الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفصيل مقالة الفلاسفة في اللذة
…
ثم إن من دخل مع أهل الملل منهم وافق المؤمنين بإظهاره للإقرار بما جاءت به الرسل وقال إن ما أخبرت به الرسل من الوعد والوعيد إنما هو أمثال مضروبة لتفهم العامة المعاد الروحاني وما فيه من اللذة والألم الروحانيين وربما يغرب بعضهم فأثبت اللذات الخيالية بناء على أن النفوس يمكن أن يحصل لها من إشراق الأفلاك عليها ما يحصل لها به من اللذة ما هو من أعظم اللذات الخيالية التي قد يقولون هي أعظم من الحسية
الأصل الثاني أن اللذات العقلية التي أقروا بها لم تحصل لهم ولم يعرفوا الطريق إليها بل ظنوا أن ذلك إنما هو إدراك الوجود المطلق بأنواعه وأحكامه وطلبوا اللذة العقلية في الدنيا بما هو من هذا النمط من الأمور العقلية وتكلموا في الإلهيات بكلام حقه قليل وباطله كثير فكانوا طالبين للذة العقلية التي أثبتوها بالأغذية الفاسدة التي تضر وتؤلم أكثر من طلبها بالأغذية النافعة بل كانوا فاقدين لغذائها الذي لا صلاح لها إلا به وهو إخلاص الدين لله بعبادته وحده لا شريك له فإن هذا هو خاصة النفس التي خلقت له لا تصلح إلا به ولا تفسد فسادا مطلقا مع وجوده قط بل من بات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة
كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلي الله عليه وسلم أنه قال من وجوه متعددة من
حديث عثمان بن عفان وأبي ذر ومعاذ بن جبل وأبي هريرة وعتبان بن مالك وعبادة بن الصامت وغيرهم ولا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد بل يخرج من النار من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال ذرة من إيمان
وقد تكلمت على رسالة المبدأ والمعاد التي صنفها أبو علي بن سينا وزعم أن فيها من الأسرار المخزونة من فلسفتهم بما يناسب هذا مما ليس هذا موضعه وبينت ما دخل عليهم من الجهل والكفر في ذلك من وجوه بينة من لغاتهم ومعارفهم التي يفقهون بها ويعلمون صحة ما عليه أهل الإيمان بالله ورسوله وبطلان ما هم عليه مما يخالف ذلك من الحقيقة وإن زعموا أنهم موافقون لأهل الإيمان
نعم هم مؤمنون ببعض وكافرون ببعض كما قد بينت أيضا مراتب ما معهم ومع غيرهم من الكفر والإيمان في غير هذا الموضع وذكرت ما كفروا به مما خالفوا به الرسل وما آمنوا به مما وافقوهم فيه