المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية - فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى - جـ ٢

[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء]

فهرس الكتاب

- ‌ شتم الذات الإلهية

- ‌ أنواع الردة

- ‌نواقض الإسلام

- ‌سب الدين

- ‌سب آيات القرآن والأحاديث الصحيحة

- ‌ألفاظ وعبارات تخرج من الإسلام

- ‌الاستهزاء بالحجاب

- ‌سب الدهر

- ‌حكم الكاسيات العاريات

- ‌من حلل حراما أو حرم حلالا

- ‌كفر أهل الكتاب ممن لم يؤمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم كفار أهل الكتاب المقيمين بين أظهرنا

- ‌ردة من ترك أركان الإسلام العملية

- ‌الاستهزاء باللحية منكر عظيم يوجب الردة

- ‌ترك الصلاة والاستهزاء بالدين الإسلامي أو السنة

- ‌الردة تحبط الأعمال إذا لم يتب منها

- ‌هل قامت حجة الله على أهل هذا الزمان

- ‌حكم تقديم المساعدة للمرتدين

- ‌يحرم المزح بما فيه كفر أو فسق

- ‌هل يعذر من أتى بعمل من أعمال الكفر والشرك إذا كان جاهلا

- ‌هل الكفر المخرج من الملة هو الجحود فقط وما هو الكفر الذي يخرج من الملة

- ‌موالاة الكافر

- ‌هل يكفر من يقول بلسانه لا إله إلا الله

- ‌هل الإكراه يسوغ إظهار الكفر؟ وحكم من أوصله اجتهاده إلى مخالفة أمر معلوم من الدين بالضرورة

- ‌الكفار الذين يعملون معنا ماذا لهم وماذا علينا نحوهم

- ‌حكم موادة الكفار ومخالطتهم

- ‌السكن بين الكفار ومتى تلزمه الهجرة

- ‌اتخاذ المسيحيين إخوانا

- ‌ حدود الموالاة

- ‌حكم مشاركة الكفار في أعيادهم واحتفالاتهم

- ‌مشابهة اليهود والنصارى في عطلتهم الأسبوعية

- ‌حكم حضور احتفالات النصارى

- ‌حكم التعبد لله في مكان مشترك بين المسلمين وغيرهم

- ‌معاملة الذمي

- ‌ما حكم زيارة الأقارب الذين يحبون الكفار

- ‌التزاور بين المسلمين والكافرين

- ‌حكم المبيت عند المشرك

- ‌مشاركة الكفار في الأعمال التجارية

- ‌حكم كفار أهل الكتاب المقيمين بين أظهرنا

- ‌حكم تجنس الكافر بجنسية دولة مسلمة

- ‌الإكراه بالقول أو الفعل هل يسوغ إظهار الكفر

- ‌أكل المسلم من طعام أهل الكتاب وتقديم الكتب الإسلامية لهم والصلاة أمامهم والذهاب إلى كنائسهم

- ‌حكم دخول غير المسلم للمساجد ودخول المسلم معابد الكفار

- ‌حكم لبس الصليب ومتى يكفر بذلك

- ‌شكل الصليب الذي هو شعار النصارى اليوم

- ‌حكم الدعوة للتقارب بين الأديان

- ‌تكفير المعين

- ‌حكم نفي الإيمان عن المسلم

- ‌حكم نسبة المسلم إلى الكفر

- ‌إذا أتى الرجل مكفرا من المكفرات

- ‌تكفير غير المعين وتكفير المعين

- ‌متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز

- ‌حكم من لم يكفر الكافر

- ‌إطلاق وصف الكفر على اليهود والنصارى

- ‌المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط

- ‌هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية

- ‌ختم المكاتبات بكلمة (ودمتم)

- ‌ تذييل الخطابات والعرائض بكلمة (ودمتم)

- ‌المخاطبة بلفظ: (يا سيدي)

- ‌ألفاظ فيها سوء أدب مع الله

- ‌النسبة إلى الطبيعة

- ‌حكم الألفاظ التالية: (يعلم الله) (لا سمح الله)

- ‌لا يعلم الغيب إلا الله

- ‌علم الغيب

- ‌الله وحده هو الذي يعلم ما في الأرحام

- ‌مفاتيح الغيب خمس

- ‌أسباب اختلاف العلماء

- ‌ما حكم زيارة المرابطين الذين يزعمون علم الغيب

- ‌ادعاء علم الغيب

- ‌لا يعلم قيام الساعة إلا الله

- ‌هل الولي يعلم الغيب

- ‌كل من عليها فان

- ‌رؤية الله في الدنيا

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة أسري به

- ‌الوسوسة..وعلاجها.. وخواطر النفس

- ‌علاج الرياء

- ‌علاج الوسوسة في الصلاة

- ‌أسئلة من إلقاء الشيطان ووسوسته

- ‌الطريق إلى الإخلاص

- ‌الوساوس من الشيطان

- ‌الفرقة الناجية

- ‌من هو الموفق أمام الله

- ‌الطريق الموصل إلى الجنة

- ‌المفخرة الكبرى والكرامة في الانتساب إلى الإسلام

- ‌نصيحة للشباب

- ‌الفرق بين الطريقة والشريعة

- ‌ستفترق هذه الأمةعلى ثلاث وسبعين فرقة

- ‌التعريف الاصطلاحي لأهل السنة والجماعة

- ‌ صفات الفرقة الناجية

- ‌الواجب على المسلم أن يتبع ما جاء في الكتاب والسنة

- ‌الواجب عدم التحيز لجماعة دون أخرى

- ‌أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق

- ‌السلف هم أهل السنة والجماعة

- ‌الواجب على المسلم في المجتمع الجاهلي

- ‌كيفية تحقيق الوحدة الإسلامية

- ‌الكلام عن حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة

- ‌معنى حديث: "بدأ الإسلام غريبا

- ‌من فضائل هذه الأمة شهادتها على الأمم يوم القيامة

- ‌ما هي الوهابية

- ‌كتب تنصح اللجنة بقراءتها في مجال العقيدة

- ‌ الكتب المفيدة في فهم العقيدة

- ‌أفضل كتاب يوضح العقيدة الصحيحة

- ‌التمسك بالسنة

- ‌الطرق والأوراد والأذكار

- ‌يغلب على الصوفية البدع

- ‌ما يفعله الصوفية من رقص وغناء

- ‌هل يوجد في الإسلام طرق متعددة مثل الشاذلية

- ‌إذا مات الولي هل يصعد به إلى السماء

- ‌دعاء الله بضمير المتكلم والغائب

- ‌الصلاة مع الصوفية

- ‌الفرق

- ‌الطريقة البرهامية

- ‌ حكم الإسلام في جماعة القاديانية ونبيهم المزعوم

- ‌الفرق بين المسلمين والأحمديين

- ‌التيجانية

- ‌الفرقة التيجانية من أشد الفرق كفرا وضلالا

- ‌المسجد إذا تسلط عليه التيجانيون

- ‌ما يسمى صلاة الفاتح

- ‌النقشبندية

- ‌الهبرية

- ‌فرقة الإباضية من الفرق الضالة

- ‌الفرق بين السنة والشيعة

- ‌من قال: إن عليا في مرتبة النبوة وإن جبريل عليه السلام غلط

- ‌البهرة

- ‌الباطنية

- ‌البريلوية

- ‌الدروز

- ‌تناسخ الأرواح

- ‌معنى محدثات الأمور

- ‌ليست البدع في درجة واحدة من الشر

- ‌تعرض الأعمال على الكتاب والسنة

- ‌كيفية إنكار البدع

- ‌بدع قراءة القرآن

- ‌الاجتماع لقراءة القرآن

- ‌هل يجوز لأحد أن يجمع الناس ويأمرهم بقراءة القرآن له

- ‌حكم قراءة الفاتحة بعد الوتر بعد صلاة العشاء

- ‌حكم قراءة الفاتحة في طابور الصباح

- ‌جمع الناس لقراءة القرآن لغرض سعة الرزق

- ‌حكم الوليمة عند ختم القرآن

- ‌حكم توزيع المأكولات والمشروبات عند ختم القرآن

- ‌حكم كتابة الآيات ثم وضعها في الماء وشربها لأجل سهولة حفظ القرآن

- ‌لا يشرع غسل اليد بعد قراءة القرآن

- ‌بدع الصلاة

- ‌حكم نافلة يوم الأربعاء من آخر شهر صفر

- ‌الحكم على كتاب [الدعاء المستجاب] وما تضمنه من بدع

- ‌زيادة ألفاظ قبل الأذان أو بعده

- ‌حكم قيام قارئ يقرأ يوم الجمعة قبل دخول الإمام

- ‌حكم التمسح بالمساجد الموجودة في جبل الرحمة في عرفات

- ‌حكم الطواف حول المسجد سبع مرات، بعد بنائه

- ‌صيام رجب وشعبان

- ‌بدع الحج

- ‌وقف أهل الحاج سريرا ونحوهحتى يعود الحاج ثم يجلس عليه

- ‌حكم تغيير الأسماء بعد الحج

- ‌ذكر الله بصفة جماعية وختمه بالحضرة وتلاوة كتاب الله بلسان واحد

- ‌التمايل عند الذكر

- ‌كلام الخطيب والمستمع حال الخطبة

- ‌قراءة الفاتحة بعد الدعاء

- ‌تكرار لفظ (يا لطيف)

- ‌استحباب المحافظة على الكيفية الشرعية للذكر

- ‌الذكر بلفظ الشهادتين فقط

- ‌حكم قراءة الفاتحة على روح المتوفى أو لغير هذا الغرض

- ‌حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة فرادى أو جماعة

- ‌قراءة القرآن قبل الأذان

الفصل: ‌هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية

الآيات والأحاديث كثيرة. أما الذين لم تبلغهم الدعوة على وجه تقوم به الحجة عليهم فأمرهم إلى الله عز وجل، والأصح من أقوال أهل العلم في ذلك: أنهم يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع الأوامر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وقد أوضح هذا المعنى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره؛ لقول الله عز وجل:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1) والعلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه [طريق الهجرتين] في آخره تحت عنوان (طبقات المكلفين) فنرى لك مراجعة الكتابين لمزيد الفائدة.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) سورة الإسراء الآية 15

ص: 146

‌هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية

؟

فتوى رقم (11043) :

س: عندنا تفشي ظاهرة عبادة القبور وفي نفس الوقت وجود

ص: 146

من يدافع عن هؤلاء ويقول: إنهم مسلمون معذورون بجهلهم فلا مانع من أن يتزوجوا من فتياتنا وأن نصلي خلفهم وأن لهم كافة حقوق المسلم على المسلم ولا يكتفون، بل يسمون من يقول بكفر هؤلاء: إنه صاحب بدعة يعامل معاملة المبتدعين، بل ويدعوا أن سماحتكم تعذرون عباد القبور بجهلهم حيث أقررتم مذكرة لشخص يدعى الغباشي يعذر فيها عباد القبور، لذلك أرجو من سماحتكم إرسال بحث شاف كاف تبين فيه الأمور التي فيها العذر بالجهل من الأمور التي لا عذر فيها، كذلك بيان المراجع التي يمكن الرجوع إليها في ذلك، ولكم منا جزيل الشكر.

ج: يختلف الحكم على الإنسان بأنه يعذر بالجهل في المسائل الدينية أو لا يعذر باختلاف البلاغ وعدمه، وباختلاف المسألة نفسها وضوحا وخفاء وتفاوت مدارك الناس قوة وضعفا.

فمن استغاث بأصحاب القبور دفعا للضر أو كشفا للكرب بين له أن ذلك شرك، وأقيمت عليه الحجة؛ أداء لواجب البلاغ، فإن أصر بعد البيان فهو مشرك يعامل في الدنيا معاملة الكافرين واستحق العذاب الأليم في الآخرة إذا مات على ذلك، قال الله تعالى:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (1) وقال تعالى:

(1) سورة النساء الآية 165

ص: 147

{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (1) وقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (2) وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (3) » رواه مسلم إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب البيان وإقامة الحجة قبل المؤاخذة، ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره ثم لا يؤمن ولا يطلب الحق من أهله فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصر على الكفر، ويشهد لذلك عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم، كما يشهد له ما قصه الله تعالى من نبأ قوم موسى إذ أضلهم السامري فعبدوا العجل وقد استخلف فيهم أخاه هارون عند ذهابه لمناجاة الله، فلما أنكر عليهم عبادة العجل قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، فاستجابوا لداعي الشرك، وأبوا أن يستجيبوا لداعي التوحيد، فلم يعذرهم الله في استجابتهم لدعوة الشرك والتلبيس عليهم فيها

(1) سورة الإسراء الآية 15

(2)

سورة الأنعام الآية 19

(3)

أحمد (2 / 317، 350) و (4 / 396، 398) ، ومسلم برقم (153) ، وابن مردويه وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني، كما في [الدر المنثور](3 / 325) ، والحاكم (2 / 342) .

ص: 148

لوجود الدعوة للتوحيد إلى جانبها مع قرب العهد بدعوة موسى إلى التوحيد.

ويشهد لذلك أيضا ما قصه الله من نبأ نقاش الشيطان لأهل النار وتخليه عنهم وبراءته منهم، قال الله تعالى:{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) فلم يعذروا بتصديقهم وعد الشيطان مع مزيد تلبيسه وتزيينه الشرك وإتباعهم لما سول لهم من الشرك لوقوعه إلى جانب وعد الله الحق بالثواب الجزيل لمن صدق وعده فاستجاب لتشريعه واتبع صراطه السوي.

ومن نظر في البلاد التي انتشر فيها الإسلام وجد من يعيش فيها يتجاذبه فريقان فريق يدعو إلى البدع على اختلاف أنواعها شركية وغير شركية، ويلبس على الناس ويزين لهم بدعته بما استطاع من أحاديث لا تصح وقصص عجيبة غريبة يوردها بأسلوب شيق جذاب، وفريق يدعو إلى الحق والهدى، ويقيم على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، ويبين بطلان ما دعا إليه الفريق الآخر وما

(1) سورة إبراهيم الآية 22

ص: 149

فيه من زيف، فكان في بلاغ هذا الفريق وبيانه الكفاية في إقامة الحجة وإن قل عددهم، فإن العبرة ببيان الحق بدليله لا بكثرة العدد فمن كان عاقلا وعاش في مثل هذه البلاد واستطاع أن يعرف الحق من أهله إذا جد في طلبه وسلم من الهوى والعصبية، ولم يغتر بغنى الأغنياء ولا بسيادة الزعماء ولا بوجاهة الوجهاء ولا اختل ميزان تفكيره، وألغى عقله، وكان من الذين قال الله فيهم:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا} (1){خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} (2){يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا} (3){وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} (4){رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} (5)

أما من عاش في بلاد غير إسلامية ولم يسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن القرآن والإسلام فهذا - على تقدير وجوده - حكمه حكم أهل الفترة يجب على علماء المسلمين أن يبلغوه شريعة الإسلام أصولا وفروعا إقامة للحجة وإعذارا إليه، ويوم القيامة يعامل معاملة من لم يكلف في الدنيا لجنونه أو بلهه أو صغره وعدم تكليفه، وأما ما يخفى من أحكام الشريعة من جهة الدلالة أو لتقابل الأدلة وتجاذبها فلا يقال لمن خالف فيه: آمن وكفر ولكن يقال: أصاب وأخطأ، فيعذر فيه من أخطأ ويؤجر فيه من أصاب الحق

(1) سورة الأحزاب الآية 64

(2)

سورة الأحزاب الآية 65

(3)

سورة الأحزاب الآية 66

(4)

سورة الأحزاب الآية 67

(5)

سورة الأحزاب الآية 68

ص: 150

باجتهاده أجرين، وهذا النوع مما يتفاوت فيه الناس باختلاف مداركهم ومعرفتهم باللغة العربية وترجمتها وسعة اطلاعهم على نصوص الشريعة كتابا وسنة ومعرفة صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها ونحو ذلك.

وبذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

نائب لرئيس اللجنة

الرئيس

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

ص: 151

صفحة فارغة

ص: 152

وجوب الدقة في التعبير والتحذير من الألفاظ الموهمة

ص: 153

إطلاق لفظة العادات والتقاليد الإسلامية

السؤال الثالث من الفتوى رقم (282) :

س3: هناك كلمات تقال في المجتمعات الإسلامية في مجال إبراز النهج الذي تسير عليه هذه المجتمعات وفق التعاليم الإسلامية وهي قولهم: (وتمشيا مع العادات والتقاليد الإسلامية نهجنا كذا) ، ونظرا لاختلاف بعض العلماء المعاصرين في جوار استعمالها من عدمه، ففئة ترى منع استعمالها؛ لأن الإسلام يختلف ويغاير العادات والتقاليد، وأكثروا الكلام عنها، ومن ضمن كلام بعضهم أن هذه الكلمة مدسوسة من قبل أعداء الإسلام. وفئة ترى ألا بأس باستعمالها؛ لأن ذلك يدل على خضوع المسلم واستسلامه لما يأمره به ربه عز وجل، ولما يأمره به الرسول صلى الله عليه وسلم دون النظر إلى أي أمر آخر، وهذا هو غاية العبادة، وذلك استمدادا من التقليد الذي عرفه العلماء في كتب العلم لهذا الاختلاف، أرجو إيضاح ملابسات هذه الكلمة ثم

ص: 154

حكم استعمالها جوازا أو منعا مع الأدلة؟

ج3: إن الإسلام نفسه ليس عادات ولا تقاليد وإنما هو وحي أوحى الله به إلى رسله وأنزل به كتبه فإذا تقلده المسلمون ودأبوا على العمل به صار خلقا لهم وشأنا من شؤونهم، وكل مسلم يعلم أن الإسلام ليس نظما مستقاة من عادات وتقاليد ضرورة إيمانه بالله ورسله وسائر أصول التشريع الإسلامي لكن غلبت عليهم الكلمات الدارجة في الإذاعة والصحف والمجلات وفي وضع النظم واللوائح مثل ما سئل عنه في قوله:(وتمشيا مع العادات والتقاليد) فاستعملوها بحسن نية قاصدين منها الاستسلام للدين الإسلامي وأحكامه وهذا قصد سليم يحمدون عليه، غير أنهم ينبغي لهم أن يتحروا في التعبير عن قصدهم عبارة واضحة الدلالة على ما قصدوا إليه غير موهمة أن الإسلام جملة عادات وتقاليد سرنا عليها أو ورثناها عن أسلافنا المسلمين فيقال مثلا:(وتمشيا مع شريعة الإسلام وأحكامه العادلة) بدلا من هذه الكلمة التي درج الكثير على استعمالها إلى مجال إبراز النهج الذي عليه هذه المجتمعات.. إلخ، ولا يكفي المسلم حسن النية حتى يضم إلى ذلك سلامة العبارة ووضوحها، وعلى ذلك لا ينبغي للمسلم أن يستعمل هذه العبارة وأمثالها من العبارات الموهمة للخطأ باعتبار التشريع الإسلامي عادات وتقاليد، ولا يعفيه حسن نيته من تبعات الألفاظ الموهمة لمثل

ص: 155