الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: إجراء الحديث الصحفي
1-
تحديد موعد اللقاء:
بعد الإعداد الكافي للحديث.. يبدأ المحرر بإجراء الاتصال بالشخصية التي سيتم معها الحديث، وذلك إما بالتليفون أو بالمقابلة المباشرة أو عن طريق بعض الأصدقاء أو الزملاء، وذلك لتحديد موعد اللقاء لإجراء الحديث الصحفي.
ويكفي أن يتصل المحرر بالشخص الذي يريد أن يجري معه الحديث ويخبره: من هو.. وماذا يريد.. ولماذا يريده1.
وفي بعض الحالات قد يجد الصحفي أنه من الأفضل له أن يتصل بالشخص الذي يريد إجراء الحديث معه عن طريق مكتب الصحافة أو قسم العلاقات العامة بالشركة أو المؤسسة أو الوزارة التي يعمل بها2.
فالمعروف أنه قد صار الآن لكل شركة أو مؤسسة أو وزارة قسم للعلاقات العامة، وظيفته تسهيل الاتصال بأجهزة الإعلام وفي مقدمتها الصحافة.. لذلك فقد يضطر الصحفي في كثير من الأحوال إلى العمل من خلال أقسام العلاقات العامة.
وفي حالات كثيرة -وخاصة في غرب أوربا والولايات المتحدة الأمريكية- يحصل الصحفي من خلال تعامله مع أقسام العلاقات العامة على نتائج أفضل من تعامله مع المسئولين مباشرة! ذلك أن موظفي العلاقات العامة في هذه البلاد يدركون أكثر مما يدرك كبار الموظفين أو المسئولين في أية مؤسسة مدى أهمية الإعلام عن المؤسسة في الصحافة.
إنجليزي يسحب إسكنر
ولكن الوضع يختلف في كثير من دول العالم الثالث؛ فالواقع العملي يؤكد أن هذه المكاتب أو الأقسام الخاصة بالعلاقات العامة تشكل في حقيقتها عقبة تحول بين الصحفي وبين الوصول إلى كبار المسئولين في الشركة أو المؤسسة التي يتبعونها.
فأقسام العلاقات العامة ما تزال تعتقد أن وظيفتها حماية كبار موظفيها من الصحافة.. بدلًا من توثيق الروابط بينهما.
ومن المعروف أن البشر يختلفون في مدى الاستعداد أو القدرة أو القابلية للحديث إلى الصحافة1، وفي هذا المجال يمكن أن نقسم الأشخاص الذين تُجْرَى معهم الأحاديث الصحفية إلى ثلاث فئات متميزة:
أولًا: الفئة المتعاونة:
وهذه فئة مستعدة وقابلة للحديث إلى الصحافة.. وهذه الفئة لا تحاول أن تخلق أية صعوبات أمام الصحفي.. بل تعاونه في إجراء الحديث الصحفي.
ولكن عيب هذه الفئة أنها غالبًا ما تكون مستعدة أن تقول أشياء مهمة وأشياء أخرى غير مهمة.. وأنها مستعدة لأن تتحدث في أي موضوع.. وهي فئة لا تعرف كيف تفرق بين الخبر الهام، والخبر الذي لا قيمة له، والرأي الجدير بالانتباه، والرأي المكرر الذي لا يقدم جديدًا.. أي أن هذه الفئة ليست لديها أية فكرة عن تقييم الأخبار أو المعلومات أو الآراء التي يدلون بها.
وهذه الفئة تتطلب من الصحفي عدم ترك المتحدث يسيطر على وقت الحديث، ولا أن يوجهه حيث يشاء في قضايا فرعية أو ثانوية بعيدًا عن الموضوع الرئيسي للحديث؛ وإنما من الضروري أن يعامل المحرر هذه الفئة بحزم وقوة ويضبط مسار الحديث؛ بحيث ينصرف الحوار كله إلى جوهر الموضوع وليس إلى فرعياته2.
انجليزي يسحب اسكنر
ثانيًا: الفئة المترددة:
وهي فئة قلقة متوترة، تحب الحديث مع الصحفيين؛ ولكنها في نفس الوقت تخاف من تبعات التعامل مع الصحافة، وما يمكن أن تثيره من مشاكل أو متاعب. وهذه الفئة تحتاج من الصحفي أن يبذل جهدًا في محاولة حسم ترددها لصالحه.
ولتحقيق ذلك لا بد أن يكون لدى المحرر القدرة على إقناع الشخص المتردد بالفائدة التي يمكن أن يحققها إذا تحدث إلى الصحافة.. وأن تكون لديه القدرة على أن يفرض على الشخص المتردد احترامه والثقة به.. واحترام صحيفته والثقة بها.
كذلك فإن المحرر مطالب بألا يقنع بموافقة الشخص المتردد على التحدث؛ بل يجب أن يستمر في محاربة تردده حتى أثناء الحوار نفسه حتى يدفعه؛ لأن يصرح بكل ما عنده.
ويمكن للمحرر أن يلجأ إلى بعض الأساليب الأخرى لإقناع الشخص المتردد بالتحدث إليه؛ كأن يمتدح بعض النواحي الإيجابية "الحقيقية" في شخصية المتحدث. وكأن يظهر للمتحدث أنه يعرف بعض الأشياء الهامة عنه، سواء فيما يتعلق بتاريخ حياته أو أسلوبه في العمل.
وكأن يحاول أن يقيم مع المتحدث المتردد صداقة شخصية.
وكأن يظهر اهتمامًا زائدًا بالشخص المتردد، وأن يشير إلى أن الأخبار والمعلومات أو الآراء التي سيدلي بها ستكون لها أهمية كبيرة عند قراء الصحيفة. ثم يبقى الإعداد الجيد المسبق لأسئلة الحديث الصحفي، فقد تشكل عاملًا هامًّا من عوامل جذب الشخص المتردد إلى التحدث إلى الصحافة1.
ثالثًا: الفئة المتهربة:
وهذه فئة تكره الحديث إلى الصحافة.. وهي بطبيعتها لا تثق في أحد، ولا تثق بالصحافة والصحفيين بصفة خاصة، وهي أيضًا فئة انطوائية
إنجليزي يسحب إسكنر
لا تتحدث إلا بحساب.. إنها فئة قليلة الكلام1، فإذا طلبت شخصًا من النوع المتهرب إلى حديث صحفي فقد يقول لك: إنه لا يستطيع أن يقول لك شيئًا..! عندئذ: ومَن الذي يستطيع..؟!
وقد يقول لك: إنه لا يعرف شيئًا عن هذا الموضوع..! فسله: ومَن الذي يعرف؟!
وإذا سألت شخصًا متهربًا مبينًا له أنك تريد أن تُجْرِيَ معه حديثًا صحفيًّا لتعرف رأيه في قضية معينة.. فقد يقول لك: ليس عندي أي تعليق..!
عندئذ يمكنك أن تسأله: ولماذا لا تريد التعليق؟ وهل هناك سبب خاص أو عام يمنعك من التعليق؟
ثم قل له بأنك ستكتب ذلك في الصحيفة وستقول: إنه رفض التحدث في الموضوع؛ لأن هناك ما يحول بينه وبين التعبير عن رأيه..!
وقد يقول لك: إنه مشغول جدًّا، ولا وقت لديه للحديث.
عندئذ أخبره بسرعة أنك لن تأخذ وقتًا طويلًا منه.. وأن الأمر لا يعدو بضعة أسئلة يمكنه أن يجيب عنها في دقائق.. وأن رأيه أو معلوماته في الموضوع مهمة جدًّا، ولا يمكن الاستغناء عنها.. ثم ادخل في الأسئلة مباشرة، ولا تتح له أية فرصة أو وقت للاعتراض أو التسويف.. فإذا كانت أسئلتك مباشرة وفي قلب الموضوع.. فإنها يمكن أن تثير اهتمامه وتدفعه إلى الإجابة.. وبهذا يكون الحديث قد تحقق..!
ولكن قد يقول لك الشخص المتهرب: إنه مشغول جدًّا في هذه الأيام، وقد يطلب تأجيل الحديث إلى يوم آخر.. عندئذ لا يجب أن توافق على التأجيل إلا إذا تأكدت أنه جاد في التأجيل.. وأنه لا ينوي التهرب أو التسويف.. فإذا كان صادقًا -ويمكنك أن تكتشف ذلك عن طريق بعض الأسئلة مثل أن تحدد معه موعد المقابلة ومكانها.. وتتفق معه على التصوير.. وتأخذ رَقْم تليفونه الداخلي وتليفون المنزل، ثم تعرف مواعيده في الغد، وتحدد معه كمية الوقت الذي سيخصصه لك، وغير ذلك من الأسئلة- أَجِّل الحديث؛ ولكن ليس قبل أن تحدد وقتًا ملائمًا للقاء القادم له ولك.
1 Ibid p 30-31.
أما إذا أحسست بأنه يتهرب فعاود محاصرته من جديد1، وأَصِر على أن يُجْرَى الحديث في نفس اللحظة.. وألح عليه لتحصل على المعلومات أو الآراء التي تريدها منه.
ويجب على المحرر الصحفي أن يتدرب باستمرار على اكتشاف الشخصيات المتهربة حتى يصبح له بمرور الوقت خبرة في اكتشافهم في أسرع وقت.. بحيث لا يهرب إذا بادروه بالامتناع عن الكلام.. وإنما يهاجمهم بقوة وحزم ويطرح أسئلته على الفور.. فإن أفضل طريقة لمعاملة مثل هذه الشخصيات المتهربة.. هو الهجوم المباغت بالأسئلة المباشرة التي لا تترك لهم أية فرصة أو وقت للاعتراض أو الامتناع عن الكلام.
والإعداد المسبق للحديث الصحفي هو أيضًا سلاح آخر لمهاجمة المتهربين.. فأنت تستطيع أن تدفع الشخص الصامت إلى الحديث إذا ما طلبت منه أن يصحح بعض معلوماتك عن الموضوع.. ثم بالغ في بعض المعلومات التي تعرفها.. وأخبره بأنك ستنشر هذه المعلومات في صحيفتك؛ عندئذ قد يضطر إلى تصحيح هذه المعلومات.. وبمجرد أن يبدأ في التصحيح يكون حديثك الصحفي معه قد بدأ..!
انجليزي يسحب اسكنر