الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَبَيَانٌ لَهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِكَ فِي الْبَيْضَةِ عِشْرُونَ رِطْلًا مِنْ حَدِيدٍ وَهِيَ بِنَفْسِهَا هَذَا الْمِقْدَارُ لَا أَنَّهَا ظَرْفٌ لَهُ (فَسَلَّمَ عَلَيْنَا) قال الحليمي كان صلى الله عليه وسلم لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنَ الْفِتْنَةِ فَمَنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ بِالسَّلَامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلَّا فَالصَّمْتُ أَسْلَمُ
قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّبِ سَلَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ جَائِزٌ إِذَا أُمِنَتِ الْفِتْنَةُ وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ وَمَنَعَ مِنْهُ رَبِيعَةُ مُطْلَقًا
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَى الرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ مُنِعْنَ مِنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ قَالُوا وَيُسْتَثْنَى الْمَحْرَمُ فَيَجُوزُ لَهَا السَّلَامُ عَلَى مَحْرَمِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَا بَأْسَ بِحَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ بَهْرَامٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ شَهْرٌ حَسَنُ الْحَدِيثَ وَقَوَّى أَمْرَهُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الِاخْتِلَافُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ
53 -
(بَاب فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ)
[5205]
(فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ) عَوَامٌّ مِنَ النَّصَارَى (بِصَوَامِعَ فِيهَا نَصَارَى) أَيْ رُهْبَانُهُمْ وَالصَّوَامِعُ جَمْعُ صَوْمَعَةٍ بِفَتْحِ مُهْمَلَتَيْنِ وَبِمِيمٍ وَهِيَ نَحْوُ الْمَنَارَةِ يَنْقَطِعُ فِيهَا رُهْبَانُ النَّصَارَى (فَيُسَلِّمُونَ) أَيْ عَوَامُّ النَّصَارَى (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى رُهْبَانِهِمْ (لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ) لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِهِ إِعْزَازٌ لِلْمُسْلِمِ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ إِعْزَازُهُمْ قِيلَ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَضَعَّفَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّ ابْتِدَاءَهُمْ بِالسَّلَامِ حَرَامٌ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُبْدَأُ بِالسَّلَامِ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى مَنْ لايعرفه فَظَهَرَ ذِمِّيًّا أَوْ مُبْتَدِعًا يَقُولُ اسْتَرْجَعْتُ سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ
كَذَا فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ لِابْنِ مالك (فاضطروهم إلى أضيق الطريق) أي ألجؤهم إِلَى أَضْيَقِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ جِدَارٌ يَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وسط الطريق إلى أحد طرفيه قاله القارىء
وقال بن الْمَلَكِ يَعْنِي لَا تَتْرُكُوا لَهُمْ صَدْرَ الطَّرِيقِ هَذَا فِي صُورَةِ الِازْدِحَامِ وَأَمَّا إِذَا خَلَتِ الطَّرِيقُ فَلَا حَرَجَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ دُونَ الْقَضِيَّةِ
[5206]
(فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ بِالْأَلِفِ وَمَعْنَاهُ الْمَوْتُ الْعَاجِلُ (فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ)
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَدْ جَاءَتِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْكُمْ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذْفِهَا وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ بِإِثْبَاتِهَا وَعَلَى هَذَا فِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالُوا عَلَيْكُمُ الْمَوْتُ فَقَالَ وَعَلَيْكُمْ أَيْضًا أَيْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ وَكُلُّنَا نَمُوتُ
والثاني أن الواو ها هنا لِلِاسْتِئْنَافِ لَا لِلْعِطْفِ وَالتَّشْرِيكِ وَتَقْدِيرُهُ وَعَلَيْكُمْ مَا تستحقونه
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله قُلْت مَعْنَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْله لِأَنَّ الْوَاو حَرْف الْعَطْف وَالْجَمْع بَيْن الشَّيْئَيْنِ أَنَّ الْوَاو فِي مِثْل هَذَا تَقْتَضِي تَقْرِير الْجُمْلَة الْأُولَى وَزِيَادَة الثَّانِيَة عَلَيْهَا كَمَا إِذَا قُلْت زَيْد كَاتِب فَقَالَ الْمُخَاطَب وَشَاعِر وَفَقِيه اِقْتَضَى ذَلِكَ تَقْرِير كَوْنه كَاتِبًا وَزِيَادَة كَوْنه شَاعِرًا وَفَقِيهًا وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْت لرجل فلان أخوك
فقال وبن عَمِّي كَانَ ذَلِكَ تَقْرِيرًا لِكَوْنِهِ أَخَاهُ وَزِيَادَة كونه بن عمه
ومن ها هنا اِسْتَنْبَطَ أَبُو الْقَاسِم السُّهَيْلِيُّ أَنَّ عِدَّة أَصْحَاب الْكَهْف سَبْعَة قَالَ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى حَكَى قَوْل مَنْ قَالَ ثَلَاثَة وَخَمْسَة وَلَمْ يَذْكُر الْوَاو فِي قَوْله (رَابِعهمْ)(سَادِسهمْ) وَحَكَى قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهُمْ سَبْعَة ثُمَّ قَالَ (وَثَامِنهمْ كَلْبهمْ) قَالَ لِأَنَّ الْوَاو عَاطِفَة عَلَى كَلَام مُضْمَر تَقْدِيره نَعَمْ وَثَامِنهمْ كَلْبهمْ
وَذَلِكَ أَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ إِنَّ زَيْدًا شَاعِر فَقُلْت لَهُ وَفَقِيه كُنْت قَدْ صَدَّقْته كَأَنَّك قُلْت نَعَمْ هُوَ كَذَلِكَ وَفَقِيه أَيْضًا
وَفِي الْحَدِيث سُئِلَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفَضَلَتْ الْحُمُر قَالَ وَبِمَا أَفْضَلَتْ السِّبَاع يُرِيد نَعَمْ وَبِمَا أَفْضَلَتْ السِّبَاع أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
وَفِي التَّنْزِيل {وَارْزُقْ أَهْله مِنْ الثَّمَرَات مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرّهُ إِلَى عَذَاب النَّار وَبِئْسَ الْمَصِير} هُوَ مِنْ هَذَا الْبَاب
وَفِيمَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ نَظَر
فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يَتِمّ إِذَا كَانَ حَرْف الْعَطْف بَيْن كَلَامَيْنِ لِمُتَكَلِّمَيْنِ
وَهُوَ نَظِير مَا اِسْتَشْهَدَ بِهِ من الآي
مِنَ الذَّمِّ وَأَمَّا مَنْ حَذَفَ الْوَاوَ فَتَقْدِيرُهُ بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ (وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ) أَيْ بِلَفْظِ وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ وَضَمِيرِ الْجَمْعِ (وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ) أَيْ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ (قَالَ فِيهِ وَعَلَيْكُمْ) أَيْ بِالْوَاوِ وَضَمِيرِ الْجَمْعِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ فَقُلْ عَلَيْكَ بِغَيْرِ وَاوٍ وَحَدِيثُ مَالِكٍ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَحَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُيَيْنَةَ بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَكَذَا يَرْوِيهِ عَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاوِ وَكَانَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيَهِ عَلَيْكُمْ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا حَذَفَ الْوَاوَ صَارَ قَوْلُهُمُ الَّذِي قَالُوهُ نَفْسُهُ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ وَبِإِدْخَالِ الْوَاوِ يَقَعُ الِاشْتِرَاكُ مَعَهُمْ وَالدُّخُولُ فِيمَا قَالُوهُ لِأَنَّ الْوَاوَ حَرْفُ الْعَطْفِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَالسَّامُ فَسَّرُوهُ بِالْمَوْتِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِغَيْرِ وَاوٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَقَالَ غَيْرُهُ أَمَّا مَنْ فَسَّرَ السَّامَ بِالْمَوْتِ فَلَا يُبْعِدُ الْوَاوَ وَمَنْ فَسَّرَهُ بِالسَّآمَةِ وَهِيَ الْمَلَالَةُ أَيْ تُسَامُونَ دِينَكُمْ فَإِسْقَاطُ الْوَاوِ هُوَ الْوَجْهُ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُرَدَّ عليهم السلام بِكَسْرِ السِّينِ وَهِيَ الْحِجَارَةُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّ السُّنَّةَ وَرَدَتْ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِأَنَّ الرَّدَّ إِنَّمَا يَكُونُ بِجِنْسِ الْمَرْدُودِ لَا بِغَيْرِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ مُتَكَلِّم وَاحِد لَمْ يَلْزَم ذَلِكَ كَمَا إِذَا قُلْت زَيْد فَقِيه وَكَاتِب وَشَاعِر
وَالْآيَة لَيْسَ فِيهَا أَنَّ كَلَامهمْ اِنْتَهَى إِلَى قَوْله (سَبْعَة) ثُمَّ قَرَّرَهُمْ اللَّه عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ (وَثَامِنهمْ كَلْبهمْ) بَلْ سِيَاق الْآيَة يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَتَيْنِ مِنْ كَلَامهمْ وَأَنَّ جَمِيعه دَاخِل تَحْت الْحِكَايَة فَهُوَ كقول من قبلهم مع اقترانه بالواو
وأما هَذَا الْحَدِيث فِي رَدّ السَّلَام فَإِدْخَال الْوَاو فِيهِ لَا يَقْتَضِي اِشْتِرَاكًا مَعَهُمْ فِي مَضْمُون هَذَا الدُّعَاء وَإِنْ كَانَ كَلَامَيْنِ لِمُتَكَلِّمَيْنِ بَلْ غايته التشريك في نفس الدعاء
وهذا لِأَنَّ الدُّعَاء الْأَوَّل قَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ وَإِذَا رُدَّ عَلَيْهِمْ نَظِيره حَصَلَ الِاشْتِرَاك فِي نَفْس الدُّعَاء
وَلَا يَسْتَلْزِم ذَلِكَ الِاشْتِرَاك مَعَهُمْ فِي مَضْمُونه وَمُقْتَضَاهُ إِذْ غَايَته أَنَّا نَرُدّ عَلَيْكُمْ كَمَا قُلْتُمْ لَنَا
وَإِذَا كَانَ السَّام مَعْنَاهُ الْمَوْت كَمَا هُوَ الْمَشْهُور فِيهِ فَالِاشْتِرَاك ظَاهِر
وَالْمَعْنَى أَنَّا لَسْنَا نَمُوت دُونكُمْ بَلْ نَحْنُ نَمُوت وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَمُوتُونَ فَلَا مَحْذُور فِي دُخُول الْوَاو عَلَى كُلّ تَقْدِير وَقَدْ تَقَدَّمَ أن أكثر الأئمة رواه بالواو