الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأفكار، وتزييغ الناشئة بسوء استعمال حرية النشر.
والله ولي التوفيق، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آلخ وصحبه وسلم.
توقيع
نائب الرئيس
محمد على الحركان
…
توقيع
نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *
معنى قوله تعالى {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر
..}
س - الحمد لله وبعد فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء على السؤال المقدم من سليمان بن عثمان جويوبو ونصه فسروا لنا هذه الآية {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله..} إلى آخر السورة، لأن بعض الناس يكفر بعضهم بعضا حتى آباءهم وامهاتهم وإخوانهم وأخواتهم ولو كانوا يصلون ويصومون ويكفيرون غيرهم، فبينوا لنا معنى هذه الآية. وقد أجابت اللجنة بما يلي
ج- يخبر الله جل شأنه رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، بأنه لا يجد ممن أمن بالله واليوم الآخر وأخلصوا قلوبهم لله واسلموا وعدلوا عما جاء به، صلى الله عليه وسلم، من عند الله من الهدى والنور مهما طال الزمن وقلبت فيهم البصر وامعنت النظر فسوف لا تجد من المخلصين الصادقين في إيمانهم من يحب قلبه هؤلاء الكفار ولو كانوا من أقرب الناس إليهم نسباً من آبائهم وأبنائهم وأخوانهم وعشيرتهم الأقربين وفي هذا ثناء جميل من الله سبحانه وتعالى لهم في الثبات على ذلك والازدياد منه وأمر للناس أن يسيروا سيرتهم وينهجوا نهجهم في الإخلاص وصدق الإيمان وتحذير من صنيع المنافين الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم من اليهود ويحلفون لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أيمانا كاذبة ليرضوه ويقولون {نشهد إنك
لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} .
فتضمنت هذه الجملة الثناء على المؤمنين الصادقين بالبراءة من الكافرين والتحذير من حبهم ومودتهم والنهي عن ذلك كما في قوله تعالى {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة} وكما في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانك أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولاهم منكم فأولئك هم الظالمون، قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} وكما في قوله تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذا قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده، إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير} إلى غير هذه الآيات من نصوص الكتاب والسنة التي نهت عن إتخاذ اليهود والنصارى أولياء وغيرهم من الكفار وحذرت من تولي من غضب الله عليهم ومن اتخذوا دين الله هزوا من الذين أوتوا الكتاب وسائر الكفار.
هذا بيان من الله تعالى لحكم أعمال القلوب من محبة ووداد وبراء من الكافرين وبغضهم وبغض ما ارتكسوا فيه من غي وضلال أما المعاملات الدنوية من بيع وشراء وسائر تبادل المنافع فتابع للسياسة الشرعية والنواحي الاقتصادية فمن كان بيننا وبينهم موادعة جاز أن نتبادل معهم المنافع من بيع وإجارة كراء وقبول الهدايا والهبات والمكافأة عليها بالمعروف والإحسان إقامة للعدل ومراعاة لمكارم الأخلاق على أن يعارض ذلك أصلا شرعياً ولا يخرج عن سنن المعاملات التي أحلها الإسلام قال تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} .
ومن كان بيننا وبينهم حرب أو اعتدوا علينا فلا يجوز أن نتولاهم في المعاملات الدنيوية بل يحرم ذلك كما حرم توليهم بالمحبة والاخاء قال الله تعالى {إنما ينهاكم الله عن
الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} وقد بين النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك بياناً عملياً في السلم والحرب مع اليهود بالمدينة وخيبر ومع النصارى وغيرهم من الكفار، ثم بين الله تعالى السبب الذي كان عنه بغضهم للكافرين فقال {أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه} أن هؤلاء الذين صدقوا الله ورسوله هم الذين قرر الله في قلوبهم الايمان وثبته في نفوسهم وقواهم ببرهان منه ونور وهدى فوالوا أولياء وعادوا أعداءه وساروا على الشريعة التي رضيها الله تعالى لهم دينا ثم بين جزاءهم بقوله {ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه} أي يتفضل الله عليهم بمنة وكرمه فيدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيمنعهم بذلك النعيم أولئك المخلصون الأطهار مقيمين فيها أبد الأباد لا يفنى نعيمها ولا يزول وما هم منها بمخرجين رضي الله عنهم بما حققوه من إيمان صادق وعمل صالح ورضوا عن قضائه وتشريعه وجزامئه وأثنوا عليه بما هو أهله ثم ختم السورة بقوله {أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هو المفلحون} فأخبر تعالى بأنهم جنده الذين تولوه بالطاعة فتولاهم بنصره وفضله وإحسانه في الدنيا والآخره وكانوا هم الفائزين دون من خادع الله ورسوله وتولى الكافرين ومن ذلك يتبين ما يأتي
أولا أن من أحب الكفار ووادهم فهو كافر كفر يخرج من ملة الإسلام.
ثانيا من أبغضهم بقلبه وتبادل معهم المنافع من بيع وشراء وإجارة وكراء في حدود ما شرع الله فلا حرج عليه.
ثالثا من أبغضهم في الله ولكن عاشرهم وعاش بين أظهرهم لمصلحة دنيوية وآثر ذلك على الحياة مع المسلمين في ديارهم فهو آثم في ذلك من تكثير سوادهم والتعاون معهم دون المسلمين ولأنه عرض نفسه للفتن وحرمها من التعاون مع المسلمين على أداء شعائر الإسلام وحضور مشاهده والتناصح والتشاور بين المسلمين فيما يعود على الأمة الإسلامية بالقوة والنهوض إلى ما تسعد به في الدنيا والآخرة إلا إذا كان عالما يأمن على نفسه الفتنة