الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشركا أيضا، كمن جحد وجوب الصلاة، أو قال: الزنى حلال، يسمى كافرا ويسمى مشركا، ولكن الغالب على ما كان جحدا لواجب، وجحدا لمحرم يسمى كفرا، والغالب ما كان دعوة لغير الله، والاستغاثة بغير الله، والنذر لغير الله، يسمى شركا، وإلا فكل شرك يسمى كفرا، وكل كفر أكبر يسمى شركا.
106 -
بيان معنى النفاق
س: ما هو النفاق؟ وكيف الخلاص منه؟ (1)
ج: النفاق نفاقان: نفاق أكبر ونفاق أصغر، النفاق الأكبر كون الإنسان يتعاطى الدين، ويتظاهر بالدين وهو يكذب، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمن بالدين، ولكن يصلي مع الناس، أو يذكر الله مع الناس رياء كفعل المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلا لا يؤمن بالدين، ولا يؤمن بالجنة، ولا بالنار، ولا بتوحيد الله، هذا كافر كفرا أكبر، أعظم من الكفار من اليهود والنصارى، قال الله في حقهم:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (2) نسأل الله العافية، وهناك نفاق أصغر وهو من صفات المنافقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (427).
(2)
سورة النساء الآية 145
«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان (1)» ، هذه من خصال المنافقين، وقال صلى الله عليه وسلم:«أربع من كن فيه كان منافقا خالصا (2)» نفاقا عمليا معنى إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر، هذه من أعمالهم التي تجعله نفاقا أصغر، كذلك التكاسل عن الصلاة، وعدم الإكثار من ذكر الله من خصال المنافقين: كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)، هذه خصالهم، لكن هذا يسمى النفاق الأصغر، ما يخرج من الإسلام، مسلم، لكن ناقص الإيمان، ناقص التوحيد، فهو مسلم لكن يعتبر بهذه الخصال منافقا نفاقا أصغر، نسأل الله العافية، ويخشى عليه من النفاق الأكبر.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم 33، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم 59.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم 34، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم 58.
(3)
سورة النساء الآية 142
صفحة فارغة
باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله
107 -
بيان أهمية الدعوة إلى توحيد الله تعالى
س: نريد من سماحتكم أن توجهوا نداء للناس، تبينوا فيه أهمية الدعوة إلى الله وتبصير الناس بمعنى لا إله إلا الله (1).
ج: في كتاب الله العظيم الكفاية العظيمة والدعوة إلى هذا الحق العظيم، فقد دعاهم مولاهم سبحانه في كتابه العظيم في آيات كثيرة إلى أن يعبدوه وحده، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى ذلك في مكة والمدينة مدة ثلاث وعشرين سنة، يدعو إلى الله ويبصر الناس بدينهم، كما قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) وقال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (3) وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) وقال جل وعلا:
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (156).
(2)
سورة البقرة الآية 21
(3)
سورة البقرة الآية 163
(4)
سورة الإسراء الآية 23
{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (1){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (2) وقال سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (3) وقال عز وجل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (4)، في آيات كثيرات قال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (5)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (6)» متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار (7)» . وقال عليه الصلاة والسلام: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (8)» .
فالواجب على جميع أهل الأرض من المكلفين أن يعبدوا الله وحده وأن يقولوا لا إله إلا الله وأن يشهدوا أن محمدا رسول
(1) سورة الزمر الآية 2
(2)
سورة الزمر الآية 3
(3)
سورة غافر الآية 14
(4)
سورة محمد الآية 19
(5)
سورة البينة الآية 5
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار برقم 856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة برقم:30.
(7)
أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى:{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا} برقم: 4497.
(8)
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم، برقم 129، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، برقم 93.
الله، وأن يخصوا الله بدعائهم وخوفهم ورجائهم واستغاثتهم وصومهم وصلاتهم وسائر عباداتهم، وهكذا طوافهم بالكعبة يطوفون بالكعبة تقربا إلى الله وعبادة له وحده سبحانه وتعالى، وأن يحذروا دعوة غير الله من أصحاب القبور أو الأصنام أو الأنبياء وغير ذلك، فالعبادة حق الله وحده، لا يجوز أن يصرفها لغيره سبحانه وتعالى، والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، والصلاة عبادة والصوم عبادة والصدقة عبادة والحج عبادة وخوف الله عبادة ورجاؤه عبادة، والنذر عبادة والذبح عبادة، وهكذا يجب أن تكون كلها لله وحده، فلا يذبح المسلم إلا لله ولا يصلي إلا لله، ولا يسجد إلا لله، ولا يخاف خوف السر خوف القلوب إلا من الله سبحانه وتعالى، وهكذا لا يستغيث إلا بالله، ولا يطلب المدد إلا منه سبحانه وتعالى؛ لأنه خالقه وربه ومعبوده الحق سبحانه وتعالى، وقد بعث الله الرسل كلهم بذلك، من أولهم إلى آخرهم من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم يدعون الناس إلى توحيد الله كما قال عز وجل:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (1) وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (2)،
(1) سورة النحل الآية 36
(2)
سورة الأنبياء الآية 25
وكان يقول صلى الله عليه وسلم لأهل مكة: «يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (1)» هذا هو الواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء، من العجم والعرب، من الجن والإنس، في جميع أرض الله، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يقولوا لا إله إلا الله وأن يخصوه بالعبادة سبحانه وتعالى وأن لا يعبدوا معه سواه لا صنما ولا نبيا ولا ملكا ولا جنيا ولا شجرا ولا غير ذلك، العبادة حق الله وحده:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (2){إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3){وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (4) لكن خوف الإنسان ما يضره واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، وخوفه من اللص حتى يغلق الباب ويتخذ الحرس لا حرج في ذلك، كما قال الله عن موسى لما خاف فرعون قال:{فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (5) يعني خائفا من شر فرعون، فخوف الأمور الحسية، وخوف الظلمة واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، فإذا خاف من اللصوص وأغلق بابه أو جعل حارسا على ماله، أو خاف حين سفره من اللصوص أو من قطاع الطريق وحمل السلاح وسلك الطريق الآمنة، كل هذا لا بأس به، وهكذا إذا
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593.
(2)
سورة الإسراء الآية 23
(3)
سورة الفاتحة الآية 5
(4)
سورة البينة الآية 5
(5)
سورة القصص الآية 21
خاف الجوع أكل، وخاف الظمأ شرب، وخاف البرد لبس ما يدفئه وما أشبهه، هذه كلها أمور حسية معروفة لا حرج فيها، وهكذا إذا استعان بأخيه في مزرعته، في إصلاح سيارته، في بناء بيته، هذه أمور عادية، غير داخلة في العبادة، كما قال تعالى:{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (1) يعني موسى، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق، فالتصرف مع المخلوق الحي الحاضر في أشياء يقدر عليها من تعاون في بناء، في مزرعة، في جهاد، وفي غير ذلك، هذا غير داخل فيما يتعلق بالعبادة، لكن دعاؤه وهو ميت، دعاء الشجر، دعاء الصنم، دعاء الجن، دعاء الملائكة، دعاء الأنبياء؛ يستغيث، هذا هو الشرك الأكبر، أو دعاء الحي في أمور لا يقدر عليها، يعتقد فيه أنه له تصرف في الكون، كما يفعل بعض الصوفية مع مشايخهم يدعونهم مع الله، ويعتقدون أن لهم تصرفا في الكون، وأن لهم سرا يستطيعون معه أن يعلموا الغيب، أو ينفعوا الناس بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، هذه أمور شركية حتى مع الأحياء. نسأل الله السلامة، والله ولي التوفيق.
(1) سورة القصص الآية 15