الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَنِعْمَتَهَا وَقِيلَ هُوَ السَّرِيرُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ يَتَّخِذُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ مِصْرَ لِلنَّوْمِ فِيهِ وَتَوَقِّيًا مِنَ الْهَوَامِّ انْتَهَى
قال القارىء وَالْمُعْتَمَدُ مَا قِيلَ كَمَا لَا يَخْفَى (فَالْتَزَمَنِي) أَيْ عَانَقَنِي (فَكَانَتْ تِلْكَ) أَيْ تِلْكَ الْفَعْلَةُ وَهِيَ الْتِزَامُهُ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ
وَقِيلَ أَيِ الِالْتِزَامُ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (أَجْوَدَ) أَيْ مِنَ الْمُصَافَحَةِ فِي إِفَاضَةِ الرُّوحِ وَالرَّاحَةِ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَنْصُرُهُ عَدَمُ ذِكْرِ مُتَعَلِّقِ أَفْعَلَ لِيَعُمَّ وَيُؤَيِّدُهُ تَأْكِيدُهُ مُكَرَّرًا بِقَوْلِهِ وَأَجْوَدَ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رَجُلٌ مِنْ عَنَزَةَ مَجْهُولٌ
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ وَقَالَ مُرْسَلٌ انْتَهَى
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ بُشَيْرٍ عَنْ فُلَانٍ الْعَنَزِيِّ وَفِيهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا ذَرٍّ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ بَعْضِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إِنْ كَانَ سِرًّا مِنْ سِرِّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أُحَدِّثْكَ قُلْتُ لَيْسَ بِسِرٍّ وَلَكِنْ كَانَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ يَأْخُذُ بِيَدِهِ يُصَافِحُهُ قَالَ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ لَمْ يَلْقَنِي قَطُّ إِلَّا أَخْذَ بِيَدِي غَيْرَ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَهُنَّ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَوَجَدْتُهُ مُضْطَجِعًا فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ فَرَفَعَ يَدَهُ فالتزمني صلى الله عليه وسلم
59 -
(باب فِي الْقِيَامِ)
[5215]
قَدْ أَوْرَدَ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيْنِ دَالَّيْنِ عَلَى جَوَازِ الْقِيَامِ ثُمَّ تَرْجَمَ بَعْدَ عِدَّةِ أَبْوَابٍ بِلَفْظِ بَابُ الرَّجُلِ يَقُومُ لِلرَّجُلِ يُعَظِّمُهُ بِذَلِكَ وَأَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ يَدُلَّانِ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْقِيَامِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِصَنِيعِهِ هَذَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي جَوَازِ الْقِيَامِ وَعَدَمِهِ بِأَنَّ الْقِيَامَ إِذَا كَانَ لِلتَّعْظِيمِ مِثْلَ صَنِيعِ الْأَعَاجِمِ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ لِأَجْلِ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَالشَّرَفِ وَالْوُدِّ وَالْمَحَبَّةِ فَهُوَ جَائِزٌ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَأَمَّا إِكْرَامُ الدَّاخِلِ بِالْقِيَامِ فَالَّذِي نَخْتَارُهُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ كَانَ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ شَرَفٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَكُونُ هَذَا الْقِيَامُ لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ وَالِاحْتِرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ وَعَلَى هَذَا اسْتَمَرَّ عَمَلُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَدْ جَمَعْتُ فِي ذلك جزء جَمَعْتُ فِيهِ الْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ وَأَقْوَالَ السَّلَفِ وَأَفْعَالَهُمُ الدَّالَّةَ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ وَذَكَرْتُ فِيهِ مَا خَالَفَهَا وَأَوْضَحْتُ الْجَوَابَ عَنْهُ فَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ وَرَغِبَ فِي مُطَالَعَتِهِ رَجَوْتُ أَنْ يَزُولَ إِشْكَالُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
قُلْتُ وَقَدْ نقل تلك الرسالة الشيخ بن الْحَاجِّ فِي كِتَابِهِ الْمَدْخَلِ وَتَعَقَّبَ عَلَى كُلِّ ما
اسْتَدَلَّ بِهِ النَّوَوِيُّ رحمه الله وَرَدَّ كَلَامَهُ فَعَلَيْكَ بِمُطَالَعَةِ الْمَدْخَلِ وَفَتْحِ الْبَارِي (أَنَّ أَهْلَ قُرَيْظَةَ) بِالتَّصْغِيرِ وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ (عَلَى حكم سعد) أي بن مُعَاذٍ لِكَوْنِهِمْ مِنْ حُلَفَاءِ قَوْمِهِ (أَرْسَلَ إِلَيْهِ) أَيْ رَسُولًا (أَقْمَرَ) أَيْ أَبْيَضَ (فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيْ لِلْأَنْصَارِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ (قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ أَوْ إلى خيركم) شك من الراوي
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ قِيلَ أَيْ لِتَعْظِيمِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى عَدَمِ كَرَاهَتِهِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ وَلِبَيَانِ الْجَوَازِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ قُومُوا لِإِعَانَتِهِ فِي النُّزُولِ عَنِ الْحِمَارِ إِذْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ وَأَثَرُ جَرْحٍ أَصَابَ أَكْحَلَهُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ وَلَوْ أَرَادَ تَعْظِيمَهُ لَقَالَ قُومُوا لِسَيِّدِكُمْ وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ تَخْصِيصُ الْأَنْصَارِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى السِّيَادَةِ الْمُضَافَةِ وَأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم مَا كَانُوا يَقُومُونَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وأخرج الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ قَدِمَ زَيْد بْن حَارِثَة الْمَدِينَة وَرَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَاب فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَجُرّ ثَوْبه فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ وَقَالَ حَدِيث حَسَن
وَأَخْرَجَ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْط مُسْلِم عَنْ أَنَس قَالَ لَمْ يَكُنْ شَخْص أَحَبّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لَهُ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَته لِذَلِكَ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه
وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيث سُفْيَان وَهُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيب بْن الشَّهِيد عَنْ أَبِي مِجْلَز قَالَ خَرَجَ مُعَاوِيَة فَقَامَ عبد الله بن الزبير وبن صَفْوَان حِين رَأَوْهُ فَقَالَ اِجْلِسَا سَمِعْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سَرَّهُ أَنْ يَتَمَثَّل لَهُ الرِّجَال قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار قَالَ هَذَا حَدِيث حَسَن
حَدَّثَنَا هَنَّاد حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَة عَنْ حَبِيب بْن الشَّهِيد عَنْ أَبِي مِجْلَز عَنْ مُعَاوِيَة عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِثْله
وَهَذَا الْإِسْنَاد عَلَى شَرْط الصَّحِيح قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
وَفِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُوم الرَّجُل لِلرَّجُلِ فِي حَضْرَته وَهُوَ قَاعِد فَإِنَّ مُعَاوِيَة رَوَى الْخَبَر لَمَّا قَامَا لَهُ حِين خَرَجَ
وَأَمَّا الْأَحَادِيث الْمُتَقَدِّمَة فَالْقِيَام فِيهَا عَارِض لِلْقَادِمِ
مَعَ أَنَّهُ قِيَام إِلَى الرَّجُل لِلِقَائِهِ لَا قِيَامًا لَهُ وَهُوَ وَجْه حَدِيث فَاطِمَة
فَالْمَذْمُوم الْقِيَام لِلرَّجُلِ
وَأَمَّا الْقِيَام إِلَيْهِ لِلتَّلَقِّي إِذَا قَدِمَ فَلَا بَأْس بِهِ
وَبِهَذَا تَجْتَمِع الْأَحَادِيث
والله أعلم
له صلى الله عليه وسلم تَعْظِيمًا لَهُ مَعَ أَنَّهُ سَيِّدُ الْخَلْقِ لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي
انتهى كلام القارىء
قلت أراد بما سيأتي حديث أنس رضي الله عنه قَالَ لَمْ يَكُنْ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهُ قُومُوا لِإِعَانَتِهِ فِي النُّزُولِ عَنِ الْحِمَارِ فَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْنَدِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ قَالَ الْحَافِظُ سَنَدُهُ حَسَنٌ قَالَ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَخْدِشُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ سَعْدٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقِيَامِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ الْقِيَامُ لِلتَّعْظِيمِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ
وَالْأَقْمَرُ هُوَ الشَّدِيدُ الْبَيَاضِ وَالْأُنْثَى قَمْرَاءُ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ
[5217]
(مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (وَدَلًّا) بِفَتْحِ دَالٍ وَتَشْدِيدِ لَامٍ (وَهَدْيًا) بِفَتْحٍ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَحُكِيَ عَنْ شُعْبَة قَالَ سَأَلْت عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة فَقَالَ يُعْرَف وَيُنْكَر
هَذَا آخِر كَلَامه
وَهَذَا الْحَدِيث يَرْوِيه شُعْبَة عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ عَبْد اللَّه بْن سَلَمَة عَنْ صَفْوَان بْن عَسَّال
وَفِي نَفْس الْحَدِيث مَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ مُنْكَر جِدًّا فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ تِسْع آيَات بَيِّنَات فَقَالَ لَهُمْ لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْس الَّتِي حَرَّمَ اللَّه إِلَّا بِالْحَقِّ إِلَى آخِره وَالْآيَات التِّسْع الَّتِي أُرْسِلَ بِهَا مُوسَى إِلَى فِرْعَوْن إِنَّمَا كَانَتْ آيَات نُبُوَّته وَمُعْجِزَات صِدْقه كَالْعَصَا وَالْيَد وَبَاقِي الْآيَات
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْع آيَات بَيِّنَات فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيل إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْن إِنِّي لَأَظُنّك يَا مُوسَى مَسْحُورًا قَالَ لَقَدْ عَلِمْت مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبّ السَّمَاوَات وَالْأَرْض بَصَائِر وَإِنِّي لَأَظُنّك يَا فِرْعَوْن مَثْبُورًا} فَهَذِهِ آيَات النُّبُوَّة قَبْل نُزُول آيَات الْحُكْم وَالشَّرْع
وَهَذَا بَيِّن بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى