المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌‌‌(باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ إسْلَامِ أبِي ذَرٍّ الغَفَارِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَعيدِ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ انْشِقَاقِ القَمَرِ)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ النَّجاشِيِّ)

- ‌‌‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(بابُ تَقَاسُمِ المُشْرِكِينَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قِصةِ أبي طالِبٍ)

- ‌(بَاب حَدِيث الْإِسْرَاء)

- ‌(بابُ المِعْرَاجِ)

- ‌(بابُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ وقُدُومِها المَدِينَةَ وبِنائِهِ بِها)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ إلَى المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ إقَامَةِ المُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضاءِ نُسُكِهِ)

- ‌‌‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ومَرْثِيَّتِهِ لِمَنْ ماتَ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابٌ كيْفَ آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أصْحَابِهِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ إتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(كِتَابُ المَغَازِي)

- ‌(بابُ غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ أوِ الْعُسَيْرَةِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {إذْ تسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجَابَ لكُم أنِّي مُمِدُّكُمْ بألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلَاّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلَاّ مِنْ عِنْدِ الله إنَّ الله عَزِيزٌ

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ عِدَّةِ أصْحابِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ دُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ وعُتْبَةَ والوَلِيدِ وأبِي جَهْلِ بنِ هِشامٍ وهَلَاكِهِمْ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي جَهْلٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أهْلِ بَدْرٍ فِي الجَامِعِ الَّذِي وضَعَهُ أبُو عَبْدِ الله علَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي رافِع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالَى {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ولَقَدْ عفَا الله عنْهُمْ إنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} (آل عمرَان:

- ‌(بابٌ {إذْ تُصْعِدُونَ ولَا تَلْوُونَ علَى أحَدٍ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فأثَابَكُمْ غَمَّاً بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا علَى مَا فَاتَكُمْ ولَا مَا أصَابَكُمْ وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أمَنَةً نُعَاسَاً يَغْشَى طائِفَةً مِنْكُمْ وطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتهُمْ أنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّه غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ

- ‌(بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فإنَّهُمْ ظالِمُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ)

- ‌(بابُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌‌‌(بابُمَا أصابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجِرَاح يَوْمَ أحُدٍ)

- ‌(بابُ

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لله والرَّسُولِ} (آل عمرَان:

- ‌(بَاب من قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ واليَمَانُ وأنَسُ بنُ النَّضْرِ ومُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ)

- ‌‌‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ ورِعْلٍ وذَكْوَانَ وبِئْرِ مَعُونَةَ وحَدِيثِ عَضَلٍ والقارَة وعاصِمِ بنِ ثَابِتٍ وخُبَيْبٍ وأصْحَابِهِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وهْيَ الأحْزَابُ)

- ‌(بابُ مَرْجِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأحْزَابِ ومَخْرَجهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ومُحَاصَرَتِهِ وإيَّاهُمْ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

- ‌‌‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أنْمَارٍ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ الإفْكِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بنِ حارِثَةَ)

- ‌(بابُ عُمْرَةِ الْقَضاءِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ مُوتةَ مِنْ أرْضِ الشَّامِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابٌ أيْنَ رَكَزَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ دُخُول النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أعْلَى مَكَّةَ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ مَنْزلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ مُقامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِين ثُمَّ أنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

- ‌(بَاب غَزْوَة أَوْطَاس)

- ‌(بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

- ‌(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتي قِبَلَ نَجْدٍ)

- ‌(بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ)

- ‌(بابُ سَرِيّةِ عَبْدِ الله بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وعَلْقَمَةَ بنِ مُجَزِّرٍ المُدْلِجِيِّ ويُقالُ إنَّها سَرِيةُ الأنْصاري)

الفصل: ‌‌‌(باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ)

الْهِجْرَة قبل الْفَتْح كَانَت وَاجِبَة عَلَيْهِم، وَأَن سُكْنى الْمَدِينَة كَانَ وَاجِبا لنصرة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومواساته بِالنَّفسِ، وَأما غير الْمُهَاجِرين فَيجوز لَهُ سُكْنى أَي بلد أَرَادَ سَوَاء مَكَّة وَغَيرهَا بالِاتِّفَاقِ.

48 -

‌‌

(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّارِيخ: هُوَ تَعْرِيف الْوَقْت وَكَذَلِكَ التوريخ، قَالَ الصَّيْدَاوِيُّ: أَخذ التَّارِيخ من الأرخ، كَأَنَّهُ شَيْء حدث كَمَا يحدث الْوَلَد، قَالَ الصغاني: قَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للانثى من بقر الْوَحْش: أرخ، بِالْفَتْح وَجمعه: اراخ، مثل: فرخ وفراخ، وَقَالَ الصَّيْدَاوِيُّ: هُوَ الارخ، بِالْكَسْرِ، وَضعف الْأَزْهَرِي قَوْله. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: أرخت الْكتاب بِيَوْم كَذَا وورخته بِمَعْنى، قلت: فرق الْأَصْمَعِي بَين اللغتين، فَقَالَ: بَنو تَمِيم يَقُولُونَ: ورخت الْكتاب توريخاً، وَقيس تَقول: أرخته تأريخاً، وَقيل: التَّارِيخ مُعرب من: مَاء وروز، وَمَعْنَاهُ: حِسَاب الْأَيَّام والشهور والأعوام فعربته الْعَرَب، قَوْله:(من أَيْن أَرخُوا التَّارِيخ)، أَي: ابْتِدَاء التَّارِيخ من أَي وَقت كَانَ، وَفِيه اخْتِلَاف. فروى ابْن الْجَوْزِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الشّعبِيّ، قَالَ: لما كثر بَنو آدم فِي الأَرْض وانتشروا أَرخُوا من هبوط آدم، عليه الصلاة والسلام ثمَّ إِلَى زمَان يُوسُف عليه السلام ثمَّ إِلَى خُرُوج مُوسَى عليه السلام من مصر بني اسرائيل ثمَّ إِلَى زمَان دَاوُد عليه السلام، فَكَانَ التَّارِيخ مِنْهُ إِلَى الطوفان، ثمَّ إِلَى نَار الْخَلِيل، عليه الصلاة والسلام، ثمَّ إِلَى زمَان سُلَيْمَان، عليه الصلاة والسلام، ثمَّ إِلَى زمَان عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن إِسْحَاق عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَحكى مُحَمَّد بن سعد عَن ابْن الْكَلْبِيّ: أَن حمير كَانَت تؤرخ بالتبابعة وغسان بالسد، وَأهل صنعاء بِظُهُور الْحَبَشَة على الْيمن، ثمَّ بِغَلَبَة الْفرس، ثمَّ أرخت الْعَرَب بِالْأَيَّامِ الْمَشْهُورَة: كحرب البسوس، وداحس والغبراء، وبيوم ذِي قار، والفجارات وَنَحْوهَا، وَبَين حَرْب البسوس ومبعث نَبينَا صلى الله عليه وسلم، سِتُّونَ سنة. وَقَالَ ابْن هِشَام الْكَلْبِيّ عَن أَبِيه: أما الرّوم فَأَرختْ بقتل دَارا بن دَارا إِلَى ظُهُور الْفرس عَلَيْهِم، وَأما القبط فَأَرختْ ببخت نصر إِلَى فلابطرة صَاحِبَة مصر، وَأما الْيَهُود فَأَرختْ بخراب بَيت الْمُقَدّس، وَأما النَّصَارَى فبرفع الْمَسِيح، عليه الصلاة والسلام، وَأما ابْتِدَاء تَارِيخ الْإِسْلَام فَفِيهِ اخْتِلَاف أَيْضا، فروى الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فِي (تَارِيخ دمشق) : عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ التَّارِيخ من مقدم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، الْمَدِينَة فِي ربيع الأول، فأرخوا. وَعَن ابْن عَبَّاس: قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، الْمَدِينَة وَلَيْسَ لَهُم تَارِيخ، وَكَانُوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه فأقاموا على ذَلِك إِلَى أَن توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَانْقطع التَّارِيخ، وَمَضَت أَيَّام أبي بكر على هَذَا وَأَرْبع سِنِين من خلَافَة عمر على هَذَا، ثمَّ وضع التَّارِيخ، وَاخْتلفُوا فِي سَببه، فروى ابْن السَّمرقَنْدِي: أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتب إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه يأتينا مِنْك كتب لَيْسَ لَهَا تَارِيخ، فأرخ لتستقيم الْأَحْوَال، فأرخ. وَقَالَ أَبُو الْيَقظَان: رفع إِلَى عمر صك مَحَله فِي شعْبَان، فَقَالَ: أَي شعْبَان هَذَا؟ الَّذِي نَحن فِيهِ أم الْمَاضِي أم الَّذِي يَأْتِي؟ وَقَالَ الْهَيْثَم ابْن عدي: أول من أرخ يعلى بن أُميَّة، كتب إِلَى عمر من الْيمن كتابا مؤرخاً فَاسْتَحْسَنَهُ وَشرع فِي التَّارِيخ. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لما عزم عمر على التَّارِيخ جمع الصَّحَابَة فاستشارهم، فَقَالَ سعد بن أبي وَقاص: أرخ لوفاة رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ طَلْحَة: أرخ لمبعثه، وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: أرخ لهجرته فَإِنَّهَا فرقت بَين الْحق وَالْبَاطِل، وَقَالَ آخَرُونَ: لمولده، وَقَالَ قوم: لنبوته، وَكَانَ هَذَا فِي سنة سبع عشرَة من الْهِجْرَة، وَقيل: فِي سنة سِتّ عشرَة، وَاتَّفَقُوا على قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ اخْتلفُوا فِي الشُّهُور، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: أرخ لرجب، فَإِنَّهُ أول الْأَشْهر الْحرم، وَقَالَ طَلْحَة: من رَمَضَان لِأَنَّهُ شهر الْأمة، وَقَالَ عَليّ: من الْمحرم لِأَنَّهُ أول السّنة.

48 -

(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّارِيخ: هُوَ تَعْرِيف الْوَقْت وَكَذَلِكَ التوريخ، قَالَ الصَّيْدَاوِيُّ: أَخذ التَّارِيخ من الأرخ، كَأَنَّهُ شَيْء حدث كَمَا يحدث الْوَلَد، قَالَ الصغاني: قَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للانثى من بقر الْوَحْش: أرخ، بِالْفَتْح وَجمعه: اراخ، مثل: فرخ وفراخ، وَقَالَ الصَّيْدَاوِيُّ: هُوَ الارخ، بِالْكَسْرِ، وَضعف الْأَزْهَرِي قَوْله. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: أرخت الْكتاب بِيَوْم كَذَا وورخته بِمَعْنى، قلت: فرق الْأَصْمَعِي بَين اللغتين، فَقَالَ: بَنو تَمِيم يَقُولُونَ: ورخت الْكتاب توريخاً، وَقيس تَقول: أرخته تأريخاً، وَقيل: التَّارِيخ مُعرب من: مَاء وروز، وَمَعْنَاهُ: حِسَاب الْأَيَّام والشهور والأعوام فعربته الْعَرَب، قَوْله:(من أَيْن أَرخُوا التَّارِيخ)، أَي: ابْتِدَاء التَّارِيخ من أَي وَقت كَانَ، وَفِيه اخْتِلَاف. فروى ابْن الْجَوْزِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى الشّعبِيّ، قَالَ: لما كثر بَنو آدم فِي الأَرْض وانتشروا أَرخُوا من هبوط آدم، عليه الصلاة والسلام ثمَّ إِلَى زمَان يُوسُف عليه السلام ثمَّ إِلَى خُرُوج مُوسَى عليه السلام من مصر بني اسرائيل ثمَّ إِلَى زمَان دَاوُد عليه السلام، فَكَانَ التَّارِيخ مِنْهُ إِلَى الطوفان، ثمَّ إِلَى نَار الْخَلِيل، عليه الصلاة والسلام، ثمَّ إِلَى زمَان سُلَيْمَان، عليه الصلاة والسلام، ثمَّ إِلَى زمَان عِيسَى، عليه الصلاة والسلام، وَرَوَاهُ أَيْضا ابْن إِسْحَاق عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَحكى مُحَمَّد بن سعد عَن ابْن الْكَلْبِيّ: أَن حمير كَانَت تؤرخ بالتبابعة وغسان بالسد، وَأهل صنعاء بِظُهُور الْحَبَشَة على الْيمن، ثمَّ بِغَلَبَة الْفرس، ثمَّ أرخت الْعَرَب بِالْأَيَّامِ الْمَشْهُورَة: كحرب البسوس، وداحس والغبراء، وبيوم ذِي قار، والفجارات وَنَحْوهَا، وَبَين حَرْب البسوس ومبعث نَبينَا صلى الله عليه وسلم، سِتُّونَ سنة. وَقَالَ ابْن هِشَام الْكَلْبِيّ عَن أَبِيه: أما الرّوم فَأَرختْ بقتل دَارا بن دَارا إِلَى ظُهُور الْفرس عَلَيْهِم، وَأما القبط فَأَرختْ ببخت نصر إِلَى فلابطرة صَاحِبَة مصر، وَأما الْيَهُود فَأَرختْ بخراب بَيت الْمُقَدّس، وَأما النَّصَارَى فبرفع الْمَسِيح، عليه الصلاة والسلام، وَأما ابْتِدَاء تَارِيخ الْإِسْلَام فَفِيهِ اخْتِلَاف أَيْضا، فروى الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر فِي (تَارِيخ دمشق) : عَن أنس بن مَالك أَنه كَانَ التَّارِيخ من مقدم رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، الْمَدِينَة فِي ربيع الأول، فأرخوا. وَعَن ابْن عَبَّاس: قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، الْمَدِينَة وَلَيْسَ لَهُم تَارِيخ، وَكَانُوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه فأقاموا على ذَلِك إِلَى أَن توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَانْقطع التَّارِيخ، وَمَضَت أَيَّام أبي بكر على هَذَا وَأَرْبع سِنِين من خلَافَة عمر على هَذَا، ثمَّ وضع التَّارِيخ، وَاخْتلفُوا فِي سَببه، فروى ابْن السَّمرقَنْدِي: أَن أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتب إِلَى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه يأتينا مِنْك كتب لَيْسَ لَهَا تَارِيخ، فأرخ لتستقيم الْأَحْوَال، فأرخ. وَقَالَ أَبُو الْيَقظَان: رفع إِلَى عمر صك مَحَله فِي شعْبَان، فَقَالَ: أَي شعْبَان هَذَا؟ الَّذِي نَحن فِيهِ أم الْمَاضِي أم الَّذِي يَأْتِي؟ وَقَالَ الْهَيْثَم ابْن عدي: أول من أرخ يعلى بن أُميَّة، كتب إِلَى عمر من الْيمن كتابا مؤرخاً فَاسْتَحْسَنَهُ وَشرع فِي التَّارِيخ. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لما عزم عمر على التَّارِيخ جمع الصَّحَابَة فاستشارهم، فَقَالَ سعد بن أبي وَقاص: أرخ لوفاة رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ طَلْحَة: أرخ لمبعثه، وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب: أرخ لهجرته فَإِنَّهَا فرقت بَين الْحق وَالْبَاطِل، وَقَالَ آخَرُونَ: لمولده، وَقَالَ قوم: لنبوته، وَكَانَ هَذَا فِي سنة سبع عشرَة من الْهِجْرَة، وَقيل: فِي سنة سِتّ عشرَة، وَاتَّفَقُوا على قَول عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، ثمَّ اخْتلفُوا فِي الشُّهُور، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: أرخ لرجب، فَإِنَّهُ أول الْأَشْهر الْحرم، وَقَالَ طَلْحَة: من رَمَضَان لِأَنَّهُ شهر الْأمة، وَقَالَ عَليّ: من الْمحرم لِأَنَّهُ أول السّنة.

3934 -

حدَّثنا عبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ عنْ أبِيهِ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ مَا عَدُّوا منْ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ولَا مِنْ وَفاتِهِ مَا عَدّوا إلَاّ مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار. قَوْله:(مَا عدوا) أَي: التَّارِيخ من مبعث النَّبِي صلى الله

ص: 66