الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَجِبْت لِمَنْ يَحْتَمِي مِنْ الأطْعِمَةِ لِمَضَرَّاتِهَا، كَيْفَ لَا يَحْتَمِي مِنْ الذُّنُوبِ لِمَعَرَّاتِهَا.
وَقِيلَ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رحمه الله: مَا أَعْجَبُ الاشْيَاءِ؟ فَقَالَ: قَلْبٌ عَرَفَ اللَّهَ عز وجل ثُمَّ عَصَاهُ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك رَجُلٌ قَلِيلُ الذُّنُوبِ قَلِيلُ الْعَمَلِ، أَوْ رَجُلٌ كَثِيرُ الذُّنُوبِ كَثِيرُ الْعَمَلِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:«لَا أَعْدِلُ بِالسَّلَامَةِ شَيْئًا» .
وَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: مَا التَّقْوَى؟ فَقَالَ: أَجَزْتَ فِي أَرْضٍ فِيهَا شَوْكٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: كَيْفَ كُنْتَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أَتَوَقَّى. قَالَ: فَتَوَقَّ الْخَطَايَا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رحمه الله: أَيَضْمَنُ لِي فَتًى تَرْكَ الْمَعَاصِي وَأَرْهَنُهُ الْكَفَالَةَ بِالْخَلَاصِ أَطَاعَ اللَّهَ قَوْمٌ وَاسْتَرَاحُوا وَلَمْ يَتَجَرَّعُوا غُصَصَ الْمَعَاصِي
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَيَكُفُّ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي فَهَذَا يَسْتَحِقُّ عَذَابَ اللَاهِي عَنْ دِينِهِ، الْمُنْذَرِ بِقِلَّةِ يَقِينِهِ.
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً كَانَ قَوِيًّا فَأَعْمَلَ قُوَّتَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَ ضَعِيفًا فَكَفَّ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ عَبْدُ الأعلى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيُّ رحمه الله تعالى: الْعُمْرُ يَنْقُصُ وَالذُّنُوبُ تَزِيدُ وَتُقَالُ عَثَرَاتُ الْفَتَى فَيَعُودُ هَلْ يَسْتَطِيعُ جُحُودَ ذَنْبٍ وَاحِدٍ رَجُلٌ جَوَارِحُهُ عَلَيْهِ شُهُودُ وَالْمَرْءُ يُسْأَلُ عَنْ سِنِيهِ فَيَشْتَهِي تَقْلِيلَهَا وَعَنْ الْمَمَاتِ يَحِيدُ.
(آفات عمل الطاعة ومجانبة المعاصي:
اعْلَمْ رحمك الله تعالى أَنَّ لِأَعْمَالِ الطَّاعَاتِ وَمُجَانَبَةِ الْمَعَاصِي آفَتَيْنِ:
إحْدَاهُمَا تُكْسِبُ الْوِزْرَ والأخرى تُوهِنُ الأجر. فَأَمَّا الْمُكْسِبَةُ لِلْوِزْرِ فَإِعْجَابٌ بِمَا سَلَفَ مِنْ عَمَلِهِ، وَقَدَّمَ مِنْ طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ الإعْجَابَ بِهِ يُفْضِي إلَى حَالَتَيْنِ مَذْمُومَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْمُعْجَبَ بِعَمَلِهِ مُمْتَنٌّ بِهِ وَالْمُمْتَنُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى جَاحِدٌ لِنِعَمِهِ.
وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُعْجَبَ بِعَمَلِهِ مُدِلٌّ بِهِ وَالْمُدِلُّ بِعَمَلِهِ مُجْتَرِئٌ، وَالْمُجْتَرِئُ عَلَى اللَّهِ عَاصٍ.
(قَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: خَيْرٌ مِنْ الْعُجْبِ بِالطَّاعَةِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِطَاعَةٍ.
(وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: ضَاحِكٌ مُعْتَرِفٌ بِذَنْبِهِ، خَيْرٌ مِنْ بَاكٍ مُدِلٍّ عَلَى رَبِّهِ، وَبَاكٍ نَادِمٌ عَلَى ذَنْبِهِ خَيْرٌ مِنْ ضَاحِكٍ مُعْتَرِفٍ بِلَهْوِهِ.
(وَأَمَّا الْمُوهِنَةُ لِلْأَجْرِ فَالثِّقَةُ بِمَا أَسْلَفَ وَالرُّكُونُ إلَى مَا قَدَّمَ؛ لِأَنَّ الثِّقَةَ تَئُولُ إلَى أَمْرَيْنِ شَيْنَيْنِ: أَحَدُهُمَا يُحْدِثُ اتِّكَالا عَلَى مَا مَضَى وَتَقْصِيرًا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ. وَمَنْ قَصَّرَ وَاتَّكَلَ لَمْ يَرْجُ أَجْرًا وَلَمْ يُؤَدِّ شُكْرًا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَاثِقَ آمِنٌ. وَالآمِنُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ خَائِفٍ، وَمَنْ لَمْ يَخَفْ اللَّهَ تَعَالَى هَانَتْ عَلَيْهِ أَوَامِرُهُ، وَسَهُلَتْ عَلَيْهِ زَوَاجِرُهُ.
(وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: رَهْبَةُ الْمَرْءِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَدْرِ عِلْمِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
(وَقَالَ مُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: لأنْ أَبِيتَ نَائِمًا وَأُصْبِحَ نَادِمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيتَ قَائِمًا وَأُصْبِحَ نَاعِمًا.
(وَقَالَ الْحُكَمَاءُ: مَا بَيْنَك وَبَيْنَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيك خَيْرٌ إلا أَنْ تَرَى أَنَّ فِيك خَيْرًا.
(وَقِيلَ لِرَابِعَةَ الْعَدَوِيَّةِ رَحِمَهَا اللَّهُ: هَلْ عَمِلْت عَمَلاً قَطُّ تَرَيْنَ أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْك؟ قَالَتْ: إنْ كَانَ شَيْءٌ فَخَوْفِي أَنْ يُرَدَّ عَلَيَّ عَمَلِي.
(وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ رحمه الله: إنَّا لِلَّهِ فِيمَا مَضَى مَا أَعْظَمَ فِيهِ الْخَطَرُ، وَإِنَّا لِلَّهِ فِيمَا بَقِيَ مَا أَقَلَّ مِنْهُ الْحَذَرُ.