المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ستفترق هذه الأمةعلى ثلاث وسبعين فرقة - فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى - جـ ٢

[اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء]

فهرس الكتاب

- ‌ شتم الذات الإلهية

- ‌ أنواع الردة

- ‌نواقض الإسلام

- ‌سب الدين

- ‌سب آيات القرآن والأحاديث الصحيحة

- ‌ألفاظ وعبارات تخرج من الإسلام

- ‌الاستهزاء بالحجاب

- ‌سب الدهر

- ‌حكم الكاسيات العاريات

- ‌من حلل حراما أو حرم حلالا

- ‌كفر أهل الكتاب ممن لم يؤمنوا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم كفار أهل الكتاب المقيمين بين أظهرنا

- ‌ردة من ترك أركان الإسلام العملية

- ‌الاستهزاء باللحية منكر عظيم يوجب الردة

- ‌ترك الصلاة والاستهزاء بالدين الإسلامي أو السنة

- ‌الردة تحبط الأعمال إذا لم يتب منها

- ‌هل قامت حجة الله على أهل هذا الزمان

- ‌حكم تقديم المساعدة للمرتدين

- ‌يحرم المزح بما فيه كفر أو فسق

- ‌هل يعذر من أتى بعمل من أعمال الكفر والشرك إذا كان جاهلا

- ‌هل الكفر المخرج من الملة هو الجحود فقط وما هو الكفر الذي يخرج من الملة

- ‌موالاة الكافر

- ‌هل يكفر من يقول بلسانه لا إله إلا الله

- ‌هل الإكراه يسوغ إظهار الكفر؟ وحكم من أوصله اجتهاده إلى مخالفة أمر معلوم من الدين بالضرورة

- ‌الكفار الذين يعملون معنا ماذا لهم وماذا علينا نحوهم

- ‌حكم موادة الكفار ومخالطتهم

- ‌السكن بين الكفار ومتى تلزمه الهجرة

- ‌اتخاذ المسيحيين إخوانا

- ‌ حدود الموالاة

- ‌حكم مشاركة الكفار في أعيادهم واحتفالاتهم

- ‌مشابهة اليهود والنصارى في عطلتهم الأسبوعية

- ‌حكم حضور احتفالات النصارى

- ‌حكم التعبد لله في مكان مشترك بين المسلمين وغيرهم

- ‌معاملة الذمي

- ‌ما حكم زيارة الأقارب الذين يحبون الكفار

- ‌التزاور بين المسلمين والكافرين

- ‌حكم المبيت عند المشرك

- ‌مشاركة الكفار في الأعمال التجارية

- ‌حكم كفار أهل الكتاب المقيمين بين أظهرنا

- ‌حكم تجنس الكافر بجنسية دولة مسلمة

- ‌الإكراه بالقول أو الفعل هل يسوغ إظهار الكفر

- ‌أكل المسلم من طعام أهل الكتاب وتقديم الكتب الإسلامية لهم والصلاة أمامهم والذهاب إلى كنائسهم

- ‌حكم دخول غير المسلم للمساجد ودخول المسلم معابد الكفار

- ‌حكم لبس الصليب ومتى يكفر بذلك

- ‌شكل الصليب الذي هو شعار النصارى اليوم

- ‌حكم الدعوة للتقارب بين الأديان

- ‌تكفير المعين

- ‌حكم نفي الإيمان عن المسلم

- ‌حكم نسبة المسلم إلى الكفر

- ‌إذا أتى الرجل مكفرا من المكفرات

- ‌تكفير غير المعين وتكفير المعين

- ‌متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز

- ‌حكم من لم يكفر الكافر

- ‌إطلاق وصف الكفر على اليهود والنصارى

- ‌المسلمون لا يحكمون على غيرهم بأنهم في النار إلا بشرط

- ‌هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية

- ‌ختم المكاتبات بكلمة (ودمتم)

- ‌ تذييل الخطابات والعرائض بكلمة (ودمتم)

- ‌المخاطبة بلفظ: (يا سيدي)

- ‌ألفاظ فيها سوء أدب مع الله

- ‌النسبة إلى الطبيعة

- ‌حكم الألفاظ التالية: (يعلم الله) (لا سمح الله)

- ‌لا يعلم الغيب إلا الله

- ‌علم الغيب

- ‌الله وحده هو الذي يعلم ما في الأرحام

- ‌مفاتيح الغيب خمس

- ‌أسباب اختلاف العلماء

- ‌ما حكم زيارة المرابطين الذين يزعمون علم الغيب

- ‌ادعاء علم الغيب

- ‌لا يعلم قيام الساعة إلا الله

- ‌هل الولي يعلم الغيب

- ‌كل من عليها فان

- ‌رؤية الله في الدنيا

- ‌هل رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ليلة أسري به

- ‌الوسوسة..وعلاجها.. وخواطر النفس

- ‌علاج الرياء

- ‌علاج الوسوسة في الصلاة

- ‌أسئلة من إلقاء الشيطان ووسوسته

- ‌الطريق إلى الإخلاص

- ‌الوساوس من الشيطان

- ‌الفرقة الناجية

- ‌من هو الموفق أمام الله

- ‌الطريق الموصل إلى الجنة

- ‌المفخرة الكبرى والكرامة في الانتساب إلى الإسلام

- ‌نصيحة للشباب

- ‌الفرق بين الطريقة والشريعة

- ‌ستفترق هذه الأمةعلى ثلاث وسبعين فرقة

- ‌التعريف الاصطلاحي لأهل السنة والجماعة

- ‌ صفات الفرقة الناجية

- ‌الواجب على المسلم أن يتبع ما جاء في الكتاب والسنة

- ‌الواجب عدم التحيز لجماعة دون أخرى

- ‌أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق

- ‌السلف هم أهل السنة والجماعة

- ‌الواجب على المسلم في المجتمع الجاهلي

- ‌كيفية تحقيق الوحدة الإسلامية

- ‌الكلام عن حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة

- ‌معنى حديث: "بدأ الإسلام غريبا

- ‌من فضائل هذه الأمة شهادتها على الأمم يوم القيامة

- ‌ما هي الوهابية

- ‌كتب تنصح اللجنة بقراءتها في مجال العقيدة

- ‌ الكتب المفيدة في فهم العقيدة

- ‌أفضل كتاب يوضح العقيدة الصحيحة

- ‌التمسك بالسنة

- ‌الطرق والأوراد والأذكار

- ‌يغلب على الصوفية البدع

- ‌ما يفعله الصوفية من رقص وغناء

- ‌هل يوجد في الإسلام طرق متعددة مثل الشاذلية

- ‌إذا مات الولي هل يصعد به إلى السماء

- ‌دعاء الله بضمير المتكلم والغائب

- ‌الصلاة مع الصوفية

- ‌الفرق

- ‌الطريقة البرهامية

- ‌ حكم الإسلام في جماعة القاديانية ونبيهم المزعوم

- ‌الفرق بين المسلمين والأحمديين

- ‌التيجانية

- ‌الفرقة التيجانية من أشد الفرق كفرا وضلالا

- ‌المسجد إذا تسلط عليه التيجانيون

- ‌ما يسمى صلاة الفاتح

- ‌النقشبندية

- ‌الهبرية

- ‌فرقة الإباضية من الفرق الضالة

- ‌الفرق بين السنة والشيعة

- ‌من قال: إن عليا في مرتبة النبوة وإن جبريل عليه السلام غلط

- ‌البهرة

- ‌الباطنية

- ‌البريلوية

- ‌الدروز

- ‌تناسخ الأرواح

- ‌معنى محدثات الأمور

- ‌ليست البدع في درجة واحدة من الشر

- ‌تعرض الأعمال على الكتاب والسنة

- ‌كيفية إنكار البدع

- ‌بدع قراءة القرآن

- ‌الاجتماع لقراءة القرآن

- ‌هل يجوز لأحد أن يجمع الناس ويأمرهم بقراءة القرآن له

- ‌حكم قراءة الفاتحة بعد الوتر بعد صلاة العشاء

- ‌حكم قراءة الفاتحة في طابور الصباح

- ‌جمع الناس لقراءة القرآن لغرض سعة الرزق

- ‌حكم الوليمة عند ختم القرآن

- ‌حكم توزيع المأكولات والمشروبات عند ختم القرآن

- ‌حكم كتابة الآيات ثم وضعها في الماء وشربها لأجل سهولة حفظ القرآن

- ‌لا يشرع غسل اليد بعد قراءة القرآن

- ‌بدع الصلاة

- ‌حكم نافلة يوم الأربعاء من آخر شهر صفر

- ‌الحكم على كتاب [الدعاء المستجاب] وما تضمنه من بدع

- ‌زيادة ألفاظ قبل الأذان أو بعده

- ‌حكم قيام قارئ يقرأ يوم الجمعة قبل دخول الإمام

- ‌حكم التمسح بالمساجد الموجودة في جبل الرحمة في عرفات

- ‌حكم الطواف حول المسجد سبع مرات، بعد بنائه

- ‌صيام رجب وشعبان

- ‌بدع الحج

- ‌وقف أهل الحاج سريرا ونحوهحتى يعود الحاج ثم يجلس عليه

- ‌حكم تغيير الأسماء بعد الحج

- ‌ذكر الله بصفة جماعية وختمه بالحضرة وتلاوة كتاب الله بلسان واحد

- ‌التمايل عند الذكر

- ‌كلام الخطيب والمستمع حال الخطبة

- ‌قراءة الفاتحة بعد الدعاء

- ‌تكرار لفظ (يا لطيف)

- ‌استحباب المحافظة على الكيفية الشرعية للذكر

- ‌الذكر بلفظ الشهادتين فقط

- ‌حكم قراءة الفاتحة على روح المتوفى أو لغير هذا الغرض

- ‌حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة فرادى أو جماعة

- ‌قراءة القرآن قبل الأذان

الفصل: ‌ستفترق هذه الأمةعلى ثلاث وسبعين فرقة

عليه وأصحابي (1) » فهي داخلة في الشريعة، أما الطريقة المخالفة لهذا؛ كالطرق الصوفية، والتيجانية، والنقشبندية، والقادرية، وغيرها، فهي طرق مبتدعة لا يجوز إقرارها ولا السير فيها إلى الله سبحانه.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن قعود

عبد الله بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

(1) الطبراني في [الصغير] رقم (724) ، والعقيلي في [الضعفاء](2 / 262) ، والترمذي برقم (2643) .

ص: 220

‌ستفترق هذه الأمة

على ثلاث وسبعين فرقة

فتوى رقم (830) :

س: قد اطلعت على حديث شريف أورده شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه [مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم] ؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» ، والسائل هنا يريد بيان هذه المسألة التي قال فيها الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتابه آنف الذكر: (فهذه المسألة من أجل المسائل فمن فهمها فهو الفقيه ومن عمل بها فهو المسلم، فنسأل

ص: 220

الله الكريم المنان أن يتفضل علينا بفهمها والعمل بها) كما يود إجابته على الأسئلة التالية التي تدور حول الحديث المذكور وهي: 1- من هي الفرقة الناجية المشار إليها في الحديث؟ 2- وهل تدخل الفرق الأخرى غير أهل الحديث؛ كالشيعة، والشافعية، والحنفية، والتيجانية وغيرها في الاثنتين والسبعين فرقة التي نص الرسول الكريم على أنها في النار؟ 3- وإذا كانت هذه الفرق في النار إلا واحدة فكيف تسمحون لهم بزيارة بيت الله الحرام؟ هل كان الإمام الكبير على خطأ أم قد حدتم عن الجادة المستقيمة؟

ج: أولا: ما ذكره الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في [مختصر السيرة] طرف من حديث صحيح مشهور رواه أصحاب السنن والمسانيد كأبي داود والنسائي والترمذي وغيرهم بألفاظ عدة منها: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وستفترق هده الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة (1) »

(1) الإمام أحمد (2 / 332) و (3 / 120) ، وأبو داود برقم (4596) ، والترمذي برقم (2642) ، وابن ماجه برقم (4029) ، والحاكم في [المستدرك](1 / 128) ، والآجري في [الشريعة](ص25) .

ص: 221

وفي رواية: «على ثلاث وسبعين ملة (1) » وفي رواية: «قالوا: يا رسول الله، من الفرقة الناجية؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي (2) » وفي رواية قال: «هي الجماعة، يد الله على الجماعة (3) » .

ثانيا: الفرقة الناجية قد بينها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في بعض روايات الحديث المتقدم بصفتها ومميزاتها في جوابه على سؤال أصحابه: من الفرق الناجية؟ حيث قال: «من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي (4) » ، وفي رواية أخرى قال:«هي الجماعة يد الله على الجماعة (5) » ، فوصفها بأنها هي التي تسير في عقيدتها وقولها وعملها وأخلاقها على ما كان عليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، فتنهج نهج الكتاب والسنة في كل ما تأتي وما تذر، وتلزم طريق جماعة المسلمين وهم الصحابة رضي الله عنهم حيث لم يكن لهم متبوع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فكل من اتبع الكتاب والسنة قولية أو عملية وما أجمعت عليه الأمة ولم تستهوه الظنون الكاذبة ولا

(1) الترمذي برقم (2643) .

(2)

الطبراني برقم (724) ، في [الصغير] ، والترمذي برقم (2643) .

(3)

الإمام أحمد (3 / 145) و (4 / 102) ، وأبو داود برقم (4597) ، والدارمي في [السنن](2 / 241) ، وابن ماجه برقم (4040، 4041) ، والحاكم في [المستدرك](1 / 128) ، والآجري في [الشريعة](ص18) .

(4)

سنن الترمذي الإيمان (2641) .

(5)

الإمام أحمد (3 / 145) و (4 / 102) ، وأبو داود برقم (4597) ، والدارمي في [السنن](2 / 241) ، وابن ماجه برقم (4040، 4041) ، والحاكم في [المستدرك](1 / 128) ، والآجري في [الشريعة](ص18) .

ص: 222

الأهواء المضلة والتأويلات الباطلة التي تأباها اللغة العربية - التي هي لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها نزل القرآن الكريم - وتردها أصول الشريعة الإسلامية، كل من كان كذلك فهو من الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة.

ثالثا: أما من اتخذ إلهه هواه وعارض الكتاب والسنة الصحيحة برأيه أو رأي إمامه وقول متبوعه حمية له وعصبية، أو تأول نصوص الكتاب والسنة بما تأباه اللغة العربية وترده أصول الشريعة الإسلامية فشذ بذلك عن الجماعة فهو من الفرق الثنتين والسبعين التي ذكر الرسول المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم بأنها جميعها في النار، وإذا فأمارة هذه الفرق التي بها تعرف: مفارقة الكتاب والسنة والإجماع بلا تأويل يتفق مع لغة القرآن وأصول الشريعة ويعذر به صاحبه فيما أخطأ فيه.

رابعا: المسألة التي ذكرها إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وذكر أنها من أجل المسائل، وأن من فهمها فقد فهم الدين، ومن عمل بها فهو المسلم - هي ما تقدم بيانه في الفقرة الثانية من الإجابة، من تميز الفرقة الناجية بما ميزها به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن الفرق الأخرى على خلافها، فمن ميز بين الفرقة الناجية والفرقة الهالكة بما ميز به النبي صلى الله عليه وسلم، وفهم الفرق بين الفرق الناجية والهالكة على وفق بيانه فقد فهم الدين وميز بين من

ص: 223

يجب أن يلزم جماعتهم ومن يجتنبهم ويفر منهم فراره من الأسد، ومن أخذ نفسه بالعمل بهذا الفهم الصحيح فلزم جماعة الهدى والحق وإمامهم فهو المسلم؛ لأنه ينطبق عليه وصف الفرقة الناجية علما وعقيدة وقولا وعملا. ولا شك أن هذا من أجل المسائل وأعظمها نفعا وأعمها فائدة، فرحم الله الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رجل البصيرة النافذة والفهم الدقيق لنصوص الدين ومقاصده، حيث نبه على ما يهم المسلمين في أمر دينهم بالإشارة أحيانا كما هنا، وبالعبارة والبيان أحيانا أخرى كما في كثير من مؤلفاته.

خامسا: لم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الألقاب التي اشتهرت بها الطوائف المنتسبة للإسلام سمات تعرف بها الفرق الثنتان والسبعون، ولا عنوانا يتمايز به بعضها عن بعض، وإنما جعل أمارتها مفارقة الكتاب والسنة وإجماع الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، اتباعا للظن وما تهوى الأنفس، وقولا على الله بغير علم وعصبية لمتبوعهم سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعادون في ذلك ويوالون، كما جعل شعارا للفرقة الناجية اتباع الكتاب والسنة ولزوم جماعة المسلمين، وإيثار ذلك على مداركهم وظنونهم وأهوائهم، فهواهم تبعا لما جاءت به الشريعة الإسلامية، يوالون في ذلك ويعادون، فمن يتخذ ميزانا يزن

ص: 224

به الطوائف سوى بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرف به فرقها ليميز الفرقة الناجية من الفرق الهالكة فقد تكلم بغير علم وحكم في الفرق بغير بصيرة فظلم بذلك نفسه، وظلم الطوائف المنتسبة للإسلام، ومن رجع في تمييز الفرقة الناجية من الفرق الهالكة إلى بيانه صلى الله عليه وسلم عدل في حكمه وعرف أن جماعات الأمة درجات متفاوتة، فمنهم من هو أحرص على اتباع الشريعة والاستسلام لها وأبعد الناس عن الابتداع في الدين والتحريف في نصوصه، والزيادة فيه أو النقص منه فهؤلاء أسعد الناس بأن يكونوا من الفرقة الناجية، فعلماء الحديث وأئمة الفقه في الكتاب والسنة منهم من هو أهل للاجتهاد يحرص على الشريعة ويسلم لها إلا أنه قد يتأول بعض نصوصها تأويلا يخطئ فيه فيعذر في خطئه لكونه في موارد الاجتهاد، ومنهم من ينكر بعض نصوص الشريعة، إما لكونه حديث عهد بالإسلام، وإما لأنه نشأ في أطراف البلاد الإسلامية فلم يبلغه ما أنكره، ومنهم من يرتكب معصية أو يبتدع بدعة لا يخرج بها عن حظيرة الإسلام، فهو مؤمن مطيع لله بما فيه من طاعة، مسيء بما ارتكب من معصية وابتدع من البدع فكان في مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) وقال: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} (2)

(1) سورة النساء الآية 48

(2)

سورة التوبة الآية 102

ص: 225

فهؤلاء وهؤلاء ليسوا بكفار بتأويلهم الخاطئ أو جحدهم ما جحدوا بل يعذرون ويدخلون في عداد الفرقة الناجية وإن كانوا دون الأولى. ومنهم من جحد معلوما من الدين بالضرورة بعد ما تبين له واتبع هواه بغير هدى من الله أو تأول بعض نصوص الشريعة تأويلا بعيدا مخالفا في ذلك من سبقه من جماعة المسلمين، ولما بين لهم الحق وأقيمت عليهم الحجة بالمناظرات وغيرها لم يرجعوا فهؤلاء كفار مرتدون عن الإسلام وإن زعموا أنهم مسلمون، وإن اجتهدوا في الدعوة إليه على عقيدتهم وطريقتهم؛ كجماعة القاديانية الأحمدية الذين أنكروا ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وزعموا أن غلام أحمد القادياني نبي الله ورسوله، أو أنه المسيح عيسى ابن مريم، أو تقمصت روح محمد أو عيسى بدنه فكان بمنزلته في النبوة والرسالة.

سادسا: لأهل السنة والجماعة أصول ثابتة بالأدلة يبنون عليها الفروع، ويرجعون إليها في الاستدلال على المسائل الجزئية وفي تطبيق الأحكام على أنفسهم وعلى غيرهم. ومنها: أن الإيمان قول وعمل وعقيدة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فكلما زاد المسلم في الطاعة زاد إيمانه وكلما فرط فيها

ص: 226

أو ارتكب معصية بحيث لا ينتهي به ذلك إلى الكفر الصريح نقص إيمانه، فالإيمان عندهم درجات والفرقة الناجية طبقات متفاوتة بعضها فوق بعض حسب الأدلة وما كسبوا من الأقوال والأفعال.

ومنها: أنهم لا يكفرون أحدا معينا أو طائفة معينة من أهل القبلة ويتحرجون من ذلك؛ لإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد بن حارثة قتله رجلا من الكفار بعد أن قال: لا إله إلا الله، ولم يقبل من أسامة اعتذاره عن قتله بأنه قالها متعوذا ليحرز بها نفسه. بل قال له:«أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا (1) » يعني: أقالها خالصا من قلبه أم لا. إلا إذا أتى بما هو كفر واضح، كإنكاره لمعلوم من الدين بالضرورة أو مخالفة لإجماع قاطع وتأويله لنصوص صريحة لا تقبل التأويل ثم لم يرجع عن ذلك بعد البيان.

وقد لزم إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله طريقة أهل السنة والجماعة وسار على أصولهم، فلم يكفر أحدا معينا ولا طائفة معينة من أهل القبلة بمعصية أو تأويل أو بدعة إلا

(1) الإمام أحمد (4 / 439) و (5 / 207) ، والبخاري [فتح الباري] برقم (4269، 6872) ، ومسلم برقم (96) ، وأبو داود برقم (2643) ، وابن ماجه برقم (3977) .

ص: 227

إذا قام الدليل على الكفر بذلك، وثبت البلاغ والبيان، ولم تختلف الحكومة السعودية - رعاها الله وأيدها بتوفيقه - عن ذلك في معاملتها لرعيتها وحكمها فيهم، ولا في موقفها من المسلمين في الدول وخاصة من يفد إلى بيت الله الحرام لأداء نسك الحج أو العمرة فهي تحسن الظن بالمسلمين وتعتبرهم إخوانا لها في الدين وتتعاون معهم على ما يشد أزرهم ويحفظ حقهم ويرد إليهم ما سلب منهم، وترحب بمن يفد إليها وتقوم بما يسهل عليهم أداء نسكهم أو مهمتهم خير قيام بعطف وحدب، يعرف ذلك من خبر أحوالها ووقف على شؤونها وما تبذله من جهود وأموال في سبيل الإصلاح العام للمسلمين وتوفير الراحة لحجاج بيت الله الحرام.

ولهذا تسمح لطوائف المسلمين المختلفة بزيارة بيت الله الحرام دون التنقيب عما خفي من عقائدهم عملا بالظاهر دون التنقيب عما في البواطن، والله يتولى السرائر، فإذا وضح لها كفر شخص أو طائفة معينة كالقاديانية مثلا وثبت ذلك لدى العلماء المحققين من الدول الإسلامية فلا يسعها إلا أن تمنع من ثبت كفره وردته من أداء الحج والعمرة؛ حماية لبيت الله الحرام أن يقربه من في قلبه رجس، وعملا بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (1)

(1) سورة التوبة الآية 28

ص: 228

وقوله تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (1)

ومما تقدم يتبين وجه أهمية المسألة العظيمة التي أشار إليها إمام الدعوة في عصره الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجاء طلب بيانه في السؤال، كما يتضح أنه رحمه الله سار على النهج السليم حيث لزم أصول أهل السنة والجماعة، وإن الحكومة السعودية في معاملتها للمسلمين في العالم لم تحد عن الجادة، بل التزمت أصول أهل السنة والجماعة أيضا كما لزمها إمام الدعوة، فأخذت المسلمين بظواهرهم ولم تنقب عن قلوبهم، فتسامحت مع من خفي أمره وقست على من كشف عن جريمته، وأصر على ردته بعد المناظرات المتتالية والبيان المتتابع.

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو

نائب رئيس اللجنة

الرئيس

عبد الله بن سليمان بن منيع

عبد الرزاق عفيفي

إبراهيم بن محمد آل الشيخ

(1) سورة الحج الآية 26

ص: 229