الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41 -
(بَاب كَمْ مَرَّةً يُسَلِّمُ الرَّجُلُ فِي الِاسْتِئْذَانِ)
[5180]
(عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ مُصَغَّرًا (عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ (فَجَاءَ أَبُو مُوسَى فَزِعًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ خَائِفًا (مَا أَفْزَعَكَ) أَيْ مَا أَخَافَكَ (فَأَتَيْتُهُ فَاسْتَأْذَنْتُ ثَلَاثًا) أَيْ فَأَتَيْتُ بَابَهُ فَسَلَّمْتُ ثَلَاثًا كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ (فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنه لِأَنَّهُ كَانَ فِي شُغْلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ مُسْلِمٍ (فَقَالَ) أَيْ عُمَرُ رضي الله عنه (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَنِي) أَيْ مِنَ الْإِتْيَانِ إِلَيَّ (وَقَدْ قَالَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَوِ اسْتِئْنَافِيَّةٌ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَيْتَهُ هُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (بِالْبَيِّنَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الشَّاهِدُ وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِيَزْدَادَ فِيهِ وُثُوقًا لَا لِلشَّكِّ فِي صِدْقِ خَبَرِهِ عِنْدَهُ رضي الله عنه (لَا يَقُومُ مَعَكَ إِلَّا أَصْغَرُ الْقَوْمِ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بَيْنَنَا مَعْرُوفٌ لِكِبَارِنَا وَصِغَارِنَا حَتَّى أَنَّ أَصْغَرَنَا يَحْفَظُهُ وَسَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَعَهُ) أَيْ مَعَ أَبِي مُوسَى (فَشَهِدَ لَهُ) أَيْ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو مُوسَى
قَالَ الْحَافِظُ وَتَعَلَّقَ بِقِصَّةِ عُمَرَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْبَلُ خَبَرَ الْوَاحِدِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ قَبِلَ خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ الْمُطَابِقَ لِحَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ خَبَرُ وَاحِدٍ انْتَهَى
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَرَادَ عُمَرُ رضي الله عنه التَّثَبُّتَ لِمَا يَجُوزُ فِيهِ مِنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَبِلَ خَبَرَ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ وَحْدَهُ فِي أَنَّ دِيَةَ الْجَنِينِ غُرَّةٌ وَخَبَرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي الْجِزْيَةِ ثُمَّ نَفْسُ هَذِهِ الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِانْضِمَامِ شَخْصٍ آخَرَ إِلَيْهِ لَمْ يَصِرْ مُتَوَاتِرًا فَهُوَ خَبَرُ وَاحِدٍ وَقَدْ قَبِلَهُ بِلَا خِلَافٍ وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَعْلَمُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ وَالْإِحَاطَةُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
[5181]
(فَقَالَ) أَيْ أَبُو مُوسَى فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (يَسْتَأْذِنُ الْأَشْعَرِيُّ) أَيْ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ (يَسْتَأْذِنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ) أَيْ قَالَ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ اسْمُ أَبِي مُوسَى
(فَقَالَ هَذَا أبي) أي بن كَعْبٍ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَنَّ الشَّاهِدَ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ الْحَافِظُ
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ جَاءَ بَعْدَ أَنْ شَهِدَ أَبُو سَعِيدٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
[5182]
(أَلْهَانِي) أَيْ أَشْغَلَنِي وَأَغْفَلَنِي (الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ) أَيِ التِّجَارَةُ وَالْمُعَامَلَةُ فِي الْأَسْوَاقِ
وَفِي الْقَامُوسِ صَفَقَ يَدَهُ بِالْبَيْعَةِ وَعَلَى يَدِهِ صَفْقًا ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى يَدِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ وَالِاسْمُ الصَّفْقُ
قَالَ الْإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وهذا الحديث يرد على من يعلو مِنَ الْمُقَلِّدِينَ إِذَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثٍ فَيَقُولُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَعَلِمَهُ فُلَانٌ مَثَلًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَمَّا خَفِيَ عَنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَجَازَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ عَلَى غَيْرِهِمْ أَجْوَزُ انْتَهَى (وَلَكِنْ تُسَلِّمُ مَا شِئْتَ وَلَا تَسْتَأْذِنُ) لَعَلَّهُ قَالَهُ تَفْرِيحًا لِقَلْبِهِ كَذَا قِيلَ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَكِنْ سَلِّمْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري
[5183]
(إِنِّي لَمْ أَتَّهِمْكَ) أَيْ بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَلَكِنَّ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَدِيدٌ) خَافَ عُمَرُ رضي الله عنه مُسَارَعَةَ النَّاسِ إِلَى الْقَوْلِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَمْ يَقُلْ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمُبْتَدِعُونَ وَالْكَذَّابُونَ وَكَذَا مَنْ وَقَعَ لَهُ قَضِيَّةٌ وَضَعَ فِيهَا حَدِيثًا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَ سَدَّ الْبَابِ خَوْفًا مِنْ غَيْرِ أَبِي مُوسَى فَطَلَبَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ لِلتَّثَبُّتِ لَا لِلشَّكِّ فِي رِوَايَتِهِ وَالِاتِّهَامِ بِهِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5184]
(وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يَتَقَوَّلَ النَّاسُ) أَيْ يَكْذِبُوا يُقَالُ تَقَوَّلَ عَلَيْهِ أَيْ كَذَبَ عَلَيْهِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5185]
(فَرَدَّ سَعْدٌ) أَيِ السَّلَامَ (رَدًّا خَفِيًّا) أَيْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (فَقُلْتُ) أَيْ لِأَبِي (فَقَالَ ذَرْهُ) أَيِ اتْرُكْهُ عَلَى حَالِهِ (يُكْثِرْ) بِالْجَزْمِ جَوَابُ الْأَمْرِ وَهُوَ مِنَ الْإِكْثَارِ (وَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ أَيْ أَدْرَكَهُ وَلَحِقَهُ فَانْصَرَفَ) أَيْ إِلَى بَيْتِ سَعْدٍ (وَأَمَرَ لَهُ أَيْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِغِسْلٍ) بِالْكَسْرِ مَا يُغْسَلُ بِهِ مِنَ الْخَطْمِيِّ وَغَيْرِهِ (فَاغْتَسَلَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ (نَاوَلَهُ) أَيْ أَعْطَاهُ وَالضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِسَعْدٍ وَالْمَنْصُوبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مِلْحَفَةٌ) قَالَ فِي الصُّرَاحِ ملحفة بالكسر حادن
جَمْعُهُ مَلَاحِفُ (قَدْ وَطَّأَ) مِنْ وَطَّأَ الْمَوْضِعَ أَيْ جَعَلَهُ وَطِيئًا أَيْ سَهْلًا لَيِّنًا وَمَفْعُولُ وَطَّأَ مَحْذُوفٌ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحِمَارِ
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ (بِقَطِيفَةٍ) لِلْآلِةِ وَهِيَ الْبَاءُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ كَمَا فِي كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ
وَالْقَطِيفَةُ الدِّثَارُ الْمُخَمَّلُ وَيُقَالُ بِالْفَارِسِيَّةِ جامه يرزه دار وجادر بيجيده
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَطَّأَ الشَّيْءَ سَهَّلَهُ وَلَا تَقُلْ وَطَيْتُ وَتَقُولُ وَطَّأْتُ لَكَ الْأَمْرَ إِذَا هَيَّأْتَهُ وَوَطَّأْتُ لَكَ الْفِرَاشَ وَوَطَّأْتُ لَكَ الْمَجْلِسَ تَوْطِئَةً وَالْوَطِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا سَهُلَ وَلَانَ حَتَّى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ رَجُلٌ وَطِيءٌ وَدَابَّةٌ وَطِيئَةٌ بَيِّنَةُ الْوِطَاءَةِ انْتَهَى
وَحَاصِلُهُ أَنَّ سَعْدًا رضي الله عنه جَعَلَ مَوْضِعَ رُكُوبِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْحِمَارِ سَهْلًا لَيِّنًا بِوَاسِطَةِ قَطِيفَةٍ أَيْ بَسَطَ لَهُ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةً عَلَى ظَهْرِ الْحِمَارِ فَصَارَ ظَهْرُهُ سَهْلًا لَيِّنًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ (قَالَ هِشَامٌ أَبُو مَرْوَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ) أَيْ قَالَ بِلَفْظِ عَنْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا
[5186]
(فِي آخَرِينَ) أَيْ فِي شُيُوخٍ آخَرِينَ (قَالُوا) أَيْ مُؤَمَّلٌ وَالْآخَرُونَ (لَمْ يَسْتَقْبِلِ الْبَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ) أَيْ مُقَابِلِ وَجْهِهِ وَحِذَائِهِ لِئَلَّا يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ (وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ) أَيْ لَكِنْ يَسْتَقْبِلُ مَعَ الِانْحِرَافِ وَالْمَيْلِ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ أَيْ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ الْأَنْسَبِ بِالْوُقُوفِ (وَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ) أَيْ أَوَّلًا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيْ ثَانِيًا حَتَّى يتحقق السماع