المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: الإعداد للحديث الصحفي - فن الكتابة الصحفية

[فاروق أبو زيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: فن الحديث الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف الحديث الصحفي

- ‌المبحث الثاني: الإعداد للحديث الصحفي

- ‌المبحث الثالث: إجراء الحديث الصحفي

- ‌ تحديد موعد اللقاء:

- ‌ إدارة الْحِوَار:

- ‌ تسجيل الحوار:

- ‌المبحث الرابع: كتابة الحديث الصحفي

- ‌المبحث الخامس: الحديث التليفوني

- ‌المبحث السادس: المؤتمر الصحفي

- ‌الفصل الثاني: فن التحقيق الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف التحقيق الصحفي

- ‌المبحث الثاني: إعداد التحقيق الصحفي

- ‌أولًا: اختيار فكرة التحقيق

- ‌ثانيًا: جَمْعُ المادة الأولية للتحقيق

- ‌ثالثا: تنفيذ التحقبق الصحفي

- ‌المبحث الثالث: كتابة التحقيق الصحفي

- ‌أولا: قالب الهرم المعتدل المبني على العرض الموضوعي

- ‌ثانيًا: قالب الهرم المعتدل المبني على الوصف التفصيلي

- ‌ثالثًا: قالب الهرم المعتدل المبني على السرد القصصي

- ‌الفصل الثالث: فن التقرير الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف التقرير الصحفي

- ‌أولا: الفرق بين الخبر الصحفي والتقرير الصحفي

- ‌ثانيًا: الفرق بين التقرير الصحفي والتحقيق الصحفي

- ‌المبحث الثاني: كتابة التقرير الصحفي

- ‌المبحث الثالث: التقرير الإخباري

- ‌المبحث الرابع: التقرير الحي

- ‌المبحث الخامس: تقرير عرض الشخصيات

- ‌الفصل الرابع: فن المقال الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف المقال الصحفي

- ‌المبحث الثاني: فن المقال الافتتاحي

- ‌المبحث الثالث: فن العمود الصحفي

- ‌المبحث الرابع: فن المقال النقدي

- ‌المبحث الخامس: فن المقال التحليلي

- ‌الفصل الخامس: الحملة الصحفية

- ‌المبحث الأول: تعريف الحملة الصحفية

- ‌المبحث الثاني: التغطية الصحفية للحملة

- ‌المبحث الثالث: نموذج تطبيقي للحملة الصحفية

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌المبحث الثاني: الإعداد للحديث الصحفي

‌المبحث الثاني: الإعداد للحديث الصحفي

1-

اختيار شخصية المتحدث واختيار موضوع الحديث:

أول خطوة في تنفيذ الحديث الصحفي هي اختيار شخصية المتحدث واختيار موضوع الحديث1، ومن الضروري أن يُرَاعَى في هذا الاختيار أن يكون المتحدث وموضوع الحديث مجاريين للأحداث المحلية أو الدولية أو أن يرتبط هذا الاختيار بقضايا أو مشاكل تهم الرأي العام أو تمس مصالح عدد كبير من القراء2.

إن صدور قانون جديد للأحوال الشخصية مثلًا قد يكون مناسبة لإجراء حديث صحفي مع الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر حول مدى مطابقة القانون الجديد للشريعة الإسلامية. ومن ناحية أخرى، فإن فوز النادي الأهلي بمسابقة الدوري قد يكون موضوعًا لحديث صحفي مع رئيس النادي أو مع مدرب فريق كرة القدم أو مع قائد الفريق.

2-

جمع المعلومات الكافية عن الموضوع:

لَا بُدَّ للمحرر الصحفي في مرحلة الإعداد للحديث الصحفي أن يعمل على الحصول على أكبر قدر متاح من المعلومات عن الموضوع الذي سيدور حوله الحديث وعن الشخصية التي سيجري معها الحوار3.. وللمحرر أن يلجأ

انجليزي يسحب اسكنر

ص: 19

في ذلك إلى قسم المعلومات بالصحيفة؛ حيث يوجد ملف كامل لكل شخصية من الشخصيات العامة في المجتمع ولكل موضوع من الموضوعات التي تدخل في اهتمامات الصحيفة.

كذلك يمكن للمحرر أن يقرأ الكتب التي أصدرها المتحدث إذا كان سياسيًّا أو مفكرًا أو كاتبًا أو أديبًا أو شاعرًا، وأن يقرأ بعض أبحاثه إذا كان عالمًا أو باحثًا.. وأن يقرأ أيضًا الكتب التي ألفت عنه إن وُجدت1. ومن الضروري أن يحرص المحرر على قراءة أهم الأحاديث الصحفية التي سبق أن أدلى بها الشخص الذي سيجري معه الحديث حتى يعرف طريقة تفكيره ونوع اهتماماته2، وحتى لا يكرر بعض الأسئلة التي سبق وأن وُجهت إليه في أحاديث سابقة.

ويمكن للمحرر أن يحصل على معلومات قيمة عن شخصية المتحدث من خلال الاتصال بالصحفيين الذين سبق لهم مقابلته3.

وكثير من المحررين الصحفيين في الصحف التي تصدر في دول العالم المتقدم لا يكتفون بما بين أيديهم من معلومات "معلنة" عن شخصية المتحدث؛ وإنما يحاولون أيضًا الكشف عما هو مجهول في حياة هذه الشخصية4؛ مثل محاولة الرجوع إلى أيام دراسته -الثانوية أو الجامعية- ومحاولة الالتقاء بأصدقائه القدامى الذين زاملوه في هذه الفترات؛ ليكشفوا عن جوانب من تاريخه وشخصيته5.. فعن طريق زملائه القدامى يلتقط المحرر كمية كبيرة من المعلومات الهامة وغير المعروفة عن الشخصية التي يجري معها الحديث.. وهو ما يكسب الموضوع مزيدًا من الجدة والطرافة، أضف إلى ذلك أن إدراك المتحدث أن الصحفي يعرف هذا القدر الكبير من المعلومات

انجليزي يسحب اسكنر

ص: 20

عنه سيزيد من ثقته به، وسيمنحه كل ما عنده من معلومات أو آراء حول موضوع الحديث.

ولإدراك أهمية الإعداد المسبق للحديث الصحفي نشير إلى أنه يمكن للصحفي غير المتخصص أن يحصل على حديث صحفي جيد من شخص متخصص في مجال معين من مجالات الحياة إذا أعد نفسه للحديث إعدادًا جيدًا عن طريق الدراسة المسبقة للموضوع وللشخصية التي سيجري معها الحديث1. وعلى سبيل المثال يمكن لصحفي لم يدرس الطب أن يجري حديثًا جيدًا مع الدكتور برنارد جراح القلب العالمي إذا ما أعد نفسه للحديث عن طريق قراءة كل ما يتعلق بجراحة القلب، وبتجاربه السابقة في زرع القلوب، ونسبة العمليات الناجحة إلى العمليات الفاشلة، ويمكن لهذا المحرر الصحفي غير المتخصص في الطب أن يحصل أيضًا على معلومات لا بأس بها عن حياة الدكتور برنارد نفسه وثقافته ودرجاته العلمية وحياته الخاصة عن طريق متابعة بعض ما نُشر عنه في الصحافة العالمية وهو كثير، أو الالتقاء ببعض الصحفيين الذين سبق وأن أجروا معه أحاديث صحفية، أو التحدث مع بعض أصدقائه. ونفس الأمر ينطبق على الحالات الأخرى المشابهة التي يضطر فيها الصحفي غير المتخصص إلى إجراء حديث صحفي مع شخص متخصص.

3-

إعداد الأسئلة:

إن المحرر الصحفي الذي يذهب لمقابلة مصدره بدون أسئلة معدة من قبل قد يتوه منه الموضوع الأصلي الذي جاء من أجله أثناء الحوار.. وقد ينحرف المتحدث بالحوار إلى مجالات بعيدة عن نطاق الموضوع الأصلي، كذلك فإن المحرر قد ينسى بعض الأسئلة الهامة التي بدونها يظهر الحديث إلى القراء ناقصًا2، كذلك فإن الإعداد المسبق للأسئلة من شأنه أن يجعل المحرر الصحفي أكثر ثقة في نفسه، وأكثر دراية بموضوعه، وعلى قدر كبير من اللياقة والاستعداد للحوار والمناقشة، وأكثر قدرة على ضبط المناقشة حتى لا تبتعد إلى موضوعات خارج الموضوع الأصلي3.

انجليزي يسحب اسكنر

ص: 21

ومن الضروري أن تقوم أسئلة الحديث الصحفي على أساس قراءات الصحفي في الموضوع.. ودراسته لشخصية المتحدث1، ولا بد أن يوضح المحرر من خلال الأسئلة ما الموضوع الرئيسي الذي سيدور حوله الحديث2، فمن غير المعقول أن تدور غالبية الأسئلة حول قضايا فرعية أو ثانوية في حين لا يكون من نصيب الموضوع الرئيسي غير عدد ضئيل من الأسئلة.

وهناك عدة أسئلة أساسية يجب أن يقوم عليها أي حديث صحفي وهي: ماذا؟ ولماذا؟ ومتى؟ وكيف؟ وأين؟ ومن؟ ولا يشترط أن يجيب الحديث الصحفي عن هذه الأسئلة بنسبة واحدة؛ وإنما يتم التركيز على عدد قليل من هذه الأسئلة حسب طبيعة كل حديث وموضوعه.

ومن الضروري أن تكون أسئلة الحديث الصحفي أسئلة إيجابية لا أسئلة سلبية، والمقصود بالأسئلة الإيجابية هي تلك الأسئلة التي تقدم إجاباتها أخبارًا أو معلومات أو وجهات نظر جديدة.. أما الأسئلة السلبية، فهي تلك الأسئلة التي لا تقدم إجاباتها أي شيء جديد؛ وإنما هي مجرد تَكْرَار لمعلومات معروفة.

كذلك فإن كل سؤال يجب أن يكون إيجابيًّا بالنسبة للسؤال الذي سبقه مباشرة؛ بمعنى أن تقدم إجاباته إضافة على ما قدمته إجابات السؤال السابق، فلا بد أن تكمل الأسئلة بعضها بعضًا، وتدفع الحوار إلى الأمام، لا أن تقف به عند قضية واحدة تتكرر في كل سؤال؛ وبالتالي في كل إجابة، وتترك بقية القضايا المتعلقة بموضوع الحديث دون مناقشة3.

ولا بد أن تكون لغة الأسئلة دقيقة وواضحة؛ بحيث يأتي السؤال واضحًا محددًا خاليًا من أي لبس أو سوء فهم.. بحيث يساعد المتحدث على أن يقدم إجابات واضحة ومحددة أيضًا.. فلغة الحديث لا بد وأن تكون مفهومة من جميع القراء باختلاف ثقافاتهم وتعدد مستوياتهم الاجتماعية4.

انجليزي يسحب اسكنر

ص: 22

ولا يجب أن يخشى المحرر من إعداد أسئلة عنيفة أو مشاغبة، أو أسئلة تتضمن اختلافًا أو معارضة للشخص الذي يجري معه الحديث؛ ولكن بشرط أن يتم ذلك بطريقة لائقة، كما يجب ألا يخشى المحرر من إعداد أية أسئلة يرى أنها يمكن أن تضع يده على معلومات هامة.. حتى ولو أدى طرحه لهذه الأسئلة إلى أن يبدو جاهلًا بالموضوع؛ فقد يكون في طريقه إلى إجراء حديث صحفي مع وزير الاقتصاد ويسمع أو يقرأ وثيقة تقول: إن هناك عجزًا في ميزان المدفوعات في هذا العام.. فلا يجب أن يخشى أن يسأله عن أسباب هذا العجز.. حتى ولو لم يكن يفهم معنى كلمة: عجز في ميزان المدفوعات..!

ومن الضروري أن يكتب المحرر الأسئلة قبل أن يلتقي بالمصدر.. ولكن لا يجب أن يذهب إليه ومعه الأسئلة مكتوبة.. فالأفضل أن يحفظها حتى لا يضطر لقراءتها من الورقة التي أمامه، فإن هذا قد يعطي للمتحدث انطباعًا خاطئًا بأن المحرر لم يدرس موضوع الحديث1.

4-

عندما لا يوجد وقت للإعداد المسبق للحديث:

وفي بعض الحالات لا توجد فسحة من الوقت للإعداد المسبق للحديث الصحفي، سواء فيما يتعلق بالقراءة في موضوع الحديث، أو بدراسة شخصية المتحدث، أو بإعداد الأسئلة المناسبة للموضوع2، ففي هذه الحالات لا بد أن يعتمد الصحفي على معلوماته العامة وثقافته وقراءاته السابقة وتجاربه الشخصية، بالإضافة إلى خبرته في العمل الصحفي.. كل ذلك يمكن أن يعوض بعض الشيء عن الإعداد المسبق في الحالات الطارئة3.

وعلى سبيل المثال، فإذا طلب من محرر صحفي أن يجري حديثًا صحفيًّا مع وزير خارجية الصومال الذي ستمر طائرته بمطار القاهرة بعد ساعتين، وسيمكث بالمطار ثلاث ساعات فقط أثناء تزويد الطائرة بالوقود.. وذلك وهو في طريقه إلى مقديشو بعد أن أنهى جولة في عدد من الدول العربية.

انجليزي يسحب اسكنر

ص: 23

هذا المحرر قد لا يجد الوقت ولا الفرصة الكافية للإعداد المسبق للحديث.. إذ لا وقت لديه مثلًا للذهاب إلى قسم المعلومات بالجريدة للاطلاع على ملف وزير خارجية الصومال؛ ليعرف متى تولى منصب وزير الخارجية، وما هي مناصبه السابقة، وما هي طبيعة شخصيته وفكره أو اتجاهه السياسي.

كذلك لا وقت عند هذا المحرر؛ ليعرف ما هي أسباب هذه الجولة التي قام بها وزير الخارجية الصومالي إلى بعض البلاد العربية؛ بل إنه قد لا يعرف ما هي هذه البلاد العربية التي زارها، ولماذا هذه البلاد بالذات، ثم ماذا تم في هذه الرحلة.

وبالطبع فإن هذا المحرر لا وقت لديه ليعد أسئلة الحديث مسبقًا.

في مثل هذه الحالة لا بد لهذا المحرر الصحفي أن يعتمد على ثقافته الخاصة، وخلفيته التاريخية عن الصومال.. فإذا كان هذا المحرر متابعًا لما يحدث حوله في العالم لعرف أن الصومال تخوض صراعًا عنيفًا ضد إثيوبيا، وأنها تساعد جبهة تحرير الصومال الغربي لتحرير مقاطعة "أوجادين" التي تحتلها إثيوبيا، وأن وزير الخارجية الصومالي لا بد أنه يزور الدول العربية طلبًا للتأييد السياسي والعون المادي والعسكري.. كذلك لا بد لهذا المحرر أن يربط هذه الزيارة بتدهور العلاقات بين الصومال والاتحاد السوفيتي الذي اختار تأييد إثيوبيا ضد الصومال.. وهو الأمر الذي دفع الصومال إلى طرد الخبراء السوفيت من البلاد؛ بل وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وعلى ضوء هذه المعلومات يمكن لهذا المحرر أن يدير دفة الحديث.. وأن يطرح الأسئلة المناسبة.

ص: 24