المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر - فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر - جـ ١

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العقيدة

- ‌ معنى شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌ بيان مراتب دين الإسلام

- ‌ العقيدة الصحيحة هي أصل الدين وأساس الملة

- ‌ حكم إطلاق كلمة العقيدة

- ‌ بيان كيفية تصحيح المرء عقيدته

- ‌ أصح كتب العقيدة

- ‌ أفضل الكتب في بيان العقيدة

- ‌ شروط ومعنى لا إله إلا الله

- ‌ تحقيق معنى لا إله إلا الله

- ‌ بيان معنى الطاغوت

- ‌ تفسير معنى الشهادتين

- ‌ حكم التلفظ بالشهادتين

- ‌ النطق بالشهادتين يكفي لدخول الإسلام

- ‌ حكم من وفق للتلفظ بالشهادتين قبل وفاته

- ‌ وجوب النطق بالشهادتين على القادر عند دخول الإسلام

- ‌ مصداقية الشهادة القيام ببقية الأركان

- ‌ الشهادتان اعتقاد بالقلب وعمل بأداء الفرائض

- ‌ بيان أقسام التوحيد

- ‌ بيان الحكمة من خلق الدنيا

- ‌ ذكر بعض من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب

- ‌ بيان تحقيق التوحيد

- ‌ بيان الطريق لإخلاص العمل لله عز وجل

- ‌ عدد الأنبياء والرسل

- ‌ أول رسول بعث

- ‌ تعريف النبي والرسول

- ‌ الفرق بين النبي والرسول

- ‌ القول بأن أصل الإنسان قرد باطل

- ‌ ليس قبل آدم عليه السلام إنسان آخر

- ‌ الحكمة في اختلاف اللغات والألوان

- ‌ لا يعرف مكان نزول آدم عليه السلام ولا قبره

- ‌ بيان ارتباط العقل بالروح

- ‌باب فيما يتحقق به الإسلام

- ‌ حمل من أظهر الإسلام على ظاهره

- ‌ بيان ما يتم الدخول به في الإسلام

- ‌ حكم تغيير الاسم والختان بعد الإسلام

- ‌باب ما جاء في الأسماء والصفات

- ‌ فضل حفظ أسماء الله الحسنى

- ‌ أسماء الله تعالى كلها حسنى

- ‌ بيان عقيدة الصحابة في الأسماء والصفات

- ‌ مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته

- ‌ بيان الكلام في أفعال الله وصفاته

- ‌ وجوب الإيمان باستواء الله تعالى على العرش

- ‌ معنى عرش الرحمن

- ‌ مذهب أهل السنة والجماعة في صفة العلو

- ‌ بيان الواجب على من سئل: أين الله

- ‌ حكم قول: الله في كل مكان

- ‌ بيان معنى معية الله تعالى مع خلقه

- ‌ الكلام على صفة نزول الله تعالى

- ‌ صفه الصبر والحلم

- ‌ تكليم الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام

- ‌ القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق

- ‌ حكم من قال: إن القرآن مخلوق

- ‌ الأحاديث القدسية كلام الله غير مخلوقة

- ‌ رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة

- ‌ رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا

- ‌ معنى قول: عز وجل، ورب الأرباب

- ‌ معنى حديث " إن الله خلق آدم على صورته

- ‌ حكم الثناء على الله تعالى بالشعر والنثر

- ‌ معنى تمجيد الله

- ‌باب ما جاء في احترام أسماء الله تعالى

- ‌ حكم التسمي برحمة

- ‌ حكم التسمي باسم محسن

- ‌ حكم العملات الورقية المكتوب عليها لفظ الجلالة

- ‌ حكم كتابة البسملة على الملابس الداخلية

- ‌ حكم الأوراق والخطابات المكتوب عليها البسملة بعد الانتهاء منها

- ‌ حكم كتابة أسماء الله الحسنى على المسبحة

- ‌ معنى حديث " من سأل بالله فأعطوه

- ‌ حكم التسمية باسم رزاق

- ‌ حكم التسمية والتعبيد لغير الله تعالى

- ‌ حكم التسمي بعبد الرسول

- ‌ حكم إطلاق كلمة سيدنا للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم إطلاق كلمة مولانا

- ‌ حكم إطلاق كلمة مولاي وسيدي

- ‌ حكم المناداة بكلمة سيد فلان

- ‌باب ما جاء في الولاء والبراء

- ‌ حكم توريد البطاقات الخاصة بأعياد الكفار

- ‌ حكم الصلاة على والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ حكم مشاركة الكفار في أعيادهم

- ‌ حكم الإحسان إلى الكافر الذمي والمستأمن

- ‌ حكم النداء بالألفاظ التي تسبب الكبر

- ‌ معنى الحب في الله والبغض في الله

- ‌باب ما جاء في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين

- ‌ بيان أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الجن والإنس كافة

- ‌ الجن مخاطبون بما خوطب الإنس من الشرائع

- ‌ بيان أصل الجن

- ‌ بيان معنى شياطين الجن والإنس

- ‌ حكم مصاحبة الجان للإنس

- ‌ إمكانية ظهور الجن لبعض الناس ومصادقتهم

- ‌ بيان أن الشيطان يتكلم على ألسنة البشر

- ‌ حكم تلبس الجن بالإنس

- ‌ قتال علي رضي الله عنه للجن لا أصل له

- ‌ الجن مثل الإنس في تعدد اللغات

- ‌باب ما جاء في العذر بالجهل

- ‌ التفصيل في مسألة العذر بالجهل

- ‌ حكم العذر بالجهل فيمن يستغيث بالأموات

- ‌ حكم العذر بالجهل فيمن يعبد القبور

- ‌ بيان أن أصول الدين لا يعذر فيها بالجهل

- ‌ بيان المقصود بأهل الفترة

- ‌ حكم العذر بالجهل في اقتراف المعاصي

- ‌باب ما جاء في الخوف من الشرك

- ‌ توضيح أنواع الشرك

- ‌ بيان بعض أنواع الشرك التي توجب الخلود في النار

- ‌ بيان بعض ظواهر الشرك القولية والعملية

- ‌ توضيح الفرق بين الشرك والكفر

- ‌ بيان معنى النفاق

- ‌ الواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك

- ‌ كيف نبدأ الدعوة إلى الإسلام

- ‌ الضابط الشرعي لتعليم وإرشاد المسلم الجديد

- ‌ ما يشرع البدء به في دعوة وإرشاد المجتمعات الإسلامية

- ‌ الصفات الواجب توافرها في الداعية المسلم

- ‌ الفروق بين دعوة الملحد والكتابي

- ‌ الواجب على جميع أهل الأرض الدخول في الإسلام والالتزام به

- ‌ الإسلام يدعو للعقيدة الصحيحة

- ‌ حكم اقتناء وقراءة التوراة والإنجيل

- ‌باب ما جاء في أن لبس الحلقة أو الخيط لرفع البلاء أو دفعه شرك

- ‌ حكم تعليق رجل الذئب على من به مس

- ‌ حكم تعليق رجل الذئب أو ضرسه على رقاب الأولاد

- ‌ حكم لبس الخاتم لقصد الشفاء

- ‌باب ما جاء في الرقى والتمائم

- ‌ بيان الرقية الشرعية

- ‌ بيان علاج العين

- ‌ حكم قول: الفاتحة، بنية الشفاء لطالب الشفاء

- ‌ الأسباب المعينة على إزالة الهموم التي تصيب الإنسان

- ‌ بيان علاج ضيق الصدر

- ‌ حكم كتابة آيات القرآن على ورق وشرب مائه

- ‌ حكم القراءة على المرأة بلا خلوة

- ‌ حكم كتابة القرآن وشربه للعلاج

- ‌ حكم كتابة آيات من القرآن بالزعفران وشرب مائه

- ‌ بيان حكم التمائم

- ‌ حكم تعليق التمائم والحلف بغير الله تعالى

- ‌ حكم تعليق الحجب والحرز

- ‌ الحكمة التشريعية من تحريم التمائم والحروز

- ‌ حكم تعليق الحجب من القرآن

- ‌ حكم تعليق الحرز من القرآن

- ‌ حكم لبس القلائد من القرآن

- ‌ حكم صلاة من صلى بالحجب والحرز

- ‌ بيان الحكم في تعليق القرآن على المرضى

- ‌ حكم كتابة بعض آيات القرآن على جسم المريض

- ‌ حكم حمل المصحف في الجيب للوقاية من العين

- ‌ حكم وضع المصحف في السيارة خشية العين

- ‌ حكم وضع المصحف عند الطفل لقصد الحرز

- ‌ حكم تعليق حرز الحصن الحصين

- ‌ حكم تعليق الأدعية على الجسم

- ‌ حكم تعليق الأدعية على الميت

- ‌ حكم وضع الحجب والحروز تحت فراش النوم

- ‌ تحريم تعليق التمائم والحروز لدفع العين

- ‌ حكم لبس الحجب والتمائم لدفع الشر والمرض

- ‌ حكم تعليق الحرز لدفع الأمراض

- ‌ حكم اتخاذ الحجب والحرز لتحقيق المصالح الدنيوية

- ‌ حكم كتابة بعض آيات القرآن لجلب الرزق

- ‌ حكم تعليق آيات القرآن على جدران الغرف

- ‌ حكم تعليق آيات القرآن والأحاديث في المنزل

- ‌ حكم تعليق السور القرآنية على الحائط

- ‌ حكم تعليق الآيات القرآنية والأحاديث للتذكير

- ‌ حكم استعمال الساعات والتحف التي كتب عليها آيات من القرآن الكريم

- ‌ حكم الاستشفاء بمياه الآبار

- ‌ حكم الذبح عند المياه التي تقصد للاستحمام والشفاء

- ‌ حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر

- ‌ بيان خرافة أم الصبيان من الجان

- ‌ حكم الذهاب إلى المشعوذين والتداوي بالمحرم

- ‌ حكم رش المريض بالدم المسفوح

- ‌ حكم تبخير المنزل لطرد الشياطين

- ‌ حكم من ادعى لقاءه بالخضر وتعلم منه علاج المرضى

- ‌ حكم طاعة الوالدين فى المحرم

الفصل: ‌ حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر

160 -

‌ حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر

س: تقول السائلة: مشكلتي كما يأتي: أنا امرأة محجبة بحمد الله وأداوم على الصلاة في أوقاتها، وأخاف الله عز وجل، وأومن بأن الأعمار بيد الله، وكنت عندما أنجب طفلا يموت، فأشار علي بعض الناس بشيء متعارف هنا في ليبيا، وهذا الشيء هو أن أجمع قطعة نقود من كل بيت، يوجد فيه شخص يسمى باسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنه يسمى محمدا سواء كان هذا الشخص طفلا أو صبيا أو رجلا، وتجمع النقود ويشترى بثمنها سوارة تضعها المرأة التي عندما تنجب طفلا يموت تضعها في يدها، السوارة عادة تكون من الحديد، وفعلت ذلك فعلا، فشاء الله عز وجل أن يعيش الأطفال الذين أنجبتهم بعد ذلك، فلما رأت أختي السوارة وعرفت لماذا وضعتها أنا، وعرفت كذلك قصة السوارة، قالت لي: اخلعيها فورا من يدك؛ إن هذا شرك صريح بالله عز وجل، ولو توفاك الله وأنت تلبسينها باعتقادك أنها تفيدك وتضرك فإنك تموتين وأنت مشركة، فهل هذا صحيح؟ أي: هل يعتبر لبسي لها على هذا، الأساس شركا بالله عز وجل أم لا؟ وإن كان شركا فكيف أكفر عن ذنبي العظيم هذا؟ وهل صلاتي وصيامي وحسناتي السابقة ذهبت هباء منثور أم لا؟ ثالثا: إذا مكنكم الله من

ص: 382

إذاعة رسالتي هذه فأرجو أن تكون الإجابة واضحة مفصلة! لكي أستفيد ويستفيد من يسمعها جزاكم الله خيرا (1).

ج: إن هذا الذي فعلتيه أيتها السائلة وأرشدك إليه بعض الناس؛ رجاء أن يعيش الولد شيء لا أصل له، ولا أساس له، بل هو منكر وبدعة، ولا دليل عليه، ويسمى مثل هذا تميمة، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، وأمر بقطعها، يقول عليه الصلاة والسلام:«من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (2)» ، «من تعلق تميمة فقد أشرك (3)» .

وبعث عليه الصلاة والسلام في بعض غزواته من يقطع القلائد التي تعلق على الدواب؛ خشية العين وهي الأوتار، وقال:«إن الرقى والتمائم والتولة شرك (4)» . وهي الرقى التي لا توافق الشرع، والتمائم ما يعلق على الإنسان، خشية العين أو خشية الجن، والتولة نوع من الصرف، والعطف نوع من السحر. فبين صلى الله عليه وسلم أنها كلها من الشرك، وفي مسند أحمد رحمه الله بإسناد جيد عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما، «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال:" ما هذا؟ فقال: من الواهنة - يعني: علقتها من أجل الواهنة - قال: " انزعها؛ فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت

(1) السؤال الأول من الشريط رقم (96).

(2)

أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

(4)

أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

ص: 383

أبدا (1)». فهذا وعيد عظيم في جعل هذه الحلقة الذي يزعم أنه جعلها من أجل الواهنة، مرض باليد يقال له: الواهنة. وجاء عن حذيفة رضي الله عنه أنه دخل على رجل قد علق خيطا في يده، فسأله فقال: من أجل الحمى، فقطعه حذيفة وتلا قوله تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (2).

وجاء عن إبراهيم النخعي قال: كان أصحاب ابن مسعود يكرهون التمائم كلها، من القرآن ومن غير القرآن يحرمونها، وقال سعيد بن جبير - تابعي جليل رحمه الله: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة. كأنه أعتق رقبة؛ لأنه خلصه من رق الشرك.

وبهذا تعلمين - أيتها السائلة - الذي قيل لك: تجمعين نقودا من كل بيت فيه اسم محمد، ثم يشترى بها حاجة كالسوار، ويعلق لعله يعش الولد، هذا شيء لا أصل له، وهذا باطل، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، ومن تاب تاب الله عليه، وهذا الذي يسره الله من كون الأطفال عاشوا بعد ذلك، هذا من فضل الله صادف قدرا، لا من أجل السوارة هذه، بل صادف قدر الله الماضي، وأن أولادك يعيشون بعد الأولاد الذين ماتوا سابقا، وليس من أجل السوارة، لكنه أمر الله الماضي في قدره السابق؛ فإنه سبحانه وتعالى قدر ما يكون من أولاد ومن عقم، ومن موت طفل ومن حياة.

(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498.

(2)

سورة يوسف الآية 106

ص: 384

طفل إلى غير ذلك، كله مقدر كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماء والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (1)» ، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«أن العبد إذا أكمل في الرحم - يعني الإنسان، إذا اكمل في الرحم - مائة وعشرين يوما - ثلاثة أطوار - يرسل إليه ملك، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد (2)» ، فالعمر بيد الله جل وعلا فقد سبق في علم الله وفي قدره السابق، أن أولادك يعيشون بعد الذين ماتوا، وليس من أجل السوارة، ولكنه ابتلاء وامتحان وقع لك، فعليك التوبة إلى الله جل وعلا، والرجوع إليه والندم على ما مضى، وهذا شرك أصغر، تعليق التمائم من الشرك الأصغر لا تحبط معه صلاتك ولا صومك ولا عبادتك السابقة، أعمالك الطيبة السابقة التي لله فعلتيها، لا تبطل بهذا! لأنه شرك أصغر لا تبطل به الأعمال، وإن كنت أردت بهذا السوار وقصدت أنه ينفع ويضر دون الله، فهذا شرك أكبر، لكن ليس المسلم يقصد هذا، ولا يظن هذا ولا يعتقد هذا، وإنما يعتقد أنها

(1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653.

(2)

أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3208، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، برقم 2643.

ص: 385

أسباب، كما يكفي عن المرض، وكما يتعاطى الأدوية من الحبوب والإبر، كلها أسباب، وهكذا تعليق السوار، الذي نعتقد فيك أنك ظننتيها أسبابا، أنها من الأسباب فبكل حال عليك التوبة من ذلك، وإن كنت تعتقدين فيها أنها تنفع وتضر فعليك التوبة إلى الله من ذلك أيضا، والرجوع إليه بالتوبة النصوح، ولعل جهلك بذلك يكون شافعا في سلامة أعمالك الصالحة، والعبد متى تاب أيضا إلى الله، ورجع عن شركه وباطله، فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تبطل إلا إذا مات على الكفر بالله سبحانه وتعالى، ولهذا لما أسلم حكيم بن حزام، وذكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أنه سبق منه عتاقة في الجاهلية، وصدقة في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أسلمت على ما أسلفت من خيرا (1)» .

والله سبحانه قال عن الكفار إنما أعمالهم تحبط إذا ماتوا على الكفر: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (2)، الآية. وقال سبحانه:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (3). فقيد فيمن مات وهو كافر، فدل ذلك على أن من لم يمت كافرا، بل مات على الإسلام فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تفوت عليه والحمد لله

(1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب من تصدق في الشرك ثم أسلم، برقم 1436، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم، برقم 123.

(2)

سورة البقرة الآية 161

(3)

سورة البقرة الآية 217

ص: 386

ونوصيها بتقوى الله عز وجل، والأخذ بالأسباب التي أباحها الله، كعرض الطفل على الطبيب، وتعاطي الأدوية المباحة، والقراءة على المريض والنفث عليه، والكي إذا دعت الحاجة إليه، وأشباه ذلك من الأدوية النافعة، والأسباب المباحة، أما الشيء الذي حرمه الله كتعليق التمائم، أو دعاء غير الله، أو الاستغاثة بالجن، أو إتيان الكهان والمنجمين، كل هذا باطل لا يجوز، وإنما يجوز للمؤمن الأسباب المباحة، والوسائل المباحة فقط، والله سبحانه جعل لكل داء دواء، كما في الحديث الصحيح:«ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله (1)» . وقال عليه الصلاة والسلام: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله (2)» .

والمؤمن إذا أصابه شيء يعرضه على أهل الخبرة من الأطباء، أو غيرهم من أهل العلم والبصيرة، فإن كان هناك طبيب يعرف هذا الداء عالجه، وإن كان يحتاج إلى قراءة قرأ عليه بعض إخوانه المسلمين وعالجوه بالقراءة والدعاء هكذا المشروع، أما أن يعلق حديدة، أو قرطاسة أو خشبة أو شيئا يقرأ فيه، يقرأ ويعلق كل هذا ما يجوز حتى ولو من القرآن على الصحيح، وإن كان بعض السلف خالف في ذلك، فإن الصحيح الذي عليه المحققون أن تعليق التمائم لا يجوز، ولو كان من القرآن، لسد

(1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء، برقم 2204.

(2)

مسلم السلام (2204)، أحمد (3/ 335).

ص: 387