عاصِمٍ قَالَ لمَّا أفاءَ الله عَلَى رسولِهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي المُؤَلَّفَةِ قُلُوبِهُمْ ولَمْ يُعْطِ الأنْصارَ شَيْئاً فَكأنَّهُمْ وجَدُوا إذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أصابَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ فَقال يَا معْشَرَ الأنْصارِ ألَمْ أجِدْكُمْ ضُلَاّلاً فَهَدَاكُم الله بِي وكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فألَّفَكُمْ الله بِي وعالَةً فأغْناكُمُ الله بِي كُلَّما قَالَ شَيْئاً قالُوا الله ورَسولُهُ أمَنُّ قَالَ مَا يمنعكم أَن تجيبوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ كلما قَالَ شَيْئا قَالُوا الله وَرَسُوله أَمن قَالَ لَوْ شئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتَنا كَذَا وكَذَا أتَرْضَوْن أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالشَّاةِ والبَعِيرِ وتَذْهَبُونَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى رِحَالِكُمْ لَوْلَا الهِجْرَةُ لكُنْتُ امْرَءاً منَ الأنْصارِ ولَوْ سَلَكَ النَّاسُ وادِياً أَو شِعْباً لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ وشِعْبَها: الأنْصارُ شِعارٌ والنَّاسُ دِثَارٌ إنَّكُمْ ستَلْقَونَ بعْدِي أثْرَةً فاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْني عَلَى الحَوْضِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يَوْم حنين) ووهيب مصغر وهب ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَعَمْرو بن يحيى بن عمَارَة الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَعباد، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن تَمِيم بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ الْمَازِني، سمع عَمه عبد الله بن زيد بن عَاصِم بن كَعْب بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ الْمَازِني الْمدنِي، لَهُ ولأبويه ولأخيه حبيب صُحْبَة، وَهُوَ الَّذِي حكى وضوء النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

وَأخرج البُخَارِيّ فِي التَّمَنِّي بعض هَذَا الحَدِيث. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن شُرَيْح بن يُونُس.

قَوْله: (لما أَفَاء الله على رَسُوله) أَي: لما أعطَاهُ غَنَائِم الَّذين قَاتلهم يَوْم حنين، وأصل الْفَيْء الرُّجُوع، وَمِنْه سمى الظل بعد الزَّوَال فَيْئا لِأَنَّهُ يرجع من جَانب إِلَى جَانب، وَمِنْه سميت أَمْوَال الْكفَّار فَيْئا لِأَنَّهَا كَانَت فِي الأَصْل للْمُؤْمِنين، لِأَن الْإِيمَان هُوَ أصل وَالْكفْر طَار عَلَيْهِ، وَلَكنهُمْ غلبوا عَلَيْهَا

ص: 307

بِالتَّعَدِّي فَإِذا غنمها الْمُسلمُونَ فَكَأَنَّهَا رجعت إِلَيْهِم. قَوْله: (قسم)، مَفْعُوله مَحْذُوف أَي: قسم الْغَنَائِم فِي النَّاس. قَوْله: (فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم) بدل: الْبَعْض من الْكل، وَالْمرَاد بالمؤلفة قُلُوبهم هُنَا نَاس حديثو الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ أَعْطَاهُم تأليفاً لقُلُوبِهِمْ، وسرد أَصْحَاب السّير أَسْمَاءَهُم مَا ينيف على الْأَرْبَعين، مِنْهُم: أَبُو سُفْيَان وابناه مُعَاوِيَة وَيزِيد. قَوْله: (وجدوا) أَي: حزنوا، يُقَال: وجد فِي الْحزن وجدا، بِفَتْح الْوَاو، وَوجد فِي المَال وُجداً بِالضَّمِّ ووَجداً بِالْفَتْح ووِجداً بِالْكَسْرِ وَجدّة أَي: اسْتغنى، ووجده مَطْلُوبه يجده وجودا، وَوجد ضالته وجداناً، وَوجد عَلَيْهِ فِي الْغَضَب موجدة ووجداناً أَيْضا، حَكَاهَا بَعضهم، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، فكأنهم وجدٌ بِضَمَّتَيْنِ جمع: الْوَاجِد، ويروى بِضَم الْوَاو وَسُكُون الْجِيم، وَحَاصِل رِوَايَة أبي ذَر: فكأنهم وجد إِذْ لم يصبهم مَا أصَاب النَّاس، أَو كَأَنَّهُمْ وجدوا إِذْ لم يصبهم مَا أصَاب النَّاس، أوردهُ على الشَّك والتكرار، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا فَائِدَة التّكْرَار؟ قلت: إِذا كَانَ الأول إسماً وَالثَّانِي فعلا فَهُوَ ظَاهر، أَو أَحدهمَا من الْحزن وَالثَّانِي من الْغَضَب، أَو هُوَ شكّ من الرَّاوِي، وَوَقع للكشميهني وَحده: وجدوا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَكَذَا وَقع فِي أصل النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة مُسلم، وَقَالَ عِيَاض: وَقع فِي نُسْخَة من الثَّانِي إِن لم يصبهم، يَعْنِي بِفَتْح الْهمزَة وبالنون قَالَ: وعَلى هَذَا تظهر فَائِدَة التّكْرَار. قَوْله: (فخطبهم) زَاد مُسلم: فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ قَوْله: (ضلالا) بِضَم الضَّاد وَتَشْديد اللَّام جمع ضال. وَالْمرَاد هُنَا: ضَلَالَة الشّرك وبالهداية الْإِيمَان. قَوْله: (وَعَالَة) جمع العائل وَهُوَ الْفَقِير. قَوْله: (كلما قَالَ شَيْئا أَي:) كلما قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، من ذَلِك شَيْئا، قَالُوا:(أَي الْأَنْصَار. قَوْله: (الله وَرَسُوله وَرَسُوله أَمن) بِفَتْح الْهمزَة وَالْمِيم وَتَشْديد النُّون، وَهُوَ أفعل التَّفْضِيل من: الْمَنّ، ويوضحه حَدِيث أبي سعيد. فَقَالُوا: مَاذَا نجيبك يَا رَسُول الله؟ لله وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفضل. قَوْله: (قَالَ: كلما قَالَ شَيْئا) فِي الْمرة الثَّانِيَة تكْرَار من الرَّاوِي للْأولِ. قَوْله: (قَالَ: لَو شِئْتُم) أَي: قَالَ رَسُول الله: لَو شِئْتُم (قُلْتُمْ جئتنا) ، بِفَتْح التَّاء للخطاب، قَوْله:(كَذَا وَكَذَا)، كِنَايَة عَمَّا يُقَال: جئتنا مُكَذبا فَصَدَّقْنَاك، ومخذولاً فَنَصَرْنَاك، وطريداً فَآوَيْنَاك، وعائلاً فوا سيناك، وَصرح بذلك فِي حَدِيث أبي سعيد، وروى أَحْمد من حَدِيث ابْن أبي عدي عَن حميد عَن أنس بِلَفْظ: أَفلا تَقولُونَ: جئتنا خَائفًا فآمناك، وطريداً فَآوَيْنَاك، ومخذولاً فَنَصَرْنَاك؟ قَالُوا: بل الْمَنّ علينا لله وَلِرَسُولِهِ، انْتهى وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تواضعاً مِنْهُ وإنصافاً، وإلَاّ فَفِي الْحَقِيقَة الْحجَّة الْبَالِغَة والْمنَّة الظَّاهِرَة فِي جَمِيع ذَلِك لَهُ عَلَيْهِم، فَإِنَّهُ لَوْلَا هجرته إِلَيْهِم وسكناه عِنْدهم لما كَانَ بنيهم وَبَين غَيرهم فرق، نبه صلى الله عليه وسلم على ذَلِك بقوله:(أَتَرْضَوْنَ) الخ ويروى: أَلا ترْضونَ؟ فَفِيهِ تَنْبِيه لَهُم على مَا غفلوا عَنهُ من عَظِيم مَا اختصوا بِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا اخْتصَّ بِهِ غَيرهم من عرض الدُّنْيَا الفانية. قَوْله: (بِالشَّاة وَالْبَعِير) ، كل مِنْهُمَا إسم جنس، فالشاة تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْبَعِير على الْجمل والناقة، وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ: أَتَرْضَوْنَ أَن يذهب النَّاس بالأموال؟ وَفِي رِوَايَة أبي التياح: بالدنيا؟ قَوْله: (إِلَى رحالكُمْ) أَي: إِلَى بُيُوتكُمْ ومنازلكم، وَهُوَ جمع رَحل بِالْحَاء الْمُهْملَة. قَوْله:(لَوْلَا الْهِجْرَة) أَي: لَوْلَا وجود الْهِجْرَة. قَالَ الْخطابِيّ: أَرَادَ بِهَذَا الْكَلَام تألف الْأَنْصَار وتطيب قُلُوبهم وَالثنَاء عَلَيْهِم فِي دينهم حَتَّى رَضِي أَن يكون وَاحِدًا مِنْهُم لَوْلَا مَا يمنعهُ من الْهِجْرَة لَا يجوز تبديلها، وَنسبَة الْإِنْسَان على وُجُوه الولادية: كالقرشية، والبلادية كالكوفية، والإعتقادية: كالسنية، والصناعية: كالصيرفية، وَلَا شكّ أَنه صلى الله عليه وسلم لم يرد بِهِ الِانْتِقَال عَن نسب آبَائِهِ إِذْ ذَاك مُمْتَنع قطعا، وَكَيف وَأَنه أفضل مِنْهُم نسبا وَأكْرمهمْ أصلا؟ وَأما الاعتقادي فَلَا مَوضِع فِيهِ للانتقال إِذا كَانَ دينه وَدينهمْ وَاحِدًا فَلم يبْق إلَاّ القسمان الأخيران الْجَنَائِز فيهمَا الِانْتِقَال، وَكَانَت الْمَدِينَة دَارا للْأَنْصَار وَالْهجْرَة إِلَيْهَا أمرا وَاجِبا، أَي: لَوْلَا أَن النِّسْبَة الهجرية لَا يسعني تَركهَا لانتقلت عَن هَذَا الإسم إِلَيْكُم ولانتسبت إِلَى داركم. قَالَ الْخطابِيّ: وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن الْعَرَب كَانَت تعظم شَأْن الخؤولة وتكاد تلحقها بالعمومة وَكَانَت أم عبد الْمطلب امْرَأَة من بني النجار، فقد يكون صلى الله عليه وسلم، ذهب هَذَا الْمَذْهَب إِن كَانَ أَرَادَ نِسْبَة الْولادَة. قَوْله:(وَلَو سلك النَّاس وَاديا أَو شعبًا) . بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَهُوَ إسم لما انفرج بَين جبلين، وَقيل: الطَّرِيق فِي الْجَبَل، وَقَالَ الْخطابِيّ: لما كَانَت الْعَادة أَن الْمَرْء يكون فِي نُزُوله وارتحاله مَعَ قومه، وَأَرْض الْحجاز كَثِيرَة الأودية والشعاب، فَإِذا تَفَرَّقت فِي السّفر الطّرق سلك كل قوم مِنْهُم وَاديا وشعباً، فَأَرَادَ أَنه مَعَ الْأَنْصَار. قَالَ: وَيحْتَمل أَن يُرِيد بالوادي الْمَذْهَب، كَمَا يُقَال: فلَان فِي وادٍ وَأَنا فِي وادٍ. قَوْله: (شعار) بِكَسْر الشَّيْخ الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة الْخَفِيفَة، وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجلد من الْجَسَد و (الدثار) ، وبكسر

ص: 308

الدَّال الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة الْخَفِيفَة، وَهُوَ الَّذِي فَوق الشعار، وَهُوَ كِنَايَة عَن فرط قربهم مِنْهُ، وَأَرَادَ أَنهم بطانته وخاصته وَأَنَّهُمْ ألصق بِهِ وَأقرب إِلَيْهِ من غَيرهم، قَوْله:(آثرة) بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وبفتحتين، وَهُوَ إسم من آثر يُؤثر إيثاراً إِذا أعْطى. قَالَ ابْن الْأَثِير: أَرَادَ أَنه يُؤثر عَلَيْكُم فيفضل غَيْركُمْ من نصِيبه من الْفَيْء، ويروى إثرة، بِكَسْر أَوله مَعَ الإسكان أَي: الِانْفِرَاد بالشَّيْء الْمُشْتَرك دون من يُشَارِكهُ فِيهِ. قَوْله: (على الْحَوْض)، أَي: يَوْم الْقِيَامَة، وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ: حَتَّى تلقوا الله وَرَسُوله فَإِنِّي على الْحَوْض، أَي: اصْبِرُوا حَتَّى تَمُوتُوا فَإِنَّكُم ستجدوني عِنْد الْحَوْض، فَيحصل لكم الانتصاف مِمَّن ظلمكم، وَالثَّوَاب الجزيل على الصَّبْر.

4331 -

حدَّثني عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا هِشَامٌ أخبرَنا مَعْمَرٌ عَن الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَني أنسُ بنُ مالِكٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ ناسٌ مِنَ الأنْصارِ حِينَ أفاءَ الله عَلَى رسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مَا أفاءَ منْ أمْوَالِ هَوازنَ فَطَفِقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْطي رِجالاً المائَةَ منَ الإِبِلِ فَقالُوا يَغْفِرُ الله لرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يُعْطي قُرَيْشاً وَيَتْرُكُنا وسُيُوفُنا تَقْطُرُ مِنْ دِمائِهِمْ قَالَ أنَسٌ فَحدِّثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِمَقالَتِهِمْ فأرْسَلَ إِلَى الأنْصارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبةٍ مِنْ أدَمٍ ولَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قامَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ فَقَالَ فُقَهَاءُ الأنصارِ أمَّا رُؤَساؤُنا يَا رسُولَ الله فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئاً وأمَّا ناسٌ مِنَّا حدِيثَةٌ أسْنانُهُمْ فَقَالُوا يَغْفِرُ الله لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يُعْطى قُرَيْشاً ويَتْرُكُنا وسُيُوفُنا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فإِنِّي أُعْطِي رِجالاً حدِيثي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أتألَّفُهُمْ أما تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالأمْوَالِ وتَذْهَبُونَ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَى رِحالِكُمْ فَوَالله لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ قالُوا يَا رسُولَ الله قَدْ رَضِينا فَقَالَ لَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سَتَجدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً فاصبِرُوا حَتَّى تَلْقُوا الله ورسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَإنِّي عَلَى الحَوْض قَالَ أنسٌ فَلَمْ يَصْبِرُوا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من أَمْوَال هوَازن) . وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ.

قَوْله: (فَطَفِقَ) ، من أَفعَال المقاربة، من الْأَفْعَال الَّتِي وضعت للدلالة على الشُّرُوع فِيهِ، وَخَبره يكون جملَة وَهُوَ هُنَا، قَوْله:(يُعْطي) . قَوْله: (الْمِائَة)، مَنْصُوب بقوله:(يُعْطي) . قَوْله: (وسيوفنا تقطر) من بَاب الْقلب. قَوْله: (فَحدث)، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: أخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: إِن الَّذِي أخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم سعد بن عبَادَة. قَوْله: (من آدم) ، بِفتْحَتَيْنِ جمع أَدِيم، وَهُوَ الْجلد الَّذِي تمّ دباغه، وَقَالَ السيرافي: لم يجمع فعيل على فعل إلَاّ أَدِيم وأدم، وأفيق وَافق، وقضيم وقضم، والقضم الصَّحِيفَة وَهُوَ بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة. قَوْله:(غَيرهم) أَي: غير الْأَنْصَار قَوْله: (قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، أَي: قَامَ خَطِيبًا. قَوْله: (رؤساؤنا)، جمع الرئيس ويروى: ريسانا، بِكَسْر الرَّاء بعْدهَا الْيَاء آخر الْحُرُوف. قَوْله:(حَدِيثي عهد) أَصله: حديثين. عهد فَلَمَّا أضيف إِلَى الْعَهْد سَقَطت النُّون. قَوْله: (لما تنقلبون)، أَي: للَّذي تنقلبون بِهِ، وَهُوَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خير مِمَّا يَنْقَلِب هَؤُلَاءِ بالأموال، وَاللَّام فِي: لما، بِالْفَتْح لِأَنَّهُ كَلَام التَّأْكِيد، وَكلمَة: مَا، مَوْصُولَة مُبْتَدأ، وَخَبره قَوْله:(خير) . قَوْله: (أَثَرَة شَدِيدَة) ، وَجه الشدَّة أَنهم يستأثرون عَلَيْهِم بِمَا لَهُم، فِيهِ اشْتِرَاك فِي الِاسْتِحْقَاق.

4332 -

حدَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حدّثنا شُعْبَةُ عَنْ أبي التَيَّاحِ عنْ أنَسٍ قَالَ لمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ فَغَضِبَتِ الأنْصارُ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 309

أما تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالدُّنْيا وتذْهَبُونَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قالُوا بَلَى قَالَ لوْ سَلَكَ النَّاسُ وادِياً أوْ شِعْباً لَسَلَكْتُ واديَ الأنْصارِ أوْ شِعْبَهُمْ. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس. وَأَبُو التياح فِيهِ بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، واسْمه يزِيد بن حميد، قَوْله:(بَين قُرَيْش) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني والأصيلي، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر:(غَنَائِم فِي قُرَيْش)، وَوَقع للقابسي:(غَنَائِم قُرَيْش) . وَالْمرَاد بالغنائم: غَنَائِم هوَازن لِأَنَّهُ لم يكن عِنْد فتح مَكَّة غَنَائِم حَتَّى تقسم. قَوْله: (وَادي الْأَنْصَار) هُوَ الْمَكَان المنخفض، وَقيل: الَّذِي فِيهِ مَاء، وَلَكِن أَرَادَ بِهِ هُنَا: بلدهم.

4333 -

حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا أزْهَرُ عنِ ابنِ عَوْن أنْبأنا هِشامُ بنُ زَيْدِ بنِ أنسٍ عنْ أنسٍ رضي الله عنه قَالَ لمَّا كانَ يَوْمُ حنَيْنٍ التَقَى هَوَازِنُ ومَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةُ آلَافٍ والطُّلَقاءُ فأدْبَرُوا قَالَ يَا مَعْشَرَ الأنْصارِ قالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ الله وسَعْدَيْكَ لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَنَزَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَنا عبْدُ الله ورسُولُهُ فانهَزَمَ المُشْرِكون فَأعْطَى الطلَقاءَ والمُهاجِرِينَ ولَمْ يُعْطِ الأنْصارَ شَيْئاً فقالُوا فَدَعاهُمْ فأدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ أما تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالشَّاةِ والبَعِيرِ وتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لوْ سَلَكَ النَّاسُ وادِياً وَسَلَكَتِ الأنْصارُ شَعْباً لاخْتَرْتُ شِعْبَ الأنْصارِ. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس عَن عَليّ بن عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن الْمَدِينِيّ عَن أَزْهَر بن سعد السمان الْبَصْرِيّ عَن عبد الله ابْن عون عَن هِشَام بن زيد بن أنس عَن جده أنس بن مَالك.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن أبي مُوسَى وَإِبْرَاهِيم ابْن مُحَمَّد بن عرْعرة.

قَوْله: (التقى هوَازن) أَي: التقى النَّبِي صلى الله عليه وسلم هوَازن، وَالْوَاو فِي:(وَمَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، للْحَال، (والطلقاء) هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، عشرَة آلَاف، والطلقاء بِحرف الْوَاو الَّتِي للْعَطْف، ويروى: عشرَة آلَاف من الطُّلَقَاء، وَلَيْسَ بصواب لِأَن الطُّلَقَاء لم يبلغُوا هَذَا الْقدر وَلَا عشر عشره، وَقد تكلّف بَعضهم بِأَن الْوَاو فِيهِ مقدرَة عِنْد من جوز تَقْدِير حذف الْعَطف، وَفِيه نظر لَا يخفى، والطلقاء جمع: طليق، وَهُوَ الْأَسير الَّذِي أطلق عَنهُ الْأسر وخلى سَبيله، وَيُرَاد بهم أهل مَكَّة فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أطلق عَنْهُم، وَقَالَ لَهُم: أَقُول لكم مَا قَالَ يُوسُف: {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم} (يُوسُف: 92) قَوْله: (فَقَالُوا:)، أَي: تكلمُوا فِي منع الْعَطاء عَنْهُم.

4334 -

ح دَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتادَةَ عنْ أنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه قَالَ جَمَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسا مِنَ الأنْصارِ فَقَالَ إنَّ قُرَيْشاً حَدِيثُ عَهْدٍ بِجاهِلِيَّةٍ ومُصِيبَةٍ وإنِّي أرَدْتُ أنْ أجْبُرَهُمْ وأتألَّفَهُمْ أما تَرْضَوْنَ أنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بالدُّنْيا وتَرْجِعُونَ بِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى بُيُوتِكُمْ قَالُوا بَلَى قَالَ لوْ سَلَكَ النَّاسُ وادِياً وَسَلَكَتِ الأنْصارُ شِعْباً لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصارِ أوْ شِعْبَ الأنْصارِ. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس عَن مُحَمَّد بن بشار وَهُوَ بنْدَار عَن غنْدر وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر إِلَى آخِره.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الزَّكَاة عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن بنْدَار بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزَّكَاة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.

قَوْله: (حَدِيث عهد)، كَذَا وَقع بِالْإِفْرَادِ فِي (الصَّحِيحَيْنِ) وَالْأَصْل أَن يُقَال: حديثو عهد، كَذَا قَالَ الدمياطي، وَكتبه بِخَطِّهِ، وَعند الْإِسْمَاعِيلِيّ:(أَن قُريْشًا كَانُوا قريب عهد) . قَوْله: (ومصيبة)، من نَحْو قتل أقاربهم وَفتح بِلَادهمْ. قَوْله:(إِن أجبرهم) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْجِيم وبالباء الْمُوَحدَة وبالراء من: الْجَبْر ضد الْكسر هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي بِضَم أَوله وَكسر الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالزاي من: الْجَائِزَة.

ص: 310

4335 -

حدَّثنا قبِيصَةُ حدّثنا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ أبي وائِلٍ عنْ عبْدِ الله قَالَ لمَّا قَسَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قِسْمَةَ حُنَيْنٍ قَالَ رجُلٌ مِنَ الأنْصارِ مَا أرَادَ بِها وجْهَ الله فأتيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبَرْتُهُ فَتَغَيَّرَ وجْهُهُ ثُمَّ قَالَ رَحْمَةُ الله عَلَى مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هاذَا فَصَبَرَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (قسْمَة حنين) ، وَقبيصَة بن عقبَة، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الزَّكَاة.

قَوْله: (قَالَ رجل من الْأَنْصَار)، قَالَ الْوَاقِدِيّ: هُوَ معتب ابْن قُشَيْر من بني عَمْرو بن عَوْف، وَكَانَ من الْمُنَافِقين. وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) لم أر أحدا قَالَ: إِنَّه من الْأَنْصَار إلَاّ مَا وَقع هُنَا وَجزم بِأَنَّهُ حرقوص بن زُهَيْر السَّعْدِيّ وَلم يصب فِي ذَلِك، فَإِن قصَّة حرقوص غير هَذِه، على مَا يَأْتِي عَن قريب من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه. قَوْله:(مَا أَرَادَ بهَا) أَي: بِهَذِهِ الْقِسْمَة، وَفِي رِوَايَة مَنْصُور: مَا أُرِيد بهَا، على يَعْنِي: على صِيغَة الْمَجْهُول على مَا يَأْتِي الْآن. قَوْله: (فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته)، ويروي: فَقلت: لأخبرن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

4336 -

حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سعِيدٍ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنصُورٍ عنْ أبي وائِلٍ عنْ عَبْدِ الله رضي الله عنه قَالَ لما كانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم نَاسا أعْطَى الأقْرَعَ مائَةً منَ الإبلِ وأعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذالِكَ وأعْطَى نَاسا فَقال رَجُلٌ مَا أُرِيدَ بِهاذِهِ القِسْمةِ وجْهُ الله فَقُلْت لأُخْبِرَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ رحِمَ الله مُوساى قَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هاذا فَصَبَرَ. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَقد مضى فِي الْخمس فِي: بَاب مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، يُعْطي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل عَن عبد الله إِلَيّ آخِره.

قَوْله: (آثر)، أَي: اخْتصَّ. قَوْله: (أعْطى) ، بَيَان للجملة السَّابِقَة. (والأقرع) هُوَ ابْن حَابِس بن عقال بن مُحَمَّد بن سُفْيَان بن مجاشع التَّمِيمِي، وَيُقَال: كَانَ اسْمه فراس، والأقرع لقبه (وعيينة) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف الأولى وَسُكُون الثَّانِي وبالنون: ابْن حصن ابْن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ. قَوْله: (مثل ذَلِك)، أَي: مثل مَا أعْطى للأقرع. قَوْله: (وَأعْطى نَاسا) أَي: نَاسا آخَرين، وَفِي الحَدِيث الَّذِي مضى فِي الْخمس: وَأعْطى نَاسا من أَشْرَاف الْعَرَب فآثرهم يومئذٍ فِي الْقِسْمَة.

337 -

(حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا معَاذ بن معَاذ حَدثنَا ابْن عون عَن هِشَام بن زيد بن أنس بن مَالك عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه قَالَ لما كَانَ يَوْم حنين أَقبلت هوَازن وغَطَفَان وَغَيرهم بنعمهم وذراريهم وَمَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - عشرَة آلَاف وَمن الطُّلَقَاء فأدبروا عَنهُ حَتَّى بَقِي وَحده فَنَادَى يَوْمئِذٍ نداءين لم يخلط بَينهمَا الْتفت عَن يَمِينه فَقَالَ يَا معشر الْأَنْصَار قَالُوا لبيْك يَا رَسُول الله أبشر نَحن مَعَك ثمَّ الْتفت عَن يسَاره فَقَالَ يَا معشر الْأَنْصَار قَالُوا لبيْك يَا رَسُول الله أبشر نَحن مَعَك وَهُوَ على بغلة بَيْضَاء فَنزل فَقَالَ أَنا عبد الله وَرَسُوله فَانْهَزَمَ الْمُشْركُونَ فَأصَاب يَوْمئِذٍ غَنَائِم كَثِيرَة فقسم فِي الْمُهَاجِرين والطلقاء وَلم يُعْط الْأَنْصَار شَيْئا فَقَالَت الْأَنْصَار إِذا كَانَت شَدِيدَة فَنحْن ندعى وَيُعْطى الْغَنِيمَة غَيرنَا فَبَلغهُ ذَلِك فَجَمعهُمْ فِي قبَّة فَقَالَ يَا معشر الْأَنْصَار مَا حَدِيث بَلغنِي عَنْكُم فَسَكَتُوا فَقَالَ يَا معشر الْأَنْصَار أَلا ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بالدنيا وَتَذْهَبُونَ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - تحوزونه إِلَى بُيُوتكُمْ قَالُوا بلَى فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لَو سلك النَّاس

ص: 311