الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات والأحاديث كثيرة. أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك: أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره؛ لقول الله عز وجل:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1) والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [طريق الهجرتين] في آخره تحت عنوان (طبقات المكلفين) فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) سورة الإسراء الآية 15
هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية
؟
فتوى رقم (11043) :
س: عندنا تفشي ظاهرة عبادة القبور وفي نفس الوقت وجود
من يدافع عن هؤلاء ويقول: إنهم مسلمون معذورون بجهلهم فلا مانع من أن يتزوجوا من فتياتنا وأن نصلي خلفهم وأن لهم كافة حقوق المسلم على المسلم ولا يكتفون، بل يسمون من يقول بكفر هؤلاء: إنه صاحب بدعة يعامل معاملة المبتدعين، بل ويدعوا أن سماحتكم تعذرون عباد القبور بجهلهم حيث أقررتم مذكرة لشخص يدعى الغباشي يعذر فيها عباد القبور، لذلك أرجو من سماحتكم إرسال بحث شاف كاف تبين فيه الأمور التي فيها العذر بالجهل من الأمور التي لا عذر فيها، كذلك بيان المراجع التي يمكن الرجوع إليها في ذلك، ولكم منا جزيل الشكر.
ج: يختلف الحكم على الإنسان بأنه يعذر بالجهل في المسائل الدينية أو لا يعذر باختلاف البلاغ وعدمه، وباختلاف المسألة نفسها وضوحا وخفاء وتفاوت مدارك الناس قوة وضعفا.
فمن استغاث بأصحاب القبور دفعا للضر أو كشفا للكرب بين له أن ذلك شرك، وأقيمت عليه الحجة؛ أداء لواجب البلاغ، فإن أصر بعد البيان فهو مشرك يعامل في الدنيا معاملة الكافرين واستحق العذاب الأليم في الآخرة إذا مات على ذلك، قال الله تعالى:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (1) وقال تعالى:
(1) سورة النساء الآية 165
{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1) وقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (2) وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (3) » رواه مسلم إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب البيان وإقامة الحجة قبل المؤاخذة، ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره ثم لا يؤمن ولا يطلب الحق من أهله فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصر على الكفر، ويشهد لذلك عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم، كما يشهد له ما قصه الله تعالى من نبأ قوم موسى إذ أضلهم السامري فعبدوا العجل وقد استخلف فيهم أخاه هارون عند ذهابه لمناجاة الله، فلما أنكر عليهم عبادة العجل قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، فاستجابوا لداعي الشرك، وأبوا أن يستجيبوا لداعي التوحيد، فلم يعذرهم الله في استجابتهم لدعوة الشرك والتلبيس عليهم فيها
(1) سورة الإسراء الآية 15
(2)
سورة الأنعام الآية 19
(3)
أحمد (2 / 317، 350) و (4 / 396، 398) ، ومسلم برقم (153) ، وابن مردويه وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني، كما في [الدر المنثور](3 / 325) ، والحاكم (2 / 342) .
لوجود الدعوة للتوحيد إلى جانبها مع قرب العهد بدعوة موسى إلى التوحيد.
ويشهد لذلك أيضا ما قصه الله من نبأ نقاش الشيطان لأهل النار وتخليه عنهم وبراءته منهم، قال الله تعالى:{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) فلم يعذروا بتصديقهم وعد الشيطان مع مزيد تلبيسه وتزيينه الشرك وإتباعهم لما سول لهم من الشرك لوقوعه إلى جانب وعد الله الحق بالثواب الجزيل لمن صدق وعده فاستجاب لتشريعه واتبع صراطه السوي.
ومن نظر في البلاد التي انتشر فيها الإسلام وجد من يعيش فيها يتجاذبه فريقان فريق يدعو إلى البدع على اختلاف أنواعها شركية وغير شركية، ويلبس على الناس ويزين لهم بدعته بما استطاع من أحاديث لا تصح وقصص عجيبة غريبة يوردها بأسلوب شيق جذاب، وفريق يدعو إلى الحق والهدى، ويقيم على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، ويبين بطلان ما دعا إليه الفريق الآخر وما
(1) سورة إبراهيم الآية 22
فيه من زيف، فكان في بلاغ هذا الفريق وبيانه الكفاية في إقامة الحجة وإن قل عددهم، فإن العبرة ببيان الحق بدليله لا بكثرة العدد فمن كان عاقلا وعاش في مثل هذه البلاد واستطاع أن يعرف الحق من أهله إذا جد في طلبه وسلم من الهوى والعصبية، ولم يغتر بغنى الأغنياء ولا بسيادة الزعماء ولا بوجاهة الوجهاء ولا اختل ميزان تفكيره، وألغى عقله، وكان من الذين قال الله فيهم:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (1){خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} (2){يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} (3){وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} (4){رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (5)
أما من عاش في بلاد غير إسلامية ولم يسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن القرآن والإسلام فهذا - على تقدير وجوده - حكمه حكم أهل الفترة يجب على علماء المسلمين أن يبلغوه شريعة الإسلام أصولا وفروعا إقامة للحجة وإعذارا إليه، ويوم القيامة يعامل معاملة من لم يكلف في الدنيا لجنونه أو بلهه أو صغره وعدم تكليفه، وأما ما يخفى من أحكام الشريعة من جهة الدلالة أو لتقابل الأدلة وتجاذبها فلا يقال لمن خالف فيه: آمن وكفر ولكن يقال: أصاب وأخطأ، فيعذر فيه من أخطأ ويؤجر فيه من أصاب الحق
(1) سورة الأحزاب الآية 64
(2)
سورة الأحزاب الآية 65
(3)
سورة الأحزاب الآية 66
(4)
سورة الأحزاب الآية 67
(5)
سورة الأحزاب الآية 68
باجتهاده أجرين، وهذا النوع مما يتفاوت فيه الناس باختلاف مداركهم ومعرفتهم باللغة العربية وترجمتها وسعة اطلاعهم على نصوص الشريعة كتابا وسنة ومعرفة صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها ونحو ذلك.
وبذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب لرئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
صفحة فارغة
وجوب الدقة في التعبير والتحذير من الألفاظ الموهمة
إطلاق لفظة العادات والتقاليد الإسلامية
السؤال الثالث من الفتوى رقم (282) :
س3: هناك كلمات تقال في المجتمعات الإسلامية في مجال إبراز النهج الذي تسير عليه هذه المجتمعات وفق التعاليم الإسلامية وهي قولهم: (وتمشيا مع العادات والتقاليد الإسلامية نهجنا كذا) ، ونظرا لاختلاف بعض العلماء المعاصرين في جوار استعمالها من عدمه، ففئة ترى منع استعمالها؛ لأن الإسلام يختلف ويغاير العادات والتقاليد، وأكثروا الكلام عنها، ومن ضمن كلام بعضهم أن هذه الكلمة مدسوسة من قبل أعداء الإسلام. وفئة ترى ألا بأس باستعمالها؛ لأن ذلك يدل على خضوع المسلم واستسلامه لما يأمره به ربه عز وجل، ولما يأمره به الرسول صلى الله عليه وسلم دون النظر إلى أي أمر آخر، وهذا هو غاية العبادة، وذلك استمدادا من التقليد الذي عرفه العلماء في كتب العلم لهذا الاختلاف، أرجو إيضاح ملابسات هذه الكلمة ثم
حكم استعمالها جوازا أو منعا مع الأدلة؟
ج3: إن الإسلام نفسه ليس عادات ولا تقاليد وإنما هو وحي أوحى الله به إلى رسله وأنزل به كتبه فإذا تقلده المسلمون ودأبوا على العمل به صار خلقا لهم وشأنا من شؤونهم، وكل مسلم يعلم أن الإسلام ليس نظما مستقاة من عادات وتقاليد ضرورة إيمانه بالله ورسله وسائر أصول التشريع الإسلامي لكن غلبت عليهم الكلمات الدارجة في الإذاعة والصحف والمجلات وفي وضع النظم واللوائح مثل ما سئل عنه في قوله:(وتمشيا مع العادات والتقاليد) فاستعملوها بحسن نية قاصدين منها الاستسلام للدين الإسلامي وأحكامه وهذا قصد سليم يحمدون عليه، غير أنهم ينبغي لهم أن يتحروا في التعبير عن قصدهم عبارة واضحة الدلالة على ما قصدوا إليه غير موهمة أن الإسلام جملة عادات وتقاليد سرنا عليها أو ورثناها عن أسلافنا المسلمين فيقال مثلا:(وتمشيا مع شريعة الإسلام وأحكامه العادلة) بدلا من هذه الكلمة التي درج الكثير على استعمالها إلى مجال إبراز النهج الذي عليه هذه المجتمعات.. إلخ، ولا يكفي المسلم حسن النية حتى يضم إلى ذلك سلامة العبارة ووضوحها، وعلى ذلك لا ينبغي للمسلم أن يستعمل هذه العبارة وأمثالها من العبارات الموهمة للخطأ باعتبار التشريع الإسلامي عادات وتقاليد، ولا يعفيه حسن نيته من تبعات الألفاظ الموهمة لمثل