الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 -
بيان الحكمة من خلق الدنيا
س: لقد أصبح من المتعارف عليه وشائع على ألسنة الناس، وكأنما هو شيء بديهي أن الدنيا بما فيها خلقت لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولاه لم تكن ولم تخلق ولم توجد. نرجو من فضيلة الشيخ الإجابة على سؤالي مع الدليل، إن كان كما قيل، وجزاكم الله خيرا؟ (1).
ج: هذا من كلام بعض العامة الذين لا يعرفون ولا يفهمون، قول بعض الناس: إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس هذا باطل ولا أصل له، وهذا كلام فاسد، والله خلق الدنيا ليعرف ويعلم وجوده سبحانه وتعالى، وليعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليعرف بأسمائه وصفاته، وبفضله وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى، لا من أجل محمد، ولا من أجل نوح، ولا موسى، ولا عيسى، ولا غيرهم من الأنبياء، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له. خلق الله الدنيا وسائر الخلق ليعبد ويعظم ويعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه هو القادر على كل شيء، وأنه بكل شيء عليم، كما قال سبحانه وتعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2) فبين سبحانه أنه خلقهم ليعبدوه، لا من أجل
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (28).
(2)
سورة الذاريات الآية 56
محمد عليه الصلاة والسلام، ومحمد من جملتهم خلق ليعبد ربه، يقول سبحانه:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (1)، وقال سبحانه وتعالى في سورة الطلاق:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (2)، وقال سبحانه:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} (3).
والله جل وعلا خلق الخلق ليعبد، خلقه للحق وبالحق ليعبد ويطاع ويعظم، وليعلم أنه على كل شيء قدير، وأن كل شيء من شأنه سبحانه وتعالى.
فأيها السائل، هذه الأشياء التي سمعتها باطلة لا أساس لها، لم يخلق الله الخلق، لا الجن، ولا الإنس، ولا السماء، ولا الأرض، وغير ذلك لم يخلق ذلك من أجل محمد عليه الصلاة والسلام، ولا لغيره من الرسل، وإنما خلق الخلق أو خلق الدنيا ليعبد وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته. هذا هو الحق، وهذا الذي دلت عليه الأدلة، وإن كان محمد عليه الصلاة والسلام هو أشرف الناس، وهو أفضل الناس عليه الصلاة والسلام وهو خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم، لكن الله خلقه ليعبد ربه، وخلق الناس ليعبدوا ربهم سبحانه وتعالى، ما خلقهم من أجل محمد، وإن كان أفضل الناس، فافهم هذا وبلغه لغيرك أيها السائل؛ لأن
(1) سورة الحجر الآية 99
(2)
سورة الطلاق الآية 12
(3)
سورة ص الآية 27