المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌يقول بعض المتفلسفة إن المقصود بالدين مجرد المصلحة الدنيوية - قاعدة في المحبة

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في الحب والبغض

- ‌المحبة التي أمر الله بها هي عبادته وحده

- ‌أهل الطبع المتفلسفة لايشهدون الحكمة الغائية من المخلوقات

- ‌أهل الكلام ينكرون طبائع الموجودات وما فيها من القوى والأسباب

- ‌المحبة والإرادة أصل كل دين، معاني كلمة الدين

- ‌لابد لكل طائفة من بني آدم دين يجمعهم

- ‌الدين هو التعاهد والتعاقد

- ‌الدين الحق هو طاعة الله وعبادته

- ‌كل دين سوى الإسلام باطل

- ‌لابد في كل دين من شيئين: العقيدة والشريعة…، تنوع الناس في المعبود والعبادة

- ‌ذم الله التفرق والاختلاف في الكتاب والسنة

- ‌يقول بعض المتفلسفة إن المقصود بالدين مجرد المصلحة الدنيوية

- ‌فصل الحب أصل كل عمل والتصديق بالمحبة هو أصل الإيمان

- ‌تأويل طوائف من المسلمين للمحبة تأويلات خاطئة

- ‌ تنازع الناس في لفظ العشق

- ‌منكرو لفظ العشق لهم من جهة اللفظ مأخذان ومن جهة المعنى مأخذان، المأخذ الأول من جهة اللفظ

- ‌المأخذ الثاني

- ‌المأخذ المعنوي قيل إن العشق فساد في الحب والإرادة

- ‌وقيل إن العشق فساد في الإدراك والتخيل والمعرفة

- ‌فصل:كل محبة وبغضة يتبعها لذة وألم، للذات ثلاثة أجناس،الأول: اللذة الحسية والثاني: اللذة الوهمية

- ‌الثالث: اللذة العقلية

- ‌شرع الله من اللذات ما فيه صلاح حال الإنسان وجعل اللذة التامة في الآخرة

- ‌غلط المتفلسفة ومن اتبعهم في أمر اللذات

- ‌ضل النصارى كذلك في أمر اللذات، اليهود أعلم لكنهم غواة قساة

- ‌نفصيل مقالة الفلاسفة في اللذة

- ‌فصل: حب الله أصل التوحيد العملي

- ‌أصل الإشراك العملي بالله الإشراك في المحبة، المؤمنون يحبون لله ويبغضون لله

- ‌محبة الله مستلزمة لمحبة ما يحبه، الذنوب تنقص من محبة الله

- ‌مراتب العشق، ذكر الله العشق في القرآن عن المشركين

- ‌المتولون لشيطان هم الذين يحبون ما يحبه

- ‌عباد الله المخلصون ليس للشيطان عليهم سلطان

- ‌العشاق يتولون الشيطان ويشركون به

- ‌يوقع الشيطان العدواة بين المؤمنين بالعشق

- ‌أصل العبادة المحبة والشرك فيها أصل الشرك

- ‌الفتنة جنس تحته أنواع من الشبهات

- ‌فصل: محبة الله توجب المجاه\ة في سبيله، موادة عدو الله تنافي المحبة

- ‌محبة الله ورسوله درجتين: زاجبة ومستحبة

- ‌المحبة الواجبة وهب محبة المقتصدين، المحبة المستحبة وهي محبة السابقين

- ‌ترك الجهاد لعدم المحبة التامة وهو دليل النفاق

- ‌انقسام الناس إلى أربعة أقسام

- ‌العبادة تجمع كمال المحبة وكمال الذل

- ‌من أحب شسئا كما يحب الله أو عظمه كما يعظم الله فقد أشرك

- ‌تزيين الشيطان لكثير من الناس أنواعا من الحرام ضاهوا بها الحلال

- ‌موقف المؤمن من الشرور والخيرات وما يجب عليه حيالها

- ‌بنو آدم لايمكن عيشهم إلا بالتعاقد والتحالف

- ‌التحالف يكون وفقا لشريعة منزلة أو شريعة غير منزلة أو سياسة

- ‌المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا

- ‌فصل، المقصود الأول من كل عمل هو التنعم واللذة

- ‌النعيم التام هو في الدين الحق

- ‌من الخطأ الظن بأن نعيم الدنيا لايكون إلا لأهل الكفر والفجور

- ‌المؤمن يطلب نعيم الدنيا والنعيم التام في الآخرة

- ‌من الخظأ الاعتقاد أن الله ينصر الكفار في الدنيا ولا ينصر المؤمنين

- ‌ما سبق يتبين بأصلين الأصل الأول: حصول النصر

- ‌الأصل الثاني: التنعم إما بالأمو الدنيوية وإما بالأمور الدينية، 1-الدنيوية

- ‌2-الدينية

- ‌فصل

- ‌ تنازع الناس فيما ينال الكافر في الدنيا من التنعم هل هو نعمة في حقه أم لا

- ‌رأي ابن تيمية

- ‌حال الإنسان عند السراء والضراء

- ‌حال المؤمن عندهما

- ‌المؤمن أرجح في النعيم واللذة من الكافر في الدنيا قبل الآخرة

- ‌لذات أهل البر أعظم من لذات أهل الفجور

- ‌لما خاض الناس في مسائل القدر ابتد طوائف منهم مقالات مخالفة للكتاب والسنة، بدع القدرية

- ‌بدع طائفة من أهل الإثبات

- ‌المقالة الصحيحة لأهل السنة والجماعة

- ‌رفع الله الحرج عن المؤمنين

- ‌ الإيمان والطاعة خير من الكفر والمعصية للعبد في الدنيا والآخرة

- ‌معنى المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد مماته

- ‌على المؤمن أن يحب ما أحب الله ويبغض ما أبغضه الله ويرضى بما قدره الله

- ‌فصل، جميع الحركات ناشئة عن الإرادة والاختيار

- ‌فصل

- ‌أصل الموالاة الحب وأصل المعادة البغض

- ‌فصل، تقسيم العلم إلى فعلي وانفعالي

- ‌علم الرب بأفعال عباده الصالحة والسيئة يستلزم حبه للحسنات وبغضه للسيئات

- ‌الإرادة والمحبة ينقسمان أيضا إلى فعليتين وانفعاليتين

- ‌الحب يتبع الإحساس والإحساس يكون بموجود لابمعدوم

- ‌الأمور الغائبة لاتعرف ولاتحب ولا تبغض إلا بنوع من القياس والتمثيل

الفصل: ‌يقول بعض المتفلسفة إن المقصود بالدين مجرد المصلحة الدنيوية

‌يقول بعض المتفلسفة إن المقصود بالدين مجرد المصلحة الدنيوية

فصار كل طائفة من بني آدم لا بد لهم من دين لهذين الأمرين لحاجة نفوسهم إلى الإله الذي هو محبوب مطلوب لذاته ولأنه ينفع ويضر ولحاجتهم إلى التزام ما يحبونه من الحاجات ويدفعونه من المضرات

وهم مشركون في المحبة للأمور المنزلة أعيانها وأنواعها فهم مشركون في محبة الإله الذي يعبدونه وتعظيمه ومحبة من يبلغ عنه ما يختص به ومحبة أوامره ونواهيه مشركين في محبة غير ذلك ومشركون أيضا في محبة جنس ما التزموه من الواجبات والمحرمات العامة التي هي جلب المنفعة لهم جميعا ودفع المضرة عنهم جميعا

فهذه المحبة هي المحبة الدينية كحب الدين الذي هم عليه حقا كان أو باطلا وكذلك محبة ما يعين على ذلك ويوصل إليه لأجل ذلك فهي أيضا محبة دينية

وليس المقصود بالدين الحق مجرد المصلحة الدنيوية من إقامة العدل بين الناس في الأمور الدنيوية كما يقوله طوائف من المتفلسفة في مقصود النواميس والنبوات أن المراد بها مجرد وضع ما يحتاج إليه معاشهم في الدنيا من القانون العدلي الذي ينتظم به معاشهم لكن هذا قد يكون المقصود في أديان من لم يؤمن بالله ورسوله من اتباع الملوك المتفلسفة ونحوهم مثل قوم نوح ونمرود وجنكيزخان وغيرهم

ص: 45

فإن كل طائفة من بني آدم محتاجون إلى التزام واجبات وترك محرمات يقوم بها معاشهم وحياتهم الدنيوية وربما جعلوا مع ذلك ما به يستولون به على غيرهم من الأصناف ويقهرونه كفعل الملوك الظالمين مثل جنكيزخان

فإذا لم يكن مقصود الدين والناموس الموضوع إلا جلب المنفعة في الحياة الدنيا ودفع المضرة فيها فليس لهؤلاء في الآخرة من خلاق ثم إن كان مع ذلك جعلوه ليستولوا به على غيرهم من بني آدم ويقهرونهم كفعل فرعون وجنكيزخان ونحوهما فهؤلاء من أعظم الناس عذابا في الآخرة

كما قال تعالى: {نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}

وقد قص الله سبحانه قصة فرعون في غير موضع من القرآن وكان هو وقومه على دين لهم من دين الملوك كما قال تعالى: في قصة يوسف {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وهذا الملك كان فرعون يوسف وكان قبل فرعون موسى وفرعون اسم لمن يملك مصر من القبط وهو اسم جنس كقيصر وكسري والنجاشي ونحو ذلك

وهؤلاء المتفلسفة الصابئة المبتدعة من المشائين ومن سلك مسلكهم من المنتسبين إلى الملل في المسلمين واليهود والنصارى يجعلون الشرائع والنواميس

ص: 46

والديانات من هذا الجنس لوضع قانون تتم به مصلحة الحياة الدنيا ولهذا لا يأمرون فيها بالتوحيد وهو عبادة الله وحده ولا بالعمل للدار الآخرة ولا ينهون فيها عن الشرك بل يأمرون فيها بالعدل والصدق والوفاء بالعهد ونحو ذلك من الأمور التي لا تتم مصلحة الحياة الدنيا إلا بها ويشرعون التأله للمخلصين والمشركين

وقد تكلمت على أقسام الديانات في غير هذا الموضع وبينت الطبعي والملي والشرعي وإنما جاء ذكر هذا هنا مطردا

ولهذا يقيمون النواميس بأنواع من الحيل والسحر والطلسمات كما وضعوه في كتب ذلك ويقولون في بعض الطيالسم هذا يصلح لوضع النواميس كما تواصت القرامطة والباطنية وكما كان يفعله سحرة فرعون وغيرهم وآثارهم موجودة بذلك إلى اليوم وكما يفعله المشركون من الترك والهند في بلادهم

ص: 47

والمتفلسفة الصابئة تجعل ذلك جنسا لما بعثت به الرسل من الآيات ويجعلون موسى والسحرة والذين عارضوه من جنس واحد

وهؤلاء كما قال تعالى: فيهم {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} هم مقرون بأن منفعة ذلك لا تكون في الآخرة وإنما يرجون منفعته في الدنيا وإن كان فيه بلوغ بعض الأعراض من رئاسة أو شهوة

فهو كما قال الله تعالى {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} إذ ما فيه من المضرة يربو على ما فيه من الخير قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} ولهذا كان ما نهي عنه من هذا الجنس إنما هو لكون الضرر فيه أغلب من المنفعة فأما ما ينفع الناس فلم ينه الله عنه

ولهذا لما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم الرقى قال: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل وقال لا بأس بالرقي ما لم يكن فيه شرك".

ص: 48