الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 -
(بَاب كَيْفَ يُكْتَبُ إِلَى الذِّمِّيِّ)
[5136]
(إِلَى هِرَقْلَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ غَيْرِ مُنْصَرِفٍ وَهُوَ اسْمٌ عَلَمٌ لِمَلِكِ الرُّومِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَيْصَرُ لَقَبٌ لِجَمِيعِ مَلِكَ الرُّومِ وَقِيلَ كِلَاهُمَا وَاحِدٌ (عَظِيمِ الرُّومِ) بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ (سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى) أَيِ الْهِدَايَةَ بِالْإِسْلَامِ وَالدِّيَانَةِ
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِالسَّلَامِ لِغَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إلا على طريق الكناية (وقال بن يَحْيَى) هُوَ مُحَمَّدٌ (أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ) أي بن عَبَّاسٍ (قَالَ) أَيْ أَبُو سُفْيَانَ (فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ أَجْلَسَ هِرَقْلُ إِيَّانَا قُدَّامَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا ومختصرا
32 -
(باب في بر الوالدين)
[5137]
(لا يجزئ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْيَاءِ فِي آخِرِهِ أَيْ لَا يُكَافِئُ (وَلَدٌ وَالِدَهُ) أَيْ إِحْسَانَ وَالِدِهِ (إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ) أَيْ يُصَادِفَهُ (مَمْلُوكًا) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي يَجِدَهُ (فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ) بِالنَّصْبِ فِيهِمَا قَالَ الْقَاضِي رحمه الله ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يُعْتَقُ عَلَى وَلَدِهِ إِذَا تَمَلَّكَهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ تَرْتِيبُ الْإِعْتَاقِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ التَّمَلُّكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْشِئَ فِيهِ عِتْقًا وَأَنَّ قَوْلَهَ فَيَعْتِقَهُ مَعْنَاهُ فَيَعْتِقَهُ بِالشِّرَاءِ لَا بِإِنْشَاءِ عِتْقٍ وَالتَّرْتِيبُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ دُونَ الْإِنْشَاءِ انْتَهَى
قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
[5138]
(فَقَالَ لِي طَلِّقْهَا فَأَبَيْتُ) أَيِ امْتَنَعْتُ لِأَجْلِ مَحَبَّتِي فِيهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ من حديث بن أَبِي ذِئْبٍ
[5139]
(عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ حَكِيمٍ (عَنْ جَدِّهِ) أَيْ جَدِّ بَهْزٍ وَهُوَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حَيْدَةَ (مَنْ أَبَرُّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ عَلَى صِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ مَنْ أُحْسِنُ إِلَيْهِ وَمَنْ أَصِلُهُ (قَالَ أُمَّكَ) بِالنَّصْبِ أَيْ بِرَّ أُمَّكَ وَصِلْهَا أَوَّلًا (ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ) أَيْ إِلَى آخِرِ ذَوِي الْأَرْحَامِ (لَا يَسْأَلُ رَجُلُ مَوْلَاهُ) أَيْ مُعْتِقَهُ بِفَتْحِ التَّاءِ أَوِ الْمُرَادُ بِالْمَوْلَى الْقَرِيبُ أَيْ ذُو الْقُرْبَى وَذُو الْأَرْحَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (مِنْ فَضْلٍ) أَيِ الْمَالِ الْفَاضِلِ مِنَ الْحَاجَةِ (فَيَمْنَعُهُ إِيَّاهُ) أَيْ لَا يُعْطِي الْمَوْلَى الْفَضْلَ الرَّجُلَ فَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِلْمَوْلَى وَالْمَنْصُوبُ الْمُتَّصِلُ لِلْفَضْلِ وَالْمُنْفَصِلُ لِلرَّجُلِ (إِلَّا دُعِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (لَهُ) أَيْ لِمَوْلَاهُ (فَضْلُهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ (شُجَاعًا أَقْرَعَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ الشُّجَاعُ الْحَيَّةُ وَالْأَقْرَعُ هُوَ الَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ مِنْ رَأْسِهِ مِنْ كَثْرَةِ سُمِّهِ
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي وقال حسن
وَقَالَ حَسَنٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ
[5140]
(كُلَيْبُ بْنُ مَنْفَعَةَ) الْحَنَفِيُّ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ
كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (عَنْ جَدِّهِ) بَكْرِ بْنِ الْحَارِثِ
قَالَ فِي الْإِصَابَةِ بَكْرُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْمَارِيُّ أبو منفعة ذكره الترمذي وبن شَاهِينَ فِي الصَّحَابَةِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عِيسَى الْبَغْدَادِيُّ فِيمَنْ نَزَلَ حِمْصَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَهُ بن قَانِعٍ فَسَمَّاهُ أَيْضًا بَكْرَ بْنَ الْحَارِثِ ثُمَّ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ مِنْ طَرِيقِ كُلَيْبِ بْنِ مَنْفَعَةَ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ قَالَ أُمَّكَ انْتَهَى (وَمَوْلَاكَ) أَيْ قَرِيبَكَ أَيْ ذَا الْقُرْبَى مِنْكَ فَإِنَّ أَحَدَ معاني المولى القريب أيضا وهو المراد ها هنا بِدَلِيلِ ثَالِثِ أَحَادِيثِ الْبَابِ الَّذِي تَقَدَّمَ وَهُوَ حَدِيثُ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَفِيهِ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ
وَبِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم مَنْ قَالَ أَبُوكَ
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أُمَّكَ ثُمَّ أُمَّكَ ثُمَّ أَبَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ
وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ وَمَوْلَاكَ بِمَعْنَى ثُمَّ أَيْ ثُمَّ أَبَاكَ ثُمَّ أُخْتَكَ ثُمَّ أَخَاكَ ثُمَّ مَوْلَاكَ أَيْ قَرِيبَكَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ (الَّذِي يَلِي ذَلِكَ) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ مَوْلَاكَ أَيْ قَرِيبَكَ الَّذِي يَقْرُبُ من تقدم من بن أختك وبن أخيك وعمتك وعمك وبن عمتك وبن عمك وهكذا الأقرب فالأقرب
وأخرج بن مَاجَهْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَدَبِ عَنْ أَبِي سَلَامَةَ السَّلَامِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ أُوصِي امْرَأً بِأُمِّهِ ثَلَاثًا أُوصِي امْرَأً بِأَبِيهِ أُوصِي امْرَأً بِمَوْلَاهُ الَّذِي يَلِيهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ أَذًى يُؤْذِيهِ انْتَهَى
وَمَعْنَاهُ أوصى كل امريء أَنْ يَبَرَّ مَوْلَاهُ أَيْ قَرِيبَهُ الَّذِي يَلِيهِ مِنْ أُخْتِهِ وَأَخِيهِ وَغَيْرِهِمَا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الْقَرِيبِ أَذًى يُؤْذِيهِ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه تَعَالَى قَالَ الْإِمَام أَحْمَد لِلْأُمِّ ثَلَاثَة أَرْبَاع الْبِرّ
وَقَالَ أَيْضًا الطَّاعَة لِلْأَبِ وَالْبِرّ للأم واحتج بحديث بن عُمَر أَطِعْ أَبَاك لَمَّا أَمَرَهُ عُمَر بْنُ الخطاب رضي الله عنه بطلاق زوجته
وقد روى بن مَاجَهْ فِي سُنَنه مِنْ حَدِيث الْقَاسِم بْن مُحَمَّد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُول اللَّه مَا حَقّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدهمَا قَالَ هُمَا جَنَّتك وَنَارك
وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء سَمِعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول الْوَالِد أَوْسَط أَبْوَاب الْجَنَّة فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَاب أَوْ اِحْفَظْهُ
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ (حَقًّا) أَيْ قُلْتَ قَوْلًا حَقًّا (وَاجِبًا) صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِقَوْلِهِ حَقًّا أَيْ حَقًّا ثَابِتًا مطابقا للواقع قَرُبَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ مِنَ الْأُمِّ وَالْأَبِ وَالْأُخْتِ وَالْأَخِ وَغَيْرِهِمْ مِنْكَ (رَحِمًا) أَيْ قَرَابَةً (مَوْصُولَةً) أَيْ يَجِبُ صِلَتُهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّحِمُ شَجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَقَالَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّحْمَةُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ تَعْلِيقًا
وقال بن أَبِي حَاتِمٍ كُلَيْبُ بْنُ مَنْفَعَةَ الْحَنَفِيُّ قَالَ أَتَى جَدِّي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ فَقَالَ مَنْ أَبَرُّ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ مُصَاحَبَتِي قَالَ أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك وأخرجه مسلم وبن مَاجَهْ بِنَحْوِهِ فِي حَدِيثِهِمَا ثُمَّ أُمُّكَ مَرَّتَيْنِ
[5141]
(أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) فَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى كِلَاهُمَا يَرْوِيَانِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ (فَيَلْعَنُ أَبَاهُ) أَيْ يَلْعَنُ الرَّجُلُ الْمَلْعُونُ أَبُوهُ أَبَا اللَّاعِنِ (فَيَلْعَنُ أُمَّهُ) أَيْ يَلْعَنُ الرَّجُلُ الْمَلْعُونَةُ أُمُّهُ أُمَّ اللَّاعِنِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَسَبَّبَ فِي شَيْءٍ جَازَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَفِيهِ قَطْعُ الذَّرَائِعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُ الْخَمْرَ وَالسِّلَاحَ مِمَّنْ يَقْطَعُ الطَّرِيقَ وَنَحْوِ ذَلِكَ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ
[5142]
(عَنِ أَسِيدِ بْنِ عَلِيٍّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ (عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ) بِالتَّصْغِيرِ (مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ) بِالْجَرِّ اسْمِ أَبِي أُسَيْدٍ (مِنْ بَنِي سَلِمَةَ) بكسراللام بَطْنٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَلَيْسَ فِي الْعَرَبِ سَلِمَةُ غَيْرُهُمْ (مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ) أَيْ وَالِدَيَّ وَفِيهِ تَغْلِيبٌ (شَيْءٌ) أَيْ مِنَ الْبِرِّ (أَبَرُّهُمَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَصِلُهُمَا وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمَا (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الْبِرِّ الْبَاقِي (الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا) أي الدعاء ومنه صلاة الجنازة قاله القارىء وَفِي فَتْحِ الْوَدُودِ وَالْمُرَادُ بِهَا التَّرَحُّمُ (وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا) أَيْ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ لَهُمَا وَهُوَ تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ (وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا) أَيْ إِمْضَاءُ وَصِيَّتِهِمَا (وَصِلَةُ الرَّحِمِ) أَيْ إِحْسَانُ الْأَقَارِبِ (الَّتِي لَا توصل إلا بهما قال القارىء أَيْ تَتَعَلَّقُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ فَالْمَوْصُولُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلرَّحِمِ) قَالَ الطِّيبِيُّ الْمَوْصُولُ لَيْسَ بِصِفَةٍ لِلْمُضَافِ إِلَيْهِ بَلْ لِلْمُضَافِ أَيِ الصِّلَةُ الْمَوْصُوفَةُ فَإِنَّهَا خَالِصَةٌ بِحَقِّهِمَا وَرِضَاهُمَا لَا لِأَمْرٍ آخَرَ وَنَحْوِهِ
قُلْتُ يَرْجِعُ الْمَعْنَى إِلَى الْأَوَّلِ فَتَدَبَّرْ انْتَهَى
قَالَ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ وَلَفْظُ الْبَيْهَقِيِّ وَصِلَةُ رَحِمِهِمَا الَّتِي لَا رَحِمَ لَكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِمَا فَقَالَ مَا أَكْثَرَ هَذَا وَأَطْيَبَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَاعْمَلْ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِلُ إليهما
قال المنذري وأخرجه بن ماجه
[5143]
(إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ) أَيْ أَفْضَلَهُ (أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ) بِضَمِّ الْوَاوِ بِمَعْنَى الْمَوَدَّةِ أَيْ أَصْحَابَ مَوَدَّتِهِ وَمَحَبَّتِهِ (بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَيُنْدَبُ صِلَةُ أَصْدِقَاءِ الْأَبِ وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ وَإِكْرَامُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا هُوَ مَنْدُوبٌ قَبْلَهُ قَالَهُ الْعُزَيْزِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ
[5144]
(يُقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَقَدْ يُسْكُنُ الْعَيْنُ وَيُخَفَّفُ الرَّاءُ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِتَقْسِيمِ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ وَاعْتَمَرَ مِنْهَا وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ (أَحْمِلُ عَظْمَ الْجَزُورِ) الْجَزُورُ البعير ذكرا كان أو أنثى (إذا أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ) وَهِيَ حَلِيمَةُ (حَتَّى دَنَتْ) أَيْ قَرُبَتْ (فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ) أَيْ تَعْظِيمًا لَهَا وَانْبِسَاطًا بِهَا (فَقُلْتُ مَنْ هِيَ) أَيْ تَعَجُّبًا مِنْ إِكْرَامِهِ إِيَّاهَا وَقَبُولِهَا الْقُعُودَ عَلَى رِدَائِهِ الْمُبَارَكِ (فَقَالُوا هَذِهِ أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْإِصَابَةِ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ مُرْضِعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هِيَ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ سعد بن بكر بن هوازن
قال بن عَبْدِ الْبِرِّ أَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَرَأَتْ لَهُ بُرْهَانًا
وَرَوَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ جَاءَتْ حَلِيمَةُ ابْنَةُ عَبْدِ اللَّهِ أُمُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّضَاعَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ إِلَيْهَا وَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ
وَرَوَى عَنْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَحَدِيثُهُ عَنْهَا بِقِصَّةِ إرضاعها أخرجه أبو يعلى وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بالجعرانة الحديث
وأخرج بن مَنْدَهْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5145]
(ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ) أَيْ مِنَ الرَّضَاعَةِ (فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ) أَيْ نِصْفَ ثَوْبِهِ وَالشِّقُّ بِالْكَسْرِ النِّصْفُ (مِنْ جَانِبِهِ الْآخَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ مِنْ جَانِبِ ذَلِكَ الثَّوْبِ الْآخَرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُعْضَلٌ عُمَرُ بْنُ السَّائِبِ يَرْوِي عَنِ التَّابِعِينَ وَأُمُّهُ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّضَاعَةِ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ أَسْلَمَتْ وَجَاءَتْ إِلَيْهِ وَرَوَتْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم رَوَى عَنْهَا عَبْدُ الله بن جعفر وأخته من الرضاعة الشيما بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِفَاعَةَ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَبَعْدَهَا مِيمٌ لَا تُعْرَفُ فِي قَوْمِهَا إِلَّا بِهِ وَيُقَالُ لَهَا الشَّمَا بِغَيْرِ يَاءٍ وَاسْمُهَا خِذَامَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وبعضهم يقول جذامة بِالْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْضُهُمْ