الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قصة ذي القرنين
س - ما معنى الآية الكريمة {ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً} ؟
ج- قوله تعالى {ويسئلونك عن ذي القرنين " سورة الكهف، الآية 83 السائل هنا قريش سألوا النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذي القرنين وقصته مشهورة ولا سيما عند أهل الكتاب وهو مالك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويقال إنه طاف معه بالبيت والله أعلم.
هذا الرجل الصالح مكن الله له في الأرض وآتاه من أسباب المالك كل سبب يتوصل به إلى الانتصار وقهر أعدائه فأتبع سبباً يعني سلك طريقاً يوصله إلى مقصوده {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما} سورة الكف، الآية86 فاستولى عليهم وخيره الله فيهم {قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا} فحكم بينهم بالعدل {قال أما من ظلم سوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا، وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسراً} سورة الكهف، الآيتان 87-88.
ثم سار متجها نحو مطلع الشمس {حتى إذا بلغ ملطع الشمس وجدها تطلع على قوم} سورة الكهف، الآية 90 ليس لهم ستر يحول بينهم وبين حرها ليس عندهم بناء ولا أشجار وإنما يعيشون في النهار في السراديب والكهوف ثم في الليل يخرجون يلتمسون العيش.
وكان الله عز وجل في جميع أحوال هذا الرجل عالماً به يسير بعلم من الله عز وجل وهداية كما قال الله تعالى {وقد أحطنا بما لديه خبراً} سورة الكهف، الآية91.
ثم مضى {حتى بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً} سورة الكهف، الآية 93 لأنهم كانوا أعاجم لا تفهم لغتهم ولا يفهمون لغة غيرهم ولكنهم اشتكوا إلى هذا الملك الصالح ذي القرنين بأن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض وهما أمتان من بين آدم كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح.
وتذكر روايات وأخبار إسرائيلية في هاتين الأمتين أعني يأجوج ومأجوج كلها لا أصل لها من الصحة وإنما يأجوج ومأجوج من بين آدم وعلى شكل بني آدم كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال {يقول الله تعالى يوم القيامة يا آدم فيقول لبيك وسعديك فيقول أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار قال يا ربي وما بعث في النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كلهم في النار إلا واحداً من الألف} فكبر ذلك على الصحابة، وقالوا يا رسول الله أينا ذلك الواحد فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، {أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج} . وهذا دليل واضح وصريح على أن يأجوج ومأجوج من بني آدم فيكون شكلهم وأحوالهم كأحوال بني آدم تماماً لكنهم من قوم طبعوا على الفساد في الأرض وتدمير مصالح الخلق وقتلهم وغير ذلك مما يكون فساداً في أرض الله عز وجل.
قالوا له {فهل نجعل لك خرجا} أي مالا {على أن تجعل بيننا وبينهم سداً} فأخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى أعطاه من الملك والتمكين ما هو خير من المال الذي يعطونه إياه {قال ما مكنى في ربي خير فأعينوني بقوة} أي بقوة عملية من مال وأدوات وما أشبه ذلك {أجعل بينكم وبينهم ردماً} ثم طلب مهم زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا " فاوقدوا عليه النار ونفخوها حتى صار الحديد ناراً ملتهباً فافبرغ عليه قطراً أي نحاساً مذاباً حتى تماسكت هذه القطع من الحديد وصارت جداراً حديدياً صلباً " فما اسطاعوا أن يظهروه يعني يصعدوا فوقه {وما استطاعوا له نقبا} أي أن ينقبوه من أسفل فكان ردماً بين يأجوج ومأجوج وبين هؤلاء القوم وقصته معروفة مشهورة ذكرها الله تعالى في آخر سورة الكهف فمن أراد أن يزيد من علمها فليقرأ ما كتبه أهل التفسير الموثوق بهم في هذه القصة العظيمة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *