الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط جواز القصر:
أولا- التلبس بالسفر بمفارقة موضع الإقامة، فلا يكفي جرد العزم عليه، لقوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} فعلق القصر على الضرب. ولا فرق في ذلك بين أن يكون وقت الصلاة قد دخل بدء سفره أو بعده ولا بين أن يكون قد مضى بعد دخول الوقت زمن يتمكن فيه من فعلها قبل سفره.
ويكون الجواز من ابتداء السفر، ويبدأ السفر منذ الخروج من السور في بلد أو قرية مسورة، أو ما يقوم مقام السور من لوحات توضع على حدود المدينة أو البلدة، وسواء كان داخل السور بساتين ومزارع أم لم يكن، وسواء كان خارج السور دور ومقابر متصلة به أم لا أو من مجاوزة العمران وإن تخلله خراب، والخراب المهجور أو المزروع أو الدارس ـ بحيث لم يبق للعمران فيه أثر ـ لا يعتبر من العمران ولا يشترط تجاوز البساتين والمزارع وإن اتصلت بالبلدة أو القرية التي سافر منها.
وإذا كان سفره بحرا يبدأ السفر من بدء ركوب السفينة.
وابتداؤه لساكن الخيام بمجاوزة الخيام كلها مجتمعة، ومرافقها (1) إذا كانت الخيام حلة واحدة. فإن كانت متفرقة فبمجاوزة ما يقرب من خيمته.
وينتهي السفر:
-1- ببلوغه مبدأ سفره من سور وغيره
-2- ببلوغ سور موضع، أو ما يقوم السور، إن نوى قبله الإقامة في هذا الموضع مطلقا، أو نوى إقامة أربعة أيام صحيحة سوى يومي الدخول والخروج، لحديث العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا)(2) ، فقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للمهاجر في إقامة الثلاثة بين أظهر الكفار، وكانت الإقامة عندهم محرمة، فالترخيص يدل على أنه بالثلاث لا يصير مقيما.
أما إذا لم ينو قبل ذلك فينتهي سفره بإقامته، أو بنزوله وترك سيره.
-3- وإذا وصل إلى موضع يقصد فيه حاجة يرجو فيه حاجة يرجو قضاءها في كل يوم فلا يتيسر له فيتأخر إلى ما بعده رجاء قضاءها، وهو لا يعلم أن قضاءها يتأخر أربعة أيام فله القصر والجمع أيضا (3) - ثمانية عشر يوما صحاحا، ثم بعد ذلك يمتنع القصر على كل حال.
-4- وينتهي السفر كذلك بنية الرجوع إلى الوطن، إن نوى ذلك قبل أن يقطع مرحلتين في طريق سفره، فعندها يمتنع عليه القصر من حين نيته، فلو أراد السفر من دمشق إلى درعا مثلا يحق له أن يقصر من أول الطريق، فإذا خطر بباله أثناء الطريق، وقبل أن يقطع مرحلتين، أن يعود إلى دمشق، فيعتبر سفره منتهيا بدأ من هذه اللحظة، وعليه ألا يقصر في طريق العودة لأن المسافة ليست مسافة قصر. أما إن سار أكثر من مرحلتين ثم نوى الرجوع فبل الوصول، فله أن يقصر بالرجوع أيضا، ولا ينتهي سفره بنية الرجوع.
(1) كالملاعب ومعاطن الإبل ونحوها.
(2)
مسلم ج 2/كتاب الحج باب 81/442.
(3)
كما يستبيح كل رخص السفر الأخرى خلال هذه المدة.
- ثانياً- أن يعزم في الابتداء على قطع مسافة القصر، فلا يقصر طالب غريم - صاحب دين - ذهب يفتش عن مدينه ولا يعلم أين هو، ولا طالب آبق لا يعرف موضعه، كالأب الذي خرج يفتش عن ابنه العاق العاصي، ولا الهائم الذي لا يدري أين يتوجه وليس له قصد في موضع، ولا الأسير يسافر به آسروه، وكذا كل من سافر دون أن يعلم مقصده، فإذا قطع كل من هؤلاء مرحلتين في طريق سفره جاز له القصر منذئذ.
- ثالثا- أن يكون السفر طويلا - مرحلتين فأكثر -، ولا تحسب منها مسافة طريق الرجوع، فلو يقصد محلا على بعد مرحلة واحدة، ناوياً ألا يقيم فيه بل يرجع، لم يقصر ذهابا ولا إيابا، وإن حصلت له مشقة مرحلتين متواليتين.
- رابعا- ألا يكون السفر لمعصية، فمن كان سفره واجبا كالمسافر لقاء دين، أو مندوبا كالمسافر لصلة رحم، أو مباحا كالمسافر لتجارة، جاز له القصر، ولا يضر إن دخل في سفره مكروه، كسفر الشخص وحده، أو سفر اثنين لا ثالث معهما (1) ، فهؤلاء يجوز لهم القصر. وكذلك يجوز القصر للعاصي في سفره، كمن سافر لسبب مما تقدم لكنه في سفره عصى الله، أن شرب خمرا أو زنى. أما العاصي بالسفر، وهو الذي أنشأ سفره لمعصية، كأن سافر لقطع طريق، والعاصي بالسفر في السفر، فكلاهما ليس له أن يقصر في السفر. فإن تاب العاصي في السفر اعتبر أول سفره من حين توبته، فإن كان الباقي من السفر طويلا قصر، وإلا فلا. وإن تاب العاصي بالسفر في السفر رخص له القصر مطلقا وإن كان الباقي من سفر قصيرا. وعلى العكس، من خرج بنية سفر مباح ثن نقله إلى معصية فلا يترخص من حين أن نوى المعصية.
(1) دليل الكراهة ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب) رواه أبو داود ج 3/كتاب الجهاد باب 86/260.
- خامسا- أن يكون مؤديا للصلاة الرباعية، أو قاضيا لفائتة سفر رباعية، لا فائته الحضر. ويقصر فائته السفر إن قضاها في السفر، ولو كان غير السفر الذي فاتته فيه، لكن بشرط أن يكو السفر الثاني طويلا أيضا. أما إن قضاها في الحضر، أو في السفر، قصير فيتمها. وأما فائتة الحضر فعليه أن يتمها ولو قضاها في السفر.
وأما الفائتة المشكوك فيها: أهي فائتة حضر أم سفر فتقضى تامة للاحتياط، سواء قضاها في الحضر أو السفر.