المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب غزوة الفتح في رمضان) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ إسْلَامِ أبِي ذَرٍّ الغَفَارِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَعيدِ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ انْشِقَاقِ القَمَرِ)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ النَّجاشِيِّ)

- ‌‌‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(بابُ تَقَاسُمِ المُشْرِكِينَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قِصةِ أبي طالِبٍ)

- ‌(بَاب حَدِيث الْإِسْرَاء)

- ‌(بابُ المِعْرَاجِ)

- ‌(بابُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ وقُدُومِها المَدِينَةَ وبِنائِهِ بِها)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ إلَى المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ إقَامَةِ المُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضاءِ نُسُكِهِ)

- ‌‌‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ومَرْثِيَّتِهِ لِمَنْ ماتَ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابٌ كيْفَ آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أصْحَابِهِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ إتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(كِتَابُ المَغَازِي)

- ‌(بابُ غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ أوِ الْعُسَيْرَةِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {إذْ تسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجَابَ لكُم أنِّي مُمِدُّكُمْ بألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلَاّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلَاّ مِنْ عِنْدِ الله إنَّ الله عَزِيزٌ

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ عِدَّةِ أصْحابِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ دُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ وعُتْبَةَ والوَلِيدِ وأبِي جَهْلِ بنِ هِشامٍ وهَلَاكِهِمْ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي جَهْلٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أهْلِ بَدْرٍ فِي الجَامِعِ الَّذِي وضَعَهُ أبُو عَبْدِ الله علَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي رافِع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالَى {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ولَقَدْ عفَا الله عنْهُمْ إنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} (آل عمرَان:

- ‌(بابٌ {إذْ تُصْعِدُونَ ولَا تَلْوُونَ علَى أحَدٍ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فأثَابَكُمْ غَمَّاً بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا علَى مَا فَاتَكُمْ ولَا مَا أصَابَكُمْ وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أمَنَةً نُعَاسَاً يَغْشَى طائِفَةً مِنْكُمْ وطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتهُمْ أنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّه غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ

- ‌(بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فإنَّهُمْ ظالِمُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ)

- ‌(بابُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌‌‌(بابُمَا أصابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجِرَاح يَوْمَ أحُدٍ)

- ‌(بابُ

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لله والرَّسُولِ} (آل عمرَان:

- ‌(بَاب من قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ واليَمَانُ وأنَسُ بنُ النَّضْرِ ومُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ)

- ‌‌‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ ورِعْلٍ وذَكْوَانَ وبِئْرِ مَعُونَةَ وحَدِيثِ عَضَلٍ والقارَة وعاصِمِ بنِ ثَابِتٍ وخُبَيْبٍ وأصْحَابِهِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وهْيَ الأحْزَابُ)

- ‌(بابُ مَرْجِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأحْزَابِ ومَخْرَجهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ومُحَاصَرَتِهِ وإيَّاهُمْ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

- ‌‌‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أنْمَارٍ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ الإفْكِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بنِ حارِثَةَ)

- ‌(بابُ عُمْرَةِ الْقَضاءِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ مُوتةَ مِنْ أرْضِ الشَّامِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابٌ أيْنَ رَكَزَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ دُخُول النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أعْلَى مَكَّةَ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ مَنْزلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ مُقامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِين ثُمَّ أنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

- ‌(بَاب غَزْوَة أَوْطَاس)

- ‌(بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

- ‌(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتي قِبَلَ نَجْدٍ)

- ‌(بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ)

- ‌(بابُ سَرِيّةِ عَبْدِ الله بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وعَلْقَمَةَ بنِ مُجَزِّرٍ المُدْلِجِيِّ ويُقالُ إنَّها سَرِيةُ الأنْصاري)

الفصل: ‌(باب غزوة الفتح في رمضان)

وَقَالَ أَبُو عمر: حَاطِب بن أبي بلتعة اللَّخْمِيّ من ولد لخم بن عدي فِي قَول بَعضهم، وَقيل: كَانَ عبدا لعبد الله بن حميد الْمَذْكُور آنِفا بِالْكِتَابَةِ، فَأدى كتابتة يَوْم الْفَتْح، مَاتَ سنة ثَلَاثِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سنة، وَصلى عَلَيْهِ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَبَعثه النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِكِتَاب إِلَى الْمُقَوْقس صَاحب مصر والإسكندرية فِي محرم سنة سِتّ بعد الْحُدَيْبِيَة، فَأَقَامَ عِنْده خَمْسَة أَيَّام وَرجع بهدية مِنْهَا مَارِيَة أم إِبْرَاهِيم وَأُخْتهَا سِيرِين، فَوَهَبَهَا لحسان بن ثَابت، وَبغلته دُلْدُل وَحِمَاره عفير وَعسل وَثيَاب وَغير ذَلِك من الظّرْف، وَقَالَ أَبُو عمر: أهْدى الْمُقَوْقس لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثَلَاث جوارٍ مِنْهُنَّ: أم إِبْرَاهِيم ابْن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأُخْرَى وَهبهَا لأبي جهم بن حُذَيْفَة الْعَدوي، وَأُخْرَى وَهبهَا لحسان بن ثَابت، ثمَّ بَعثه الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَيْضا إِلَى الْمُقَوْقس فَصَالحهُمْ، فَلم يزَالُوا كَذَلِك حَتَّى دَخلهَا عَمْرو بن الْعَاصِ فنقض الصُّلْح وَقَاتلهمْ وافتتح مصر، وَذَلِكَ فِي سنة عشْرين، وَكَانَ حَاطِب تَاجِرًا يَبِيع الطَّعَام، وَترك يَوْم مَاتَ أَرْبَعَة آلَاف دِينَار ودراهم وَغير ذَلِك، وروى حَاطِب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: من رَآنِي بعد موتِي فَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي حَياتِي، وَمن مَاتَ فِي أحد الْحَرَمَيْنِ يبْعَث فِي الْآمنينَ يَوْم الْقِيَامَة. وَقَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم لَهُ غير هَذَا الحَدِيث، وَفِي الصَّحَابَة: حَاطِب، أَرْبَعَة سواهُ. قَالَه صَاحب (التَّوْضِيح) وَلم يذكر أَبُو عمر إلَاّ أَرْبَعَة مِنْهُم: خَاطب بن عَمْرو بن عتِيك شهد بَدْرًا وَلم يذكرهُ ابْن إِسْحَاق فِي الْبَدْرِيِّينَ، وحاطب بن عَمْرو بن عبد شمس، وحاطب بن الْحَارِث مَاتَ بِأَرْض الْحَبَشَة مُهَاجرا، وحاطب بن أبي بلتعة. قَوْله:(فَأنْزل الله السُّورَة) إِلَى آخِره، قَالَ أَبُو عمر: قد شهد الله لحاطب بن أبي بلتعة بِالْإِيمَان فِي قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} (الممتحنة: 1) قَالَ مُجَاهِد: هَذَا صَرِيح فِي نزُول الْآيَة فِيهِ وَفِي قوم مَعَه كتبُوا إِلَى أهل مَكَّة يخبرونهم. قَوْله: (تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة) أَي: تلقونَ إِلَيْهِم النَّصِيحَة بالمودة. قَوْله: (وَقد كفرُوا) أَي: وَالْحَال أَن أهل مَكَّة الْمُشْركين قد كفرُوا بِمَا جَاءَكُم الرَّسُول من الْحق وَهُوَ الْقُرْآن وَأمره. قَوْله: (يخرجُون الرَّسُول) أَي: من مَكَّة، وَهُوَ اسْتِئْنَاف كالتفسير لكفرهم، وَقيل: حَال من كفرُوا، أَي: يخرجُون الرَّسُول وَإِيَّاكُم من مَكَّة لأجل إيمَانكُمْ. قَوْله: (إِن كُنْتُم خَرجْتُمْ) الْمَعْنى: إِن كُنْتُم خَرجْتُمْ للْجِهَاد ولطلب مرضاة الله (فَلَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعدكُم أَوْلِيَاء) قَوْله: (تسرون) بدل من: تلقونَ، وَقيل: اسْتِئْنَاف. قَوْله: (وَأَنا أعلم بِمَا أخفيتم) فَكيف يخفى عَليّ تحذيركم الْكفَّار؟ قَوْله: (وَمن يَفْعَله مِنْكُم) أَي: وَمن يفعل الْإِسْرَار فِي هَذَا فقد ضل أَي: فقد أَخطَأ سَوَاء السَّبِيل أَي: طَرِيق الْحق.

48 -

(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن غَزْوَة يَوْم فتح مَكَّة كَانَت فِي شهر رَمَضَان سنة ثَمَان من الْهِجْرَة، وَكَانَ خُرُوجه صلى الله عليه وسلم من الْمَدِينَة يَوْم الْأَرْبَعَاء لعشر لَيَال خلون من رَمَضَان، وروى ابْن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ أَنه صلى الله عليه وسلم اسْتعْمل على الْمَدِينَة أبارهم الْغِفَارِيّ.

4275 -

حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابْن شِهابٍ قَالَ أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عبْدِ الله بنِ عُتْبَةً أنَّ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم غَزَا غَزْوَةَ الفَتْ فِي رَمَضَانَ قَالَ وسَمِعْتُ ابنَ المُسَيَّبِ يَقُولُ مِثْلَ ذالِكَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث مضى فِي الصّيام وَغَيره. قَوْله: (قَالَ: وَسمعت ابْن الْمسيب) وَالْقَائِل هُوَ الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.

وعَنْ عُبَيْدِ الله بنِ عَبْدِ الله أخبرَهُ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ صامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى إذَا بَلَغَ الكَدِيدَ الماءَ الَّذِي قُدَيْدٍ وعُسفانَ أفْطَرَ فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِراً حتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ.

ص: 275

هَذَا مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور، وَقد تقدم فِي كتاب الصَّوْم فِي: بَاب إِذا صَامَ أَيَّامًا من رَمَضَان ثمَّ سَافر، وَأخرجه عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس.

قَوْله: (الكديد)، بِفَتْح الْكَاف وَكسر الْمُهْملَة الأولى. قَوْله:(المَاء الَّذِي بَين قديد وَعُسْفَان) بِالنّصب عطف بَيَان أَو بدل من الكديد، وقديد، بِضَم الْقَاف مصغر القدو قَالَ الْبكْرِيّ: قديد قَرْيَة جَامِعَة كَثِيرَة الْمِيَاه والبساتين وَبَين قديد والكديد سِتَّة عشر ميلًا، والكديد أقرب إِلَى مَكَّة، وَعُسْفَان، بِضَم الْعين وَسُكُون السِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ بِالْفَاءِ هُوَ مَوضِع على أَربع بُرد من مَكَّة.

4276 -

حدَّثني مَحْمُودٌ أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنَا مَعْمَرٌ قَالَ أَخْبرنِي الزُّهْريُّ عنْ عُبَيْدِ الله ابنِ عَبْدِ الله عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي رَمَضَان مِنَ المَدِينَةِ ومَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَذالِكَ عَلَى رأسِ ثَمانِ سِنِين ونِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ وَهْوَ ماءٌ بَيْنَ عُسفان وقُدَيْدٍ أفْطَرَ وأفْطَرُوا قَالَ الزُّهْرِيُّ وإنَّما يُؤْخَذُ مِنْ أمْرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الآخِرُ فالآخِرُ. .

هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس. وَهُوَ من مراسيله لِأَنَّهُ كَانَ من الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّة. قَالَه ابْن التِّين، ومحمود هُوَ ابْن غيلَان أَبُو أَحْمد الْمروزِي شيخ مُسلم أَيْضا.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّوْم عَن يحيى بن يحيى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة.

قَوْله: (وَمَعَهُ عشرَة آلَاف) أَي: من سَائِر الْقَبَائِل. وَعند ابْن إِسْحَاق: ثمَّ خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فِي اثْنَي عشر ألفا من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَأسلم وغفار وَمُزَيْنَة وجهينة وسليم، ووالتوفيق بَين الرِّوَايَتَيْنِ بِأَن الْعشْرَة آلَاف من نفس الْمَدِينَة ثمَّ تلاحق بِهِ الألفان قَوْله: وَذَلِكَ أَي: خُرُوجه على رَأس ثَمَان سِنِين، قيل: هَذَا وهم، وَالصَّوَاب على رَأس سبع سِنِين وَنصف، وَإِنَّمَا وَقع الْوَهم من كَون غَزْوَة الْفَتْح كَانَت فِي سنة ثَمَان وَمن أثْنَاء ربيع الأول إِلَى أثْنَاء رَمَضَان نصف سنة سَوَاء، فالتحرير أَنَّهَا سبع سِنِين وَنصف، وَقَالَ أَبُو نعيم، الْحداد فِي (جمعه بَين الصَّحِيحَيْنِ) كَانَ الْفَتْح بعد السّنة الثَّامِنَة، وَقَالَ مَالك: كَانَ الْفَتْح فِي تِسْعَة عشر يَوْمًا من رَمَضَان على ثَمَان سِنِين، وَحَقِيقَة الْحساب على مَا ذكره الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد فِي (مُخْتَصره) : أَنَّهَا سبع سِنِين وَتِسْعَة أشهر، لِأَن الْفَتْح فِي الثَّامِنَة من رَمَضَان، وَكَانَ مقدمه الْمَدِينَة فِي ربيع الأول يدل عَلَيْهِ أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَقَمْنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، تِسْعَة عشر يَوْمًا يقصر الصَّلَاة، وَهُوَ لم يحضر الْفَتْح لِأَنَّهُ كَانَ من الْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّة. قَوْله:(يَصُوم) حَال، أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَوْله:(أفطر)، أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم، (وأفطروا) أَي: الْمُسلمُونَ الَّذين كَانُوا مَعَه. قَوْله: (قَالَ الزُّهْرِيّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذ) أَي يَجْعَل الآخر اللَّاحِق نَاسِخا للْأولِ السَّابِق، وَالصَّوْم فِي السّفر كَانَ أَولا والإفطار آخرا. وَفِي الحَدِيث رد على جمَاعَة مِنْهُم عُبَيْدَة السَّلمَانِي فِي قَوْله: لَيْسَ لَهُ الْفطر إِذا شهد أول رَمَضَان فِي الْحَضَر، مستدلاً بقوله تَعَالَى:{فَمن شهد مِنْكُم الشَّهْر فليصمه} (الْبَقَرَة: 185) وَهُوَ عِنْد الْجَمَاعَة مَحْمُول على من شهده كُله إِذْ لَا يُقَال لمن شهد بعض الشَّهْر: شهده كُله.

4277 -

حدَّثني عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ حدّثنا عبدُ الأعْلَى حدّثنا خالِدٌ الحَذَّاءُ عنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ والنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصائِمٌ ومُفْطِرٌ فَلَمَّا اسْتَوَى على رَاحِلَتِهِ دَعا بإِناءٍ مِنْ لَبَنٍ أوْ ماءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ المُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ أفْطِرُوا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن خُرُوجه صلى الله عليه وسلم إِلَى حنين عقيب الْفَتْح، وَعَيَّاش، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالشين الْمُعْجَمَة: ابْن الْوَلِيد الرقام الْقطَّان الْبَصْرِيّ. مَاتَ سنة سِتّ وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَعبد الْأَعْلَى الشَّامي الْبَصْرِيّ، وخَالِد هُوَ

ص: 276

ابْن مهْرَان الْحذاء الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ وَلَكِن فِيهِ إِشْكَال نبه عَلَيْهِ الدمياطي، وَهُوَ أَن قَوْله:(خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان إِلَى حنين) وَقع كَذَا، وَلم تكن غَزْوَة حنين فِي رَمَضَان، وَإِنَّمَا كَانَت فِي شَوَّال سنة ثَمَان، وَقَالَ ابْن التِّين: لَعَلَّه يُرِيد آخر رَمَضَان لِأَن حنيناً كَانَت عَام ثَمَان إِثْر فتح مَكَّة، وَفِيه نظر لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خرج من الْمَدِينَة فِي عَاشر رَمَضَان فَقدم مَكَّة فِي وَسطه وَأقَام بهَا تِسْعَة عشر يَوْمًا كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، فَيكون خُرُوجه إِلَى حنين فِي شَوَّال. وَأجِيب: بِأَن مُرَاده أَن ذَلِك فِي غير زمن الْفَتْح، وَكَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع أَو غَيرهَا، وَفِيه نظر، لِأَن الْمَعْرُوف أَن حنيناً فِي شَوَّال عقيب الْفَتْح. وَقَالَ الدَّاودِيّ: صَوَابه إِلَى خَيْبَر أَو مَكَّة، لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَصدهَا فِي هَذَا الشَّهْر، فَأَما حنين فَكَانَت بعد الْفَتْح بِأَرْبَعِينَ لَيْلَة وَكَانَ قصد مَكَّة أَيْضا فِي هَذَا الشَّهْر، ورد عَلَيْهِ قَوْله: إِلَى خَيْبَر، لِأَن الْخُرُوج إِلَيْهَا لم يكن فِي رَمَضَان، وَأجَاب الْمُحب الطَّبَرِيّ عَن الْإِشْكَال الْمَذْكُور: بِأَن يكون المُرَاد من قَوْله: (خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان إِلَى حنين) أَنه قصد الْخُرُوج إِلَيْهَا وَهُوَ فِي رَمَضَان، فَذكر الْخُرُوج وَأَرَادَ الْقَصْد بِالْخرُوجِ وَمثل هَذَا شَائِع ذائع فِي الْكَلَام.

(وحنين) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَنون أُخْرَى: وادٍ بِمَكَّة بَينه وَبَين مَكَّة بضعَة عشر ميلًا، وَسبب حنين أَنه لما اجْتمع صلى الله عليه وسلم على الْخُرُوج من مَكَّة لنصرة خُزَاعَة أَتَى الْخَبَر إِلَى هوَازن أَنه يريدهم فَاسْتَعدوا للحرب حَتَّى أَتَوا سوق ذِي الْمجَاز، فَسَار صلى الله عليه وسلم حَتَّى أشرف على وَادي حنين مسَاء لَيْلَة الْأَحَد، ثمَّ صَالحهمْ يَوْم الْأَحَد النّصْف من شَوَّال. قَوْله:(وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ) يحْتَمل اخْتلَافهمْ فِي كَون بَعضهم صَائِمين وَبَعْضهمْ مفطرين، وَيحْتَمل اخْتلَافهمْ فِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أصائم أَو مفطر؟ قَوْله: فصائم أَي: بَعضهم صَائِم، وَبَعْضهمْ مفطر. قَوْله:(بِإِنَاء من لبن أَو مَاء) شكّ من الرَّاوِي، قَالَ الدَّاودِيّ: يحْتَمل أَن يكون دَعَا بِهَذَا مرّة وَبِهَذَا مرّة، ورد عَلَيْهِ بِأَن الحَدِيث وَاحِد والقصة وَاحِدَة فَلَا دَلِيل على التَّعَدُّد. قلت: ابْن التِّين قَالَ: إِنَّه كَانَت قضيتان: إِحْدَاهمَا فِي الْفَتْح وَالْأُخْرَى فِي حنين، وَالصَّوَاب: أَن الرَّاوِي قد شكّ فِيهِ، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة طَاوس عَن ابْن عَبَّاس فِي آخر الْبَاب: دَعَا بِإِنَاء من مَاء فَشرب نَهَارا. قَوْله: (فَوَضعه على رَاحَته) ويروى: على رَاحِلَته. قَوْله: (للصوام) بِضَم الصَّاد وَتَشْديد الْوَاو جمع صَائِم وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: للصَّوْم، بِدُونِ الْألف، وَهُوَ أَيْضا جمع صَائِم، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ فِي (تهذيبه) : فَقَالَ المفطرون للصوام: أفطروا يَا عصاة.

وَقَالَ عَبْدُ الرَزَّاقِ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنْ أيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عامَ الفَتْحِ. .

أخرجه هَكَذَا مُعَلّقا مُخْتَصرا، وَوَصله أَحْمد عَن بعد الرَّزَّاق، وبقيته: خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح فِي شهر رَمَضَان فصَام حَتَّى مر بغدير فِي الطَّرِيق الحَدِيث.

وَقَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

هَذَا أَيْضا مُعَلّق، وَهَكَذَا وَقع فِي بعض نسخ أبي ذَر عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي رِوَايَة غَيره لَيْسَ فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس، وَبِه جزم الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) وَكَذَلِكَ وَصله الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق سُلَيْمَان بن حَرْب أحد مَشَايِخ البُخَارِيّ عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة، فَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ فِي فتح مَكَّة، ثمَّ قَالَ فِي آخِره، لم يُجَاوز بِهِ أَيُّوب عَن عِكْرِمَة.

4279 -

حدَّثنا عَليُّ بن عَبْدِ الله حدّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصورٍ عنْ مُجاهِدٍ عنْ طاوُسٍ عنِ ابْن عَبَّاسٍ قَالَ سافَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي رمضانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفانَ ثُمَّ دَعا بإِناءٍ مِنْ ماءٍ فَشَرِبَ نَهَاراً لِيُرِيَهُ النَّاسَ فَأفْطَرَ حَتَّى قَدقم مَكَّةَ قَالَ وكانَ ابنُ عبَّاسٍ يَقُولُ صامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ وأفْطَرَ فَمَنْ شَاءَ صامَ ومَنْ شَاءَ أفْطَرَ. .

ص: 277