الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحرام، يجوز عقوق الوالدين. كفر بالإجماع، نسأل الله العافية، وهكذا ما يشبهه من أمور الدين الظاهرة المعروفة بالوجوب أو التحريم.
18 -
الشهادتان اعتقاد بالقلب وعمل بأداء الفرائض
س: هل (لا إله إلا الله) قول باللسان أم قول يحتاج إلى عمل؟ (1).
ج: هذه الكلمة هي أعظم الكلام الذي يتكلم به الناس، وأفضل الكلام وهي قول وعمل، ولا يكفي مجرد القول، ولو كان مجرد القول يكفي لكان المنافقون مسلمين؛ لأنهم يقولونها وهم مع ذلك كفار، بل في الدرك الأسفل من النار - نعوذ بالله من ذلك - لأنهم يقولونها باللسان من دون عقيدة ولا إيمان، فلا بد من قولها باللسان مع اعتقاد القلب، وإيمان القلب بأنه لا معبود حق إلا الله، ولا بد أيضا من أداء حقها بأداء الفرائض وترك المحارم؛ لأن هذا من حق لا إله إلا الله، كما قال عليه الصلاة والسلام:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (2)» ، وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم (160).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام برقم 2946.
الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل (1)». متفق على صحته.
فالحاصل أنه لا بد من قول مع يقين، ومع علم ومع عمل لا مجرد القول باللسان، فاليهود يقولونها والمنافقون يقولونها، ولكن لا تنفعهم لما لم يأتوا بالعمل والعقيدة، فلا بد من العقيدة بأنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس؛ من أصنام وأشجار أو أحجار، أو قبور أو أنبياء أو ملائكة أو غيرهم، أنه باطل وأن هذا شرك بالله عز وجل، والعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى لا إله إلا الله؛ فإن معناها لا معبود بحق إلا الله، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (2)، وقال سبحانه:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (3)، وقال عز وجل:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (4)، وقال سبحانه:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6).
(1) صحيح البخاري الإيمان (25)، صحيح مسلم الإيمان (22).
(2)
سورة البينة الآية 5
(3)
سورة الفاتحة الآية 5
(4)
سورة الإسراء الآية 23
(5)
سورة الزمر الآية 2
(6)
سورة الزمر الآية 3
وقال عليه الصلاة والسلام: «من قال: لا إله إلا الله. وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (1)» ، واللفظ الآخر عند مسلم:«من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه (2)» . فدل على أنه لا بد من التوحيد والإخلاص لله.
ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن معلما ومرشدا وأميرا وقاضيا، قال له:«ادعهم إلى أن يوحدوا الله - وفي اللفظ الآخر - ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (3)» الحديث.
فالخلاصة أنه لا بد من الإيمان بها قولا وعملا مع النطق، فيشهد أنه لا إله إلا الله: عن علم ويقين وإخلاص، وصدق ومحبة لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لحقها وقبول لذلك، وبراءة وكفر لما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، هكذا يكون الإيمان بهذه الكلمة، يقولها عن
(1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله برقم 23.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث طارق بن أشيم، برقم 15448، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس، برقم 23.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1395، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم 19.
يقين، وأنه لا معبود بحق إلا الله، مع العلم ليس فيه جهل ولا شك، وعن إخلاص في ذلك لا رياء ولا سمعة، وعن محبة لما دلت عليه من التوحيد والإخلاص وعن صدق، لا كالمنافق يقولها باللسان ويكذب بالباطن، وعن قبول لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لذلك وعن محبة لذلك، والتزام به، مع البراءة من كل ما يعبد من دون الله، والكفر بكل ما يعبد من دون الله، كما قال سبحانه:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1).
ومعنى الكفر بالطاغوت البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، هذا معنى الكفر بالطاغوت، وهي أن تتبرأ من عبادة غير الله، وأن تعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى، ليس له شريك، لا ملك ولا نبي ولا شجر ولا حجر ولا ميت ولا غير ذلك.
(1) سورة البقرة الآية 256