المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابع: كتابة الحديث الصحفي - فن الكتابة الصحفية

[فاروق أبو زيد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: فن الحديث الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف الحديث الصحفي

- ‌المبحث الثاني: الإعداد للحديث الصحفي

- ‌المبحث الثالث: إجراء الحديث الصحفي

- ‌ تحديد موعد اللقاء:

- ‌ إدارة الْحِوَار:

- ‌ تسجيل الحوار:

- ‌المبحث الرابع: كتابة الحديث الصحفي

- ‌المبحث الخامس: الحديث التليفوني

- ‌المبحث السادس: المؤتمر الصحفي

- ‌الفصل الثاني: فن التحقيق الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف التحقيق الصحفي

- ‌المبحث الثاني: إعداد التحقيق الصحفي

- ‌أولًا: اختيار فكرة التحقيق

- ‌ثانيًا: جَمْعُ المادة الأولية للتحقيق

- ‌ثالثا: تنفيذ التحقبق الصحفي

- ‌المبحث الثالث: كتابة التحقيق الصحفي

- ‌أولا: قالب الهرم المعتدل المبني على العرض الموضوعي

- ‌ثانيًا: قالب الهرم المعتدل المبني على الوصف التفصيلي

- ‌ثالثًا: قالب الهرم المعتدل المبني على السرد القصصي

- ‌الفصل الثالث: فن التقرير الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف التقرير الصحفي

- ‌أولا: الفرق بين الخبر الصحفي والتقرير الصحفي

- ‌ثانيًا: الفرق بين التقرير الصحفي والتحقيق الصحفي

- ‌المبحث الثاني: كتابة التقرير الصحفي

- ‌المبحث الثالث: التقرير الإخباري

- ‌المبحث الرابع: التقرير الحي

- ‌المبحث الخامس: تقرير عرض الشخصيات

- ‌الفصل الرابع: فن المقال الصحفي

- ‌المبحث الأول: تعريف المقال الصحفي

- ‌المبحث الثاني: فن المقال الافتتاحي

- ‌المبحث الثالث: فن العمود الصحفي

- ‌المبحث الرابع: فن المقال النقدي

- ‌المبحث الخامس: فن المقال التحليلي

- ‌الفصل الخامس: الحملة الصحفية

- ‌المبحث الأول: تعريف الحملة الصحفية

- ‌المبحث الثاني: التغطية الصحفية للحملة

- ‌المبحث الثالث: نموذج تطبيقي للحملة الصحفية

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌المبحث الرابع: كتابة الحديث الصحفي

‌المبحث الرابع: كتابة الحديث الصحفي

أولًا: التمهيد لكتابة الحديث الصحفي:

قبل البدء في كتابة الحديث الصحفي لا بد للمحرر أن يراعي الاعتبارات التالية:

1-

أن يراجع بعناية نص الحديث؛ وذلك لاستيعاب المعلومات الواردة به من ناحية.. وللتأكد من أنه حصل على إجابات وافية عن جميع الأسئلة التي تحيط بموضوع الحديث من ناحية ثانية. وإذا اكتشف المحرر نقصًا في بعض الإجابات فعليه أن يحاول استكمالها، ولو احتاج الأمر إلى العودة إلى الاتصال بالمتحدث مرة أخرى.

2-

من الضروري أن يقوم المحرر بتقييم المعلومات والبيانات الخلفية للحديث؛ للتأكد من كفايتها لتغطية موضوع الحديث1.

3-

ضرورة التأكد من استكمال الحديث لجميع عناصره المساعدة مثل: الصور أو الرسوم أو الإحصائيات والجداول أو الوثائق.. وغير ذلك من العناصر التي تختلف من حديث لآخر2.

ثانيًا: القوالب الفنية للحديث الصحفي:

للحديث الصحفي أربعة قوالب فنية هي:

انجليزي يسحب اسكنر

ص: 37

القالب الأول: قالب الهرم المقلوب:

ويقوم هذا القالب الفني للحديث الصحفي على أساس تشبيه البناء الفني للحديث الصحفي بالبناء المعماري للهرم مقلوبًا؛ حيث ينقسم الحديث الصحفي إلى جزأين اثنين فقط: الجزء الأول يشمل مقدمة الحديث، وهي تحتل قاعدة الهرم المقلوب.. أما الجزء الثاني والأخير فيشمل نص الحديث، وهو يحتل جسم الهرم المقلوب.

وتحتوي المقدمة على أهم ما في الحديث من أخبار وآراء.. في حين يحتوي الجسم على النص الكامل للحديث، وفيه تحتل التفاصيل مكانها في جسم الحديث حسب أهميتها.. فتحتل التفاصيل الأكثر أهمية الأجزاء المتقدمة من الجسم وبعدها تأتي التفاصيل المهمة.. ثم التفاصيل الأقل أهمية.. وهكذا حتى نهاية الحديث الصحفي.. وهو الأمر الذي يوضحه الشكل التالي:

شكل يسحب اسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟

قالب الهرم المقلوب في كتابة الحديث الصحفي

ص: 38

وفي قالب الهرم المقلوب يفضل أن تحتوي المقدمة على أبرز الأخبار التي يتضمنها الحديث، وذلك في الأحاديث الصحفية التي يغلب عليها الطابع الخبري.. أما الأحاديث التي يغلب عليها طابع الرأي، فيفضل أن تحتوي المقدمة على إبراز الآراء التي أدلت بها الشخصية التي يُجْرَى معها الحديث1.

أما جسم الحديث الصحفي فكثيرًا ما يأتي على شكل س وج، وإن كان يعيب هذا الشكل أنه صار شكلًا تقليديًّا في الصحافة المعاصرة ويحاول البعض تجنبه. ولكن يظل هذا الشكل هو أفضل الأشكال عندما يُجْرَى الحديث مع الشخصيات السياسية الهامة مثل: زعماء الدول وكبار رجال السياسة، وذلك لضمان الدقة في نقل التصريحات التي تدلي بها هذه الشخصيات الهامة، وحتى لا يساء تأويلها إذا قام المحرر بسردها أو تلخيصها.

أما محاولات التجديد في كتابة جسم الحديث الصحفي، فهي تتنوع وتتسع يومًا بعد يوم.. وعلى سبيل المثال، فإن جسم الحديث الصحفي قد اتسع ليشمل بجانب الشكل التقليدي القائم على س وج قيام المحرر في بعض الحالات بتلخيص إجابات المتحدث بدلًا من سردها كاملة كما ذكرها المتحدث بنفسه. كذلك اتسع هذا التجديد ليشمل قيام المحرر بالمزاوجة بين التلخيص والاستشهاد بنصوص كاملة من أقوال المتحدث أو اقتطاع فقرات معينة من كلام المتحدث وإبرازها. كذلك اتسع نطاق التجديد في كتابة جسم الحديث الصحفي؛ بحيث يقوم المحرر بعمل ما يشبه الاستراحة بين فقرات الحديث، يقوم خلالها بوصف المكان الذي التقى فيه بالمتحدث أو وصف

1 نحن لا نميل كثيرًا لمن يقولون بالتفرقة التامة بين حديث الخبر وحديث الرأي.. وذلك لاعتقادنا بأن الرأي -أي رأي- عندما يذكر لينشر في الصحافة.. يتحول إلى خبر. وعلى سبيل المثال، أجرت صحيفة "هيرالد تربيون Herald tribune" حديثًا مع أدموند ماسكي وزير الخارجية الأمريكي، ذكر في جانب منه أنه يرى أن استمرار إسرائيل في بناء المستوطنات في الضفة الغربية يعوق محاولات التوصل إلى سلام دائم في الشرق الأوسط..! هذا الرأي الذي ذكره ماسكي تحول إلى خبر احتل مركز الصدارة في العديد من الصحف والإذاعات العالمية.. فهذا القول لماسكي هو رأي وخبر في نفس الوقت.

"Herald Tribune. August 4، 1980"

ص: 39

جو النقاء نفسه، أو وصف انطباعاته الشخصية عن المتحدث؛ وبذلك لا يكتفي المحرر بنقل نص الحوار الذي دار في هذا اللقاء؛ وإنما يرسم صورة دقيقة للقاء نفسه. وقد يكون لهذا الوصف أهمية كبيرة في جذب اهتمام القارئ مما لا يقل عن أهمية الحوار الذي جرى أثناء اللقاء نفسه..!

أما أبرز محاولات التجديد في كتابة جسم الحديث الصحفي، فهي التي تقوم على تقديم خلفية من المعلومات عن شخصية المتحدث أو حول الموضوع الذي يدور حوله الحديث1.. وهذه الخلفية قد تحتل مكانها في صدر جسم الحديث الصحفي.. أي بعد المقدمة مباشرة.. وقد تتناثر هذه الخلفية في أماكن متفرقة من الحديث؛ بل وأحيانًا تشكل هذه الخلفية مقدمة الحديث الصحفي نفسه.. وفي بعض الحالات قد تقدم هذه الخلفية في إطار بروز منفصل ينشر بجوار الحديث الصحفي.

إنجليزي إسكنر

ص: 40

نموذج للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المقلوب:

مربع إسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

1

- بدأ محرر صحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن باللغة العربية حديثه مع الرئيس السوداني جعفر نميري بمقدمة أبرز فيها أهم الأخبار والآراء التي أدلى بها الرئيس السوداني.

أجاب الرئيس نميري على أسئلة "الشرق الأوسط".. فتحدث عن العلاقات السوادنية - المصرية بعد تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل، وقال: إن العلاقات بين شعبي مصر والسودان علاقات تتداخل، ولا يملك أحد أن ينال منها؛ لكنه أضاف: إن موقف السودان بالنسبة للقضية العربية ثابت وأصيل.

وأوضح الرئيس نميري لـ"الشرق الأوسط" رؤيته حول إمكانية تضامن عربي، أو حتى إيجاد موقف عربي موحد، وأسهب في شرح ما يراه.. وقال: إننا نعيش مرة أخرى في مناخ أواخر الأربعينات والخمسينات من هذا القرن.

صورة تسحب اسكنر؟؟؟؟؟؟

1 الشرق الأوسط 24/ 2/ 1980.

ص: 41

- ووصف الرئيس السوداني علاقات بلده بليبيا.. بأنها دولة جارة للسودان، وموازين العلاقة معها هي حسن الجوار. ونفى إقامة قواعد عسكرية دعمًا لنفي السفير الأمريكي في الخرطوم.

وتحدث عن العلاقات السعودية - السودانية.. فقال: إنها أكثر من وثيقة، فهناك الرؤية الواحدة المتطابقة في كافة القضايا العربية والإقليمية.

ونفى الرئيس نميري أن تكون في السودان حكومة ومعارضة؛ وإنما هناك وَحْدَة وطنية تحققت "نص الحديث على الصفحة الرابعة".

- وبعد المقدمة مباشرة دخل المحرر في جسم الحديث؛ حيث أورد نص الحوار الذي جرى بينه وبين الرئيس نميري، واختار للحوار شكل س وج، وهو شكل لا عيب فيه، وخاصة أن الحوار يُجْرَى مع رئيس دولة لا بد أن ينقل كلامه بدقة.

- وقد وضع المحرر في صدر جسم الحديث القضية الأكثر أهمية في الحديث -من وجهة نظره- وهي القضية الخاصة بالعلاقة مع مصر، وخاصة أن الفترة التي أُجري فيها هذا الحديث شهدت كلامًا كثيرًا عن حدوث أزمة في العلاقات السودانية المصرية:

-- فخامة الرئيس.. لوحظ من أجوبتكم في المؤتمر الصحفي الأخير، وضمن خطابكم في المؤتمر القومي الثالث أن السودان سيستمر في توطيد علاقاته بمصر رغم تطبيع العلاقات بينها وإسرائيل، وأعلنتم أن موقفكم في قمة تونس كان هو الصمت.. بينما تردد بعد قمة تونس خبر عن اتصالات سرية تمت بينكم وبين الرئيس السادات.

هل لنا أن نعرف موقف السودان الواضح بعد تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل؟

- لعل المطلوب أولًا أن نحدد ما طرحته في المؤتمر الصحفي، وقبله في خطابي أما المؤتمر الثالث، قبل أن نتناول الملاحظات والاستنتاجات كذلك.

ص: 42

لقد تحدثت في المؤتمر القومي وفي مجال السياسة العربية حول نقطتين:

- أولًا: حول العلاقات بين الشعبين المصري والسوداني، وهي علاقات تتداخل، ولا يملك أحد أن ينال منها مهما كانت الاختلافات والخلافات والاجتهادات والتوجهات، للدولة هنا، أو الدولة هناك.

- ثانيًا: حول موقفنا بالنسبة للقضية العربية، هو موقف سبق أن التزمنا به مع الإجماع العربي في قمتي بغداد وتونس، وقبلها في الجزائر والرباط.

ثم إنني تحدثت في المؤتمر الصحفي، وردًّا على سؤال حول موقف السودان بعد قمة تونس، ولما كان السؤال يتضمن إيحاء بأنه كان للسودان موقفًا بعد تونس، وموقفًا مغايرًا قبلها، فلقد بدأ السؤال استمرارًا وتكرارًا لتناول بعض الصحف والمجلات العربية لموقف السودان، وكأنه موقف ينقصه الثبات والوضوح، وذلك في إطار تصريحات مختلفة حينًا، ومشوهة في معظم الأحيان، بالإضافة إلى تحليلات لا تستند إلى الواقع، وذلك رغم أن الموقف السوداني لا ينقصه الوضوح، فهو ثابت وأصيل.

ولذلك فلقد جاءت إجابتي على هذا السؤال واضحة قاطعة، فنحن في السودان لا نستطيع أن نتلاعب في العلاقات بين الشعب المصري والسوداني، والتي هي من العمق والتداخل؛ بحيث يستحيل التأثير فيها أو التصدي لاستمرارها وتواصلها، فهي علاقات قربى ورحم وجوار وأسر متداخلة، ثم أوضحت وفي نفس الوقت أن سحب السفراء إنما يمثل إجراء دوليًّا معترفًا به للتعبير عن خلافات واختلافات قائمة، وهي فيما يتعلق بالعلاقات المصرية السودانية، تتعلق بطريقة تناول القضية العربية.

ص: 43

وهذا الإجراء من جانبنا يتفق في الشكل وإن اختلف في الدرجة، مع ما اتخذته الدول العربية تعبيرًا عن رفضها للتناول المصري للقضية العربية، وإن كنا لم نصل إلى ما وصلت إليه الدول العربية في خلافها مع مصر، فإن ذلك لا يعني أننا من الممكن أن نكون طرفًا ثالثًا في العلاقات المصرية الإسرائيلية بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

نأتي بعد ذلك إلى جوهر سؤالك فأقول:

لقد عنيت بالصمت في تونس الامتناع عن إجراء مقابلات صحفية أو الإدلاء بتصريحات مطولة، ولم أكن أعني أن موقفنا في قمة تونس هو الصمت.

لقد شارك السودان في لجان المؤتمر واشترك في صياغة توصياته، وأسهم في وضع قراراته، وأعلن التزامه بها جميعًا وبدون أي تحفظ؛ بل إن السودان عضو مشارك في الوفود الذي قرر المؤتمر إيفادها إلى مختلف دول العالم؛ لشرح الموقف العربي الموحد.

وفيما يتعلق بموقف السودان، بعد خطوة تبادل السفراء بين مصر وإسرائيل، فإنه سيبقى ذات الموقف.

إن السودان مع الإجماع العربي يرفض التسوية الجزئية والحلول المنفردة، ويضع جهده وفي كل المجالات لتأمين الحق العربي، والانسحاب الشامل من جميع الأراضي المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية، وعروبة القدس، متعاونًا في كل الحالات مع منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

ص: 44

- ثم تناول المحرر في السؤال الثاني قضية أخرى مهمة؛ وهي حول العلاقات السودانية العربية وسر المرارة التي يتحدث بها الرئيس نميري عن هذه العلاقات:

- حديث المرارة:

-- لوحظ كذلك في لقائكم بالصحفيين أنكم تتحدثون عن الدول العربية وتعاملها فيما بينها حديث المرارة.. ربما لتعدد النزاعات والصراعات بين العرب أنفسهم..

فما هي رؤيتكم لإمكانية تضامن عربي، أو حتى إيجاد موقف عربي موحد؟

- سوف تتضح الحقائق قريبًا وقريبًا جدًّا، عن حقيقة الدور الذي قام به السودان، ولا أقول دوري، للوصول إلى صيغة للعمل العربي الموحد، وهو دور سعت بعض الأطراف العربية إلى إجهاضه، بالمماطلة والتسويف والتأجيل وعدم الحسم والتآمر أيضًا.

لقد قمت بزيارات متصلة للدول العربية، ما عدا أقل القليل منها، في رحلة استغرقت من جهدي ووقتي ما يزيد على الشهر، وذلك قبل توقيع اتفاقيات كامب ديفيد؛ حيث لم أكتفِ بمجرد العمل على تحقيق التضامن العربي؛ وإنما قبله التوصل إلى صيغة للعمل العربي الموحد نلتزم بها جميعًا، وفي إطار مقررات قمتي الجزائر والرباط؛ إلا أن هناك أطرافًا عربية قاومت هذا الجهد، وعملت على إجهاضه، وبهذا أسهمت وبصورة مباشرة، سواء ما يتعلق منها بخروج مصر من ساحة العمل العربي الموحد، أو ما يتعلق منها بحقيقة الوضع العربي الراهن، وحيث لا إجماع إلا على رفض اتفاقيات كامب ديفيد، بينما هناك خلافات وصراعات واجتهادات حول ما يمكن أن يكون بديلًا لها.

ولقد حاولت خلال جولة التضامن الأولى والثانية التوصل إلى تصور عربي موحد لجهد عربي مشترك، نتفق عليه جميعًا ونساهم فيه

ص: 45

جميعًا لتأمين حقوقنا المشروعة، وفي إطار بدائل، تستوعب طاقاتنا السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتوظفها لخدمة أهدافنا التي لا خلاف عليها، إلا أن محاولتي اصطدمت بمن طالب بالتأجيل، ومن طالب بانتظار نتائج جهود السادات ومحاولاته؛ بل ولإعطائه فرصة يستخدم فيها كل جهوده للوصول إلى تسوية.

ولقد حدث بعد ذلك ما حدث، ولست في موقع يتيح لي حق توزيع الاتهامات وتحديد المسئوليات؛ ولكنني أقول: إن افتقاد الرغبة لدى البعض للعمل في إطار استراتيجية عربية موحدة، كان وما زال هو السبب فيما وصل إليه الوضع العربي، وما تعاني منه الساحة العربية من جمود وشلل.

وهو جمود وشلل رغم الإجماع على رفض صيغة السلام المصري الإسرائيلي؛ بل هو خطر يصل إلى حد الكارثة بالنسبة لمستقبل الأمة العربية، وأنا أملك الأسباب، وهي على النحو التالي:

- أولًا: إن هناك حقيقة ماثلة لا يمكن إنكارها. إن الأمة العربية أصبحت الآن تواجه إسرائيل، مجردة من ثقل مصر العسكري والحضاري والبشري والاقتصادي، مما يعني خللًا في ميزان القوى، لا يمكن حسمه إلا من خلال موقف عربي موحد، وهو موقف -للأسف- ما زال مفتقدًا ومفقودًا حتى هذه اللحظة.

- ثانيًا: إن إسرائيل رغم ما تدعيه من رغبة في تحقيق السلام، إلا أنها ما زالت بمواقفها السياسية ومواقعها العسكرية، في حالة اشتباك ساخن مع الأمة العربية، فما زالت الأرض العربية محتلة، وما زال الشعب الفلسطيني مشردًا في أرضه وخارج أرضه، وما زالت القدس سليبة وحبيسة للقضية الصهيونية؛ بل إنها ما زالت تمارس عدوانها على الجنوب اللبناني بصورة شبه

ص: 46

يومية، ومن هنا فإن غياب الموقف العربي الموحد لن يتيح لإسرائيل فرصة الاستمرار في صلفها وعدوانها فحسب؛ بل إنه قد يغريها بتوسيع دائرة هذا العدوان كذلك.

- ثالثًا: إن إسرائيل وفي إطار استراتيجيتها الواضحة والمعروفة، إنما تسعى لتكريس التمزق العربي بما يتيح لها فرص المواجهة المنفردة مع مختلف الكيانات العربية، وفي سبيل هذا الهدف، فليس مستبعدًا إن تشن هجومًا يتجاوز مرتفعات الجولان ويتجاوز ضفة الأردن الغربية، ليس بهدف التوسع في المرحلة الحالية، وإنما لتأكيد غيبة الموقف العربي الموحد.

- رابعًا: إن المواجهة مع إسرائيل -في غياب العمل العربي الموحد- لن تقتصر نتائجها وآثارها على ما يمكن أن يترتب عليها عسكريًّا أو حتى اقتصاديًّا بالنسبة لهذا الكيان العربي أو ذلك؛ وإنما ستمتد آثارها إلى داخل كل الكيانات العربية، فمع مشاعر العجز عن المواجهة الموحدة ضد العدوان، فسوف تشهد مختلف الكيانات العربية؛ بل وإنها قد بدأت تشهد بالفعل مرجة من التمزق الداخلي، والصراعات الطائفية والدينية والعرقية.

- خامسًا: إن غياب العمل العربي الموحد في مواجهة الصلف والتعنت الإسرائيلي، قد فتح مجال المزايدات العربية بالفعل، وهي مزايدات تبدأ بالهجمات والحملات الإعلامية، لتنتهي بالتآمر ومحاولات التدخل المباشر وغير المباشر في شئون بعضها البعض، مما يهدر أموالًا ودماء، ما أحوجنا إليها في مواجهة واقع الاحتلال والاغتصاب لحقوقنا القومية.

- سادسًا: إن غياب العمل العربي الموحد قد فتح الباب متسعًا للاستراتيجيات العالمية لتعمل بوفرة في الساحة العربية، مما أدى بالفعل إلى مواجهات عربية من ناحية، ومواجهات بين

ص: 47

تلك الاستراتيجيات في الساحة العربية وعلى حساب أهدافها ومصالحها.

- سابعًا: إن غياب العمل العربي الموحد، والذي يسمح باستقطاب الكيانات العربية إلى ساحة الصراع الدولي وكأطراف فيه، إنما يتيح لإسرائيل المزيد من القوة والقدرة لفرض عدوانها، باعتبارها عاملًا حاسمًا لهذا الصراع، من موقعها كطرف منحاز لأحد أطرافه.

- ثامنًا: إن الثروة العربية مهما كانت المبالغة في تقدير حجمها وتأثيرها، إلا أنها تظل معطلة؛ بل ومستهدفة، وذلك في غياب العمل العربي الموحد، والذي يمكن من خلاله استثمارها سياسيًّا ودوليًّا في خدمة الأهداف العربية.

- تاسعًا: إنه وفي غيبة العمل العربي الموحد نجد أنفسنا في حالة تراجع حتى بالنسبة لما سبق أن أجمعنا عليه في الجزائر والرباط، وأعني به القبول بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ومن المؤسف والمؤلم أن تحظى هذه المنظمة باعتراف واحترام المنظمات العالمية والإقليمية والدول الأجنبية، في الوقت الذي يتراجع فيه الاعتراف العربي بها، وهو تراجع حتى ولو اتخذ مجرد شكل الهجوم الإعلامي عليها، وهو تراجع حتى لو اضطرت للدفاع عن نفسها في مواجهة أطراف عربية لها.

- عاشرًا: إنني أكاد ألمس حقيقة المخطط الموضوع لإخضاع الأمة العربية، وهو مخطط يتستر حينًا بالتقدمية وأحيانًا باسم الدين، وهو مخطط يستهدف صرف انتباه وجهد الكيانات العربية وخاصة المؤثرة فيها سياسيًّا أو عسكريًّا أو اقتصاديًّا في المواجهة مع إسرائيل، صرف انتباه وجهد هذه الكيانات عن واجبها القومي، إلى حماية أمنها الداخلي.

وإلا بماذا نفسر ما وقع في السعودية مؤخرًا، وهي الدولة العربية الأقدر على إدارة الصراع لمصلحة العرب سياسيًّا واقتصاديًّا ودوليًّا

ص: 48

وعسكريًّا، وما وقع في تونس مؤخرًا، وهي المقر الجديد لجامعة الدول العربية، وما حدث ويحدث في سوريا ساحة المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل، وهو مخطط تكرر ومن الممكن أن يتكرر في مختلف الكيانات العربية؛ خدمة لنفس الهدف، هدف صرف الانتباه والجهد عن خدمة القضية القومية والانصراف الكامل إلى تأمين الأوضاع الداخلية.

من هذا كله أقول: إن الوضع العربي الراهن لا يشكل مجرد خطر على الأمة العربية؛ بل هو كارثة لا يمكن تفاديها إلا من خلال نظرة عربية موحدة، وفي إطار استراتيجية للعمل العربي الموحد، وفي نطاق جامعة الدول العربية، كغير محاولة الاجتهاد للعمل خارجها؛ إذ إنها تمثل -وخاصة في هذه المرحلة- الحصن الأخير للتجمع العربي، والساحة الممكنة لبلورة الجهد العربي موحدًا وقادرًا ومفيدًا؛ بل إن الجامعة العربية هي التي يمكن أن تضفي على مثل هذا العمل شرعيته وتحقق ضمان استمراره ومتابعة تنفيذه وحمايته أيضًا.

وإننا في السودان نسعى لوضع استراتيجية للعمل العربي الموحد، وهي استراتيجية تستوعب كل المتغيرات والوسائل والبدائل؛ لتحقيق الأهداف العربية المقررة في قمتي الجزائر والرباط، والمدعومة بمقررات بغداد وتونس، وسوف نتشاور مع الأشقاء العرب وعلى رأسهم منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك قبل طرحها على مؤتمر للقمة العربية، وهو مؤتمر لا أرى أن الظروف تسمح بانتظار موعده المقرر في نوفمبر القادم؛ إذ إن الأحداث والمتغيرات لا تحتمل التأجيل ولا ترتبط بالمواعيد.

ص: 49

- أما الأسئلة التالية فهي تدول حول قضايا خطيرة؛ ولكنها أقل أهمية من القضيتين السابقتين.. وذلك لكونها قضايا تتعرض لبعض الأمور الداخلية في السودان1.

--إلى أي حد يطبق الحكم الذاتي في الجنوب السوداني؟ وهل ما طبقتموه تريدون من إثيوبيا أن تطبقه مع إريتريا؟

- لعل الإجابة على هذا السؤال تكمن في قرار المؤتمر القومي الأخير للاتحاد الاشتراكي السوداني، والذي قرر تطبيق الحكم الإقليمي في كافة أنحاء السودان، وهذا دليل على نجاح تجربة الحكم الذاتي في الجنوب، وهو نجاح أدى إلى تعميمها.

وفيما يتعلق بإثيوبيا، فإننا لا نملك لها ولا للإخوة الإريتريين حلًّا جاهزًا للقضية المثارة فيما بينهما؛ إنما نملك فقط جهدنا والذي نسعى لتوظيفه لاستبدال الصراع بالحوار، كما نملك التجربة الناجحة التي حققناها في جنوب السودان، وهي تجربة مطروحة لهم ولغيرهم، كمجرد نموذج ومثال.

-- إلى أين بلغت العلاقة بين الحكومة والمعارضة؟ وما هي صحة ما يقال عن دور معين سيعطى للسيد الصادق المهدي؟

- ليس هناك في السودان من حكومة ومعارضة، وبالتالي فليس هناك حوار بين حكومة ومعارضة؛ وإنما هناك وَحْدَة وطنية تحققت، وهناك مصالحة وطنية بادرت بها، استجاب لها إخوة لنا كانوا يعشون في الخارج، وهي مصالحة غير مشروطة إلا بشرط واحد،

1 هذا الترتيب لأهمية القضايا نابع من كون الصحيفة التي تنشر الحديث صحيفة عربية تصدر في لندن ليقرأها العرب جميعًا في كل مكان.. معنى ذلك: أن هذا الحديث لو أعد في الأصل لينشر في صحيفة سودانية محلية لاختلف ترتيب الأسئلة ولاحتلت الأسئلة المحلية مكان الصدارة في الحديث.

ص: 50

هو العمل من خلال المؤسسات السياسية والتنفيذية القائمة، وفي إطار دستور البلاد، وهذا هو الأساس الذي يعمل في إطاره السودانيون جميعًا؛ حيث الحوار مفتوح للجميع، وحيث الرأي للأغلبية.

وفيما يتعلق بالأخ الصادق المهدي، فلا أملك له دورًا من الممكن أن يؤديه؛ وإنما يملك هو لنفسه تحديد هذا الدور، من خلال المؤسسات وعن طريق الممارسة الديمقراطية؛ حيث تختار الجماهير قيادتها على كل المستويات، فالفرص متاحة لكل سوداني للترشيح لرئاسة الاتحاد الاشتراكي، وبالتالي للترشيح لرئاسة الجمهورية، وهي فرصة كانت متاحة لكل سوداني خلال انعقاد المؤتمر القومي، وكذلك الحال بالنسبة لعضوية المكتب السياسي، وهناك من خاض التجربة ونجح، وهناك من خاضها ولم يوفق، وهناك من أحجم عن المشاركة فيها، وهذا شأنه واختياره.

-- علمنا أن كمية البترول المكتشف عندكم لم تتعد "500" برميل في اليوم، وقلتم في المؤتمر القومي الثالث عبارة: إن هذا البترول هو اكتشاف سياسي؛ بينما السودان يعتبر أكبر دولة إفريقية في المساحة "200 مليون فدان".

فما هو المقصود بأن البترول اكتشاف سياسي؟ وهل تتوقعون أن يرتفع الإنتاج في السنوات القادمة؟

- لم أقل في المؤتمر القومي: إن البترول اكتشاف سياسي؛ وإنما قلت: إن إعلاني عن وجود البترول إنه إعلان سياسي، يتعلق بحقيقة وجود البترول في السودان.

أما الجوانب الفنية في هذا الموضوع، فما زالت في أيدي الفنيين في حقول التنقيب، وهي تتعلق بالكمية والاستثمار التجاري أساسًا.

وأستطيع أن أقول: إن ما تم الكشف عنه حتى الآن قد يغطي جانبًا من احتياجات استهلاكنا

ص: 51

المحلي، ومع ذلك فإن الجهود ما زالت مستمرة، ومساحات التنقيب ما زالت متسعة، وهي تشمل مناطق متعددة وكبيرة في مختلف أنحاء السودان.

- ويؤخذ على هذا الحديث أن المحرر لم يهتم بتقديم المعلومات الخلفية عن شخصية المتحدث، ولا عن القضايا التي تناولها في حديثه.. فقارئ صحيفة "الشرق الأوسط" وهو ليس سوادنيًّا بالضرورة قد لا يعرف تاريخ تولي الرئيس نميري الحكم في السودان، ولا طبيعة العلاقة بينه وبين القوى السياسية السودانية، وخاصة قوى المعارضة التي تعرض لها الحديث الصحفي.

كذلك فإن قارئ الصحيفة قد لا يعرف بالضرورة طبيعة العلاقة الخاصة بين مصر والسودان.

وهذه المعلومات الخلفية كان يمكن للمحرر أن يقدمها، سواء أكان ذلك بعد المقدمة أم في أجزاء متفرقة من الحديث.. أو حتى في إطار برواز خاص منفصل عنه.. وذلك حتى يلم القارئ بأبعاد ودلالات كل سؤال.. والإجابة عليه.

القالب الثاني: قالب الهرم المقلوب المتدرج:

يقوم هذا القالب الفني للحديث الصحفي على أساس تشبيه البناء الفني للحديث الصحفي بالبناء المعماري للهرم المقلوب المتدرج.. حيث يأخذ شكل المستطيلات المتدرجة على شكل هرم مقلوب.

وفي هذا القالب ينقسم الحديث الصحفي إلى جزأين اثنين فقط، كما هو الشأن في قالب الهرم المقلوب؛ الجزء الأول يشمل المقدمة وهي تحتل قاعدة الهرم المقلوب المتدرج، أما الجزء الثاني فيشمل نص الحديث الصحفي، والذي يحتل جسم الهرم المقلوب المتدرج.

وتحتوي المقدمة على أهم الأخبار أو الآراء التي يتضمنها الحديث الصحفي.

أما الجسم فيكتب على شكل فقرات متعددة يقوم المحرر في كل فقرة منها بتلخيص جانب من جوانب الحديث.. وبين كل فقرة وأخرى يورد المحرر نص كلام المتحدث المتعلق بموضوع الفقرة الملخصة؛ وذلك لشرح معناها أو لتأكيد هذا المعنى في ذهن القارئ أو لإضافة معنى جديد.

ص: 52

ومن الضروري أن ترتب كل فقرة ملخصة وما بينها من فقرات مقتبسة من أقوال المتحدث حسب أهمية كل منها؛ بحيث يحتل مكان الصدارة في جسم الحديث الأقوال الأكثر أهمية، ثم تليها الأقوال المهمة، ثم الأقل أهمية، وهكذا حتى نهاية الحديث.

وهو الأمر الذي يوضحه الرسم التالي:

رسم يسحب اسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قالب الهرم المقلوب المتدرج في كتابة الحديث الصحفي

ص: 53

نموذج للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المقلوب المتدرج:

شكل يسحب إسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

1

- بدأت الصحيفة حديثها مع الدكتور بطرس بطرس غالي وزير الدولة المصري للشئون الخارجية بمقدمة لخصت فيها أهم ما جاء في الحديث من أخبار وآراء:

يجتمع الرئيس أنور السادات ومناحيم بيجن رئيس وزراء إسرائيل للمرة التاسعة خلال عامين.

وسيعقد الاجتماع في أسوان في إطار زيارة بيجن لمصر التي تستغرق أربعة أيام. وتتناول المحادثات قضايا تطبيع العلاقات وتبادل السفراء ونتائج محادثات الحكم الذاتي وقضية القدس، بالإضافة إلى التطورات الأخيرة في أفغانستان وأحداث إيران.

صرح بذلك الدكتور بطرس بطرس غالي وزير الدولة للشئون الخارجية لـ"الشرق الأوسط".

- وبعد المقدمة جاء جسم الحديث؛ حيث بدأه المحرر بتلخيص لإجابة الوزير عن أكثر الأسئلة أهمية في الحديث؛ وهو: متى يبدأ تطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل؟

وقال: إن تطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل قد ذكر صراحة في اتفاقيات واشنطن، وهو وسيلة وليس هدفًا.

وقال: إن التطبيع له قواعد في اتفاقيات واشنطن، هذه القواعد إذا عدنا إلى نصوص الملحق رقم ثلاثة بشأن العلاقات بين الطرفين ستجد أن التطبيع سيتم على مرحلتين؛ الأولى: ستبدأ

1 الشرق الأوسط 8/ 1/ 1980.

ص: 54

في 26 من هذا الشهر عندما ستنسحب القوات الإسرائيلية إلى خط رأس محمد - العريش، ووفقًا لقواعد تلك الاتفاقية لا بد من إزالة جميع الحواجز ذات الطابع التمييزي القائم في وجه العلاقات الاقتصادية العادية والطبيعية بين مصر وإسرائيل.

- بعد فقرة التلخيص السابقة أورد المحرر نصًّا حرفيًّا من كلام الوزير المصري، جاء في معرض إجابته على سؤال هو: ما موقف مصر بعد التطبيع؟ وهي قضية مهمة في الحديث استحقت إجابة الوزير عليها أن تحتل موقعًا متقدمًا في جسم الحديث الصحفي:

وعن موقف مصر بعد التطبيع قال الوزير: التطبيع عادة؛ وبالتالي فإن الدبلوماسية المصرية والحكومة المصرية سوف تستعمل التطبيع لتحقيق أهداف التسوية الشاملة. فلا أستطيع القول بأن التطبيع قد يؤدي إلى تحسين موقف مصر، وسيؤدي إلى مزيد من الصعوبات أمام الدبلوماسية المصرية.

وقال: إنه وفقًا للاتفاقية -وسنحترم هذه الاتفاقية- سيبدأ التطبيع في 26 كانون الثاني "يناير" الحالي 1980؛ ولكن هذه المرحلة الأولى للتطبيع، وهي عملية إزالة الحواجز، سواء كانت حواجز اقتصادية كالمناطق الاقتصادية أو حواجز ثقافية.

أما المرحلة الثانية للتطبيع -وهذه نقطة مهمة- فلن تبدأ إلا في صورة مفاوضات، فإنها ستتم بين الجانب المصري والجانب الإسرائيلي في موعد لا يتجاوز ستة أشهر بعد إتمام الانسحاب الإسرائيلي؛ بمعنى أن نهاية المرحلة الثانية للتطبيع ستبدأ بعد حزيران "يونيو" 1980، وهذا له أهمية؛ لأن المفاوضات الثلاثية مفروض أن تنتهي ويتحقق الهدف المنشود في أيار "مايو"1980. فإن المرحلة الثانية متعلقة تمام التعلق بالمفاوضات الثلاثية. فلو حققت المفاوضات الثلاثية الهدف

ص: 55

المنشود لسحبت القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية وقطاع غزة في أيار "مايو" 1980؛ فعندئذ لا شك أن المرحلة الثانية من التطبيع ستؤدي إلى نتائج سريعة. بينما لو لم يتحقق الانسحاب من الضفة الغربية والقطاع في أيار "مايو" 1980، أو لم نستطع إقامة الحكم الذاتي الفلسطيني الكامل؛ فعندئذ لا شك أن هذا سيؤثر على المرحلة الثانية من مراحل التطبيع.

- ثم انتقل المحرر بعد ذلك إلى فقرة تلخيصية أخرى، لخص فيها إجابة الوزير على سؤال: ما موقف مصر من خريطة الأحداث في العالم، وتهديد السوفيت لدول الخليج؟ وهو كما نرى سؤال أقل أهمية من السؤالين السابقين:

وردًّا على سؤال عن موقف مصر من خريطة الأحداث في العالم وتهديد الاتحاد السوفيتي لدول الخليج، قال الوزير: إن مصر مرتبطة بمعاهدة الدفاع العربي المشترك. وأعلنت أكثر من مرة ذلك. فلو وقع أي اعتداء خارجي على أي دولة عربية وطلبت تلك الدولة مساعدة مصر عسكريًّا؛ فإن مصر وفقًا لأحكام معاهدة الدفاع المشترك سوف تبادر إلى مساعدة هذه الدولة ومواجهة هذا العدوان الذي وقع عليها؛ لأنه يعتبر بموجب هذه المعاهدة كأنه عدوان وقع على مصر. وإن مصر ستتحمل مسؤلياتها تجاه العالم العربي، رغم الخلافات القائمة كما ستستمر في تحمل مسئولياتها تجاه العالم الإفريقي أيضًا بموجب ميثاق أديس أبابا الذي تم التوقيع عليه في أيار "مايو" 1963، وبموجب عشرات من القرارات التي اتخذتها منظمة الوَحْدَة الإفريقية.

- وعاد المحرر يستشهد بأقوال الوزير في أثناء استعراضه لرأي الدكتور بطرس بطرس غالي في قضية المستوطنات، وهي قضية اعتبرها محرر الصحيفة أقل قضايا الحديث أهمية.. فأرجأها إلى نهاية الحديث:

ص: 56

وحول النقطة الشائكة المتعلقة بالمستوطنات قال الدكتور غالي: مصر -كما قلنا- تعهدت بأن تتفاوض باستمرار وبحسن نية حتى تصل وفقًا للجدول الزمني إلى طريقة 26 أيار "مايو"1980. وسوف نستمر في التفاوض حتى هذا الطريق، وأملنا أن نتغلب على العقبات، سواء اتخذت هذه العقبات صورة إقامة مستوطنات جديدة أو مجرد الإعلان بإقامة مستوطنات جديدة، أملنا أن نتغلب على هذه الصعوبات، وأن نحقق الهدف المنشود قبل أيار "مايو" 1980.

وفي معرض الإشارة إلى احتمال ألا تتناول إسرائيل عن سياسة المستوطنات قال الوزير: في الواقع كان لإسرائيل أيضًا مستوطنات في سيناء، ومع ذلك قبلت بتصفية هذه المستوطنات. فسابقة سيناء يجب أن تكون موجودة أمام المفاوض المصري كهدف، ويجب أن تستمر في التفاوض حتى نستطيع أن نحقق في الضفة الغربية والقطاع ما حققناه في سيناء.

- ويلاحظ في هذا النموذج للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المقلوب المتدرج أن المحرر بدأ جسم الحديث بالتلخيص، ثم أعقبه بالأقوال المقتبسة.. ثم التلخيص.. ثم الأقوال المقتبسة.. وكان يمكن أن يحدث العكس؛ أي: يبدأ بالأقوال المقتبسة.. ثم يعقبها بالتلخيص.. وهذا.. لا يغير من الأمر شيئًا.. فالمهم هو تحقيق التزاوج بين التلخيص والأقوال المقتبسة حسب أهمية كل منهما في الحديث.. وحسب تقدير المحرر لمدى أحقية أي منهما في احتلال موقع الصدارة في جسم الحديث الصحفي.

القالب الثالث: قالب الهرم المعتدل:

ويقوم هذا القالب الفني على أساس تشبيه البناء الفني للحديث الصحفي بالبناء المعماري للهرم المعتدل؛ بحيث يتكون الحديث الصحفي من ثلاثة أجزاء:

1-

مقدمة الحديث: وهي تحتل قمة الهرم المعتدل تعد وتهيئ القارئ للحوار بأن تشير إلى موضوع الحوار.. أو تصف الشخصية التي

ص: 57

يُجْرَى معها الحوار.. أو تصف المكان الذي تم فيه الحوار.. أو تصور جو الحوار وروحه.. أو تحكي قصة هذا اللقاء.

2-

جسم الحديث: وهو يحتل جسم الهرم المعتدل، ويحتوي على نص الحوار؛ بحيث يبدأ من الأقل أهمية إلى المهم إلى الأكثر أهمية، فهو يقود القارئ رويدًا رويدًا إلى أهم القضايا التي يتعرض لها المتحدث. ويأخذ جسم الحديث الصحفي عدة أشكال منها الشكل التقليدي القائم على س وج.. وقد يأخذ شكل السرد القصصي على لسان المحرر.. وقد يأخذ شكل المذكرات على لسان المتحدث نفسه، في حين تختفي شخصية المحرر الذي أخذ الحديث تمامًا. وعلى كل فإن للمحرر الصحفي الحرية الكاملة في التجديد والابتكار في اختيار الشكل الفني لجسم الحديث الصحفي، بشرط أن يكون ملائمًا لطبيعة الشخصية التي يجري معها الحديث، ولطبيعة الموضوع أو الموضوعات التي يدور حولها الحديث.

3-

خاتمة الحديث: وهي تحتل قاعدة الهرم المعتدل، وتحتوي غالبًا على تلخيص لأهم الأخبار أو الآراء التي أدلى بها المتحدث.. وقد تحتوي الخاتمة على تقييم المحرر لأقوال وتصريحات المتحدث.. وقد تحتوي على انطباعات المحرر عن شخصية المتحدث..

فأهمية الخاتمة في هذا القالب الفني للحديث الصحفي تعود إلى كونها تلخص الانطباع الأخير الذي يتركه الحديث عند القارئ عن شخصية المتحدث، وعن قيمة الآراء التي جرت على لسانه.

ويوضح الشكل التالي البناء الفني للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المعتدل:

ص: 58

رسم يسحب اسنكر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قالب الهرم المعتدل في كتابة الحديث الصحفي

ص: 59

نموذج للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المعتدل:

صورة إسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

1

1 المجلة 30/ 8/ 1980.

ص: 60

- اختار المحرر لمقدمة حديثه مع شابور بختيار آخر رئيس حكومة في إيران قبل مجيء الإمام الخميني إلى الحكم.. أن تكون شاملة لعدة عناصر، منها وصف المكان الذي تم فيه اللقاء مع بختيار.. ثم تصوير "جو" اللقاء -أي: المناخ- الذي تم فيه:

وسط حراسة مشددة يعيش شابور بختيار آخر رئيس حكومة في إيران قبل مجيء الإمام الخميني إلى الحكم.

وما أن تقترب من المبنى الذي يسكن فيه هذا السياسي المعارض للحكم القائم في إيران، حتى تلاحظ أن الحراس منتشرون في كل مكان، وقد وضعوا أصابعهم على زناد مدافعهم الرشاشة الصغيرة من طراز - ميني - 14 روجر، وعيونهم تراقب كل حركة بحذر شديد، وهم يرتدون سترات واقية من الرصاص.

ويقوم رجال الشرطة بتفتيش الزوار عند مدخل المبنى الواقع في ضاحية باريس، في حين يقف اثنان من رجال الأمن أمام المصعد في الطابق الثاني؛ حيث يخضع القادمون لمزيد من إجراءات التفتيش والتدقيق.

وسط هذا الجو الأشبه بحالة الحصار، استقبلنا شابور بختيار وهو يقول:"لا يحق لي حتى الخروج إلى الشرفة". وكانت هذه المقابلة.

- وقد تلا المقدمة جسم الحديث، وهو يحتوي على نص الحديث الذي اختار له المحرر شكل س وج، وقد بدأ المحرر بتوجيه الأسئلة الأقل أهمية؛ ولكنها تمهد تدريجيًّا للأسئلة الهامة والأسئلة الأكثر أهمية، فجاءت الأسئلة الثلاثة الأول تتحدث عن ظروف محاولة الاغتيال التي تعرض لها بختيار في الثامن عشر من يوليو؛ أي: قبل نشر الحديث بحوالي شهر ونصف:

- كيف تعيش منذ المحاولة التي جرت لاغتيالك في 18 تموز "يوليو" الماضي؟

ص: 61

- عادة أستقبل الزوار من الشخصيات السياسية، ثم أعمل وأتأمل، وأحيانا أتنزه، سيرًا على الأقدام، في الغابة القريبة برفقة رجال الأمن طبعًا؛ إذ على المرء أن يهتم بصحته قبل كل شيء.

- بعد محاولة الاغتيال التي أدت إلى مقتل بعض رجال الأمن الفرنسيين، هل تشعر بأن لك الحق في متابعة نشاطك السياسي هنا؟

- أنا لا أعتبر نفسي مطلقًا لاجئًا سياسيًّا؛ بل مسافر بلا حقيبة، وأكثر من ذلك لم أقدم على أي عمل يستدعي توقيفي أو اعتقالي على الأرض الفرنسية.

- لكنك حرضت الشعب الإيراني؟

- صحيح، لقد أسست حركة المقاومة الوطنية الإيرانية؛ لكن عندما كنت رئيسًا للحكومة في طهران، كان الخميني في فرنسا يمارس حريته وبطريقته الخاصة، فيستقبل من يشاء من الزوار بمعرفة الحكومة الفرنسية، إضافة إلى ذلك أنا أشعر بأنني في وطني هنا، برغم التهديدات الكثيرة. ففرنسا بلدي الثاني، وأنا أقول ذلك برغم التسامح الذي أظهره هذا البلد عندما كان الخميني لاجئًا في "نوفل لوشاتو". وهذا يعني أنني لم أقم حتى الآن بتنظيم أي حركة بالمعنى الصحيح للكلمة؛ بل قصدت فقط أن أجعل النداء الذي وجهته مسموعًا؛ إذ إن الناس باتوا في النهاية قادرين على التغلب على مخاوفهم وعدم البقاء صامتين. أنا لم أقم حتى الآن بإنشاء حركة؛ لأنني أنتظر انتشار السخط والاستياء بين الإيرانيين، هل تعلمون أنه جرى التخطيط للمقاومة الفرنسية بعد ثلاث سنوات على نداء ديجول الشهير؟ إنني أشعر بالثقة المتزايدة؛ لأن الشعب الإيراني بدأ يدرك أن الخميني ليس الشخص الذي حلموا به زمنًا طويلًا، ولا المنقذ الذي كانوا ينتظرونه.

ص: 62

- ثم جاء دور الأسئلة المهمة في الحديث، وقد صاغها المحرر في ستة أسئلة قصيرة، تضمنت سؤال بختيار عن الفئات الإيرانية التي تناصره، وعن مدى وجود أفكار دينية في دعوته، وعن رأيه في نظام الشاه السابق، وعن تقييم تجربته القصيرة في حكم إيران.

- ما هي نوعية الفئات الإيرانية التي تأمل حشدها لمناصرة قضيتك؟

- أولًا: إنها ليست "قضيتي"؛ بل قضية الشعب الإيراني بأسره. فأنا أعتقد أنني أحظى بتأييد الطبقة المثقفة والمتوسطة، والقبائل المنتشرة في منطقتي -ولد بختيار في منقطة تبعد مئات الكيلو مترات عن أصفهان- إضافة إلى كل أولئك الذين هالتهم حالة الفوضى والاضطرابات اللتين أغرق الخميني البلاد بهما، غير أنني أدعو جميع الوطنيين والتقدميين للانضمام إلينا؛ لأن ذلك ضروري لإنقاذ البلاد من الحالة التي وصلت إليها بغية الالتحاق بمسيرة التقدم.

- هل هناك أفكار دينية في دعوتك؟

- أنا مسلم متدين؛ ولكنني لا أعتقد أن السياسة هي من شئون الأئمة ورجال الدين. فهؤلاء يقودون إيران نحو كارثة حقيقية. الشعب الإيراني يستحق حكمًا أفضل.

- هل يستحق شابور بختيار مثلًا؟

- لقد كافحت زهاء 30 عامًا طلبًا للحرية، وحصلت على بعض الإصلاحات الديمقراطية برغم معارضة رجال الدين. وبعد رحيل الشاه أطلقت سراح جميع المسجونين السياسيين بلا استثناء؛ لذلك فإن الناس تذكرني هناك بسبب أعمالي كرجل ديمقراطي - اجتماعي متحرر وحازم.

- هل هذا يعني أنك تدين أيضًا نظام الشاه؟

- أنا شخصيًّا قاسيت الأمرين من ذلك النظام.

- ولكن بعد رحيل الشاه ظهرتَ بمظهر الشخص العنيف؟

ص: 63

- إن الديمقراطية بالنسبة إلَيَّ ليست مرادفة للاضطراب والفوضى.

- لكن الحدود القائمة بين عدم الاستقرار السياسي والاضطراب العادي تتوقف على تقييم الشخص؟

- ربما. تعرف ماذا أحدثت سنتان من الفوضى ببلادي.

- ثم وضع المحرر الأسئلة الأكثر أهمية في نهاية جسم الحديث، وهي عبارة عن سبعة أسئلة قصيرة، وهي تدور حول: نظام الحكم الذي يقترحه بختيار بديلًا عن نظام الإمام الخميني، وعن مدى اعتقاده في احتمال تدخل السوفييت عسكريًّا في إيران، ثم عن خططه لحكم إيران في حال عودته إليها، ثم عن درجة عدائه للإمام الخميني:

- ماذا ستفعل لو عدت إلى طهران والسلطة بين يديك؟

- سأعيد إلى الاقتصاد عافيته وإلى الجيش قوته. الأول سينهض بالبلاد. والثاني سيحميها.

- ما هو نظام الحكم الذي تقترحه؟

- جمهورية بالطبع شرط أن تكون جمهورية أصيلة. وفي الواقع ليس من المهم عندي شكل الدستور، سواء أكان دستورًا ملكيًّا أو جمهوريًّا، طالما أنه يحترم حرية الفرد، ويضمن سير تقدم البلاد.

- في هذه الحالة: من هم حلفاؤك؟

- كل بلد لا يشكل تهديدًا لمصالح إيران الأساسية.

- أي إيران؟

- ليست إيران الخميني طبعًا. فإيران اليوم تسير نحو كارثة أكيدة؛ لأنه ليس للخميني ما يبنيه، فهو راضٍ عن أعمال الدمار والتخريب وأعمال القتل والاغتيالات اليومية، وتظاهرات عرض القوة التي يقوم بها رجال الدين، الذين يجب أن تنحصر مهامهم في القيام بأعمال أخرى

ص: 64

مختلفة تمامًا. إن الخميني لن يدوم طويلًا، فقد انخفض إنتاج إيران بمعدل 20 في المائة عما كان عليه قبل سنتين، كما أن الحرمان من إيرادات النفط سيؤدي بالبلاد إلى شفير الإفلاس، ولو لم يقم الغرب بمغازلة الخميني، لكان انهار الحكم الحالي منذ أشهر.

- هل تعتقد أن السوفييت سيتدخلون عسكريًّا في إيران، كما أشار إلى هذا الاحتمال وزير الخارجية قطب زاده؟

- لا أعتقد أن هذا الاحتمال وارد؛ لأن الاتحاد السوفييتي يعاني حاليًا من مشاكل كبيرة في أفغانستان وبولونيا، كما أن موسكو لم تتحرك في السابق عندما كان يتم إعدام الشيوعيين في ظل النظام الإمبراطوري.

- كيف ستتصرف إذا تمكنت في يوم من الأيام من تولي السلطة في إيران؟

- لقد غضب الكرملين إثر رحيل الشاه عندما أعلنت تشكيل حكومة اجتماعية -ديمقراطية.

- هل أنت عدو الخميني الرقم واحد الذي ينبغي القضاء عليه بالرغم من أنه لا توجد أي علاقات تربطك بـ"المكليين"؟

- نعم، بالرغم من عدم ارتباطي بأية علاقة مع الأسرة الإمبراطورية؛ لأني أمثل في الحقيقة الأسلوب الثالث، أسلوب الحكمة الذي يعيد إلى إيران صحتها وعافيتها.

- أما خاتمة الحديث، فقد تضمنت تقييم المحرر لتصريحات شابور بختيار؛ حيث تساءل المحرر عن مدى جدية طموحاته وإمكانيات تحققها عمليًّا.

كذلك تضمنت الخاتمة تسجيل انطباعات المحرر عن شخصية بختيار:

يبدو من الصعب القول ما إذا كان بختيار يعتقد في قرارة نفسه أن احتمالات عودته إلى طهران واردة أم لا. فطموحاته حاليًا تبدأ

ص: 65

وتنتهي بالعلم الإيراني السابق المعلق على جدار الصالون، وذلك الزر المعلق على صدر سترته الذي يحمل شعار:"إيران لن تموت أبدًا".

لكن الأمر الوحيد الأكيد أن بختيار دخل التاريخ من بابه الواسع، خاصة أن ناشر معجم "لاروس" قرر إفراد مساحة لا بأس بها للتحدث عن هذا الرجل.

- ورغم أن هذا الحديث الصحفي يلتزم بالأسلوب الفني لبناء الحديث الصحفي على قالب الهرم المعتدل، إلا أنه يؤخذ عليه إغفاله تمامًا لذكر أية معلومات خلفية عن شخصية المتحدث أو موضوعات الحديث وقضاياه.

القالب الرابع: قالب الهرم المعتدل المتدرج:

ويقوم هذا القالب على أساس تشبيه البناء الفني للحديث الصحفي بالبناء المعماري للهرم المعتدل المتدرج.. حيث يأخذ الهرم شكل المستطيلات المتدرجة.

ويتكون الحديث الصحفي في هذا القالب من ثلاثة أجزاء: مقدمة وجسم وخاتمة.. فهو يتشابه مع قالب الهرم المعتدل غير المتدرج في الشكل العام؛ ولكن الاختلاف بينهما يأتي في جسم الهرم الذي يأخذ شكل المستطيلات المتدرجة في قالب الهرم المعتدل المتدرج؛ بينما يأخذ الشكل الأملس في قالب الهرم المعتدل غير المتدرج.

والمستطيلات في جسم الهرم المعتدل المتدرج هي نتيجة المزاوجة بين فقرات التلخيص، وبين فقرات الأقوال المقتبسة من تصريحات الشخصية التي يُجْرَى معها الحديث الصحفي.

ويوضح الشكل التالي البناء الفني للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المعتدل المتدرج:

ص: 66

رسم يسحب اسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

قالب الهرم المعتدل المتدرج في كتابة الحديث الصحفي

ص: 67

نموذج للحديث الصحفي المبني على قالب الهرم المتدرج:

صور تسحب اسكنر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

1

- لقد بدأ المحرر الاقتصادي لصحيفة الأهرام حديثه مع وزير الاقتصاد المصري الدكتور حامد السايح بمقدمة اختار لها أن تدور حول موضوع الحديث.. لا عن شخصية المتحدث نفسه.. وهو علاقة مصر بالمجموعة الاقتصادية الأوربية.. وذلك قبل يومين فقط من بدء هذه المباحثات بين الوفد الاقتصادي المصري برئاسة الدكتور السايح وبين وفد المجموعة الاقتصادية الأوربية.

1 الأهرام 18/ 4/ 1980.

ص: 68

وهذا الاختيار لموضوع المقدمة اختيار سليم باعتبار أن ما يهم القارئ هو موضوع الحديث وليست شخصية المتحدث؛ إذ لو كان وزير الاقتصاد في ذلك الوقت شخصًا غير الدكتور السايح لما اختلف الأمر بالنسبة لأهمية القضايا التي يناقشها هذا الحديث.

وقامت المقدمة بدور التمهيد للموضوع، وذلك بإبرازها لأهمية هذه المباحثات في تدعيم الاقتصاد المصري من ناحية.. ولإشارتها إلى أهم القضايا التي ستدور حولها هذه المباحثات من ناحية ثانية.. فكأن المقدمة طرحت تساؤلات.. وتركت لجسم الحديث أن يجيب عليها ويشرح تفاصيلها للقارئ:

صباح الأحد -بعد غد- يلتقي الوفد الاقتصادي المصري برئاسة وزير الاقتصاد الدكتور حامد السايح مع المجموعة الاقتصادية الأوربية.

وتعتبر السوق الأوربية المشتركة هي أحد الأبعاد الاستراتيجية الهامة أمام الاقتصاد المصري.

مرة من أجل تمويل مشروعات التنمية المصرية.

ومرة أخرى من أجل المساهمة في المشروعات المشتركة للانفتاح الاقتصادي.

كما أنها سوق رحبة أمام صادرات مصر.

وأيضًا هي أحد المواقع المتقدمة التي نتطلع إليها لنقل التكنولوجيا الحديثة.

والحديث مع الدكتور حامد السايح له جانبان:

أولهما: يدور حول إطار وحدود العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول السوق الأوربية المشتركة.

وثانيهما: يتناول بالتحديد: ماذا في حقيبة الوزير من أفكار ومشروعات سوف يطرحها أمام الاجتماع المرتقب بعد غد.

- وفي بداية جسم الحديث يقدم المحرر فقرة طويلة تلخص ما ذكره له الدكتور حامد السايح عن طبيعة العلاقات الاقتصادية بين مصر والمجموعة الاقتصادية الأوربية:

ص: 69

في البداية يوضح الدكتور حامد السايح وزير الاقتصاد أن مصر ترتبط بالمجموعة الأوربية باتفاقين:

- اتفاق التعاون الشامل.

- اتفاق المنسوجات.

أما اتفاق التعاون الشامل:

فقد أبرم في يناير 1977، وقد حل هذا الاتفاق محل الاتفاق التجاري التفصيلي الذي كان قد وقع بين الطرفين في عام 1977، والذي كان يتضمن تبادل مزايا تفضيلية جمركية، دون شموله على مجالات التعاون المالي والفني التي تضمنها اتفاق التعاون الشامل.

واتفاق التعاون الشامل غير محدد الأجل. وإن كان بروتوكول التعاون المالي الملحق به يسري لمدة خمس سنوات فحسب.

ويتضمن بروتوكول التعاون المالي الملحق باتفاق التعاون تقديم المجموعة الأوربية قروضًا ومنحًا تبلغ قيمتها 170 مليون وَحْدَة حسابية "الوَحْدَة الحسابية حوالي 1.4 دولار".

تخفيض الرسوم الجمركية:

أما الجانب التجاري من اتفاق التعاون فقد تم الاتفاق على أن يبدأ العمل به اعتبارًا من أول يوليو 1977، ويتيح تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب ذات الأثر المماثل على السلع الصناعية المصرية المنشأ التي تصدر إلى أسواق المجموعة الأوربية بنسبة 80% اعتبارًا من تاريخ دخول الاتفاق حيز التنفيذ. على أن تلغى هذه الرسوم إلغاء كاملًا اعتبارًا من 1/ 7/ 1977، على أن الاتفاق وضع حدودًا عليا لعدد من السلع الصناعية "المنتجات البترولية المكررة، الأسمدة المعدنية الكيماوية الفوسفاتية، خيوط القطن غير المهيأة بغرض البيع بالتجزئة، مصنوعات قطنية أخرى" للاستفادة بهذه الإعفاءات، على أن تحصل الرسوم الجمركية على ما يزيد على هذه الحدود،

ص: 70

وعلى أن تزيد هذه الحدود بنسبة 5% سنويًّا اعتبارًا من العام التالي لسريان الاتفاق، وإن كان الاتفاق قد نص على إلغاء هذه الحدود تمامًا في موعد أقصاه آخر ديسمبر 1979.

أما فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية، فقد أتاح الاتفاق تخفيضات جمركية تراوحت بين 40%، 80% لعدد من السلع الزراعية الهامة المصدرة إلى دول المجموعة الأوربية، مع تحديد فترات زمنية معينة لاستفادة بعض هذه السلع من هذه التخفيضات.

وينص الاتفاق على أن تمنح مصر المجموعة الأوربية في مجال التبادل التجاري معاملة لا تقل عن نظام معاملة الدولة الأولى بالرعاية، وذلك بدون الإخلال بالأحكام الخاصة بتجارة الحدود.

مجلس مشترك للتعاون:

وينص اتفاق التعاون على إنشاء مجلس للتعاون له سلطة اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق أهداف الاتفاق، ويتكون من ممثلين عن مصر والمجموعة الأوربية، وتكون رئاسته دورية بين الطرفين، ويجتمع مرة واحدة في السنة أو عند الضرورة.

- ثم يقدم المحرر فقرة من الأقوال المقتبسة لوزير الاقتصاد المصري:

سرعة التنفيذ:

ويلقي الدكتور السايح الضوء على موقف تنفيذ اتفاق التعاون فيقول:

إنه نظرًا لما كان يتطلبه بدء سريان بروتوكول التعاون المالي من وقت للتصديق عليه من جانب دول المجموعة الأوربية التسع، ورغبة في الإسراع في تنفيذه فور التصديق عليه، فقد تم الاتفاق على أن تبدأ فور التوقيع الاتصالات بين الطرفين لتحديد المشروعات والأنشطة التي ترى مصر أن تستخدم في الأنشطة التي ترى مصر أن تستخدم في إنشائها القروض والمعونات التي

ص: 71

يتيحها بروتوكول التعاون المالي، وذلك حتى تكون هذه المشروعات ودراستها جاهزة للتنفيذ فور انتهاء إجراءات التصديق.

وكذلك اتفق على أنه من الممكن أن تتقدم مصر بقائمة بمشروعات تزيد تكلفتها الكلية عن المبالغ المتاحة في بروتوكول التعاون المالي، على أن يتم فيما بعد الاختيار من بين هذه المشروعات في حدود المبالغ المتاحة، ووفقًا للأولويات التي تمنحها مصر لهذه المشروعات.

- ثم يلي ذلك فقرة تلخيصية:

وقد تعددت -منذ توقيع الاتفاق وحتى الآن- الوفود والبعثات المتبادلة بين القاهرة وبروكسل ولوكسمبرج -مقر بنك الاستثمار الأوربي- للتباحث حول المشروعات المرشحة للتنفيذ من خلال بروتوكول التعاون المالي.

- ثم يقدم المحرر فقرة أخرى من الأقوال المقتبسة لوزير الاقتصاد:

وفيما يتعلق بالتبادل التجاري فإن الدكتور السائح يحدد أهم ملامحه فيقول:

- زادت قيمة الصادرات المصرية إلى دول المجموعة الأوربية زيادة واضحة في عام 1979، فبلغت 652 مليون جنيه مصري، مقابل 210 ملايين جنيه في عام 1978، 165 مليون جنيه في عام 1977، وبلغت نسبة صادراتنا إلى دول المجموعة الأوربية التسع إلى جملة صادراتنا إلى دول العالم 50% في عام 1979، مقابل 30% في عام 1978، 24.7% في عام 1977.

- ثم ينهي المحرر جسم الحديث بخاتمة للحديث يتحدث فيها عن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول المجموعة الاقتصادية الأوربية:

ص: 72

وتتضمن أوراق وزير الاقتصاد قائمة بمشروعات زراعية يمكن طرحها للتعاون مع المجموعة الأوربية عن طريق قروض ومعونات، وأيضًا عن طريق إنشاء شركات مشتركة، ويبلغ التمويل المطلوب لهذه المشروعات 322.4 مليون وحدة حسابية.

ويبحث الوزير أيضًا آثار توسيع السوق الأوربية على صادرات مصر، وسوف يتقدم بالمقترحات التالية:

إزالة الرسوم الجمركية على صادرات مصر الزراعية عند دخولها أسواق المجموعة الأوربية.

مد العمل بالفترات الزمنية التي تستفيد فيها بعض صادراتنا الزراعية بالتخفيضات الجمركية.

زيادة حصص الغزل والمنسوجات المسموح بتصديرها إلى المجموعة.

إجراء مشاورات مع مصر قبل إبرام اتفاقات توسيع السوق الأوربية.

البدء سريعًا في المفاوضات لعقد البروتوكول الثاني للتعاون بين مصر والمجموعة الأوربية؛ حتى يمكن أن يبدأ سريانه اعتبارًا من أول نوفمبر 1981 فور انتهاء البروتوكول الحالي.

ص: 73