الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإرادة والمحبة ينقسمان أيضا إلى فعليتين وانفعاليتين
…
قد تحصل ابتداء لا عن شوق كمن يذوق الشيء الطيب الذي لم يكن يعرفه فيحبه بعد ذلك لكن هذا لم يتقدم منه طلب وفعل في حصول هذا المحبوب بخلاف من ذاقه ابتداء فأحبه ثم سعي في تحصيل نظائر ما حصل له ابتداء
فقد تبين أن كلا العلمين الفعلي والانفعالي مستلزم للآخر وكذلك علم الرب سبحانه وتعالى بنفسه مستلزم لعلمه بصفاته وأفعاله ومفعولاته وهو سبحانه يحمد نفسه ويثني عليها فلا نحصي ثناء عليه بل هو كما أثني على نفسه وعلمه بأفعاله ومفعولا ته مستلزم لعلمه بنفسه وعلمه بالمخلوقات وأفعالها يتبعه حبه وبغضه وأمره ونهيه وعلمه بما يفعله بعباده من ثواب وعقاب وغير ذلك تابع لعلمه بما هي عليه وقد تكلمنا على نحو هذا في غير هذا الموضع
وإنما المقصود في هذا المكان أن هذا التقسيم الوارد في العلم يرد نحوه في الإرادة والمحبة ونحو ذلك
فإن الإرادة والمحبة تنقسم أيضا إلى فعلية مؤثرة في المراد المحبوب وهي إرادة الفعل وحبه وإن كان المراد المحبوب تابعا مفعولا معدوما وقد ظن بعض الناس أن الإرادة والمحبة ليست إلا هذا النوع حتى قال لا تتعلق الإرادة والمحبة إلا بالمعدوم دون الموجود وبالمحدث دون القديم وهذا قول طوائف من أهل الكلام وأكثر هؤلاء هم أكثر القائلين بأن العلم لا يكون إلا انفعاليا
فيجعلون العلم لا يتعلق في الحقيقة إلا بمعلوم متبوع كالموجود ويجعلون الإرادة لاتتعلق إلا بمراد تابع كالمفعول المعدوم
وتنقسم إلى انفعاليه تابعه للمراد المحبوب ليست مؤثرة في وجوده أصلا بل يكون المحبوب المراد موجودا بدون الإرادة وإنما يحب المحب ذلك الموجود ويريده ويقال في كثير من أنواع ذلك يهواه ويعشقه ونحو ذلك من العبارات
وهذا القسم في الحقيقة هو الأصل في القسم الأول كما قد تكلمنا عليه في بعض القواعد المتقدمة من سنين وذكرنا أن العلم والإرادة إنما يتعلق أولا بالموجود وأن تعلقه بالمعدوم تابع لتعلقه بالموجود وذكرنا أن الإنسان لا يحب الشيء ويريده حتى يكون له به شعور أو إحساس أو معرفة ونحو ذلك ويكون مع ذلك بنفسه إليه ميل وفيها له حب وكل واحد من هاتين الفرقتين في فطرته وجبلته المعرفة والمحبة ولهذا كان كل مولود يولد على الفطرة فطرة الإسلام وهي عبادة الله وحده وأصل ذلك معرفته ومحبته والنفس لا تحس العدم المحض وإنما تعرف العدم بنوع من القياس المقدر على الوجود كما يقدر في نفسه جبل ياقوت وبحر زئبق فنزل ذلك مما علمه من الجبل ومن الياقوت ثم ينفي