الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حَيْثُ تقاسموا على الْكفْر) وتقاسمهم على الْكفْر هُوَ تقاسمهم على قتل النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ من أعظم الْكفْر وأشده. والْحَدِيث مضى فِي: بَاب نزُول النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ
…
إِلَخ. فَإِن قلت: لَفظه هُنَاكَ: حِين أَرَادَ قدوم مَكَّة، وَهنا: حِين أَرَادَ حنيناً، أَي: حِين قصد غَزْوَة حنين، والخيف مَا انحدر من غلظ الْجَبَل، وارتفع عَن مسيل المَاء، وَفِيه مَسْجِد الْخيف. قلت: لَا مُعَارضَة بَينهمَا لِأَنَّهُ يحمل على أَنه قَالَ: حِين أَرَادَ دُخُول مَكَّة فِي غَزْوَة الْفَتْح، وَفِي ذَلِك الْقدوم غزا حنيناً. فَإِن قلت: قد تقدم أَيْضا من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ بِلَفْظ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم من الْغَد يَوْم النَّحْر وَهُوَ بمنى: نَحن نازلون غَدا
…
الحَدِيث، وَهَذَا يدل على أَنه قَالَه فِي حجَّة الْوَدَاع. قلت: يحمل على التَّعَدُّد، وَالله أعلم.
40 -
(بابُ قِصةِ أبي طالِبٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قصَّة أبي طَالب واسْمه عبد منَاف واشتهر بكنيته، وَهُوَ شَقِيق وَالِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَلذَلِك أوصى بِهِ عبد الْمطلب عِنْد مَوته إِلَيْهِ فَكَفَلَهُ إِلَى أَن كبر وَاسْتمرّ على نَصره بعد أَن بعث إِلَى أَن مَاتَ قبل الْهِجْرَة، وَله صلى الله عليه وسلم، خَمْسُونَ سنة إلَاّ ثَلَاثَة أشهر وأياماً، وَيُقَال: مَاتَ بعد خُرُوجهمْ من الشّعب وَذَلِكَ فِي آخر السّنة الْعَاشِرَة.
3883 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عنْ سُفْيانَ حدَّثنا عَبْدُ المَلِكِ حدَّثنا عبْدُ الله بنُ الحارِثِ حدَّثنا العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا أغْنَيْتَ عنْ عَمِّكَ فإنَّهُ كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لكَ قَالَ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نارٍ ولَوْلَا أنَا لَكانَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ بعض قصَّة أبي طَالب، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، وَعبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب، وعباس عَم جده.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الْأَدَب عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن مُحَمَّد بن أبي بكر وَعبيد الله بن عَمْرو مُحَمَّد بن عبد الْملك وَعَن مُحَمَّد بن حَاتِم وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد بن يحيى.
قَوْله: (مَا أغنيت عَن عمك)، أَي: أَي شَيْء دَفعته عَنهُ وماذا نفعته؟ قَوْله: (يحوطك)، من حاطه إِذا صانه وَحفظه وذب عَنهُ وتوفر على مَصَالِحه. قَوْله:(فِي ضحضاح) ، بِفَتْح الضادين المعجمتين وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة الأولى، وَهُوَ قريب القعر، وضحضح الشَّرَاب إِذا دق، وَيُقَال: هُوَ اسْتِعَارَة، فَإِن الضحضاح من المَاء مَا يبلغ الكعب، وَيُقَال أَيْضا لما قرب من المَاء، وَالْمعْنَى أَنه خفف عَنهُ الْعَذَاب. وروى الْبَزَّار من حَدِيث جَابر، قيل للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: هَل نَفَعت أَبَا طَالب؟ قَالَ: أخرجته من النَّار إِلَى ضحضاح مِنْهَا. قَوْله: (فِي الدَّرك) ، بِفَتْح الرَّاء وسكونها وَفِيه التَّصْرِيح بتفاوت عَذَاب أهل النَّار، فَإِن قلت: أَعمال الْكَفَرَة هباء منثوراً لَا فَائِدَة فِيهَا. قلت: هَذَا النَّفْع من بركَة رَسُول الله، صلى الله عليه وسلم وخصائصه. فَإِن قلت: روى ابْن إِسْحَاق من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن أَبَا طَالب لما تقَارب مِنْهُ الْمَوْت بعد أَن عرض عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَن يَقُول: لَا إلاه إلَاّ الله، فَأبى، فَنظر الْعَبَّاس إِلَيْهِ وَهُوَ يُحَرك شَفَتَيْه فأصغى إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا ابْن أخي! وَالله لقد قَالَ أخي الْكَلِمَة الَّتِي أَمرته أَن يَقُولهَا. قلت: فِي سَنَده من لم يسم، وَلَو كَانَ صَحِيحا لعارضه حَدِيث الْبَاب لِأَنَّهُ أصح مِنْهُ، فضلا عَن أَنه لم يَصح.
3884 -
حدَّثنا مَحْمُودٌ حدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخْبَرَنا معْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِيهِ أنَّ أَبَا طالِبٍ لَّما حضَرَتْهُ الوَفاةُ دخَلَ علَيْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وعِنْدَهُ أبُو جَهْلٍ فَقالَ أيْ عَمِّ قُلْ لَا إلاه إلَاّ الله كَلِمَةَ أُحاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله فَقَالَ أبُو جَهْلٍ وعَبْدُ الله بنُ أبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أتَرْغَبُ
عنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فلَمْ يَزالا يُكَلِّمَانِهِ حتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كُلَّمهُمْ بِهِ علَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عنْهُ فنَزَلَتْ {مَا كانَ لِلنَّبِيِّ والَّذِينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولَوْ كانُوا أولِي قُرْبَى منْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أنَّهُمْ أصْحَابُ الجَحِيم} (التَّوْبَة: 113) . فنَزَلَتْ {مَا كَانَ للنَّبِي} الْآيَة قيل فِي نزُول هَذِه الْآيَة فِي هَذِه الْقِصَّة نظر لِأَنَّهَا عَامَّة فِي حَقه وَحقّ غَيره قَوْله {إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أحْبَبْتَ} (الْقَصَص: 56) . .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ومحمود هُوَ ابْن غيلَان أَبُو أَحْمد الْعَدوي الْمروزِي، وَابْن الْمسيب هُوَ سعيد يروي عَن أَبِيه الْمسيب ابْن حزن بن أبي وهب الْقرشِي المَخْزُومِي، وَقيل: قَالَ الْحفاظ: لم يرو عَن الْمسيب إلَاّ سعيد، وَالْمَشْهُور من شَرط البُخَارِيّ أَنه لَا يروي عَمَّن لَهُ راوٍ وَاحِد. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَعَلَّه أَرَادَ من غير الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
قَوْله: (لما حَضرته الْوَفَاة)، أَي: قربت وَفَاته وَظَهَرت علاماتها وَذَلِكَ قبل النزع والغرغرة. قَوْله: (وَعِنْده أَبُو جهل) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَأَبُو جهل هُوَ عَمْرو ابْن هِشَام بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي، عَدو الله فِرْعَوْن هَذِه الْأمة. قَوْله:(أَي عَم)، أَي: يَا عمي. قَوْله: (كلمة)، مَنْصُوب لِأَنَّهُ بدل من مقول القَوْل الَّذِي هُوَ: لَا إلاه إلَاّ الله. قَوْله: (أحاجّ) ، بتَشْديد الْجِيم، وَأَصله: أحاجج، وَقد تقدم فِي آخر الْجَنَائِز بِلَفْظ: أشهد لَك بهَا عِنْد الله. قَوْله: (بهَا) أَي: بِهَذِهِ الْكَلِمَة. قَوْله: (وَعبد الله بن أبي أُميَّة) ، هُوَ ابْن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عَمْرو بن مَخْزُوم، وَهُوَ أَخُو أم سَلمَة الَّتِي تزَوجهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بعد ذَلِك، وَقد أسلم عبد الله هَذَا يَوْم الْفَتْح، وَقيل: قبل الْفَتْح، وَاسْتشْهدَ فِي تِلْكَ السّنة فِي غَزْوَة حنين. قَوْله:(أترغب؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الاستخبار. قَوْله: (فَلم يَزَالَا) أَي: أَبُو جهل وَعبد الله الْمَذْكُور. قَوْله: (يكلمانه)، ويروى: يُكَلِّمَاهُ، بِإِسْقَاط النُّون على لُغَة قَليلَة قَوْله:(على مِلَّة) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: أَنا على مِلَّة عبد الْمطلب أَي: على مَا كَانَ يَعْتَقِدهُ من غير دين الْإِسْلَام. قَوْله: (مَا لم أُنْهَ) بِضَم الْهمزَة وَسُكُون النُّون على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: مَا لم ينهني الله عَنهُ، أَي: عَن الاسْتِغْفَار الْمَذْكُور الَّذِي دلّ عَلَيْهِ. قَوْله: (لأَسْتَغْفِرَن لَك) قَوْله: وَنزلت: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} (الْقَصَص: 56) . هَذَا ظَاهر أَنه نزل فِي قصَّة أبي طَالب، وروى أَحْمد من طَرِيق أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة فِي قصَّة أبي طَالب، قَالَ: فَأنْزل الله: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} (الْقَصَص: 56) . وَهَذَا كُله ظَاهر على أَنه مَاتَ على غير الْإِسْلَام. فَإِن قلت: ذكر السُّهيْلي أَنه رأى فِي بعض كتب المَسْعُودِيّ أَنه أسلم. قلت: مثل هَذَا لَا يُعَارض مَا فِي الصَّحِيح، وَالله أعلم.
3885 -
حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ حدَّثنا ابنُ الْهادِ عنْ عَبْدِ الله بنِ خَبَّابٍ عنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وذُكِرَ عِنْدَهُ عَمَّهُ فَقال لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلي مِنْهُ دِماغُهُ. (الحَدِيث 3885 طرفه فِي: 6564) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه من جملَة قصَّة مَا أخبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الحَدِيث، وَابْن الْهَاد هُوَ يزِيد بن عبد الله بن أُسَامَة ابْن الْهَاد اللَّيْثِيّ، وَعبد الله بن خباب، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: الْأنْصَارِيّ التَّابِعِيّ، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك بن سِنَان الْخُدْرِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْأَيْمَان عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث بِهِ. قَوْله: (وَذكر عِنْده) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال، وَقَالَ بَعضهم: يُؤْخَذ من الحَدِيث الأول أَن الذاكر هُوَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، لِأَنَّهُ الَّذِي سَأَلَ عَن ذَلِك. قلت: لَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون الذاكر هُوَ الْعَبَّاس لاحْتِمَال أَن يكون الذاكر غَيره. قَوْله: (يبلغ كعبيه) قَالَ السُّهيْلي: الْحِكْمَة فِيهِ أَن أَبَا طَالب كَانَ تَابعا لرَسُول الله، صلى الله عليه وسلم، بجملته إلَاّ أَنه اسْتمرّ ثَابت الْقدَم على دين قومه، فَسلط الْعَذَاب على قَدَمَيْهِ خَاصَّة لتثبيته إيَّاهُمَا على دين قومه.
368 -
(حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة حَدثنَا ابْن أبي حَازِم والدراوردي عَن يزِيد