الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الله تعالى فيما أمر به من الصيام {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} فإذا كان لا يريد فيما أمرنا به ما يعسر علينا فكيف يريد ما يكون ضررا وفسادا لنا بما أمرنا به إذا أطعناه فيه
ثم إنه يكون قد أخبر أن
الإيمان والطاعة خير من الكفر والمعصية للعبد في الدنيا والآخرة
وإن كان لجهله يظن أن ذلك خير له في الدنيا كما يقوله هؤلاء الذين فيهم جهل ونفاق الذين قد يقولون إن المأمور به قد لا يكون فيه للعبد مصلحة ولا منفعة طول عمره بل يكون ذلك في المنهي عنه فقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}
وقال تعالى: عن الذين اتبعوا {مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} إلى قوله {مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فأخبر أنهم يعلمون أن هذه الأمور لا تنفع بعد الموت بل لا يكون لصاحبها نصيب في الآخرة وإنما طلبوا بها منفعة الدنيا وقد يسمون ذلك العقل المعيشي أي العقل الذي يعيش به الإنسان في الدنيا عيشة طيبة فقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} فاخبر أن أولياءه الذين آمنوا وكانوا يتقون ينبههم على
أن في ذلك ما هو خير لهم مما طلبوه في الدنيا لو كانوا يعلمون فيحصل لهم في الآخرة من الخير الذي هو المنفعة ودفع المضرة ما هو أعظم مما يحصلوه بذلك من خير الدنيا
كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ثم قال {وَلأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}
وقال عن إبراهيم {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}
وقد قال تعالى: ما يبين به أن فعل المكروه من المأمور خير من تركه في الدنيا أيضا قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً. وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً. وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً}
وهذا في سياق حال {الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} وهؤلاء منافقون من أهل الكتاب
والمشركون حالهم أيضا شبيه بحال الذين نبذوا كتاب الله وراءهم ظهريا كأنهم لا يعلمون {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} فإن أولئك عدلوا عما في كتاب الله إلى اتباع الجبت والطاغوت والسحر والشيطان وهذه حال الذين أوتوا نصيبا من الكتاب الذين يؤمنون بالجبت والطاغوت وحال الذين يتحاكمون إلى الطاغوت من المظهرين للإيمان بالله ورسله فيها من حال هؤلاء
والطاغوت كل معظم ومتعظم بغير طاعة الله ورسوله من إنسان أو شيطان أو شيء من الأوثان
وهذه حال كثير ممن يشبه اليهود من المتفقهه والمتكلمة وغيرهم ممن فيه نوع نفاق من هذه الأمة الذين يؤمنون بما خالف كتاب الله وسنة رسوله من أنواع الجبت والطاغوت والذين يريدون أن يتحاكموا إلى غير كتاب الله تعالى وسنة رسوله
وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً. فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ