الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة على الميت:
- حكمها:
تجب الصلاة على الميت وجوباً كفائياً، كما قدمنا. ولو لم يوجد إلا بعض الميت، من رأس أو رجل، صلي عليه. ولا يسقط فرضها بصلاة النساء، ما وجد ذكراً ولو صبياً - إن كان مميزاً - فإن لم يصل أمرنه بالصلاة. أما في حال عدم وجود ذكران ولو صبية فيسقط الفرض بصلاة النساء فرادى، فإن صلين جماعة فلا بأس سواء كان الميت رجلاً أو امرأة.
- شروط صحتها:
تقديم غسل الميت أو تيممه - عند العجز عن الغسل - على الصلاة، ويصح تأخير تكفينه عنها مع الكراهة.
ويشترط فيها إضافة لما ذكر، ما يشترط في كل صلاة، من طهارة، وستر عورة، واستقبال القبلة.
- أركانها:
- 1 - النية، ويجب فيها ما يجب في نية سائر الفرائض؛ القصد والتعيين ونية الفرض، بأن يقصد معنى قوله: أصلي فرض كفاية صلاة الجنازة على هذا الميت، أو على من صلى عليه الإمام، ولا يجب تعيين الميت الحاضر. وتصح الصلاة ولو اختلفت نية الإمام عن نية المأموم، فلو نوى الإمام الصلاة على ميت حاضر أو غائب، ونوى المأموم على غيره صحت الصلاة.
- 2 - القيام للقادر.
- 3 - أربع تكبيرات بما فيها تكبيرة الإحرام، لما روي عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي فكبر أربعاً)(1)، وروى حميد قال:(صلى بنا أنس رضي الله عنه فكبر ثلاثاً ثم سلم، فقيل له، فاستقبل القبلة ثم كبر الرابعة ثم سلم)(2) .
- 4 - قراءة الفاتحة، أو بدلها عند العجز عنها، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)(3) .
- 5 - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، لأنها صلاة، فوجب فيها الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كسائر الصلوات، ولا تجزئ بعد غير الثانية للإتباع، وأقلها: اللهم صل على محمد.
- 6 - تخصيص الميت بالدعاء، ولا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)(4) .
ويتعين كون الدعاء بعد التكبيرة الثالثة (5) ، وأقله ما يقع عليه اسم الدعاء.
ويكفي في الطفل الدعاء لوالديه، لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (
…
والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة) (6) .
- 7 - التسليمة الأولى، بحسب كيفيتها في سائر الصلوات. لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (ثلاث خلال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن، تركهن الناس: إحداهن التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلاة
…
) (7) .
(1) البخاري ج 1/ كتاب الجنائز باب 63/1269.
(2)
البخاري ج 1/ كتاب الجنائز باب 63.
(3)
البخاري ج 1/ كتاب صفة الصلاة باب 13/723، من رواية عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
(4)
أبو داود ج 3/كتاب الجنائز باب 60/3199.
(5)
والسبب في عدم تعيين محل الفاتحة، وتعيين محل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للميت، كون القصد من الصلاة على الميت الشفاعة، وهي حاصلة بالدعاء له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لقبول الدعاء، من أجل ذلك تعين نمحل كل منهما، أما الفاتحة فلم يتعين محلها إشعاراً بأن القراءة دخيلة على الصلاة.
(6)
أبو داود ج 3/ كتاب الجنائز باب 49/3180، قال أبو داود: وأحسب أن أهل زياد - أحد رجال السند - أخبروني أنه أي المغيرة رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(7)
البيهقي ج 4/ص 43.
- سننها:
- 1 - أن تكون الصلاة في المسجد، لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت:(ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد)(1) .
- 2 - أن تصلى جماعة، وبثلاثة صفوف فأكثر، لما روي مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)(2) . وكلما كثر الجمع كان أفضل. لحديث ابن هبيرة رضي الله عنه المتقدم، ولحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة، كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه)(3) .
- 3 - أن يقف الإمام عند رأس الميت إن كان رجلاً، وعند عجيزته إن كان امرأة، وأن تكون معظم الجنازة عن يمين الإمام، لما روي عن غالب قال:(صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل، فقام حيال رأسه، ثم جاؤوا بجنازة امرأة من قريش، فقالوا يا أبا حمزة (4) صل عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام صل عليها، فقام حيال وسط السرير، فقال له العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها، ومن الرجل مقامك منه؟ قال: نعم. فلما فرغ قال: احفظوا (5) .
- 4 - رفع اليدين عند كل تكبيرة، حذو المنكبين، ثم يجمعهما عقب ذلك ويجعلهما تحت صدره، واضعاً اليمنى على اليسرى، كما في سائر الصلوات.
- 5 - إيقاع قراءة الفاتحة بعد التكبيرة الأولى.
- 6 - أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الإبراهيمية.
- 7 - أن يدعو، قبل دعائه للميت، بما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال:(صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده)(6) .
ويسن أن يكون الدعاء بما جاء في الأحاديث الشريفة، ومنها حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال:(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وصلى على جنازة - يقول: (اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنه وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماء وثلج وبرد، وثقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وزجاً خيراً من زوجه، وقه فتنة القبر وعذاب النار)(7) .
وأكمله ما التقطه الشافعي رضي الله عنه من مجموع الأحاديث الواردة، ورتبه، واستحبه، وهو:(اللهم هذا عبدك وابن عبدك، خرج من روح الدنيا وسعتها، ومحبوبه وأحباؤه فيها، إلى ظلمة القبر، وما هو لاقيه، كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به منا، اللهم نزل بك وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك، شفعاء له، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه، ولَقِّهِ برحمتك رضاك، وقه فتنة القبر وعذابه، وأفسح له في قبره، وجاف الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك، حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين)(8) .
ويسن في جنازة الطفل أن يدعو الدعاء الوارد عنه صلى الله عليه وسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، والذي تقدم: (اللهم اغفر لحينا وميتنا
…
) . ثم يدعو لوالديه بالدعاء التالي: (اللهم اجعله فرطاً (9) لأبويه، وسلفاً (10) وذخراً، وعظة واعتباراً، وشفيعاً، وثقل به موازينهما (11) ، وأفرغ الصبر على قلوبهما، ولا تفتنهما بعده، ولا تحرمهما أجره (12) ، وذلك إن كان الوالدان حيين مسلمين.
- 8 - الدعاء بعد التكبيرة الرابعة، بقوله:(اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله)(13) .
- 9 - التسليمة الثانية.
(1) مسلم ج 2/ كتاب الجنائز باب 34/99.
(2)
أبو داود ج 3/ كتاب الجنائز باب 43/3166، وأوجب: وجبت له الجنة.
(3)
مسلم ج 2/ كتاب الجنائز باب 18/58.
(4)
هذه كنية أنس رضي الله عنه.
(5)
الترمذي ج 3/ كتاب الجنائز باب 45/1034.
(6)
أبو داود ج 3/ كتاب الجنائز باب 60/3201.
(7)
مسلم ج 2/ كتاب الجنائز باب 26/86.
(8)
المجموع ج 5/ص 196.
(9)
فرطاً: أي أجراً يتقدمهما، أو سابقاً مهيئاً لمصالحهما في الآخرة.
(10)
سلفاً: ثمناً للأجر والثواب الذي يجازى على الصبر عليه.
(11)
وثقل به موازينهما: أي بثواب الصبر على فقده، أو الرضا به.
(12)
المجموع ج 5/ص 196.
(13)
المجموع ج 5/ص 197.
- بناء على ما تقدم تكون الكيفية الفضلى للصلاة كالتالي:
- 1 - يقرن النية مع تكبيرة الإحرام.
- 2 - يقرأ الفاتحة سراً (21) بعد التكبيرة الأولى والتعوذ، دون دعاء الافتتاح، ويؤمن بعدها ندباً (22) .
- 3 - ثم يكبر الثانية ويصلي بعدها على النبي صلى الله عليه وسلم.
- 4 - ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بعدها.
- 5 - ثم يكبر الرابعة ويدعو.
- 6 - يسلم بعد التكبيرة الرابعة.
تنبيهان خاصان بالمأموم:
الأول: إذا تخلف المأموم عن الإمام بتكبيرة إلى أن شرع في الثانية، بدون عذر، بطلت صلاته، لأن كل تكبيرة تقوم مقام ركعة. والتقدم كالتخلف.
الثاني: إذا أدرك المقتدي الإمام بعد غير التكبيرة الأولى مشى على ترتيب صلاة نفسه، ثم بعد سلام الإمام يأتي بما بقي عليه من التكبيرات وأذكارها.
(21) وكذلك الدعاء وكل ما فيها، ولو كانت الصلاة ليلاً، إلا التكبيرات فيجهر بها.
(22)
ولا تسن قراءة سورة بعد الفاتحة، لأن هذه الصلاة مبنية على التخفيف للإسراع بالجنازة.
- أولى الناس بالصلاة على الميت:
أولى الناس بالصلاة على الميت عصباته، ثم الولاء، ثم الإمام أو نائبه، ثم ذوو الأرحام لأن القصد من الصلاة الدعاء للميت، ودعاء هؤلاء على الترتيب الذي ذكرنا أرجى للإجابة.
- تعقيبات:
- 1 - تصح الصلاة على الغائب، لما صح أنه صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة، عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أخاً لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه) يعني النجاشي (1) .
- 2 - تصح الصلاة على المدفون ممن كان من أهل فرض الصلاة عليه يوم الموت، وحال بينه وبين الصلاة عليه حائل. لما روي عن ابن نمير قال:(انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه، وصفوا خلفه، وكبر أربعاً)(2) .
- 3 - تجوز الصلاة على الميت أكثر من مرة، كأن يصلي عليه وهو في المسجد، ويصلي عليه بعد الدفن، وكذا يجوز للنساء أن يصلين على الميت قبل صلاة الرجال عليه في المسجد لما روي عن عائشة رضي الله عنها (أنها لما توفي سعد بن أبي وقاص أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يمروا بجنازته في المسجد فيصلين عليه، ففعلوا، فوقف به على حجرهن يصلين عليه)(3) .
(1) مسلم ج 2/ كتاب الجنائز باب 22/67.
(2)
مسلم ج 2/ كتاب الجنائز باب 23/68.
(3)
مسلم ج 2/ كتاب الجنائز باب 34/ 100.