المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب عمرة القضاء) - عمدة القاري شرح صحيح البخاري - جـ ١٧

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌(بابُ إسْلَامِ أبِي ذَرٍّ الغَفَارِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَعيدِ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ إسْلَامُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(بابُ انْشِقَاقِ القَمَرِ)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ)

- ‌(بابُ مَوْتِ النَّجاشِيِّ)

- ‌‌‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(تابَعَهُ عَبْدُ الصَّمَدِ)

- ‌(بابُ تَقَاسُمِ المُشْرِكِينَ علَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بابُ قِصةِ أبي طالِبٍ)

- ‌(بَاب حَدِيث الْإِسْرَاء)

- ‌(بابُ المِعْرَاجِ)

- ‌(بابُ وُفُودِ الأنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وبَيْعَةِ العَقَبَةِ)

- ‌(بابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عائِشَةَ وقُدُومِها المَدِينَةَ وبِنائِهِ بِها)

- ‌(بابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأصْحَابِهِ إلَى المَدِينَةِ)

- ‌(بابُ إقَامَةِ المُهَاجِرِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضاءِ نُسُكِهِ)

- ‌‌‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ التَّارِيخِ مِنْ أيْنَ أرَّخُوا التَّاريخَ)

- ‌(بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ أمْضِ لأصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ومَرْثِيَّتِهِ لِمَنْ ماتَ بِمَكَّةَ)

- ‌(بابٌ كيْفَ آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أصْحَابِهِ)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ إتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ)

- ‌(بابُ إسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسيِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

- ‌(كِتَابُ المَغَازِي)

- ‌(بابُ غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ أوِ الْعُسَيْرَةِ)

- ‌(بابُ ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يُقْتَلُ بِبَدْرٍ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالى {إذْ تسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاسْتَجَابَ لكُم أنِّي مُمِدُّكُمْ بألْفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلَاّ بُشْرَى ولِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إلَاّ مِنْ عِنْدِ الله إنَّ الله عَزِيزٌ

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ عِدَّةِ أصْحابِ بَدْرٍ)

- ‌(بابُ دُعاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى كُفَّارِ قُرَيْشٍ شَيْبَةَ وعُتْبَةَ والوَلِيدِ وأبِي جَهْلِ بنِ هِشامٍ وهَلَاكِهِمْ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي جَهْلٍ)

- ‌(بابُ فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ شُهُودِ المَلَائِكَةِ بَدْرَاً)

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابُ تَسْمِيَةِ مَنْ سُمِّيَ مِنْ أهْلِ بَدْرٍ فِي الجَامِعِ الَّذِي وضَعَهُ أبُو عَبْدِ الله علَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ كَعْبِ بنِ الأشْرَفِ)

- ‌(بابُ قَتْلِ أبِي رافِع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أُحُدٍ)

- ‌ بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله تعَالَى {إنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ إنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ولَقَدْ عفَا الله عنْهُمْ إنَّ الله غَفُورٌ حَلِيمٌ} (آل عمرَان:

- ‌(بابٌ {إذْ تُصْعِدُونَ ولَا تَلْوُونَ علَى أحَدٍ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فأثَابَكُمْ غَمَّاً بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا علَى مَا فَاتَكُمْ ولَا مَا أصَابَكُمْ وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أمَنَةً نُعَاسَاً يَغْشَى طائِفَةً مِنْكُمْ وطائِفَةٌ قَدْ أهَمَّتهُمْ أنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّه غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأمْرِ مِنْ

- ‌(بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ فإنَّهُمْ ظالِمُونَ} (آل عمرَان:

- ‌(بابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيطٍ)

- ‌(بابُ قَتْلِ حَمْزَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ)

- ‌‌‌(بابُمَا أصابَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الجِرَاح يَوْمَ أحُدٍ)

- ‌(بابُ

- ‌(بابٌ)

- ‌(بابٌ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لله والرَّسُولِ} (آل عمرَان:

- ‌(بَاب من قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْهُمْ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ واليَمَانُ وأنَسُ بنُ النَّضْرِ ومُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ)

- ‌‌‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بَاب أحد يحبنا ونحبه)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ ورِعْلٍ وذَكْوَانَ وبِئْرِ مَعُونَةَ وحَدِيثِ عَضَلٍ والقارَة وعاصِمِ بنِ ثَابِتٍ وخُبَيْبٍ وأصْحَابِهِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وهْيَ الأحْزَابُ)

- ‌(بابُ مَرْجِعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأحْزَابِ ومَخْرَجهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ومُحَاصَرَتِهِ وإيَّاهُمْ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)

- ‌‌‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بَاب غَزْوَة بني المصطلق من خُزَاعَة وَهِي غَزْوَة الْمُريْسِيع)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ أنْمَارٍ)

- ‌(بابُ حَدِيثِ الإفْكِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ)

- ‌(بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم علَى أهْلِ خَيْبَرَ)

- ‌(بابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أهْلَ خَيْبَرَ)

- ‌‌‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ الشَّاةِ الَّتي سُمَّتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بنِ حارِثَةَ)

- ‌(بابُ عُمْرَةِ الْقَضاءِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ مُوتةَ مِنْ أرْضِ الشَّامِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ)

- ‌(بابٌ أيْنَ رَكَزَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ دُخُول النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أعْلَى مَكَّةَ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ مَنْزلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ)

- ‌(بابُ مُقامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ)

- ‌بَاب

- ‌(بابُ قَوْلِ الله عز وجل: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إذْ أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ ولَّيْتُمْ مُدْبِرِين ثُمَّ أنْزَلَ الله سَكِينَتَهُ إِلَى قَوْلِهِ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

- ‌(بَاب غَزْوَة أَوْطَاس)

- ‌(بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)

- ‌(بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)

- ‌(بابُ السَّرِيَّةِ الَّتي قِبَلَ نَجْدٍ)

- ‌(بابُ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم خالِدَ بنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ)

- ‌(بابُ سَرِيّةِ عَبْدِ الله بنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وعَلْقَمَةَ بنِ مُجَزِّرٍ المُدْلِجِيِّ ويُقالُ إنَّها سَرِيةُ الأنْصاري)

الفصل: ‌(باب عمرة القضاء)

43 -

(بابُ عُمْرَةِ الْقَضاءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عمْرَة الْقَضَاء، كَذَا هوف فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده بَاب غَزْوَة الْقَضَاء، وَسميت بِالْقضَاءِ اشتقاقاً مِمَّا كتبُوا فِي كتاب الصُّلْح يَوْم الْحُدَيْبِيَة: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ، لأمن الْقَضَاء الإصطلاحي، إِذْ لم تكن الْعمرَة الَّتِي اعتمروا بهَا فِي السّنة الْقَابِلَة قَضَاء للَّتِي تحللوا مِنْهَا يَوْم الصُّلْح، قَالَه الْكرْمَانِي وَفِي (الاكليل) : قَالَ الْحَاكِم: قد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار عَن أَئِمَّة الْمَغَازِي أَنه لما دخل هِلَال ذِي الْقعدَة من سنة سبع من الْهِجْرَة أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَصْحَابه أَن يعتمروا قَضَاء عمرتهم، وَأَن لَا يتَخَلَّف مِنْهُم أحد مِمَّن شهد الْحُدَيْبِيَة، وَخرج مَعَه أَيْضا قوم من الْمُسلمين مِمَّن لم يشْهدُوا وَالْحُدَيْبِيَة عماراً. وَكَانَ الْمُسلمُونَ فِي هَذِه الْعمرَة أَلفَيْنِ سوى النِّسَاء وَالصبيان. انْتهى. قلت: وَفِيه رد على مَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَإِنَّمَا ذكر الْعمرَة فِي كتاب الْمَغَازِي للخصومة الَّتِي جرت بَينهم وَبَين الْكفَّار فِي سنة التَّحَلُّل وَالسّنة الْقَابِلَة أَيْضا وَإِن لم تكن بالمسايفة إِذْ لَا يلْزم من إِطْلَاق الْغَزْوَة الْمُقَاتلَة بِالسُّيُوفِ، وَتسَمى: عمْرَة الْقَضِيَّة. وَعمرَة الْقصاص، وَعمرَة الصُّلْح. قَالَ السُّهيْلي: تَسْمِيَتهَا: عمْرَة الْقصاص، أُولى لقَوْله تَعَالَى:{الشَّهْر الْحَرَام بالشهر الْحَرَام والحرمات قصاص} (الْبَقَرَة: 194) . وَكَذَا رَوَاهُ ابْن جرير بِإِسْنَاد صَحِيح عَن مُجَاهِد، وَبِه جزم سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِي (مغازيه) .

ذَكَرَهُ أنَسٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

أَي: ذكر حَدِيث عمْرَة الْقَضَاء أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس، قَالَ: لما دخل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكَّة فِي عمْرَة الْقَضَاء مَشى عبد الله بن رَوَاحَة بَين بديه، وَهُوَ يَقُول:

(خلوا بني الْكفَّار عَن سَبيله

قد أنزل الرَّحْمَن فِي تَنْزِيله

(

(بِأَن خير الْقَتْل فِي سَبيله

نَحن قتلناكم على تَأْوِيله)

وَأخرجه ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) بِزِيَادَة وَهِي:

(وَيذْهل الْخَلِيل عَن خَلِيله

يَا رب إِنِّي مُؤمن بقيله)

فَقَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَا ابْن رَوَاحَة: أَتَقول الشّعْر بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: دَعه يَا عمر: لهَذَا أَشد عَلَيْهِم من وَقع النبل.

4251 -

حدَّثني عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى عنْ إسْرَائِيل عنْ أبي إسْحاقَ عنِ البَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ لمَّا اعْتَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذِي القَعْدَةِ بأبَى أهْلُ مَكَّةَ أنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قاضاهمْ عَلَى أنْ يُقيمَ بهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَتَبُوا الكِتابَ كَتَبُوا هذَا مَا قاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رسُولُ الله قالُوا لَا نُقِرُّ بهَذا لوْ نَعْلَمُ أنَّكَ رسُولُ الله مَا مَنَعْناكَ شَيْئاً ولَكِنْ أنْتَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله فَقَالَ أَنا رسُولُ الله وَأَنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله ثُمَّ قَالَ لِعَلِيّ امْخُ رسُولَ الله قَالَ عَلِيٌّ لَا وَالله لَا أمْحوكَ أبَداً فأخَذَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الكِتابَ ولَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله لَا يُدْخلُ مَكَّةَ السِّلَاحَ إلَاّ السَّيْفَ فِي القِرَابِ وَأَن لَا يَخْرجَ منْ أهْلِها بأحدٍ إنْ أرادَ أنْ يَتْبَعَهُ وأنْ لَا يمْنَعَ منْ أصْحابِهِ إنْ أرادَ أنْ يُقِيمَ بهَا فَلمّا دَخَلَهَا ومَضيَ الأجَلُ أتوْا عَلِيًّا فَقالُوا قُلْ لِصاحِبِكَ اخْرُجْ عَنَّا فقَدْ مَضي الأجَلُ فَخَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فتَبعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنادِي يَا عَمِّ يَا عَمِّ فَتَناوَلَها عليٌّ فأخَذَ بيَدِها وقالَ لِفاطِمَةَ عَلَيْها السَّلَامُ

ص: 262

دُونَك ابْنَةَ عَمِّكِ حَمَلتْها فاخْتَصَمَ فِيها علِيٌّ وزَيْدٌ وجَعْفَرٌ. قَالَ عليٌّ أَنا أخذْتُها وهْيَ بنْتُ عَمِّي وَقَالَ جعْفَرٌ ابْنَةُ عَمِّي وخالتُها تَحْتى وَقَالَ زَيْدٌ ابْنَةُ أخِي فقَضَى بِها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَالتِها وَقَالَ الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأمِّ. وَقَالَ لِعَلِيّ أنْتَ مِنِّي وَأَنا مِنْكَ وَقَالَ لِجَعْفَرٍ أشْبَهْتَ خَلْقي وخُلُقِي وَقَالَ لِزَيْد أنْتَ أخُونا ومَوْلَانا وَقَالَ عليٌّ أَلا تَتَزَوَّجُ بنْتَ حَمْزَةَ قَالَ إنّها ابْنَةُ أخِي منَ الرَّضاعَةِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبيد الله بن مُوسَى بن باذام الْكُوفِي، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق، يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي الْكُوفِي.

والْحَدِيث قد مضى فِي الصُّلْح فِي: بَاب كَيفَ يكْتب: هَذَا مَا صَالح فلَان بن فلَان، بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَقَالَ الْحَافِظ الْمزي: قيل: مر الحَدِيث فِي الْحَج، وَلم أَجِدهُ فِيهِ.

قَوْله: (فِي ذِي الْقعدَة) أَي: من سنة سِتّ. قَوْله: (فَأبى) من الإباء وَهُوَ الِامْتِنَاع. قَوْله: (أَن يَدعُوهُ) بِفَتْح الدَّال أَي: أَن يَتْرُكُوهُ. قَوْله: (حَتَّى قاضاهم) أَي: صَالحهمْ وفاصلهم. قَوْله: (على أَن يُقيم بهَا) أَي: بِمَكَّة (ثَلَاثَة أَيَّام) من الْعَام الْمقبل. وَصرح بِهِ فِي حَدِيث ابْن عمر الَّذِي بعده. قَوْله: (فَلَمَّا كتبُوا) هَكَذَا هُوَ بِصِيغَة الْجمع عِنْد الْأَكْثَرين، ويروى:(فَلَمَّا كتب الْكتاب)، بِصِيغَة الْمَجْهُول من الْفِعْل الْمَاضِي الْمُفْرد. قَوْله:(هَذَا) إِشَارَة إِلَى مَا تصور فِي الذِّهْن. قَوْله: (مَا قاضى) فِي مَحل الرّفْع على أَنه خبر لقَوْله: هَذَا، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني:(هَذَا مَا قاضا)، قيل: هَذَا غلط لِأَنَّهُ لما رأى قَوْله: كتبُوا ظن أَن المُرَاد كتب قُرَيْش، وَلَيْسَ كَذَلِك بل الْمُسلمُونَ هم الَّذين كتبُوا (فَإِن قلت) الْكَاتِب كَانَ وَاحِدًا فَمَا وَجه صِيغَة الْجمع؟ (قلت) : لما كَانَت الْكِتَابَة برأيهم أسندت إِلَيْهِم مجَازًا. قَوْله: (لَا نقرلك بِهَذَا الْأَمر الَّذِي تدعيه)، وَهُوَ النُّبُوَّة وَقد تقدم فِي الصُّلْح بِلَفْظ:(فَقَالُوا إِلَّا نقربها) أَي: بِالنُّبُوَّةِ. قَوْله: (لَو نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا منعناك شَيْئا)، وَزَاد فِي رِوَايَة يُوسُف:(ولبايعناك)، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله بن مُوسَى شيخ البُخَارِيّ فِيهِ:(مَا منعناك بَيته)، وَفِي رِوَايَة شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق:(لَو كنت رَسُول الله لم نقاتلك)، وَفِي حَدِيث أنس: لاتبعناك، وَفِي حَدِيث الْمسور:(فَقَالَ سُهَيْل بن عمر: وَالله لَو كُنَّا نعلم أَنَّك رَسُول الله مَا صَدَدْنَاك عَن الْبَيْت وَلَا قَاتَلْنَاك)، وَفِي رِوَايَة أبي الْأسود عَن عُرْوَة فِي الْمَغَازِي:(فَقَالَ سُهَيْل: ظَلَمْنَاك إِن أقرر نالك بهَا ومنعناك)، وَفِي رِوَايَة عبد الله ابْن مُغفل:(لقد ظَلَمْنَاك إِن كنت رَسُولا) . قَوْله: (امح) بِضَم الْمِيم من محا يمحو قَوْله (رَسُول الله) بِالنّصب لِأَنَّهُ مفعول امح وَلَكِن تَقْدِيره امح لفظ رَسُول الله قَوْله (قَالَ عَليّ: لَا وَالله لَا أمحوك أبدا)، أَي: لَا أمحو إسمك أبدا، وَإِنَّمَا لم يمتثل الْأَمر لِأَنَّهُ علم بالقرائن أَن أمره، عليه السلام، لم يكن متحتماً. قَوْله:(وَلَيْسَ يحسن يكْتب)، أَي: وَالْحَال أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْسَ يحسن الْكِتَابَة (هَذَا مَا قاضى)(فَإِن قلت) قَالَ الله تَعَالَى: {الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي} (الْأَعْرَاف: 157) والأمي لَا يحسن الْكِتَابَة، فَكيف كتب؟ (قلت) : فِيهِ أجوبة. (الأول) : أَن الْأُمِّي من لَا يحسن الْكِتَابَة لَا من لَا يكْتب. (الثَّانِي) : أَن الْإِسْنَاد فِيهِ مجازي، إِذْ هُوَ الْآمِر بهَا. وَقَالَ السُّهيْلي: وَالْحق أَن قَوْله: فَكتب، أَي: أَمر عليا أَن يكْتب. قلت: هُوَ بِعَيْنِه الْجَواب الثَّانِي. (الثَّالِث) : أَنه كتب بِنَفسِهِ خرقاً للْعَادَة على سَبِيل المعجزة، وَأنكر بعض الْمُتَأَخِّرين على أبي مَسْعُود نِسْبَة هَذِه اللَّفْظَة أَعنِي قَوْله:(لَيْسَ يحسن يكْتب) إِلَى تَخْرِيج البُخَارِيّ، وَقَالَ: لَيست هَذِه اللَّفْظَة فِي البُخَارِيّ وَلَا فِي مُسلم، وَهُوَ كَمَا قَالَ: لَيْسَ فِي مُسلم هَذَا، وَلَكِن ثبتَتْ هَذِه اللَّفْظَة فِي البُخَارِيّ، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله بن مُوسَى مثل مَا هِيَ هُنَا سَوَاء، وَكَذَا أخرجهَا أَحْمد عَن يحيى بن الْمثنى عَن إِسْرَائِيل. وَلَفظه:(فَأخذ الْكتاب)، وَلَيْسَ يحسن أَن يكْتب فَكتب مَكَان رَسُول الله: هَذَا مَا قاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد بن عبد الله. قَوْله: (لَا يدْخل) بِضَم الْيَاء: من الإدخال، وَالسِّلَاح مَنْصُوب بِهِ. قَوْله:(وَأَن لَا يخرج)، على صِيغَة الْمَعْلُوم. قَوْله:(فِي القراب)، وقراب السَّيْف جفْنه وَهُوَ وعَاء يكون فِيهِ السَّيْف بغمده. قَوْله: فَلَمَّا دَخلهَا) ، أَي: فِي الْعَام الْمقبل. قَوْله: (وَمضى الْأَجَل)، أَي: ثَلَاثَة أَيَّام. قَوْله: (قل لصاحبك: أخرج عَنَّا) ، أَرَادَ بِصَاحِب عليٍّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم،

ص: 263

وَفِي رِوَايَة يُوسُف: (مر صَاحبك فليرتحل) . قَوْله: (فتبعته ابْنة حَمْزَة) هَكَذَا رَوَاهُ الْبَارِي مَعْطُوفًا على إِسْنَاد الْقِصَّة الَّتِي قبله، وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان عَن عبيد الله بن مُوسَى، وَكَذَا أخرجه الْحَاكِم فِي (الإكليل) وَادّعى الْبَيْهَقِيّ أَن فِيهِ إدراجاً لِأَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة رَوَاهُ عَن أبي إِسْحَاق مفصلا فَأخْرج مُسلم والإسماعيلي الْقِصَّة الأولى من طَرِيقه عَن أبي إِسْحَاق حَدِيث الْبَراء فَقَط، وَأخرج الْبَيْهَقِيّ قصَّة بنت حَمْزَة من طَرِيقه عَن ابي اسحاق من حَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ واخرج ابو دَاوُد من طَرِيق اسماعيل بن جَعْفَر عَن إِسْرَائِيل قصَّة بنت حَمْزَة خَاصَّة من حَدِيث عَليّ بِلَفْظ: لما خرجنَا من مَكَّة تبعتنا بنت حَمْزَة الحَدِيث قيل: لَا إدراج فِيهِ لِأَن الحَدِيث كَانَ عِنْد إِسْرَائِيل وَكَذَا عِنْد عبيد الله بن مُوسَى عَنهُ بالإسنادين جَمِيعًا، لكنه فِي الْقِصَّة الأولى من حَدِيث الْبَراء أتم، وبالقصة الثَّانِيَة من حَدِيث عَليّ أتم، وَاسم ابْنة حَمْزَة: عمَارَة، وفيل: فَاطِمَة، وَقيل: أُمَامَة، وَقيل: أمة الله، وَقيل: سلمى، وَالْأول أشهر. قَوْله:(تنادي يَا عَم) إِنَّمَا خاطبت النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بذلك إجلالاً لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ ابْن عَمها. أَو بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَون حَمْزَة أَخَاهُ صلى الله عليه وسلم، من الرضَاعَة. قَوْله:(دُونك) من أَسمَاء الْأَفْعَال مَعْنَاهُ: خذيها، وَهِي كلمة تسْتَعْمل فِي الإغراء بالشَّيْء. قَوْله:(جُمْلَتهَا) بِصِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي بتَخْفِيف الْمِيم. قيل: أَصله: فحملتها بِالْفَاءِ وَكَأَنَّهَا سَقَطت، وَكَذَا بِالْفَاءِ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد. وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن السَّرخسِيّ والكشميني: حمليها بتَشْديد الْمِيم بِصُورَة الْأَمر من التحميل، وَقد مر فِي الصُّلْح فِي هَذَا الْموضع للكشميهني: إحمليها أكر من الإحمال، وروى الْحَاكِم من مُرْسل الْحسن، فَقَالَ عَليّ لفاطمة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَهِي فِي هودجها: إمسكيها عنْدك، وَعند ابْن سعد من مُرْسل مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن الباقر بِإِسْنَاد صَحِيح إِلَيْهِ: فَبَيْنَمَا بنت حَمْزَة تَطوف فِي الرّحال إِذْ أَخذ عَليّ بِيَدِهَا فألقاها إِلَى فَاطِمَة فِي هودجها. قَوْله: (فاختصم فِيهَا) أَي: فِي بنت حَمْزَة عَليّ بن أبي طَالب، وَزيد بن حَارِثَة، وجعفر أَخُو عَليّ، أَرَادَ أَن كلَاّ مِنْهُم أَرَادَ أَن تكون ابْنة حَمْزَة عِنْده، وَكَانَت الْخُصُومَة فِيهَا بعد قدومهم الْمَدِينَة، وَثَبت ذَلِك فِي حَدِيث عَليّ عِنْد أَحْمد وَالْحَاكِم. فَإِن قلت: زيد بن حَارِثَة لَيْسَ أَخا لِحَمْزَة لَا نسبا وَلَا رضَاعًا، فَكيف اخْتصم؟ قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: آخى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، بَينه وَبَين حَمْزَة. انْتهى. قلت: ذكر الْحَاكِم فِي (الإكليل) وَأَبُو سعيد فِي (شرف الْمُصْطَفى) من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِسَنَد صَحِيح أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، كَانَ آخى بَين حَمْزَة وَزيد بن حَارِثَة، وَأَن عمَارَة بنت حَمْزَة كَانَت مَعَ أمهَا بِمَكَّة. قلت اسْم أمهَا سلمى بنت عُمَيْس وَهِي مَعْدُودَة فِي الصَّحَابَة. فَإِن قلت: كَيفَ تركت عِنْد أمهَا فِي دَار الْحَرْب؟ قلت: أما أَن أمهَا لم تكن أسلمت إلَاّ بعد هَذِه الْقَضِيَّة، وَأما أَنَّهَا قد مَاتَت، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن عليا قَالَ لَهُ: كَيفَ تتْرك إبنة عمك مُقِيمَة بَين ظهراني الْمُشْركين؟ فَإِن قلت: كَيفَ أخذوها وَفِيه مُخَالفَة لكتاب الْعَهْد؟ قلت: قد تقدم فِي كتاب الشُّرُوط: أَن النِّسَاء الْمُؤْمِنَات لم يدخلن فِي الْعَهْد، وَلَئِن سلمنَا كَون الشَّرْط عَاما وَلَكِن لَا نسلم أَنه صلى الله عليه وسلم، أخرجهَا وَوَقع فِي (مغازي سُلَيْمَان التَّيْمِيّ) أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، لما رَجَعَ إِلَى أَهله وجد بنت حَمْزَة، فَقَالَ لَهَا: مَا أخرجك؟ قَالَت: رجل من أهلك، وَلم يكن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَمر بإخراجها. وَفِي حَدِيث عَليّ عِنْد أبي دَاوُد: أَن زيد بن حَارِثَة أخرجهَا من مَكَّة. قَوْله: (وخالتها تحتي) أَي: زَوْجَتي، وَاسْمهَا: أَسمَاء بنت عُمَيْس. قَوْله: (وَالْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم) أَي فِي الحنو والشفقة وَإِقَامَة حث الصَّغِير، وَقَالَ بَعضهم: لَا حجَّة فِيهِ لمن زعم أَن الْخَالَة تَرث لِأَن الْأُم تَرث. قلت: هِيَ من ذَوي الْأَرْحَام، قَالَ الله تَعَالَى:{وألو الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} (الْأَنْفَال: 75) وعَلى هَذَا كَانَت الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، حَتَّى روى أَن عمر، رضي الله عنه، قضى فِي عَم لأم وَخَالَة، أعْطى الْعم الثُّلثَيْنِ وَالْخَالَة الثُّلُث، والْحَدِيث لَا يُنَافِي تَوْرِيث الْخَالَة، بل ظَاهره يدل عَلَيْهِ من حَيْثُ الْعُمُوم. قَوْله:(وَقَالَ لعَلي) أَي: وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، لعَلي بن أبي طَالب: أَنْت مني وَأَنا مِنْك. أَي: فِي النّسَب والصهر والسابقة والمحبة وَغير ذَلِك، وَلم يرد مَحْض الْقَرَابَة، وإلَاّ فجعفر شَرِيكه فِيهَا. قَوْله:(وَقَالَ لجَعْفَر: أشبهت خلقي وَخلقِي) . بِفَتْح الْخَاء فِي الأول وَضمّهَا فِي الثَّانِي (أما الأول) : فَالْمُرَاد بِهِ الصُّورَة، فقد شَاركهُ فِيهَا جمَاعَة مِمَّن رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قيل: هم عشرَة أنفس غير فَاطِمَة، وَقيل: أَكثر من عشرَة مِنْهُم: إِبْرَاهِيم ولد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَعبد الله وَعون ولدا جَعْفَر، وَإِبْرَاهِيم بن الْحسن بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَيحيى بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ، وَالقَاسِم بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل بن أبي

ص: 264

طَالب، وَمِنْهُم: عَليّ بن عباد بن رِفَاعَة الرِّفَاعِي، شيخ بصرى من أَتبَاع التَّابِعين. (وَأما الثَّانِي) أَعنِي شبهه فِي الْخلق فمخصوص بِجَعْفَر، وَهَذِه منقبة عَظِيمَة لَهُ قَالَ الله تَعَالَى:{وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} (الْقَلَم: 4) . قَوْله: (وَقَالَ لزيد: أَنْت أخونا) يَعْنِي فِي الْإِيمَان، (ومولانا) يَعْنِي من جِهَة أَنه أعْتقهُ، وَهُوَ الْمولى الْأَسْفَل، وَقد طيب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، خواطر الْجَمِيع لكل أحد بِمَا يُنَاسِبه. قَوْله:(وَقَالَ عَليّ) رضي الله عنه. وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور أَولا. قَوْله: (إِنَّهَا) أَي: بنت حَمْزَة (إبنة أخي من الرضَاعَة) وَذَلِكَ أَن ثوبية، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: مولاة أبي لَهب، أرضعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَحَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي (تَجْرِيد الصَّحَابَة) إِن ثويبة أسلمت.

4252 -

حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ حَدثنَا سُرَيْجٌ حَدثنَا فُلَيْحٌ ح قَالَ وحدَّثَني مُحَمَّدُ بنُ الحسَيْنِ بنِ إبرَاهِيمَ قَالَ حدَّثني أبي حدَّثنا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمَانَ عَن نافِعٍ عَن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مُعْتَمِراً فَحالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وبَيْنَ البَيْتِ فنَحَرَ هَدْيه وحَلَقَ رأسَهُ بالحُدَيْبِيةِ وقاضاهُمْ عَلَى أنْ يَعْتَمِرَ العامَ المُقْبِلَ ولَا يَحْمِلَ سِلَاحاً عَلَيْهِمْ إلَاّ سُيُوفاً وَلَا يُقِيمَ بِها إلَاّ مَا أحَبُّوا فاعتَمَرَ منَ العامِ المُقْبِلِ فدَخَلَهَا كمَا كانَ صالَحَهُمْ فَلَمَّا أنْ أقامَ بهَا ثَلاثاً أمَرُوهُ أَنْ يَخْرُج فَخَرَجَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ فِي عمْرَة الْقَضَاء. وَأخرجه من طَرِيقين: (الأول) : عَن مُحَمَّد بن رَافع بن أبي زيد النَّيْسَابُورِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ عَن البُخَارِيّ مُحَمَّد بن رَافع، وَوَقع لبَعض رُوَاة الْفربرِي: حَدثنِي مُحَمَّد هُوَ ابْن رَافع، وَهُوَ يروي عَن سُرَيج، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفِي آخِره جِيم: ابْن النُّعْمَان أبي الْحُسَيْن الْبَغْدَادِيّ الْجَوْهَرِي، وَهُوَ شيخ البُخَارِيّ أَيْضا روى عَنهُ بِوَاسِطَة، وروى عَن مُحَمَّد غير مَنْسُوب فِي الْحَج، مَاتَ سنة سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ يروي عَن فليح، بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَفِي آخِره حاء مُهْملَة ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة، وَكَانَ اسْمه عبد الْملك ولقبه فليح فغلب على اسْمه، وَهُوَ يروي عَن نَافِع مولى ابْن عمر عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهَذَا الطَّرِيق بِعَيْنِه سنداً ومتناً مضى فِي كتاب الصُّلْح فِي: بَاب الصُّلْح مَعَ الْمُشْركين. (الطَّرِيق الثَّانِي) عَن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن أشكاب الْبَغْدَادِيّ، يروي عَن أَبِيه الْحُسَيْن بن إِبْرَاهِيم الْخُرَاسَانِي، سكن بَغْدَاد وَطلب الحَدِيث وَلزِمَ أَبَا يُوسُف وَقد أدْركهُ البُخَارِيّ، فَإِنَّهُ مَاتَ سنة سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع. وَهُوَ يرْوى عَن فليح عَن نَافِع عَن ابْن عمر.

قَوْله: (خرج مُعْتَمِرًا) يَعْنِي: بِالْحُدَيْبِية. قَوْله: (إِلَّا سيوفاً) يَعْنِي: فِي قرابها. قَوْله: (إِلَّا مَا أَحبُّوا) هُوَ مُجمل بيّنه فِي حَدِيث الْبَراء أَنهم اتَّفقُوا على ثَلَاثَة أَيَّام. قَوْله: (فَلَمَّا أَن أَقَامَ بهَا) أَي:: فَلَمَّا أَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة ثَلَاثًا أَي: ثَلَاثَة أَيَّام. وَقَالَ ابْن التِّين. قَوْله: (ثَلَاثًا) يُخَالف قَوْله: إلَاّ مَا أَحبُّوا ورد عَلَيْهِ بِأَن محبتهم لما كَانَت ثَلَاثَة أَيَّام أفْصح بهَا الرَّاوِي بقوله: ثَلَاثًا، مَعَ الْبَيَان فِي حَدِيث الْبَراء كَمَا ذكرنَا.

4253 -

حدَّثني عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ مجاهِدٍ قَالَ دَخلْتُ أَنا وعُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ فإذَا عبْدُ الله بنُ عُمَرَ رضي الله عنهما جالِسٌ إِلَى حُجْرةِ عائِشَةَ ثُمَّ قَالَ كَمِ اعْتَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أرْبَعاً إحْدَاهُمَّ فِي رَجَبٍ. . ثمَّ سَمِعْنا اسْتَنانَ عائِشَةَ قَالَ عرْوَةُ يَا أمَّ المُؤمنينَ ألَا تَسْمَعِينَ مَا يقُولُ أبُو عبْدِ الرَّحْمانِ إنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ أرْبَعَ عُمَرٍ إحْدَاهُنَّ فِي رَجَبٍ فَقَالَتْ مَا اعْتَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عُمْرَةً إلَاّ وهْوَ شاهِدُهُ وَمَا اعْتَمَرَ فِي رجَبٍ قَطُّ. .

ص: 265

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أَرْبعا) لِأَن إِحْدَاهُنَّ عمْرَة الْقَضَاء والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي الْحَج فِي: بَاب كم اعْتَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن جرير بن عبد الحميد عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُجَاهِد إِلَى آخِره.

قَوْله: (استنان عَائِشَة) من اسْتنَّ الرجل إِذا استاك. قَوْله: (أَلا تسمعين؟) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ألم تسمعي؟ قَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: ألم تسمعين؟ وَهُوَ على لُغَة من لَا يُوجب الْجَزْم بأدواته. قَوْله: (أَبُو عبد الرَّحْمَن) هُوَ كنية عبد الله بن عمر. قَوْله: (ألَاّ وَهُوَ شَاهده) أَي: إلَاّ وَالْحَال أَن عبد الله بن عمر شَاهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم. أَي: حَاضر عِنْده. قَوْله: (وَمَا اعْتَمر فِي رَجَب قطّ) هَذَا رد لقَوْل ابْن عمر لما قَالَه فِي هَذَا الحَدِيث: أَربع إِحْدَاهُنَّ فِي رَجَب أَي: أَربع عمر إِحْدَاهُنَّ فِي شهر رَجَب، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب كم اعْتَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم.

4255 -

حدَّثنا عليُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ عنْ إسْماعِيلَ بنِ أبي خالِدٍ سَمِعَ ابنَ أبي أوْفَى يقُولُ لمَّا اعْتَمَرَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم سَتَرْناهُ منْ غِلْمانِ المُشْرِكِينَ ومِنْهُمْ أنْ يُؤْذُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: لما اعْتَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لِأَن المُرَاد مِنْهُ عمْرَة الْقَضَاء، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَابْن أبي أوفى هُوَ عبد الله بن أبي أوفى.

والْحَدِيث مضى فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن ابْن نمير عَن يعلى عَن إِسْمَاعِيل عَن عبد الله بن أبي أوفى، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (عَن إِسْمَاعِيل) وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: حَدثنَا إِسْمَاعِيل قَوْله: (وَمِنْهُم) أَي: وَمن الْمُشْركين. قَوْله: (أَن يؤذوا) أَي: خشيَة أَن يؤذوه. وَقَالَ ابْن أبي عمر عَن سُفْيَان بِلَفْظ: لما قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكَّة وَطَاف بِالْبَيْتِ فِي عمْرَة الْقَضِيَّة كُنَّا نستره من السُّفَهَاء وَالصبيان مَخَافَة أَن يؤذوه. وَفِي لفظ الْإِسْمَاعِيلِيّ: كُنَّا نستره من صبيان أهل مَكَّة لَا يؤذونه.

4256 -

حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا حَمَّادٌ هُوَ ابنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ قَدِمَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وأصْحابُهُ فَقَال المُشْرِكونَ إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ وهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ وأمَرَهُمُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَرْمُلُوا الأشْواطَ الثَّلَاثَةَ وأنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ولَمْ يَمْنَعْهُ أنْ يأمُرَهُمْ أنْ يَرْمُلُوا الأشْوَاطَ كُلَّها إلَاّ الإبْقاءُ عَلَيْهِمْ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه) أَي: مَكَّة لأجل عمْرَة الْقَضَاء. والْحَدِيث قد مر فِي الْحَج فِي: بَاب كَيفَ كَانَ بَدْء الرمل، بِعَيْنِه سنداً ومتناً. وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (وَفد)، بِفَتْح الْوَاو وَسُكُون الْفَاء أَي: ثوم، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن السكن. وَقد بِالْقَافِ، فالواو للْعَطْف وَقد بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الدَّال للتحقيق، وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه خطأ وَلم يبين وَجه الْخَطَأ: هَل هُوَ من حَيْثُ الرِّوَايَة أَو من حَيْثُ الْمَعْنى؟ وَلَا خطأ أصلا من حَيْثُ الْمَعْنى، فَإِن قَالَ: الْخَطَأ من حَيْثُ الرِّوَايَة فَعَلَيهِ الْبَيَان. قَوْله: (وهنهم)، أَي: أضعفهم، ويروى: وهنتهم بتأنيث الْفِعْل، ويروي: أوهنتهم، بِزِيَادَة الْألف فِي أَوله. قَوْله:(يقرب) هُوَ إسم الْمَدِينَة، كانف ي الْجَاهِلِيَّة. قَالَ ابْن عَبَّاس: ذكرهَا بِاعْتِبَار مَا كَانَ. قَوْله: (إلَاّ الْإِبْقَاء) ، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالقاف، أَي: الرِّفْق بهم والشفقة عَلَيْهِم، وَالْمعْنَى: لم يمنعهُ أَن يَأْمُرهُم بالرمل فِي جَمِيع الأطواق إلَاّ الرِّفْق بهم. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: يجوز الْإِبْقَاء بِالرَّفْع على أَنه فَاعل، لم يمنعهُ، أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَبِالنَّصبِ على وَجه التَّعْلِيل أَي: لأجل الْإِبْقَاء. وَالْمعْنَى: لم يمْنَع النَّبِي صلى الله عليه وسلم، من أمره إيَّاهُم بالرمل فِي كل الطوفات إلَاّ الْأَجَل إبقائهم فِي الرِّفْق شَفَقَة عَلَيْهِم، وَقَالَ بَعضهم فِي وَجه النصب: يكون فِي: يمنعهُ، ضمير عَائِد على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فَاعله. قلت: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيح، وَلَيْسَ فِي: يمنعهُ، ضمير مستتر، وَإِنَّمَا الضَّمِير البارز فِيهِ يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وفاعل يمْنَع هُوَ قَوْله:(أَن يَأْمُرهُم) أَي: بِأَن يَأْمُرهُم. وَكلمَة أَن، مَصْدَرِيَّة. وَالتَّقْدِير: هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ الْآن.

وزَادَ ابنُ سُلَمَة عنْ أَيُّوبَ عنْ سَعِيد بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ لمَّا قَدِمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ

ص: 266