الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الأبن أن يكون باراً بوالديه قبل الزواج وبعد الزواج، والواجب كذلك على الوالدين أن يصلا أبناءهما لأن أبناءهما من أرحامهما وصلة الأرحام واجبة. فلا يحل لأحد من الوالدين أن يؤذى أحداً من أولاده بعد زواجه أو ينكد عليه حياته مع زوجته. وإذا رأى ذلك منهما ورأى أنه لا تستقيم الحال إذا عاش بينهما - أي بين والديه - فلا حرج عليه في هذه الحال أن ينفرد عنهما بمسكن آخر مع قيامه بما يجب عليه من برهما.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
عليكم أن تصبروا وتصلوا أمكم
س - إنني أطرح مشكلتي وإخوتي مع والدتي على فضيلتكم حيث إنها تدفعنا كثيراً بكثرة تعبيرها وسوء تصرفاتها إلى أن تخطئ عليها وهذا ما نخاف الله فيه ولا نريد أن نكون حقا من العاقين أو نخسر دنيانا وآخرتنا بسبب هذه التدابير الشيطانية علما بأنها كثيراً ما تعيرنا بالتزامنا وتسمينا " المطاوعة " رغم أنها تحفظ من الآيات جزء عم، وتحافظ على صيام الاثنين والخميس وثلاثاء أيام من كل شهر وغيرهما من صلاة النوافل وصيام التطوع، حتى أننا حججنا مع أخينا وقبل أن نعزم على السفر عادت إلى تهجمها وشتامها وضربها لنا، حتى أنها تسبنا في شرفنا وعرضنا وتدعو علينا بدعوات لا تدعوها أم على أبنائها. على أننا نتمنى مفارقتها أو موتا لنا حتى نرتاح من شرها. والحال لازلت من سيء إلى أسوأ.. فضيلة الشيخ ماذا نفعل مع أمنا وكيف نعدل من سلوكها وحياتنا؟
ج- الجواب على هذا السؤال من شقين
الشق الأول أوجه النصيحة لهذه الأم إذا كان ما ذكر عنها صحيحاً بأن تتقي الله في نفسها وأن تعلم أنها إذا أساءت لبناتها أو أبنائها كان ذلك من قطيعة الرحم التي هي من كبائر الذنوب لقوله تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوزا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} . ولقول النبي، صلى الله عليه وسلم، {لا يدخل الجنة قاطع} ، يعني قاطع رحم. ولأن هذا العمل منها ظلم لأبنائها وبناتها والظلم محرم وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن معاذ ابن جبل رضي الله عنه
أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال قيما يرويه عن ربه {يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا} والظلم ظلمات يوم القيامة، والظلم بحق غير الله عز وجل لا يغفر لأنه حق العباد، وحق العباد لابد من استيفائه وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لأصحابه ذات يوم {من تعدون المفلس فيكم؟ قالو المفلس من لا درهم عنده ولا متاع} قال، صلى الله عليه وسلم، {المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ظلم هذا وضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقى من حسناته شيء والا أخذ من سيئاته وطرح عليه ثم طرح في النار} ، أي أن هذا العمل منها يؤدي إلى أن يعقها ابناؤها من بنين وبنات لأن النفوس لا تتحمل الضيم في غالب الأحيان فتكون سبباً للوقوع من قبل بناتها وأبنائها في العقوق، ولأن هذا يؤدي أن تعيش عيشة سعيدة مع أبنائها وبناتها بل تبقى دائما معهم في شقاق ونزاع ومشاكل.. فنصيحتي لهذه الأم أن تصحح ما قيل عنها وأن تتقي الله عز وجل في نفسها وفي أولادها، وأن تعدل من سيرها معهم، وأن تعاشرهم بالمعروف حتى يقوموا بحقها الذي أوجب الله عليهم.
أما الشق الثاني فهو موجه لهؤلاء الأبناء والبنات، عليهم أن يصبروا ويحتسبوا الأجر عند الله عز وجل ويقوموا ببرها ما استطاعوا وهم إذا قاموا ببرها مع قطيعتها لهم فإنهم غانمون وهي الخاسرة فليصبروا وليحتسبوا، وقد ذكر رجل للنبي، صلى الله عليه وسلم، أن له أقارب يصلهم ويقطعونه ويحسن إليهم ويسيئون إليه ويحلم عليهم، ويجهلون عليه، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، {إن كان كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك} . والمل هو الرماد الحار، يعني أن هذا غنم لك وغرم عليهم لقوله، صلى الله عليه وسلم، {ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها} ، فنصيحتي لهؤلاء الأبناء والبنات أن يقوموا ببر هذه الأم ما استطاعوا وأن يصبروا على ما يحصل منها من جفاء وغلظة وأن ينتظروا من الله الفرج، وقد قال الله سبحانه وتعالى {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} وقال سبحانه وتعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *