الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{المجلات الساقطة}
خطرها على المسلمين - حكم اقتنائها وحكم بيعها وحكم شرائها - وحكم الاعانة على نشرها
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - حفظه الله -
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن، احذروا كل ما يفتنكم عن عبادة الله التي من أجلها خلقتم، احذروا كل ما يفتنكم عن شرفكم وأخلاقكم التي هي قوام مجتمعكم
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
…
فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
احذروا الفتن فإنها تسري إلى القلوب فتصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، إنها تسرى إلى القلوب التي تلين إلى ذكر الله وتخشع لعظمته فتكسبها قسوة واستكباراً، إن الفتن تدب في القلوب فتفتك بها كما يفتك السم في الجسم حتى يهلكه، أيها الناس احذروا الفتن كلها، اجتنبوا أسبابها لا يقل أحدكم أنا مؤمن أنا مستقيم لن تؤثر على هذه الفتن لا يقل أحدكم هكذا فيقرب من أسباب الفتن مؤملاً العصمة فإن سهام إبليس نافذة والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما قال ذلك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، {من سمع بالدجال فلينأ عنه - أي فليبعد عنه - فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات} أخرجه أبو داود.
أيها المسلمون المؤمنون بالله ورسوله إن هذا الحديث لعلم نصبه لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهتدي به في كل مواقع الفتن لنبتعد عنها وإن كانا نزن أن نخرج منها بسلام وإن الرجل أمام الفتنة لا يضمن نفسه العصمه ولا يأمن على نفسه من شرك تلك الفتنة، أيها الناس أيها الأخوة، إننا في عصر كثرت فيه أسباب الفتن وتنوعت أساليبها وانفتحت أبوابها من كل وجه، فتحت الدنيا علينا فتنافسها أقوام فأهلكتهم، وبدأت تدب شبهات البدع إلى قلوب السذج من الناس فأردتهم وكثرت الفتاوي والنشرات الخالية من التحقيق فذبذبت أفكار الناس وأقلقتهم وانفتحت طامة كبرى وبلية عظمى تلك الصحف والمجلات الداعية إلى المجون والفسوق والخلاعة في عصر فيه الفراغ الجسمي والفكري وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثيرة من الناس فعكفوا على هذه الصحف والمجلات فأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم وصاروا فريسة لذلك الداء العضال نسأل اله لنا ولهم السلامة.
أيها الناس إن من المؤسف المحزن والمخيف والمروع أن يكون بين أيدي شبابنا وكهولنا وشيوخنا من ذكور وإناث مثل هذه الصحف والمجلات التي تدعو كتابة وتصويراً إلى التحلل من الفضيلة والتردي في أسافل الأخلاق ولقد كنت أسمع كثيراً عن مجلات معينة لا أذكرها باسمها لأن الحصر قد يفهم منه بعض الناس أن ما سواها طيب ولكني أقولها بالصفة، إنها مجلات تنشر الخلاعة والبذاءة والسفول وكنت أقدم رجلاً وأأخر أخرى عن أضاعة الوقت في النظر في مثل هذه المجلات حتى طلب مني بعض الطيبين أن أنظر ولو بلمحة عابرة سريعة إلى بعض هذه المجلات، وبعث إلى ببعض منها حتى يمكن الحكم عليها بما تقتضيه حالها إذ لا يمكن اتقاء الشيء والحكم عليه إلا بمعرفته. فوجدت هذه المجلات وجدتها والله، وأقسم بالله في هذا المكان وأنتم تشهدون، والله من فوقنا شهيد على ما أقول وعلى ما تسمعون، وجدت هذه المجلات هدامة للأخلاق مفسدة للأمة لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ، وجدت النظر شراً من المسمع، وجدت أقوالاً ساقطة ماجنة
يمجها كل ذي خلق مستقيم، رأيت صوراً من النساء على أغلفة المجلات وفي باطنها صوراً فاتنة في أزايء منحطة عن الفضيلة، منغمسة في الرذيلة، تحرك من لا شهوة له، وجدت كلمات تدعو إلى الموسيقى والعزف المحرم، وجدت صور علب الدخان للدعاية له إلى غير ذلك من المنكرات العظيمة الفاحشة هذا وما لم يصل إلى أكثر وقد يكون أفظع.
أيها الناس ماذا أقول وماذا يقول غيري من المحبين للإصلاح، وأسأل الله أن نكون من المحبين للإصلاح ويجعلنا من المصلحين، ماذا أقول حيال هذه الصحف والمجلات؟ ومن أخاب أأخاطب المسؤولين في الدولة. إن مخاطبة المسؤولين في الدولة من مثل هذا المنبر لا يقتضيه العقل ولا يأمر به الشرع لأنه ليس من الخير أن نخاطهبم من مثل هذا المنبر. وإذا لم يكن من الخير، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت} هل أخاطب المسؤولين عن هذه الصحف. إنه لا يمكن أن أخاطبهم لأنهم ليسوا أمامي ولكن أقول لعله يبلغهم بإذن الله، أقول للمسؤولين عن هذه الصحف أنهم مسؤولون أمام الله عز وجل حينما يقفون بين يديه عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، إن هؤلاء الذين ينشرون هذه المنكرات إنهم مسؤولون عن أي نتيجة تحدث من جراء ما نشروه، إن المجتمع إذا صار مجتمعاً بهيمياً فإنه لا يمكن أن يحق حقا ولا ينكر باطلاً، لا يمكن أن يخضع لأوامر الله فضلا عن أوامر عباد الله عز وجل وبهذا تكون الفوضى التي لا حدود لها.
أيها الناس إذا لم يمكنني أو أوجه خطابي إلى هؤلاء فإنه يمكنني أن أوجه خطابي إليكم معشر المواطنين، إنني أدعوكم أية المؤمنون بوصفكم مؤمنين، وإنني أدعوكم أيها الشرفاء بوصفكم شرفاء، إنني أدعوكم أيها الغيورون بوصف الغيرة، إنني أدعوكم أيها الآباء بوصف الأبوة، إنني إدعوكم أيها الأولياء بوصف الولاية، إنني أدعوكم إلى المحافظة على دينكم وأخلاقكم، أدعوكم إلى البعد عن الفتن ما ظهر منها ومن بطن، أحذركم من أن تتسرب هذه الصحف والمجلات المملوءة بالصور الفاتنة والأقوال المضلة والأزياء المنحرفة إلى بيوتكم فتقع في أيدي أهليكم فتهلكهم وتطيح بأخلاقهم وقيمهم إن كل شيء يعرض في هذه الصحف والمجلات سوف يؤثر على من يقتنيها مقتنعاً بها وبما ينشر فيها من أفكار
ومظاهر. أيها المؤمنون إن وجود هذه المجلات والصحف في البيوت مانع من دخول الملائكة إليها لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، وما ظنك ببيت لا تدخله الملائكة، فاقتناء مثل هذه المجلات حرام، وشراؤها حرام، وبيعها حرام، ومكسبها حرام، وقبولها هدية حرام، وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام لأنه من التعاون على الآثم والعدوان وقد قال الله عز وجل {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} . فاتقوا الله عباد الله واحذروا أن تبقى هذه الصحف والمجلات في أيديكم وأحرقوها فإنها قد قامت عليكم الحجة بما سمعتم، أحرقوا هذه المجلات، أتلفوها لا تبقى في أيدي أهلكم، لا في أيد البنين ولا في أيدي البنات وإياكم أن تبذلوا الأموال في شرائها أو المساهمة فيها فإن في ذلك مفاسد كثيرة، من هذه المفاسد إضاعة المال الذي جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم وإضاعة المال صرفه فيما لا ينفع فيه أو فيما فيه ضرر، وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن إضاعة المال. ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها إضاعة للوقت الذي هو عند العقلاء أثمن من المال لأن الحياة هي الوقت، وإضاعته خسران للحياة وكل إنسان مسؤول عنه كما يسال عن المال ولو أمضى الإنسان عمره في قراءة ما ينفعه من كتاب الله وسنة النبي، صلى الله عليه وسلم، وما يعين على فهمهما من التفسير وسيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين لحصل له بذلك خير كثير.
ومن مفاسد هذه الصحف والمجالات ما يحصل للقلب من هيام في الحب وإغراق في الخيال الذي لا حقيقة له فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب.
ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة. فيا أيها المؤمنون قاطعوا هذه الصحف والمجلاات لا تعينوا ناشريها على إثمهم فإن شراءكم إياها إثراءً لهم وتقوية لرصيدهم المالي وإغراء لهم في نشرها وعلى ما هو أفظع من ذلك فيكون المشترك والمشتري والقابل لها معيناً على الإثم والعدوان، وتذكروا يا أيها المؤمنون تذكروا قول الله عز