المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أول من غطي نعشها من النساء في الإسلام - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٦

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌ما أسنده الحسين بن علي، عن أمه فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسنده زيد بن علي، عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ما أسنده عبداللَّه بن عباس عن فاطمة رضي الله عنهم.ا

- ‌ أول مَن غُطِّيَ نعشُها مِن النساء فِي الإسلام

- ‌ما أسنده عبدالله بن مسعود، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسنده علي بن أبي طالب، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسنده عمرو بن الشريد، عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ما أسنده محمد بن علي بن أبي طالب، عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ما أسنده محمد بن علي بن الحسين، عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ما أسنده المغيرة بن نوفل بن الحارث، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسنده يحيى بن جعدة، عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ما أسنده أبو هريرة، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسندته أسماء بنت عميس، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسندته أم سلمة عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسندته أم كلثوم بنت علي، عن أمها فاطمة رضي الله عنهم.ا

- ‌ما أسندته زينب بنت أبي رافع، عن فاطمة رضي الله عنها

- ‌ما أسندته زينب بنت علي، عن أمها فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسندته عائشة عن فاطمة رضي الله عنهما

الفصل: ‌ أول من غطي نعشها من النساء في الإسلام

أَحْسَنَ هَذَا مَا أَسْتَرَ هَذَا».

فَأَمَرَ مُنَادِياً فَنَادَى أَنِ اخْرُجُوا عَلَى أُمِّكُمْ.

وهذا مرسل، رجاله ثقات، نافع لم يدرك عمر.

(1)

لكن جاء في «سير أعلام النبلاء» (2/ 212) بذكر ابن عمر بعد نافع ـ واللَّهُ أعلم ـ.

ــ وأخرج ابن سعد ـ أيضاً ـ في «الطبقات» (8/ 281) عن الشعبي قوله: أَوَّلُ مَنْ أَشَارَ بِالنَّعْشِ نَعْشِ المرأةِ، يَقُولُ رَفَعَهُ، أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ حِينَ جَاءَتْ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ رَأَتِ النَّصَارَى يَصْنَعُونَهُ ثَمَّ.

قَالَ ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (4/ 1898): (فاطمة رضي الله عنها‌

‌ أول مَن غُطِّيَ نعشُها مِن النساء فِي الإسلام

عَلَى الصفة المذكورة فِي هَذَا الخبر، ثم بعدَها زينبُ بنتُ جَحش رضي الله عنها صُنِعَ ذلك بها أَيضاً).

(2)

قال ابنُ الأثير في «أسد الغابة» (6/ 226) عن فاطمة: (وهي أول مَن غُطِّيَ نعشُها في الإسلام، ثم بعدَها زينب بنت جحش).

(1)

ينظر: «تحفة التحصيل» (ص 536) رقم (1095).

(2)

وعن ابنِ عبدالبر: الذهبيُّ في «سير أعلام النبلاء» (2/ 129)، و «تاريخ الإسلام»

(2/ 33)، وعن الذهبيِّ: محمد الشبليُّ (ت 796 هـ) في «محاسن الوسائل في معرفة الأوائل» (ص 236) و (ص 284).

ص: 152

وجاء في حديث ضعيف أنَّ أوَّل مَن غُطِّي نعشها: رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم.

(1)

الحكم على الحديث:

حديث ابن عباس مداره على الواقدي وهو متروك، ومحمد بن عمر بن علي وهو مجهول الحال.

وشواهده الموقوفة، والمرسلة ـ في ذكر النعش ـ لا تخلو من ضعف واضح، لكن تدلُّ على أنَّ له أصلاً ـ واللَّهُ أعلم ـ.

غريب الحديث:

ــ (لَعْمري): تُطلَق ويراد بها الحلف بالحياة، وتُطلَق ولا يراد بها معنى معيناً. فالأول ممنوع شرعاً، والثاني جائز، وقد استعملَه العلماء.

قال الشيخ: بكر أبو زيد رحمه الله في نهاية كلامه: (والتوجيه أن يُقال: إنْ أرادَ القسَمَ مُنِعَ، وإلا فلا، كما يجري على اللسان مِن الكلام مما لا يُراد به حقيقةَ معناه، كقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها «عَقْرَى حلْقى

الحديث». واللَّهُ أعلم).

(1)

أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (2/ 111) رقم (1418)، وفيه: خلَف بن راشد، أبو عثمان، وهو مجهول. كما في «الجرح والتعديل» (3/ 370)، «لسان الميزان»

(3/ 369).

وانظر: «جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (3/ 528 ـ 529).

ص: 153

وذكر أنَّ للشيخ: حماد الأنصاري المدني رسالةً بعنوان «الإعلان بأن لَعمْرِي ليسَتْ من الأيمان» .

(1)

ــ (النَّعْش): أصل النَّعْش: الارتفاع، وَبِهِ سُمِّي سَرير الميِّتِ نَعْشاً لِارْتِفَاعِهِ؛ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ميِّت مَحْمُول فَهُوَ سَرير. قَالَ الْخَلِيلُ: النَّعْشُ: (سَرِيرُ الْمَيِّتِ، كَذَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ).

وَمَيِّتٌ مَنْعُوشٌ: مَحْمُولٌ عَلَى النَّعْشِ.

(2)

ــ (جَرَائِدَ): جمع جَرِيدة، وهي: السَّعْفَة. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ جُرِدَ عَنْهَا خُوصُهَا.

(3)

* * *

(1)

. ينظر: «الزاهر في معاني كلمات الناس» لابن الأنباري (1/ 390)، «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (10/ 40)، «تاج العروس» (13/ 123)، «معجم المناهي اللفظية» لبكر أبو زيد (ص 470)، «المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة»

(2/ 135 ـ 139).

(2)

«مقاييس اللغة» (5/ 450)، «النهاية» (5/ 81)، «تاج العروس» (17/ 417).

(3)

«مقاييس اللغة» (1/ 452)، «النهاية» (1/ 257).

ص: 154

الحديث الرابع عشر من مسند فاطمة رضي الله عنها

138.

[14] قال أبو بكر أحمد بن مروان الدِّينَوَرِي رحمه الله: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، قال: حدثنا الْوَضَّاحُ أَبُو يَحْيَى النَّهْشَلِيُّ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَالَتِ: (اجْتَمَعَ مشركوا قُرَيْشٍ فِي الْحِجْرِ، فَقَالُوا: إِذَا مَرَّ مُحَمَّدٌ ضَرَبَهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ضَرْبَةً. فَسَمِعَتْهُمْ فَاطِمَةُ، فَدَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا، فَقَالَتْ: يَا أَبَتِ، اجْتَمَعَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ فِي الْحِجْرِ، فَقَالُوا: إِذَا مَرَّ مُحَمَّدٌ ضَرَبَهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا. فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ، اسْكُنِي» .

ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم، فدخل المسجدَ، فرفعوا رؤوسهم ثُمَّ نَكَسُوا، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ رَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ، ثُمَّ قَالَ:

«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» . فَمَا أَصَابَ رَجُلاً مِنْهُمْ؛ إِلا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ).

[«المجالسة وجواهر العلم» للدِّينَوَري (6/ 174) رقم (2521)]

دراسة الإسناد:

ــ محمد بن إسماعِيل بن يوسف السُّلَمِيُّ، أَبو إسمَاعِيل التِّرمِذِيُّ، نزيل بغداد.

ثقةٌ، حافظ.

ص: 155

وثَّقَه: النسائي، والخلال، وزاد: رجل معروف كَثِير العلم مُتفَقِّه، وووثقه أيضاً: مسلمة، والدارقطني وزاد: صدوق.

والحاكم وزاد: مأمون، وأبو الفضل إسحاق بن محمود، وذكره ابن حبان في «الثقات» .

قال الحاكم للدارقطني ـ بعد أنْ وثَّقه ـ: بلغني أنَّ أبا حاتم الرازي تكلَّمَ فيه؟ فقال الدارقطني: هو ثقة. قال الحاكم: (لم يتكلم فيه أبو حاتم). كذا في «سؤالات الحاكم للدارقطني» ، وفي «تاريخ دمشق» و «الميزان» ،

و «تهذيب ابن حجر» : (ثقة صدوق، تكلَّمَ فيه أبو حاتم).

وقال الخطيب: كَانَ فهماً متقناً مشهوراً بمذهب السُّنَّة.

وَقَال ابن أَبي حاتم: (سمعتُ منه بمكة، وتكلَّمُوا فيه). علَّق عليه الذهبي في «السير» بقوله: (انبرَمَ الحالُ على توثيقِه وإمامتِه).

وقال الذهبي في «الميزان» : صدوق حافظ.

وفي «السير» : الإمام، الحافظ، الثقة.

وقال ابن حجر في «التقريب» : ثقة، حافظ، لم يتضح كلام أبي حاتم فيه.

(ت 280 هـ).

(1)

(1)

ينظر: «الجرح والتعديل» (7/ 190)، «تسمية مشايخ النسائي» (165)، «الثقات» لابن حبان (9/ 150)، «سؤالات الحاكم للدارقطني» (ص 97) رقم (177)، «تاريخ بغداد» (2/ 362)، «تاريخ دمشق» (52/ 113)، «تهذيب الكمال» (24/ 489)،

«ميزان الاعتدال» (4/ 60)، «سير أعلام النبلاء» (13/ 242)، «تهذيب التهذيب»

(9/ 62)، «تقريب التهذيب» (ص 499).

ص: 156

ــ الوضاح بن يحيى النهشلي الأنباري، أبو يحيى الكوفي.

ضعيف.

روى عنه أبو حاتم، وسئل عنه كما في «الجرح والتعديل» فقال: شيخ صدوق.

كذا في «الجرح» ، وجاء في «الميزان» ، و «المغني» ، و «اللسان» ،

و «التكميل» لابن كثير: كتبتُ عنه، وليس بالمرضِي.

قال ابن حجر في «اللسان» : (وفي النسخة التي وقفت عليها من كتاب ابن أبي حاتم، عَن أبيه: شيخ صدوق).

قال ابن حبان: (مُنكر الْحَدِيث، يروي عَن الثِّقَات الْأَشْيَاء المقلوبات، الَّتِي كَأَنَّهَا معمولة

(1)

، لَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِهِ إِذَا انْفَرد؛ لسوء حفظه؛ وَإِن اعْتبرَ مُعْتَبر بِمَا وَافق الثِّقَات من حَدِيثه فَلَا ضَير).

قال ابن حجر: (وذكره أبو علي الجياني في «رجال أبي داود» وقال: إنه

(1)

تصحفت في مطبوعة الصميعي إلى (مقلوبة)، والصواب كما في طبعة محمود زايد

(3/ 85)، وهي كذلك فيما نقله السمعاني في «الأنساب» (13/ 225).

ص: 157

حدث عنه، عَن أبي بكر بن عياش في كتاب بدء الوحي من تأليفه يعني خارج السنن).

(1)

ــ أبو بكر بن عيَّاش بن سالم الأسدي الكوفي الحنَّاط المقرئ. مشهور بكنيته، مختَلفٌ في اسمِه، والأصحُّ أنَّ اسمَه كنيتُه، قاله ابن حبان، واختاره ابن حجر.

ثقة، عابد، إلا أنه لما كبر ساءَ حِفظُه، وكتابُه صحيح.

وثَّقه: ابنُ سعد، وزاد:(كان صدوقاً عارفاً بالحديث والعلم إلا أنه كثير الغلط). والإمامُ أحمد في رواية عبداللَّه عنه، وزاد:(وربما غلط)، وابنُ معين، والعجلي، وزاد:(صاحب سنة، وكان يخطئ بعض الخطأ)

(2)

، وأبو داود، وذكره ابنُ حبان في «الثقات». وقال: (كَانَ أبو بكر بن عَيَّاش من الْحفاظ المتقنين ..... وَكَانَ يَحْيَى القَطَّان وَعلي بْن المدِينِيّ يسيئان الرَّأْي فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لما كبر سِنُّه سَاءَ حفظه، فَكَانَ يهم إِذا روى؛ وَالْخَطَأ وَالوهم شَيْئَانِ لَا يَنْفَكّ عَنْهُمَا الْبشر، فَلَو كثر خطأه حَتَّى كَانَ الْغَالِب على صَوَابه، لَاسْتَحقَّ

(1)

ينظر: «الجرح والتعديل» (9/ 41)، «المجروحون» لابن حبان (3/ 431)، «المغني في الضعفاء» (2/ 494)، «ميزان الاعتدال» (5/ 83)، «التكميل في الجرح والتعديل» لابن كثير (2/ 77)، «لسان الميزان» (8/ 380).

(2)

هذه الزيادة من «تهذيب التهذيب» ، و «هدي الساري» ، وليست في «الثقات» بترتيب الهيثمي والسبكي.

ص: 158

مجانبة رواياته؛ فَأَما عِنْد الْوَهم يهم أَو الْخَطَأ يخطئ؛ لَا يسْتَحق ترك حَدِيثه بعد تقدم عَدَالَته وَصِحَّة سَمَاعه

وَالصَّوَابُ فِي أمره مجانبةُ مَا عُلِم أَنَّهُ أَخطَأ فِيهِ، والاحتجاج بِمَا يرويهِ، سَوَاءٌ وَافق الثِّقَات أَو خالَفَهم؛ لِأَنَّهُ دَاخل فِي جملَة أهلِ الْعَدَالَة، وَمن صحَّت عَدَالَتُه لم يسْتَحق الْقدح وَلَا الْجرْح إِلَّا بعد زَوَال الْعَدَالَة عَنْهُ بِأحد أَسبَاب الْجرْح، وَهَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مُحدِّثٍ ثِقَةٍ صحَّتْ عَدَالَتُه وَتبيَّنَ خطؤه).

قال الإمام أحمد في رواية صالح: صدوق، صاحب قرآن وخير.

قال ابن عدي: (كوفي مشهور معروف

وهو يروي عن أجلَّةِ الناس، وحديثُه فيه كثرة، وقد روى عنه من الكبار جماعة

وحديثُه مسنَدُه ومقطوعُه يَكثر، وهو من مشهور مشايخ الكوفة، ومن المختصين بالرواية عن جملة مشايخهم مثل: أبي إسحاق السبيعي، وأبي حصين، وعاصم بن أبي النجود

ــ وهو صاحبه ــ وهو مِن قرَّاء أهل الكوفة، وعن عاصم أخذ القراءة، وعليه قرأ، وهو في رواياته عن كلِّ مَنْ روى عنه لا بأسَ به، وذاك أني لم أجِدْ له حديثاً مُنْكراً إذا روَى عنه ثِقةٌ، إلا أن يَروِي عنه ضَعِيفٌ).

سئل أبو حاتم عن أبي بكر بن عياش وأبي الأحوص؟ فساوى بينهما، وسئل عنه وعن شريك أيهما أحفظ؟ فقال: هما في الحفظ سواء غير أنَّ أبا بكر أصحُّ كتاباً. وسئل عنه وعن عبدِاللَّه بن بشر الرقي؟ فقال: أبو بكر أحفظ منه، وأوثق.

ص: 159

قال الفضل بن زياد: قال الإمام أحمد: أبو بكر بن عياش كان يضطرب في حديث هؤلاء الصغار، فأما عن أولئك الكبار ما أقربه. كذا في «المنتخب» للخلال. وفي «المعرفة» للبسوي نقلاً عن الإمام أحمد برواية الفضل: (

فأما حديثه عن أولئك الكبار وما أقربه عن أبي

حصين وعاصم، وإنه ليضطرب عن أبي إسحاق أو نحو ذا).

قال ابن معين في رواية ابن طهمان: ليس بالقوي، وفي رواية ابن محرز عنه: صدوق، ولكنه ليس بمستقيم الحديث، وقال مَرَّةً في رواية ابن محرز: ليس به بأس، صدوق.

قال أبو نعيم الفضل: لم يكن في شيوخنا أكثرَ غلطاً منه.

وضعَّفهُ ابنُ نمير في الأعمش وغيرِه.

قال أبو زرعة: في حفظه شئ. وقال الترمذي: كثير الغلط.

قال يعقوب بن شيبة: (كان له فقه، وعلم، ورواية؛ وفي حديثه اضطراب).

وسبق النقل عن ابن حبان: كان يحيى القطان وعلي بن المديني يسيئان الرأي فيه، وذلك أنه لما كبر؛ ساء حفظه؛ فكان يهِم.

قال الذهبي في «مَن تُكُلِّم فيه وهو مُوثَّقٌ أو صالح الحديث» : (ثقةٌ فيه شيء، ضعَّفَه محمد بن عبداللَّه بن نمير).

وقال في «الميزان» : (أحدُ الأئمة الأعلام، صدوقٌ ثَبْتٌ في القراءة، لكنه

ص: 160

في الحديث يغلط ويهم. وقد أخرج له البخاري، وهو صالح الحديث، لكنه ضعفه محمد بن عبد اللَّه بن نمير

).

وقال في «ديوان الضعفاء» : (صدوق، إمام).

وقال في «السير» : ( .. وأَمَّا الحَدِيْث: فيأتِي أبو بكْر فيه بغَرائبَ ومناكير).

قال ابن رجب: (المقرئُ الكوفي، رجلٌ صالح، لكنه كثير الوهم، ومع هذا فقد خرَّج البخاري حديثَه، وأنكر عليه ابنُ حبان تخريج حديثه وتركه لحماد بن سلمة).

قال ابن حجر في «التقريب» : ثقة، عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابُه صحيح.

توفي وقد قارب المئة، قاله ابن حجر في «الهدي» .

قال الذهبي في «السير» : عاش ستاً وتسعين سنة.

وفي «الميزان» : مات وله سبع وتسعون سنة.

روى له البخاري، وغالب أحاديثه فيه متابعة، وروى له مسلم في المقدمة.

ولعل الراجح ـ واللَّه أعلم ـ ما اختارَه ابنُ حجر، وأما مَن أنزلَه عن درجة الثقة؛ فلما قيل عن أوهامه حالَ الكِبر، وسبق أنه عُمِّر قريباً من المئة،

ص: 161

ومما يرجح هذا الاختيار احتجاجُ البخاري به في «صحيحه» .

(1)

ــ عبداللَّه بن عثمان بن خُثيم، أبو عثمان المكي القاريُّ. نِسْبةً إلى «بني قارَة» ، وهم بَطنٌ مَعروفٌ من العرب.

(2)

(1)

ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 386)، «العلل للإمام أحمد» رواية عبداللَّه

(2/ 481) رقم (3155)، «العلل ومعرفة الرجال عن الإمام أحمد، رواية المروذي وصالح والميموني» (215)، «سؤالات ابن محرز لابن معين» (1/ رقم (154، 255) و (2/ رقم (420، 715)، «سؤالات ابن طهمان لابن معين» رقم (25) و (44)،

«الثقات» للعجلي (2/ 389)، «الجامع» للترمذي، بعد حديث (2567)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (9/ 348)، «سؤالات الآجري لأبي داود» (1/ 298) رقم (475)، «المنتخب من العلل» للخلال (ص 181) رقم (101)، «الثقات» لابن حبان (7/ 668)، «المعرفة والتاريخ» للبسوي (2/ 172)، «الكامل» لابن عدي (4/ 25)، «تاريخ بغداد» (16/ 542)، «التعديل والتجريح» للباجي (3/ 1259)، «معرفة السنن والآثار» للبيهقي (1/ 555)، «تهذيب الكمال» (33/ 129)، «سير أعلام النبلاء» (8/ 495)، «مَن تُكُلِّم فيه وهو موثَّقٌ أو صالح الحديث» للذهبي (ص 568) رقم (399)، «ميزان الاعتدال» (5/ 219)، «ديوان الضعفاء والمتروكين وخلق من المجهولين وثقات فيهم لين» للذهبي (ص 454)، «هدي الساري» (ص 455)،

«تهذيب التهذيب» (12/ 34)، «شرح علل الترمذي» لابن رجب (1/ 118)،

«تقريب التهذيب» (ص 653)، «الكواكب النيرات» (ص 439) رقم (68)، «معجم المختلطين» لمحمد طلعت (ص 343).

(2)

«الأنساب» للسمعاني (10/ 294).

ص: 162

صَدوقٌ.

وثَّقه: ابن سعد، وابن معين ـ في رواية ـ وزاد:(حجة)، والعجلي، والنسائي ـ في قول له ـ، وذكره ابن حبان في «الثقات» ، وقال: وكان يخطئ.

وقال أبو حاتم: ما به بأس، صالحُ الحديث.

وقال ابن معين ـ كما في سؤالات ابن الجنيد ـ: ليس به بأس.

وقال ابن عدي: وهو عزيز الحديث، وأحاديثُه أحاديث حسان، مما يجب أنْ يُكتب.

وقال ابن معين ــ فيما نقله ابن عدي ـ: (أحاديثه ليست بالقوية).

وقال النسائي مرةً: ليس بالقوي، وقال مرة: ليِّن الحديث.

وقال أيضاً: (يحيى بن سعيد القطان لم يترك حديثَ ابنِ خثيم، ولا عبدِالرحمن، إلا أنَّ علي بنَ المديني قال: منكر الحديث، وكأنَّ علي بنَ المديني خُلِق للحديث).

قال الدارقطني: ابن خثيم ضعيف.

قال ابن حجر في «التقريب» : صدوق

وفي «هدي الساري» : مختلف فيه، له مَوضع في الحج متابعة.

استشهد به البخاري في «التعاليق» ، وأخرج له مسلم، والأربعة.

ولعل الأرجح ـ واللَّه أعلم ـ التوسُّطُ في حالِه كما قال ابنُ حجر، فإن مَن وثَّقَه كابن معين والنسائي ورَدَ عنهما القولُ بتضعيفه، والقول بالتوسط

ص: 163

فيه أيضاً، وهو الموافق لقول أبي حاتم وابن عدي.

(1)

ــ سعيد بن جُبير بن هشام الأسدي مولاهم، أبو محمد، ويقال: أبو عبداللَّه، الكوفي.

تابعي، ثقة، ثبت، متَّفقٌ على توثيقه.

قال ابن المديني: ليس في أصحاب ابن عباس مثل سعيد بن جبير.

قيل: ولا طاووس؟ قال: ولاطاووس، ولا أحَدٌ.

قال ابن حجر في «التقريب» : (ثقة، ثبت، فقيه، من الثالثة، وروايته عن عائشة، وأبي موسى، ونحوهما، مرسَلَةٌ، قُتِل بين يدي الحجَّاج سنة خمس وتسعين، ولم يُكمل الخمسين).

(2)

(1)

ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (5/ 487)، «تاريخ ابن معين» رواية الدوري

(2/ 319)، «سؤالات ابن الجنيد لابن معين» (ص 227) رقم (877)، «التاريخ الكبير» للبخاري (5/ 146)، «الجرح والتعديل» (5/ 111)، «المجتبى» للنسائي حديث رقم (2993)، «الثقات» لابن حبان (5/ 34)، «الإلزامات والتتبع» للدارقطني ـ ط. الكتب العلمية ـ (ص 352)، «الكامل» لابن عدي (4/ 161)،

«تهذيب الكمال» (15/ 279)، «ميزان الاعتدال» (2/ 410)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (8/ 58)، «تهذيب التهذيب» (5/ 314)، «هدي الساري» (ص 457)،

«تقريب التهذيب» (ص 347).

(2)

ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 256)، «الجرح والتعديل» (4/ 9)، «تهذيب الكمال» (10/ 358)، «سير أعلام النبلاء» (4/ 321)، «تهذيب التهذيب» (4/ 11)، «تقريب التهذيب» (ص 269).

ص: 164

تخريج الحديث:

ــ أخرجه الدينوري ـ كما سبق ـ عن أبي إسماعيل الترمذي.

ــ والحاكم في «مستدركه» (3/ 170) رقم (7442)، وفي «فضائل فاطمة» (ص 97) رقم (127) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي. بنحوه. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

كلاهما: (أبو إسماعيل، والدارمي) عن الوضاح بن يحيى النهشلي.

ــ وأخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (6/ 240) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين.

كلاهما: (الوضاح، وأبو نعيم) عن أبي بكر بن عياش.

لكنَّ أبا نعيم جعلَه من مسند ابن عباس لا من مسند فاطمة.

وقد تابع أبا بكر بن عياش أربعةُ رواة، وكلُّهم رووه من مسند ابن عباس.

ــ أخرج الإمام أحمد في «مسنده» (5/ 442) رقم (3485)، ومن طريقه: [الضياء في «المختارة» (10/ 220) رقم (232)، وابن الجوزي في

«المنتظم» (2/ 379)]، والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 96) رقم (124) عن عبدالرزاق، عن معمر.

ـ وأخرجه الإمام أحمد ـ أيضاً ـ في «مسنده» (4/ 486) رقم

(2762)، ومن طريقه:[الضياء في «المختارة» (10/ 219) رقم (231)]،

ص: 165

والتيمي في «دلائل النبوة» ـ ط. طيبة ـ رقم (48)، وعنه: [الضياء في

«المختارة» (10/ 218) رقم (230)]، والحاكم في «المستدرك»

(1/ 268) رقم (583)، وفي «فضائل فاطمة» (ص 96، 97) رقم (125، 126) من طُرُق عن يحيى بن سليم.

ــ في الموضع الثاني عند الحاكم في «فضائل فاطمة» لم يذكر ابن عباس.

ــ وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (14/ 430) رقم (6502)، وأبو نعيم في «دلائل النبوة» (1/ 192) رقم (139) من طريق مسلم بن خالد الزنجي.

ــ وأخرجه سعيد بن منصور في «سننه» ـ ط. الأعظمي ـ (2/ 378) رقم (2913)، والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 97) رقم (128) عن إسماعيل بن عياش.

خمستهم: (أبو بكر بن عياش، ومعمر، ويحيى بن سليم، ومسلم بن خالد الزنجي، وإسماعيل بن عياش) عن عبداللَّه بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

جميعهم جعلوه من مسند ابن عباس، إلا الوضاح بن يحيى النهشلي عن أبي بكر بن عياش، فجعله من مسند فاطمة.

والوضَّاحُ ضعيفٌ كما سبق في دراسة الإسناد.

والصحيحُ رواية الجماعة، وأنَّ الحديثَ مِن مسند ابنِ عباس.

ص: 166

ــ لفظُ حديثِ مَعمر عند الإمام أحمد: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ المَلَأَ، مِنْ قُرَيْشٍ اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ، فَتَعَاهَدُوا بِاللَّاتِ، وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى: لَوْ قَدْ رَأَيْنَا مُحَمَّدَاً، قُمْنَا إِلَيْهِ قِيَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ نُفَارِقْهُ حَتَّى نَقْتُلَهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَبْكِي حَتَّى دَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا، فَقَالَتْ: هَؤُلَاءِ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِكَ فِي الْحِجْرِ، قَدْ تَعَاهَدُوا: أَنْ لَوْ قَدْ رَأَوْكَ قَامُوا إِلَيْكَ فَقَتَلُوكَ، فَلَيْسَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْ دَمِكَ، قَالَ:«يَا بُنَيَّةُ أَدْنِي وَضُوءاً» ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِمُ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ، قَالُوا: هُوَ هَذَا، هُوَ هَذَا. فَخَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ، وَعُقِرُوا فِي مَجَالِسِهِمْ، فَلَمْ يَرْفَعُوا إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ، وَلَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَامَ عَلَى رُءُوسِهِمْ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ، فَحَصَبَهُمْ بِهَا، وَقَالَ:«شَاهَتِ الْوُجُوهُ» قَالَ: فَمَا أَصَابَتْ رَجُلًا مِنْهُمْ حَصَاةٌ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِراً.

وبنحوه عند سعيد بن منصور، وابن حبان، وطريق يحيى بن سليم عند أحمد، والحاكم.

قال الحاكم في «المستدرك» عقب الحديث من طريق يحيى بن سليم:

(هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، قَدِ احْتَجَّا جَمِيعاً بِيَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ، وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ

بِعَبْدِاللَّه بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ عِلَّةً، وَأَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ أَحْوَجِ النَّاسِ لِمُعَارَضَةِ مَا قِيلَ: إنَّ الْوُضُوءَ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ، وَإِنَّمَا نُزُولُ الْمَائِدَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ، وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ

ص: 167

نَاطِقٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ، وَيَأْمُرُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ؛ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ).

الحكم على الحديث:

إسناده ضعيف؛ لأجل الوضاح النهشلي؛ والحديث صحيح من مسند ابن عباس لا من مسند فاطمة.

وصحَّحَه ابن حبان، والحاكم، والألباني في «السلسلة الصحيحة»

(6/ 781) رقم (2824).

غريب الحديث:

ــ «شَاهَتِ الْوُجُوهُ» : أي قبُحَتْ.

(1)

* * *

(1)

ينظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (1/ 112)، «الزاهر في معاني كلمات الناس» لابن الأنباري (1/ 329)، «النهاية» لابن الأثير (2/ 511).

ص: 168

ما أسند ابن أبي مليكة، عن فاطمة رضي الله عنها

الحديث الخامس عشر من مسند فاطمة

139.

[15] قال الإمام أحمد رحمه الله في «مسنده» : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قال: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ تَنْقُزُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَتَقُولُ:

«بِأَبِي شَبَهُ النَّبِيِّ * لَيْسَ شَبِيهَاً بِعَلِيٍّ» .

(1)

[«المسند» للإمام أحمد (44/ 20) حديث رقم (26422)]

دراسة الإسناد:

ــ سليمان بن داود بن الجارود، أبو داود الطَّيَالِسي البصري الحافظ، فارسيُّ الأصل.

ثقَةٌ، حافِظ، غَلِط في أحاديث.

وثَّقه وأثنى عليه: ابن سعد، وزاد (كثير الحديث وربما غلط)، وأحمد، والعجلي، والنسائي، وزاد:(من أصدق الناس لهجة)، وابن عدي، والخطيب البغدادي، وغيرهم.

(1)

ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (18/ 25) ضمن مسند فاطمة.

ص: 169

وقال عبدالرحمن بن مهدي: (أبو داود الطيالسي أصدق الناس).

وقال ابن المديني: (ما رأيتُ أحفظَ من أبي داود الطيالسي).

قال ابن شبَّة: (كتبوا عن أبي داود بأصبهان أربعين ألف حديث، وليس معه كتاب).

وقال الفلَّاس: (ما رأيتُ في المحدِّثين أحفظَ من أبي داود، سمعته يقول: أسرد ثلاثين ألف حديث، ولا فخر، وفي صدري اثنا عشر ألف حديث لعثمان البُرِّي ما سألَني عنها أحدٌ من أهل البصرة، فخرجتُ إلى أصبهان فبثثتها فيهم).

علَّق الذهبي في «السير» بقوله: (قُلْتُ: قَالَ مِثْلَ هَذَا، وَقَدْ صَحِبَ يَحْيَى القَطَّانَ، وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَرَافَقَ ابْنَ المَدِيْنِيِّ).

قال أبو مسعود أحمد بن الفرات الرازي: سألت أحمد بن حنبل عن أبي داود؟ فقال: (ثقة صدوق)، فقلت: إنه يخطئ، فقال:(يُحتمل له).

وقال ابن أبي حاتم: (قال سمعت أبى يقول: أبو داود محدث صدوق، كان كثير الخطأ).

وقد انتَقدَ عليه بعضُ الأئمة ـ كما سبق ـ غلطَه في أحاديث، لكنها مما تُحتَملُ له كما قال الإمام أحمد؛ لكثرة ما رَوَى، وكونِه يُحدِّث مِن حِفظه لا من أُصولِه.

قال الخطيب: (كان أبو داود يُحدِّث مِن حفظه، والحفظُ خَوَّانٌ، فكان يغلط، مع أنَّ غلَطَه يَسيرٌ في جَنبِ ما روَى على الصحةِ والسلامة).

ص: 170

وقال ابن عدي: (وأبو داود الطيالسي كان في أيامه أحفظ مَن بالبصرة مُقدَّماً على أقرانه لحفظه ومعرفته،

وهو كما قال عَمْرُو بن علي: ثقة، وإذا جاوزت في أصحاب شعبة معاذَ بنَ معاذ، وخالدَ بنَ الحارث، ويحيى القطان، وغندر، فأبو داود خامسُهُم، وله أحاديثُ يرفَعُها، وليس بعَجَبٍ مَن يحدِّثُ بأربعين ألفَ حديثٍ مِن حِفظِه أنْ يُخطِئَ في أحاديثَ منها، يَرفعُ أحاديثَ يُوقِفُها غيرُه، ويُوصِلُ أحاديثَ يُرسِلُها غيرُه، وإنما أُتِيَ ذلك من حِفظِه، وما أبو داود عندي وعندَ غيري إلا متيقِّظاً ثَبْتاً).

قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: (أخطأَ أبو داود الطيالسي في ألف حديث).

تعقَّبه الذهبي في «السير» بقوله: (هذا قاله إبراهيم على سبيل المبالغة، ولو أخطأَ في سُبُعِ هذا لضَعَّفوه).

وذكرَ في مَوضع: (أنه أخطأَ في عِدَّة أحاديث؛ لكونه كان يتَّكِل على حفظه، ولا يروي مِن أصلِه).

وفي «تذكرة الحفاظ» : كان يتَّكِل على حِفظه؛ فغَلِطَ في أحاديث.

قال الذهبي في «السير» : (وقد تَكلَّمَ فيه محمدُ بنُ المِنهالِ الضَّرِيرُ، وقال: كُنتُ أَتَّهِمُهُ، قال لي: لَمْ أَسْمَعْ مِن عبدِالله بنِ عون، ثُمَّ سَأَلْتُه بَعدُ: أَسَمِعتَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ؟

قال: نَعَمْ، نَحْوَ عِشْرِيْنَ حَدِيثاً.

ص: 171

قُلْتُ: الجَمْعُ بَيْنَ القَوْلَيْنِ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئاً مَا ضَبَطَهُ، وَلا حَفِظَهُ، فَصَدَقَ أَنْ يَقُوْلَ: مَا سَمِعْتُ مِنْهُ، وَإِلَاّ، فَأَبُو دَاوُدَ أَمِيْنٌ، صَادِقٌ، وَقَدْ أَخْطَأَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيْثَ؛ لِكَوْنِهِ كَانَ يَتَّكِلُ عَلَى حِفْظِهِ، وَلا يَرْوِي مِنْ أَصْلِهِ، فَالوَرَعُ أَنَّ المُحَدِّثَ لا يُحَدِّثُ إِلَاّ مِنْ كِتَابٍ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ وَيُوْصِي بِهِ إِمَامُ المُحَدِّثِيْنَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَلَمْ يُخَرِّجِ البُخَارِيُّ لأَبِي دَاوُدَ شَيْئاً؛ لأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ عِدَّةٍ مِنْ أَقْرَانِهِ، فَمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ).

ووصفَه في «التذكرة» و «السير» : بالحافظ الكبير.

قال ابن حجر في «هدي الساري» : (ثقةٌ، مَشهورٌ، حافظٌ، أخطَأَ في أحاديثَ، علَّق له أحاديثَ قليلة).

وقال في «التقريب» : ثقة، حافظ، غلط في أحاديث.

استشهد به البخاريُّ تعليقاً، وأخرج له مسلم، والأربعة.

(ت 204 هـ).

(1)

(1)

ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (7/ 298)، «تاريخ ابن معين» رواية الدارمي

(ص 68) رقم (107، 110)، «التاريخ الكبير» للبخاري (4/ 10)، «الجرح والتعديل» (4/ 111)، «الثقات» للعجلي (1/ 427)، «الثقات» لابن حبان

(8/ 275)، «الكامل» لابن عدي (3/ 278)، «طبقات المحدثين بأصبهان والواردين عليها» لأبي الشيخ (2/ 48)، «تاريخ بغداد» (10/ 32)، «تهذيب الكمال»

(11/ 401)، «سير أعلام النبلاء» (9/ 378)، «تذكرة الحفاظ» (1/ 351)، «تذكرة الحفاظ» (1/ 257)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (6/ 51)، «تهذيب التهذيب»

(4/ 182)، «تقريب التهذيب» (ص 284)، «هدي الساري» (ص 457).

ص: 172

ــ زَمْعَة بن صالح الجَنَدِي، أبو وهب اليماني، سكن مكة.

ضَعيفٌ.

قال الجوزجاني: متماسك.

وقال ابن الجارود في موضع: صويلح.

قال الفلاس: فيه ضعف في الحديث، وقد روى عنه الثوري وابن مهدي، وما سمعتُ يحيى ذكره قط، وهو جائز الحديث مع الضعف الذي فيه.

وضعَّفَه: أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وزاد:(ووهيب أوثق منه)، والبخاريُّ، وأبو زرعة، وأبو داود، وابن الجارود، وابن حبان، والعقيلي.

قال البخاري في «التاريخ الكبير» : (يُخالَف في حديثه، تركه ابنُ مهدي أخيراً).

وقال أيضاً كما في «علل الترمذي الكبير» : (منكرُ الحديث، كثير الغلط، وذكرَ أحاديثَه عن سلمةَ بنِ وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ وجعل يتعجب منها، قال: ولا أروي عنه شيئاً، وما أراه يكذب، ولكنه كثير الخطأ).

وقال أيضاً ـ كما في موضع آخر في «العلل الكبير» ـ: (ذاهب الحديث، لا يدري صحيح حديثه من سقيمه، أنا لا أروي عنه، وكلُّ مَن كان مثلَ هذا فأنا لا أروي عنه).

قال ابنُ أبي حاتم: سُئل أبو زرعة عنه، فقال: (مكيٌّ، ليِّن، واهي

ص: 173

الحديث، حديثُه عن الزهري كأنه يقول: مناكير).

قال ابن عدي ــ بعد أن أورد جملة مما يُستنكر من حديثه ـ: (ولِزَمْعَةَ أحاديثُ غير ما ذكرتُ، عن الزهري، وزياد بن سعد، وسلمة بن وهرام، وأبي الزبير، ويعقوب بن عطاء عنه أفرادات. وحديثُهُ كُلُّه كَأنَّه فوائد

(1)

،

وربما يَهِم في بعض ما يَرويه، وأرجو أنَّ حديثَه صَالِحٌ لا بأسَ به).

قال النسائي: ليس بالقوي، مكي، كثير الغلط عن الزهري.

وفي قول له: صالح الحديث، ليس بالقوي.

وقال الساجي: ليس بحُجَّةٍ في الأحكام.

(1)

. يُطلِق أئمة الحديث (الفوائد) ويريدون بها: الغرائب، ولهم مؤلفات مفردة بعنوان «فوائد

».

في ترجمة (حسان بن إبراهيم الكرماني) من «الكامل» لابن عدي (2/ 374) نقَل قول أبي عروبة: (كان أحاديثه كلُّها فوائد). قال ابن عدي: أي غرائب.

وفي «شرح علل الترمذي» لابن رجب (1/ 408): (نقل محمد بن سهل بن عسكر، عن أحمد، قال: إذا سمعتَ أصحابَ الحديثِ يقولون: هذا الحديث «غريب» ، أو

«فائدة» ؛ فاعلم أنه خطأ، أو دخلَ حديثٌ في حديثٍ، أو خطأٌ من المحدِّث، أو ليس له إسنادٌ، وإن كان قد رَوى شعبة وسفيان. وإذا سمعتَهم يقولون: لا شيء، فاعلَم أنه حديثٌ صحيح).

وانظر: «شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل» لمصطفى السليماني (ص 377)، و «الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام» للدوسري (1/ 52).

ص: 174

قال ابن حجر في «التقريب» : ضعيف.

روى له مُسلمٌ مَقرُوناً.

مما سبق يتبيَّنُ أنَّ عامة أهل العلم على تضعيفه، ومَن حسَّن حالَه فبعبارة مُوهِنة، فهو في دائرة الضعف ـ واللَّهُ أعلم ـ.

(1)

ــ عبداللَّه بن عبيداللَّه بن أبي مُلَيْكَةَ، واسمه: زهير، ابن عبداللَّه جُدعان التيمي، أبو بكر، ويقال: أبو محمد المكي.

ثقة، فقيه.

وثقه: ابن سعد، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والعجلي، وغيرهم. وذكره ابن حبان في «الثقات» .

قال ابن حجر في «التقريب» : ثقة، فقيه.

(1)

ينظر: «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (2/ 174)، ورواية ابن طهمان (ص 43) رقم

(62)، «التاريخ الكبير» للبخاري (3/ 451)، «أحوال الرجال» للجوزجاني

(ص 146) رقم (255)، «سؤالات الآجري لأبي داود» (1/ 395) رقم (770)،

«العلل الكبير» للترمذي (1/ 431) و (2/ 967)، «الضعفاء والمتروكون» للنسائي

(220)، «الجرح والتعديل» (3/ 624)، «الضعفاء» للعقيلي (2/ 452)،

«المجروحون» لابن حبان (1/ 390)، «الكامل» لابن عدي (3/ 229)، «تهذيب الكمال» (9/ 386)، «مَن تُكُلِّم فيه وهو موثق أو صالح الحديث» (ص 201) رقم (117)، «ميزان الاعتدال» (2/ 75)، «إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (5/ 75)،

«تهذيب التهذيب» (3/ 338)، «تقريب التهذيب» (ص 252).

ص: 175

أدرك ثلاثين من الصحابة، لكنه لم يدرك فاطمة.

وذكر أبو حاتم أنَّ روايتَه عن عُمرَ وعُثمان مُرسَلَةٌ.

(1)

تخريج الحديث:

ــ أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» ــ كما سبق ــ، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (13/ 176)] من طريق أبي داود الطيالسي، عن زمعة، عن ابن أبي مليكة، أنَّ فاطمة

ــ وأخرجه ابن أبي الدنيا في «العيال» (1/ 443) رقم (274) من طريق أبي عامر العقدي، عن زمعة، عن ابن أبي مليكة، قال: كانت عائشة تنقز الحسن بن علي ....

وزمعة ضعيف ـ كما سبق ـ، وقد اضطرب فيه، فرواه عن: فاطمة، وعائشة؛ وقد خالفَه عمرُ بنُ سعيد.

ــ فأخرج البخاري في «صحيحه» (ص 680)، كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (3542)، وفي كتاب فضائل

(1)

ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (5/ 472)، «الجرح والتعديل» (5/ 60، 99)،

«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 113) رقم (186)، «الثقات» لابن حبان (5/ 2)،

«تهذيب الكمال» (15/ 256)، «تهذيب التهذيب» (5/ 306)، «تقريب التهذيب»

(ص 346).

ص: 176

الصحابة، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما، حديث رقم (3750) من طريق عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث، قال: صلَّى أبو بكر رضي الله عنه العصر، ثم خرج يمشي، فرأى الحسنَ يلعب مع الصبيان، فحَمَلَه على عاتقه، وقال: بأبي شبيهٌ بالنبيِّ، لا شبيهٌ بعليٍّ. وعليٌّ يضحك.

قال ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 567): (قوله: «

ثم خرج يمشي» زادَ الإسماعيليُّ في رواية: بعد وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بلَيالٍ وعليٌّ يمشي إلى جانبه»).

وقال أيضاً (6/ 568): (وفي الحديثِ فضلُ أبي بكر ومحبتُه لِقرابة النبي صلى الله عليه وسلم).

وقال أيضاً في (7/ 96) لما ذكر حديث زمعة من «مسند أحمد» : (وَيَحْتَمِلُ إِنْ كَانَ حَفِظَهُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَفَاطِمَةَ تَوَافَقَا عَلَى ذَلِكَ، أَوْ يَكُونَ أَبُو بَكْرٍ عَرَفَ أَنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَقُولُ ذَلِكَ، فَتَابَعَهَا عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ).

قلتُ: وهو مَعَ ضعفِ زمعةَ، واضطرابِه، ومخالفَتِه، مُرسَلٌ، والراجحُ ما في «الصحيح» .

قال مغلطاي (ت 762 هـ) في «إكمال تهذيب الكمال» = «التراجم الساقطة من كتاب إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي» ـ ط. دار المحدِّث ـ

ص: 177

(ص 95): (وذكر المزيُّ عن عقبة بن الحارث: أنَّ أبا بكر قال للحسن:

وا بأبي شبيه النبي

ليس شبيهاً بعلي

وخالفَ ذلك الإمامُ أبوعبداللَّه محمد بن المعلى الأزدي في كتابه المسمى بـ «الترقيص» لمَّا ذكرَ رواية عقبة هذه قال: كانوا يَرون هذا من كلام فاطمة ابنةِ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وذكرَ ابنُ الجوزي أنَّ هذا مِن كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم).

وأما شَبَهُ الحسن بن علي رضي الله عنهما بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد ورد في عدة أحاديث، منها:

1.

أخرج البخاري في «صحيحه» ، حديث رقم (3543)،

و (3544)، ومسلم في «صحيحه» حديث رقم (2343) من طريق إِسْمَاعِيلِ بنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عليهما السلام يُشْبِهُهُ، قُلْتُ لِأَبِي جُحَيْفَةَ: صِفْهُ لِي، قَالَ:«كَانَ أَبْيَضَ، قَدْ شَمِطَ، وَأَمَرَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِثَلاثَ عَشْرَةَ قَلُوصَاً، قَالَ: فَقُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ نَقْبِضَهَا» . لفظ البخاري.

2.

أخرج البخاري في «صحيحه» ، حديث رقم (3752)، قال: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، قال: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

ص: 178

عَنْ أَنَسٍ، وَقَالَ: عَبْدُالرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قال: أَخْبَرَنِي أَنَسٌ رضي الله عنه قَالَ: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ» .

الحكم على الحديث:

الحديث ـ محل الدراسة ـ ضعيف؛ لضعف زمعة، ومخالفته، وإرسال الحديث.

قال ابن حجر في «إتحاف المهرة» (18/ 25) رقم (23319) عن الحديث: منقطع.

والصحيح ما في «الصحيحين» من قول أبي بكر رضي الله عنه للحسَن.

غريب الحديث:

ــ (تَنْقُزُ): قَالَ اللَّيْث: النَّقَزُ والنَّقَزَانُ كالْوَثَبانِ صُعُداً فِي مكانٍ وَاحِد. والتَّنْقيز: التَّرْقيص، يُقَال: نَقَّزَت المرأةُ صبيَّها، إِذا رَقَّصَتْه.

(1)

* * *

(1)

ينظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (8/ 329)، «الفائق» للزمخشري (4/ 21)،

«القاموس المحيط» (ص 527).

ص: 179