الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو الذي دل عليه القرآن العظيم، ودلت عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة، وأجمع عليه المسلمون: الصحابة ومن بعدهم.
ومن زعم أن الله في كل مكان فقد كفر؛ لأنه مكذب لله ورسوله، ومكذب لجماعة المسلمين، فالواجب على كل من يعتقد هذا الاعتقاد أن يتوب إلى الله، وأن يقلع من ذنبه العظيم، وأن يؤمن بأن الله سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق جل وعلا.
48 -
بيان معنى معية الله تعالى مع خلقه
س: قرأت كثيرا في كتب التوحيد، فما إرشادكم في الكتاب الجامع للأسماء والصفات، واعتقاد أهل السنة والجماعة؟ وهل يصلح إطلاق كلمة: إن الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وبقدرته وإرادته، وأقصد بذلك الباء، لأني أقول الباء تقتضي الملاصقة، أرجو التوجيه في هذه القضايا؟ (1).
ج: أحسن كتاب وأشرف كتاب، وأعظم كتاب في بيان أسماء الله وصفاته، وحقه على عباده هو كتاب الله، هو القرآن العظيم ليس بعده كتاب، هو أشرف كتاب وأعظم كتاب وخير كتاب، وأعلى كتاب لمن أراد الحق وليس فوقه كتاب، وفيه الهداية وفيه البيان، وفيه الدلالة على
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (87).
كل خير، ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مثل ما في الصحيحين وما ثبت في السنن وغيرها من الأحاديث الصحيحة، فهي أيضا العمدة في هذا الباب، ثم الاستعانة بكتب أهل العلم، التي فيها خير كثير من السلف ككتب الأئمة المعروفين، وموطأ مالك ومسند أحمد وغيرها؛ لأنها كتب تروي الأحاديث الصحيحة تروي الآثار عن السلف الصالح، ثم ما ألفه بعدهم العلماء في الأسماء والصفات مثل كتاب التوحيد لابن خزيمة، كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، كتاب الدارمي عثمان بن سعيد للرد على بشر المريسي، وما أشبه ذلك من الكتب التي ألفت في السنة، كتب البيهقي وإن كان فيها بعض التأويل، الذي وافق فيه الأشاعرة لكنها في الجملة كتب مفيدة، لكن يجب التنبه لما فيها من بعض الخلل والتأويل، ومن أحسن الكتب المتأخرة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، كتب ابن القيم والذهبي، هؤلاء من خيرة العلماء في القرن الثامن، وشيخ الإسلام أيضا من أعيان القرن السابع، فقد جمع بين القرنين فهو من أعيان السابع والثامن جميعا، أما ابن القيم والذهبي وأشباههم، فهم من أعيان القرن الثامن، وهم من أئمة الهدى وكتبهم فيها خير كثير، وهكذا أشباههم من أهل السنة كالحافظ ابن كثير وغيره، وابن رجب، ومن المتأخرين شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، فإنه من أهل السنة وممن ألف في السنة في القرن الثاني عشر، هكذا تلاميذه وأتباعه، كالشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد، والشيخ سليمان بن عبد الله صاحب تيسير
العزيز الحميد، وكلاهما حفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهكذا كتب أئمة الدعوة الذين سلكوا مسلك الشيخ محمد في الدعوة إلى الحق وفي إثبات أسماء الله وصفاته.
والقاعدة في هذا أن كل من عرف باتباع السنة، وتعظيم السنة والسير على منهج السلف الصالح، فهو الذي ينبغي السير على منهاجه، والاستعانة بكتبه والثناء عليه، وحث الناس على الاستفادة من كتبه هكذا، لا يقتصر على أحد معين، كل من عرف أنه يعتني بالسنة ويعظم كلام الله، وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، ويحذر كلام أهل البدع، ويحذر منه ويسير على منهاج السلف الصالح، فهو جدير بالاتباع، وجدير أن يعض على كتبه بالنواجذ سواء كان شافعيا أو مالكيا أو حنفيا، أو حنبليا أو ظاهريا أو لا ينتسب لأحد.
وعن المعية نعم المعية حق، وهذا الكلام هو كلام أهل السنة، بأن الله مع عباده بالمعية، كما قال تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (1) وهو مع أوليائه أيضا بالمعية، لكنها معية خاصة تقتضي نصره لهم، وحفظه لهم وكلاءته لهم، كما قال سبحانه في حق موسى وهارون:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (2) يعني بالنصر والتأييد والكلاءة، وحمايتهما من شر فرعون، وقد فعل سبحانه لقد تكلما على
(1) سورة الحديد الآية 4
(2)
سورة طه الآية 46
فرعون وناظراه، وبينا له الحق ولم يخافا في الله لومة لائم، والله حماهما من كيده.
وهكذا قوله سبحانه في حق محمد صلى الله عليه وسلم {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (1)، لما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر، وهكذا قوله سبحانه:{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (2) إلى غير هذا من آيات المعية، وليس في الباء شبهة، الله معنا بقدرته بعلمه ليس بشبهة.
المعنى: أنه فوق العرش، فوق السماوات السبع، بائن من خلقه وهو معنا سبحانه، بقدرته يعني قادرا علينا، معنا يعني أنه قادر علينا، عالم بأحوالنا يرانا ولا يخفى عليه مكاننا، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى، وهو معنا أيضا بإحسانه إلينا وبكلاءته لأوليائه، وبحفظه لهم كما أنه مع الناس كلهم بالعلم والإحاطة والقدرة والتصرف سبحانه وتعالى، واعتقاد الباء ملاصقة غير لازم؛ لأن كل مقام له مقال، سرت مع زيد، لا يلزم منه الملاصقة معه، يعني جنبه، لكن لا تلزم الملاصقة، سافرت مع زوجتي كذلك، سافرت مع فلان كذلك، أو سافرت بفلان مثل مع فلان، لا يقتضي الملاصقة، كل شيء بحسبه، سرت مع القمر أو سرت والقمر، أو سرت بالشمس، يعني بالاستمتاع بها والانتفاع بها.
(1) سورة التوبة الآية 40
(2)
سورة الأنفال الآية 46