الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط الصيغة:
ولكن ينتج الإيجاب والقبول أثرهما، ويكون للعقد وجود معتبر شرعًا، يجب أن يتوافر فيه الشروط الآتية:
1-
أن يكون القبول على وفق الإيجاب بمعنى أني يكون مساويًا له من حيث النوع والصفة، والقدر والحلول، والتأجيل، فإن كان كذلك دل على توافق الإرادتين، وتلاقي الرغبتين، فإذا لم يوافق القبول، والإيجاب كأن ورد الإيجاب على شيء، والقبول على شيء آخر مثل أن يقول أحدهما: بعتك عقاري هذا بكذا، فيقول الآخر: اشتريت سيارتك بكذا، أو يرد الإيجاب على شيء مفيد بوصف، ويدر القبول على ذلك الشيء مقيدا بوصف آخر مثل أن يقول أحدهما: بعتك داري هذه بألف، فيقول الآخر اشتريتها بخمسائة، أو قال أوجبتك بألف مكسرة، فقبل بألف صحيحة لم يصح العقد، ومحل عدم الصحة ما لم تساو قيمة الصحاح المكسرة، أما إذا تساويا فإنه يصح، كذا قيل، لكن ذكر البرماوي عدم الجواز أيضا، وإن تساوت.
وهذه الموافقة قد تكون موافقة حقيقية، وقد تكون ضمنية، فإذا قال: بعتك هذا العقار بألف جنية، فقال: قبلت بهذا، فتلك هي الموافقة الحقيقية، أما إذا قال: بعتك هذه السيارة بألف، فقال: قبلت بألفين، فالبيع في هذه الصورة ينعقد مع وجود هذه المخالفة الصورية؛ لأنها في الواقع موافقة، ذلك أن البائع إذا قبل بألف، فإن موافقته بألفين تكون من باب أولى.
2-
أن لا يتخللها كلام أجنبي عن العقد، والكلام الأجنبي هو ما ليس من مقتضيات العقد، كقبض ورد بعيب، ولا من مصالحه كشرط خيار، وإشهاد ورهن، ولا من مستحباته كخطبة، فلو قال المشتري بعد تقدم الإيجاب: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبلت: صح. وهذا على رأي الرافعي، أما المصنف فقد صحح في باب النكاح عدم استحباب الخطبة بين الإيجاب والقبول، لكنه قال: إن ذلك غير مضر كما في النكاح.
فإذا تكلم المشتري بكلام أجنبي عن العقد، ولو يسيرا وكان مقارنا لإيجاب البائع بطل العقد، والكلام اليسير يصدق بحرف واحد بشرط الإفهام، وذلك قياسا على الصلاة، ويؤخذ من هذا القياس أنه لا يضر تخلل
اليسير سهوًا أو جهلا إن عذر، والمراد بالعذر، أن يكون ممن يخفى عليه ذلك، وإن لم يكن قريب عهد بالإسلام، ولا نشأ بعيدا عن العلماء؛ لأن هذا من الدقائق التي تخفى1.
ولو قارن الكلام الأجنبي صيغة المتأخر منهما، فالذي رجحه العلامة ابن قاسم أنه يضر أخذا من التعليل بالإعراض، ويؤخذ منه البطلان بمقارنة صيغة المتقدم أيضا، واغتفر الكلام اليسير العمد في الخلع، وإن قصد به القطع، والفرق أن ما هنا معاوضة محضة2، أما في الخلف والجعالة، فكل منهما محتمل لجهالة العوض، وإذا كان كذلك، فيغتفر فيه التخلل بالكلام اليسير، ولو عمدًا.
3-
ويشترط: أن لا يطول الفصل بينهما بسكوت طويل، وهو ما أشعر بإعراضه عن القبول، فإن طال الفصل بينهما، ولو جهلا أو سهوا، فإنه يضر كما في الفاتحة على المعتمد، بخلاف اليسير، فإنه لا يضر إلا إذا قصد به القطع.
4-
ويشترط أن يصر الباديء على ما أتى به من الإيجاب والقبول، وأن يتلفظ كل منهما بحيث يسمعه من بقربه.. وإشارة الأخرس، وكتابته في العقود والدعاوي، والأقارير ونحوها كالنطق بها من غيره، فتصح بها للحاجة3.
1 حاشية البجيرمي "ج2 ص12".
2 قليوبي وعميرة "ج2 ص154".
3 النهاية "ص22".