الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«ولا تستطيعها البطلة» أي السحرة، تسمية لهم باسم فعلهم، لأن ما يأتون به الباطل، وإنما لم يقدروا على قراءتها ولم يستطيعوها لزيغهم عن الحق وانهماكهم في الباطل، ويصح أن يكون المعنى ولا يستطيع دفعها واختراق تحصينها لقارئها السحرة.
وقيل: المراد من البطلة أهل البطالة، أي لا يستطيعون قراءتها وتدبر معانيها لكسلهم.
(ومن فضلُ سورتي البقرة وآل عمران أن فيهما اسم الله الأعظم:
(حديث أبي أمامة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن البقرة وآل عمران وطه). قال القاسم فالتمستها فإذا هي آية الحي القيوم.
(فضلُ سورة هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون:
(حديث ابن عباس في صحيح الترمذي) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شيبتني هود و الواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت
…
.
{شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون والتكوير} : لما فيها من ذكر الأمم وما حل بهم من عاجل بأس الله، فأهل اليقين إذا تلوها انكشفت لهم من ملكه وسلطانه وبطشه وقهره ما تذهل منه النفوس وتشيب منه الرؤوس.
{تنبيه} : (
…
سورة هود احتوت على آية الأمر بالاستقامة قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [سورة هود: 112] وهي حمل ثقيل بالأمر بالاستقامة كما أمر الله تعالى وهو أمر ليس خاصا به بل لمن اتبعه بقوله تعالى: {وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا} .
وأما سور المرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت فكلها وصف لشدائد يوم القيامة: يوما يجعل الولدان شيبا. وتنذر الناس إنذارا شديدا. ففي سورة المرسلات تكرار للويل للمكذبين عدة مرات وفي عمَّ يتساءلون وصف للقيامة بالنبأ العظيم وفي التكوير وصف للحوادث الكونية الرهيبة يوم القيامة وفي الواقعة كذلك فهي الخافضة الرافعة ووصف أحوال أصحاب أهل اليمين وأصحاب الشمال وأحوال السابقين السابقين اولئك المقربين.
(فضلُ سورة الكهف:
(1)
من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال:
(حديث أبي الدر داء في صحيح مسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال.
(2)
من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه و بين البيت العتيق:
(حديث أبي سعيد في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين.
(حديث أبي سعيد في صحيح الجامع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه و بين البيت العتيق.
(3)
تنزل السكينة بقراءتها كسائر القرآن:
(حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري) قال: كان رجلٌ يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: تلك السكينة تنزلت بالقرآن.
{تنبيه} : (
…
وقصص سورة الكهف أربعة هي: أهل الكهف، صاحب الجنتين، موسى عليه السلام والخضر وذو القرنين.
وهذه القصص الأربعة يربطها محور واحد وهو أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة:
فتنة الدين: (قصة أهل الكهف)،
فتنة المال: (صاحب الجنتين)،
فتنة العلم: (موسى عليه السلام والخضر)
وفتنة السلطة: (ذو القرنين).
وهذه الفتن شديدة على الناس والمحرك الرئيسي لها هو الشيطان الذي يزيّن هذه الفتن ولذا جاءت الآية (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)[الكهف: 50] وفي وسط السورة أيضاً. ولهذا قال الرسول أنه من قرأها عصمه الله تعالى من فتنة المسيح الدجّال لأنه سيأتي بهذه الفتن الأربعة ليفتن الناس بها.
وقصص سورة الكهف كل تتحدث عن إحدى هذه الفتن ثم يأتي بعده تعقيب بالعصمة من الفتن: وهاك القصص الأربعة
(1)
فتنة الدين:
قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاث مئة سنة وازدادوا تسعا وكانت القرية قد أصبحت كلها على التوحيد. ثم تأتي آيات تشير إلى كيفية العصمة من هذه الفتنة (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا)[الكهف 28 – 29].
فالعصمة من فتنة الدين تكون بالصحبة الصالحة وتذكر الآخرة.
(2)
فتنة المال:
قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله كل شيء فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين. ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)[الكهف 45 و46]. والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة الدنيا وتذكر الآخرة.
(3)
فتنة العلم:
قصة موسى عليه السلام مع الخضر وكان موسى ظنّ أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله وإنما أخذ بظاهرها فقط. وتأتي آية العصمة من هذه الفتنة (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا)[الكهف:69].
والعصمة من فتنة العلم هي التواضع وعدم الغرور بالعلم.
(4)
فتنة السلطة:
قصة ذو القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها عين الناس ويدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا. وتأتي آية العصمة (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)[الكهف 103 و104]
فالعصمة من فتنة السلطة هي الإخلاص لله في الإعمال وتذكر الآخرة.
(5)
ختام السورة: العصمة من الفتن:
آخر آية من سورة الكهف تركّز على العصمة الكاملة من الفتن بتذكر اليوم الآخرة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الكهف:110]
فعلينا أن نعمل عملاً صالحاً صحيحاً ومخلصاً لله حتى يَقبل، والنجاة من الفتن إنتظار لقاء الله تعالى.
ومما يلاحظ في سورة الكهف ما يلي:
(1)
الحركة في السورة كثيرة (فانطلقا، فآووا، قاموا فقالوا، فابعثوا، ابنوا، بلغا، جاوزا، فوجدا، آتنا،) وكأن المعنى أن المطلوب من الناس الحركة في الأرض لأنها تعصم من الفتن ولهذا قال ذو القرنين: (فأعينوني بقوة) أي دعاهم للتحرك ومساعدته ولهذا فضل قراءتها في يوم الجمعة الذي هو يوم إجازة للمسلمين حتى تعصمنا من فتن الدنيا.
(2)
وهي السورة التي ابتدأت بالقرآن وختمت بالقرآن: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا)[الكهف: 1] و (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)[الكهف: 109]. وكأن حكمة الله تعالى في هذا القرآن لا تنتهي وكأن العصمة من الفتن تكون بهذا القرآن والتمسك به.
(3)
الدعوة إلى الله موجودة بكل مستوياتها:
فتية يدعون الملك وصاحب يدعو صاحبه ومعلّم يدعو تلميذه وحاكم يدعو رعيته.
(4)
ذكر الغيبيات كثيرة في السورة: