الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما هي في حق المخلوق إذا قال أحد: أنا معك حيثما كنت، فالله أولى وأجل، ويقول الناس مثلا في العهد الأول: فلان مع معاوية، يعني مع مناصرة معاوية، ولو كان في الشرق أو الغرب، وفلان مع علي يعني مع مناصرة علي، وإن كان ليس في الكوفة ولا معه في جيشه، ويقال: فلانة مع زوجها وفلان معه فلانة، وإن كان بينهما مسافات طويلة، يعني في عصمته، كذلك الراعي مع الرعية والرعية مع الراعي، كلها معية نسبية إذا جاز هذا في المخلوقين، مع قرب بعضهم من بعض، فيجوز في حق الخالق مع عظيم البينونة، البينونة عظيمة، الله سبحانه لا يشابهه شيء، والله سبحانه لا يخالط خلقه، ولا يكون في خلقه شيء منه ولا في خلقه شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من خلقه سبحانه وتعالى.
49 -
الكلام على صفة نزول الله تعالى
س: يسأل المستمع ويقول: حديث النزول قول: ينزل ربنا في الثلث الأخير، هل ينزل ربنا عز وجل؟ أم تنزل الرحمة؟ (1)
ج: تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أن الله جل وعلا ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل
(1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (417).
ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فينادي فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)». أخبر عن نفسه أنه ينزل، لكن لا يعلم كيف النزول إلا هو، كما لا يعلم كيف الاستواء إلا هو سبحانه وتعالى، ينزل كما يشاء وكما يليق بجلاله، لا يعلم كيف نزوله إلا هو، فنقول: ينزل ولا نكيف، ولا نمثل، ولا نزيد ولا ننقص، بل نقول: ينزل ربنا كما قال: «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له (2)» وفي لفظ: «هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له (3)» وفي اللفظ الآخر: «هل من تائب فيتاب عليه؟ (4)» .
يجب على كل مسلم أن يؤمن بهذا النزول إيمانا قاطعا يقينا على الوجه اللائق بالله، لا يكيف، كما نقول في الاستواء، الاستواء معلوم والكيف مجهول، فهكذا نقول: النزول معلوم والكيف مجهول. هكذا قال أئمة السلف كمالك، وربيعة بن أبي عبد الرحمن
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم 758.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم 758.
(3)
مسند أبي يعلى ج 10 ص 342 برقم 5936.
(4)
مسند أبي يعلى ج 10 ص 342 برقم 5936.
عن شيخه، وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة الإسلام، قالوا في الاستواء وهكذا في النزول، استوى كما يليق بجلاله، استواء بلا كيف فالاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال - يعني عن الكيف - بدعة.
فهكذا نقول: يغضب ويرضى، سبحانه وتعالى غضبا يليق بجلاله لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا يسمع ويبصر لا كسمع المخلوقين، ولا كبصر المخلوقين، سمعا يليق بجلاله، وبصرا يليق بجلاله لا يشابه صفات المخلوقين، وهكذا بقية الصفات، بابها واحد، نثبتها لله على الوجه اللائق بجلال الله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) هذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
(1) سورة الشورى الآية 11