الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ وَفِيهِ فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْإِبَانَةُ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْمَبِيتَ فِي بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ وَفِيهِ نَارٌ أَوْ مِصْبَاحٌ أَنْ لَا يَبِيتَ حَتَّى يُطْفِئَهُ أَوْ يَجُرَّهُ بِمَا يَأْمَنُ بِهِ إِحْرَاقَهُ وَضُرَّهُ وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ جَمَاعَةٌ فَالْحَقُّ عَلَيْهِمْ إِذَا أَرَادُوا النَّوْمَ أَنْ لَا يَنَامَ آخِرُهُمْ حَتَّى يَفْعَلَ مَا ذَكَرْتُ لِأَمْرِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ فَرَّطَ فِي ذَلِكَ مُفَرِّطٌ فَلَحِقَهُ ضَرَرٌ فِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ كَانَ لِوَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ مخالفا ولادية لَهُ
انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
قُلْتُ عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ هُوَ عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ الْكُوفِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَنَّادُ رَوَى عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ نَصْرٍ وَمِنْدَلِ بْنِ عَلِيٍّ وَرَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فَرْدَ حَدِيثٍ
وَإِبْرَاهِيمُ الْجَوْزَجَانِيُّ قَالَ مُطَيَّنٌ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ رَافِضِيٌّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
78 -
(بَاب فِي قَتْلِ الْحَيَّاتِ)
[5248]
(مَا سَالَمْنَاهُنَّ) أَيْ مَا صَالَحْنَا الْحَيَّاتِ (مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ) أَيْ مُنْذُ وَقَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُنَّ الْحَرْبُ فَإِنَّ الْمُحَارَبَةَ وَالْمُعَادَاةَ بَيْنَ الْحَيَّةِ وَالْإِنْسَانِ جِبِلِّيَّةٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَجْبُولٌ عَلَى طَلَبِ قَتْلِ الْآخَرِ وَقِيلَ أَرَادَ الْعَدَاوَةَ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ آدَمَ عليه السلام عَلَى مَا يُقَالُ إِنَّ إِبْلِيسَ قَصَدَ دُخُولَ الْجَنَّةِ فَمَنَعَهُ الْخَزَنَةُ فَأَدْخَلَتْهُ الْحَيَّةُ فِي فِيهَا فَوَسْوَسَ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ حَتَّى أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ المنهية فأخرجا عنها
قاله القارىء (وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُنَّ) أَيْ مَنْ تَرَكَ التَّعَرُّضَ لَهُنَّ (خِيفَةً) أَيْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ صَاحِبِهَا (فَلَيْسَ مِنَّا) أَيْ مِنَ الْمُقْتَدِينَ بِسُنَّتِنَا الْآخِذِينَ بِطَرِيقَتِنَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَا تَظْهَرُ فِيهِ عَلَامَةُ أَنْ يَكُونَ جِنِّيًّا
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5249]
(السُّكَّرِيُّ) بِضَمِّ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَيْعِ السُّكَّرِ وَشِرَائِهِ وَعَمَلِهِ
قَالَهُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْأَنْسَابِ (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ) ظَاهِرٌ فِي قَتْلِ أَنْوَاعِ الْحَيَّاتِ كُلِّهَا
وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ وَمَا كَانَ مِنْهَا فِي الْبُيُوتِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُنْذَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَمَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَحْدَهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ بَلَدٍ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُنْذَرَ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِنْذَارِ هَلْ هُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةُ مَرَّاتٍ وَالْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
وَكَيْفِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أَنْشُدُكُنَّ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْكُنَّ نُوحٌ وَسُلَيْمَانُ عليهما السلام أَنْ لا تبدون وَلَا تُؤْذُونَا (ثَأْرَهُنَّ) أَيِ انْتِقَامَهُنَّ الثَّأْرُ هُوَ الدَّمُ وَالِانْتِقَامُ وَالْمَعْنَى مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ لَهُنَّ صَاحِبٌ يَطْلُبُ ثَأْرَهَا
قَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ عَلَى نَهْجِ الْجَاهِلِيَّةِ بِأَنْ يُقَالَ لَا تَقْتُلُوا الْحَيَّاتِ فَإِنَّكُمْ لَوْ قَتَلْتُمْ لَجَاءَ زَوْجُهَا وَيَلْسَعُكُمْ لِلِانْتِقَامِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذَا الْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[5250]
(طَلَبِهِنَّ) أَيِ انْتِقَامِهِنَّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَلَمْ يَجْزِمْ مُوسَى بْنُ مُسْلِمٍ الرَّاوِي عَنْ عِكْرِمَةَ بِأَنَّ عِكْرِمَةَ رَفَعَهُ
[5251]
(أَنْ نَكْنُسَ زَمْزَمَ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ أَيْ نُصَفِّيَ زَمْزَمَ وَنُخْرِجَ مِنْهَا الْكُنَاسَةَ وَهِيَ بِالضَّمِّ مَا يُكْنَسُ وَهِيَ الزُّبَالَةُ وَالسُّبَاطَةُ (وَإِنَّ فِيهَا) أَيْ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ (مِنْ هَذِهِ الْجِنَّانِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ جَمْعُ جَانٍّ كَحِيطَانٍ وَحَائِطٍ وَمِنْ هَذِهِ تَبْعِيضِيَّةٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا اسْمُ إِنَّ أَيْ إِنَّ فِيهَا بَعْضَ هَذِهِ الْجِنَّانِ (يَعْنِي) أَيْ يُرِيدُ الْعَبَّاسُ رضي الله عنه بِالْجِنَّانِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُرْسَلٌ
[5252]
(عَنْ سَالِمِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ) أَيْ كُلَّهَا عُمُومًا
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لِلْإِرْشَادِ نَعَمْ مَا كَانَ مِنْهَا محقق الضرر وجب دفعه اقْتُلُوا خُصُوصًا (ذَا الطُّفْيَتَيْنِ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ صَاحِبَهُمَا وَهِيَ حَيَّةٌ خَبِيثَةٌ عَلَى ظَهْرِهَا خَطَّانِ أَسْوَدَانِ كَالطُّفْيَتَيْنِ وَالطُّفْيَةُ بِالضَّمِّ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ خُوصَةُ الْمُقْلِ وَالْخُوصُ بِالضَّمِّ وَرَقُ النَّخْلِ
الْوَاحِدَةُ بِهَاءٍ وَالْمُقْلُ بِالضَّمِّ صَمْغُ شَجَرَةٍ قَالَهُ القارىء
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الطُّفْيَةُ خُوصَةُ الْمُقْلِ فِي الْأَصْلِ وَجَمْعُهَا طُفًى شَبَّهَ الْخَطَّيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ بِخُوصَتَيْنِ مِنْ خُوصِ الْمُقْلِ (وَالْأَبْتَرَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى ذَا قِيلَ هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ الْمَقْطُوعَ الذَّنَبِ لِقِصَرِ ذَنَبِهِ وَهُوَ مِنْ أَخْبَثِ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ (فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ) أَيْ يَخْطِفَانِ وَيَطْمِسَانِ (الْبَصَرَ) أَيْ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا لِخَاصِّيَّةِ السُّمِّيَّةِ فِي بَصَرِهِمَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يَقْصِدَانِ الْبَصَرَ بِاللَّسْعِ وَالنَّهْشِ (الْحَبَلَ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيِ الْجَنِينَ عِنْدَ النَّظَرِ إِلَيْهِمَا بِالْخَاصِّيَّةِ السُّمِّيَّةِ أو من الخوف الناشيء مِنْهُمَا لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ (قَالَ) سَالِمٌ (وَكَانَ عَبْدُ الله) أي بن عُمَرَ (فَأَبْصَرَهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ (أَبُو لُبَابَةَ) بِضَمِّ اللَّامِ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ اسْمُهُ بَشِيرٌ وَقِيلَ رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ (زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ) هُوَ عَمُّ عَبْدِ اللَّهِ (وَهُوَ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ (يُطَارِدُ) مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ لِلْمُغَالَبَةِ أَوِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ يَطْرُدُ يَعْنِي يَتْبَعُهَا طَلَبًا لِقَتْلِهَا (فَقَالَ) أَبُو لُبَابَةَ (عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ) أَيْ صَوَاحِبِهَا
وَفِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ قِيلَ إِنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْبُيُوتِ
وَعَنْ مَالِكٍ تَخْصِيصُهُ بِبُيُوتِ المدينة هو الْمُخْتَارُ وَقِيلَ تَخْتَصُّ بِبُيُوتِ الْمُدُنِ دُونَ غَيْرِهَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَتُقْتَلُ فِي الْبَرَارِي وَالصَّحَارِي مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّهَا الْحَيَّةُ الَّتِي تَكُونُ دَقِيقَةً كَأَنَّهَا فِضَّةٌ وَلَا تَلْتَوِي فِي مِشْيَتِهَا انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي وبن مَاجَهْ
[5253]
(الْجِنَّانِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ)
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ
[5254]
(فَأَمَرَ) بن عُمَرَ (بِهَا) أَيْ بِالْحَيَّةِ (فَأُخْرِجَتْ) الْحَيَّةُ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[5255]
(فِي هَذَا الْحَدِيثِ) السَّابِقِ (ثُمَّ رَأَيْتُهَا) أَيِ الْحَيَّةَ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ مَا أُخْرِجَتْ إِلَى الْبَقِيعِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَادَتْ لِلْأَذِيَّةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً تَحَرَّمَتْ بِهِ وَتَبَرَّكَتْ بِجِوَارِهِ انْتَهَى
[5256]
(انْطَلَقَ هُوَ) أَيْ وَالِدُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَبُو يَحْيَى (وَصَاحِبٌ لَهُ) أَيْ لِأَبِي يَحْيَى (يَعُودُونَهُ) بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَغْلِيبًا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَعُودَانِهِ بِصِيَغِهِ التَّثْنِيَةِ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ إِلَى أَبِي سَعِيدٍ
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ (فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ مِنْ عِنْدِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَا وَمَنْ كان عنده بعد ما دَخَلْنَا عَلَيْهِ غَيْرَ صَاحِبِي الَّذِي كَانَ يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَيْهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْدِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ وَهُوَ قَوْلُهُ (فَلَقِيَنَا صاحبا لَنَا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ لِلْعِيَادَةِ بَعْدَ خُرُوجِي مِنْ عِنْدِهِ (فَأَقْبَلْنَا) أَيْ تَوَجَّهْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ (فَجَاءَ) صَاحِبِي (إِنَّ الْهَوَامَّ) جَمْعُ هَامَّةٍ مِثْلُ دَابَّةٍ ودواب والهامة ماله سم يقتل كالحية وهو المراد ها هنا وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى مَا لَا يَقْتُلُ كَالْحَشَرَاتِ (فِي بَيْتِهِ شَيْئًا) أَيْ أَحَدًا تَصَوَّرَ بِصُورَةِ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَّاتِ (فَلْيُحَرِّجْ) مِنَ التَّحْرِيجِ بِمَعْنَى التَّضْيِيقِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُنَّ أَنْتُنَّ فِي حَرَجٍ وَضِيقٍ إِنْ عُدْتُنَّ إِلَيْنَا فَلَا تَلُومُنَّنَا أَنْ نُضَيِّقَ عَلَيْكُمْ بِالتَّتَبُّعِ وَالطَّرْدِ وَالْقَتْلِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَفَتْحِ الْوَدُودِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ رجل مجهول
[5257]
(أَقْتُلُهَا) أَيْ الْحَيَّةَ (فَأَشَارَ) أَبُو سَعِيدٍ (إِلَى بَيْتٍ فِي دَارِهِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ دَارِهِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ (تِلْقَاءَ بَيْتِهِ) أَيْ أَبِي سَعِيدٍ (فَقَالَ) أَبُو سَعِيدٍ (يَوْمُ الْأَحْزَابِ) أَيْ يَوْمُ الْخَنْدَقِ (اسْتَأْذَنَ) أي بن عَمٍّ لِي مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يرجع (وكان) بن عَمٍّ لِي (حَدِيثَ) أَيْ جَدِيدَ (عَهْدٍ بِعُرْسٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَعْرَسَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ بَنَى عَلَيْهَا (وَأَمَرَهُ أَنْ يَذْهَبَ بِسِلَاحِهِ)
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ خُذْ عَلَيْكَ سِلَاحَكَ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ (فأتى) بن عم (فأشار) بن عَمٍّ (إِلَيْهَا) أَيْ إِلَى امْرَأَتِهِ (بِالرُّمْحِ) لِيَطْعَنَهَا بِهِ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ غَيْرَةٍ وَحَمِيَّةٍ (فَقَالَتْ) امْرَأَتُهُ (فَطَعَنَهَا) أَيِ الْحَيَّةَ (ثُمَّ خَرَجَ بِهَا) أَيْ بِالْحَيَّةِ (تَرْتَكِضُ) أَيْ تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ الْحَيَّةُ (قَالَ) أَبُو سَعِيدٍ (الرَّجُلُ أَوِ الْحَيَّةُ) بَيَانٌ لِأَيِّهِمَا (أَنْ يَرُدَّ صَاحِبَنَا) أَيْ يُحْيِيَهُ (فَقَالَ) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ) يُرِيدُ أَنَّ الَّذِي يَنْفَعُهُ هُوَ اسْتِغْفَارُكُمْ لَا الدُّعَاءُ بِالْإِحْيَاءِ لِأَنَّهُ مَضَى سَبِيلُهُ (فَحَذِّرُوهُ) أَيْ خَوِّفُوهُ وَالْمُرَادُ مِنَ التَّخْوِيفِ التَّشْدِيدُ بِالْحَلِفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ أَنْ يُقَالَ لَهَا أَسْأَلُكِ بِعَهْدِ نُوحٍ وَبِعَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهم السلام أَنْ لَا تُؤْذِيَنَا (ثُمَّ إِنْ بَدَا) بِالْأَلِفِ أَيْ ظَهَرَ (لَكُمْ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ التَّحْذِيرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
[5258]
(بِهَذَا الْحَدِيثِ) السَّابِقِ (فَلْيُؤْذِنْهُ) مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِنْذَارُ وَالِاعْتِذَارُ وَالْمَعْنَى قُولُوا لَهُ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ الْإِيذَانِ (فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ) أَيْ فليس بجني
مُسْلِمٍ بَلْ هُوَ إِمَّا جِنِّيٌّ كَافِرٌ وَإِمَّا حَيَّةٌ وَإِمَّا وَلَدٌ مِنْ أَوْلَادِ إِبْلِيسَ وَسَمَّاهُ شَيْطَانًا لِتَمَرُّدِهِ وَعَدَمِ ذَهَابِهِ بِالْإِيذَانِ
[5259]
(فَذَكَرَ نَحْوَهُ) أَيْ نَحْوَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ كَافِرٌ
[5260]
(أَنْشُدُكُنَّ) مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْ أَسْأَلُكُنَّ (الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُنَّ نُوحٌ وَلَعَلَّ الْعَهْدَ كَانَ عِنْدَ إِدْخَالِهَا فِي السَّفِينَةِ (أَخَذَ عَلَيْكُنَّ سُلَيْمَانُ) كَأَنَّهُ يُذَكِّرُهُنَّ إِيَّاهُ (أن تُؤْذُونَا) أَيْ لَا تُؤْذُونَا كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حديث بن أبي ليلى
هذا آخر كلامه
وبن أَبِي لَيْلَى الَّذِي رَوَاهُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهُ الْكُوفِيُّ قَاضِيهَا وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ وَأَبُو لَيْلَى لَهُ صُحْبَةٌ وَاسْمُهُ يَسَارٌ وَقِيلَ دَاوُدُ وَقِيلَ أَوْسٌ وَقِيلَ بِلَالٌ أَخُوهُ وَقِيلَ لَا يُحْفَظُ اسْمُهُ وَلَقَبُهُ أُنَيْسٌ
[5261]
(إِلَّا الْجَانَّ الْأَبْيَضَ) وَلَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْحَيَّاتِ إِنَّمَا كَانَ لِعَدَمِ ضَرَرِهِ (كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ) أَيْ قِطْعَةُ فِضَّةٍ
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ قَضَبْتُ الشَّيْءَ أَيْ قَطَعْتُهُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْغُصْنِ الْمَقْطُوعِ قَضِيبٌ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٌ انْتَهَى