الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
108 -
الواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك
س: أنا أعيش في مكان يوجد فيه أناس يدعون أنهم من المسلمين، يصلون ويزكون ويصومون ويحجون، ولكنهم يعتقدون في الأموات، ويقولون: إن الولي الميت أو الشيخ واسطة عند الله، ويتبركون به، ويستغيثون بهذا الميت الولي ويزورونه وينذرون له النذر ويشدون إليهم الرحال، وإذا نصحتهم قالوا: هؤلاء أولياء يجب التقرب إليهم، ويكرهون من يمنعهم وينصحهم بأن لا يعبدوا الأموات والأولياء، ماذا نفعل؟ وهل نتركهم على ما هم عليه؟ جزاكم الله خيرا (1).
ج: هذه مصيبة عظيمة، واقعة في بلدان كثيرة، والواجب على أهل العلم أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك، حتى يعلم هؤلاء العوام بطلان ما هم عليه، فكونه يصلي ويحج ويصوم، ويزكي ثم يعبد غير الله، هذا يبطل عمله، قال تعالى:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (2)، وقال سبحانه:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (3).
(1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (63).
(2)
سورة الأنعام الآية 88
(3)
سورة الزمر الآية 65
فدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، هذا شرك أكبر، ينافي التوحيد الذي هو معنى لا إله إلا الله، وينافي ما دلت عليه الآيات من وجوب إخلاص العبادة لله، كما في قوله سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (1)، وقوله سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (2).
وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (3). وقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4) وقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (6) وقوله عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (7) وقوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (8) وقال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (9){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (10) سبحانه وتعالى. فجعل دعاءهم للأموات والأصنام والأشجار والأحجار شركا بالله عز وجل، فالواجب تنبيه هؤلاء وتحذيرهم وحث العلماء على
(1) سورة الفاتحة الآية 5
(2)
سورة البينة الآية 5
(3)
سورة البقرة الآية 21
(4)
سورة الإسراء الآية 23
(5)
سورة الزمر الآية 2
(6)
سورة الزمر الآية 3
(7)
سورة الجن الآية 18
(8)
سورة المؤمنون الآية 117
(9)
سورة فاطر الآية 13
(10)
سورة فاطر الآية 14
تنبيههم وتحذيرهم، حتى يتبصروا ويعلموا أنهم على باطل، وعلى شرك، وأن صلاتهم تحبط بذلك، وهكذا صومهم، وزكاتهم، وحجهم، وأعمالهم الأخرى، حتى يخلصوا العبادة لله وحده، وقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليخلصهم من هذا الشرك، فأقام في مكة عشر سنين يدعوهم إلى توحيد الله وترك دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأصنام، والأشجار والأحجار ويقول:«يا قوم قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (1)» قبل أن تفرض الصلاة، ثم فرضت الصلاة في مكة، ومكث بعد ذلك مدة يدعوهم إلى توحيد الله، ثم هاجر إلى المدينة ولم يزل يدعو إلى الله، وإلى توحيده سبحانه وتعالى.
فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على دعوة هؤلاء وإرشادهم بالحكمة والصبر والأسلوب الحسن، لعل الله يهديهم بأسبابك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من دل على خير فله مثل أجر فاعله (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (3)» ، فدعوة
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل برقم 3009، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي رضي الله عنه، برقم 2406.
الأموات، كأن يقول: يا سيدي فلان، اشف مريضي، انصرني أو المدد المدد يا فلان، أو النذر لهم أو ما أشبه ذلك من أنواع العبادة، كله شرك بالله، وهكذا الذبح لهم، ذبح البقر أو الدجاج أو غير ذلك، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«لعن الله من ذبح لغير الله (1)» ، والله يقول سبحانه:{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (2){لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (3). فالذبح لغير الله مثل الصلاة لغير الله، والذي يذبح للأموات يتقرب إليهم مثل الذي يصلي لهم، وهكذا من ينذر لهم القرابين إن شفى الله مريضي للسيد فلان كذا، أو يا سيدي البدوي اشف مريضي، أو المدد المدد، أو يا سيدي الحسين أو يا شيخ عبد القادر، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو انصرنا، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا الناس ذلك، وأن ينصحوهم وأن يرشدوهم إلى الحق وإلى الصواب، وأن يصبروا على جهلهم وأذاهم حتى يتعلموا ويستفيدوا، هكذا كان الرسل عليهم السلام يصبرون وهم أفضل الخلق عليهم السلام، وآذاهم أقوامهم، وربما قتلوهم على ذلك ومع هذا صبروا عليهم الصلاة والسلام، وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة حتى قبضهم الله، عليهم
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، برقم 1978.
(2)
سورة الأنعام الآية 162
(3)
سورة الأنعام الآية 163