الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذم الله التفرق والاختلاف في الكتاب والسنة
…
وهذه الأصول الثلاثة وهي الإيمان بالله وباليوم الآخر والعمل الصالح هي الموجبة للسعادة في كل ملة كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} والشرع ما جاءت به الرسل وهو الأصل الرابع
فإن هذه الأصول الأربعة متلازمة والتفرق في ذلك بالأمر في بعضه والنهي عن بعض هو من التفرق والاختلاف الذي ذمه الكتاب والسنة من المختلفين
وقال تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ}
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ}
وقال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}
ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما اختلفوا في القراءة وقال "كلاهما محسن"
وقال " إن القرآن نزل على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تيسر" وكذلك غضب لما تنازعوا في القدر وأخذوا يعارضون بين الآيات معارضة تفضي إلى الإيمان ببعض دون بعض
وهذا التفرق والاختلاف يوجب الشرك وينافي حقيقة التوحيد الذي هو إخلاص الدين كله لله كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً} {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}
فإقامة وجهة الدين حنيفا وعبادة الله وحده لا شريك له وذلك يجمع الإيمان بكل ما أمر الله به وأخبر به أن يكون الدين كله لله
ثم قال الله تعالى {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً} وذلك أنه إذا كان الدين كله لله حصل الإيمان والطاعة لكل ما أنزله وأرسل به رسله وهذا يجمع كل حق ويجمع عليه كل حق
وإذا لم يكن كذلك فلا بد أن يكون لكل قول ما يمتازون به مثل معظم مطاع أو معبود لم يأمر الله بعبادته وطاعته ومثل قول ودين ابتدعوه لم يأذن الله به ولم يشرعه فيكون كل من الفريقين مشركا من هذا الوجه
وأيضا ففي قلوب بني آدم محبة وإرادة لما يتألهونه ويعبدونه وذلك هو قوام قلوبهم وصلاح نفوسهم كما أن فيهم محبة وإرادة لما يطعمونه وينكحونه وبذلك تصلح حياتهم ويدوم شملهم وحاجتهم إلى التأله أعظم من حاجتهم إلى الغذاء فإن الغذاء إذا فقد يفسد الجسم وبفقد التأله تفسد النفس ولن يصلحهم إلا تأله الله وعبادته وحده لا شريك له وهي الفطرة التي فطروا عليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه".
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه أنه قال: "إنني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا".
لكن أكثر الشرك في بني آدم بإيجاد إله آخر مع الله ودان بذلك كثير منهم في أنواع كثيرة