الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: إعداد التحقيق الصحفي
أولًا: اختيار فكرة التحقيق
أول خطوة في الإعداد للتحقيق الصحفي هي اختيار فكرة التحقيق أو موضوعه.
وهذه العملية تخضع لعدة اعتبارات، لعل أهمها أن تكون هذه الفكرة مستوحاة من الأحداث الجارية أو مرتبطة بالقضايا التي تشغل المجتمع1.
كذلك لا بد وأن تكون فكرة التحقيق الصحفي جديدة ومبتكرة وقادرة على جذب اهتمام القارئ.. ولكن يجب أن نعي أن أي موضوع أو فكرة سبق طرحها يمكن أن تطرح من جديد.. بشرط أن يتم تناولها من زاوية
1 إن بعض الصحف وبعض الصحفيين -وخاصة في المجتمعات النامية- تنظر إلى التحقيق الصحفي من زاوية أنه مادة لا ترتبط فكرتها أو موضوعها بوقت محدد.. أي أن التحقيق مادة يمكن تأجيل نشرها لأي وقت.. بل يصل الأمر بالبعض إلى اعتبار التحقيق الصحفي مادة "احتياطي" تملأ به الصحف فراغ صفحاتها عندما لا تجد من الأخبار ما يكفي لملء هذه الصحفات!
إن خطورة هذه النظرة أنها تضعف من قيمة الدور الذي يلعبه التحقيق في الصحافة الحديثة في وقت يجب أن يزداد الاهتمام فيه بهذا الفن الصحفي.. فالصحف تتعرض اليوم لمنافسة شديدة في مجال التغطية الإخبارية من الراديو والتليفزيون.. وقد لا تكون هذه المشكلة واردة بنفس المستوى بالنسبة للمجتمعات النامية.. ولكن المشكلة قادمة بالضرورة.
إن السبق الذي تحقق للتغطية الإخبارية في الراديو والتليفزيون.. يفرض على الصحف أن تجد بعدًا جديدًا تواجه به المنافسة.. وهذا البعد يمثله -في رأينا- التحقيق الصحفي.
جديدة.. مثلًا امتحانات الثانوية العامة.. موضوع يتكرر كل عام وبنفس الطريقة في الصحف.. ماذا لو تم تناوله من زاوية جديدة غير تلك الزوايا التي تدخل الرعب في قلوب الطلاب.. مثل: هؤلاء هم الذين يضعون امتحانات الثانوية العامة..! ومثل: كيف يعيش العمال في المطبعة التي تطبع أسئلة الامتحانات؟ ومثل: هل يمكن تسرب أسئلة الامتحانات؟ ومثل: أوائل العام الماضي.. أين هم الآن؟
وهناك مثلًا موضوع آخر كإعلان الميزانية السنوية للحكومة.. وهو موضوع جامد؛ ولكنه يتكرر كل عام.. ماذا لو تم تناوله من زوايا أقل جفافًا.. مثل: 6 كيلو لحم.. و7 كيلو سمك.. وثلاث قطع جاتوه.. نصيب كل فرد في الميزانية الجديدة.. أي: أن يعاد تفسير الميزانية ليقدم المحرر نصيب كل قارئ من الميزانية الجديدة.. فهذا أدعى لجذب اهتمام القارئ من الأرقام العامة الصماء للميزانية..
إن الحصول على فكرة تحقيق صحفي مبتكر هي أصعب جزء في عمل محرر التحقيقات الصحفية ولإدراك الصحف -وخاصة في المجتمعات المتقدمة- لهذه الحقيقة صارت تكلف مندوبي الأخبار في الصحيفة بأن يقدم كل منهم عددًا معينًا من الأفكار التي تصلح لتكون تحقيقات صحفية في المجالات التي يغطون أخبارها1، واعتبر ذلك جزءًا أساسيًّا من عملهم.
وهناك بعض الصحف التي تكلف عددًا من الخبراء والاختصاصيين في مجالات أنشطة الصحيفة المختلفة بتقديم أفكار لتحقيقات صحيفة.. فهي مثلًا تكلف بعض كبار الأطباء باقتراح أفكار لبعض التحقيقات عن الطب..
1 في الوقت الذي تطلب فيه هذه الصحف من مندوبي الأخبار تقديم اقتراحات وأفكار لتحقيقات صحفية، فإنها تمنعهم من تنفيذها؛ وإنما تضع هذه الأفكار والاقتراحات في خدمة محرري قسم التحقيقات.. فإن مندوبي الأخبار هم أسوأ من يكتبون التحقيقات الصحفية، فهم يعتبرونها من الأعمال الكمالية، وغالبًا ما يتعجلون كتابتها أو لا يتحرون الدقة في تغطية موضوع التحقيق تغطية شاملة.
وكذلك الأمر مع أساتذة الجامعات ورجال التعليم ورجال الأعمال والبارزين في المهن المختلفة.. وبهذه الطريقة تضمن الصحف تغذية قسم التحقيقات الصحفية بمورد لا ينضب من الأفكار الصحفية1.
واختيار المحرر لفكرة التحقيق لا يعني أنه يستطيع أن يبدأ في تنفيذه؛ وإنما عليه أن يطرح هذه الفكرة في اجتماع قسم التحقيقات الذي يضم غالبًا خيرة الصحفيين العاملين في الصحيفة، وعليه أن يستمع إلى ملاحظات زملائه من أعضاء القسم ومن رئيسه، وغالبًا ما يحضر هذا الاجتماع رئيس التحرير ونواب رئيس التحرير، ليس فقط لمناقشة الاقتراحات المقدمة من المحررين؛ وإنما لتغذية القسم بالاقتراحات الجديدة.
وعلى المحرر قبل أن يطرح فكرة التحقيق للمناقشة في داخل قسم التحقيقات أن يدرس الفكرة بعناية، وأن يبحث عما إذا كان قد سبق وعولج الموضوع في صحيفة أخرى.. ويكفي أن يسمع في الاجتماع من يقول: لقد سبق نشر هذا الموضوع منذ مدة قصيرة في صحيفة كذا..
إن هذه الكلمة كفيلة بأن تقتل الاقتراح..!
ولكن إذا كان المحرر صاحب الاقتراح قد سبق له دراسة الخلفية الوثائقية للموضوع.. يمكنه عندئذ أن يثبت أن الموضوع جديد ولم يسبق أن تناولته صحيفة أخرى. كذلك يمكنه أن يكشف عن أهمية الزاوية الجديدة التي يتناول منها الموضوع إذا ما كان قد سبق وتناولت الموضوع صحيفة أخرى..
انجليزي يسحب إسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟