الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف المؤمن من الشرور والخيرات وما يجب عليه حيالها
…
معاوضة بتلك فتكون شبهة مع الشهوة فغالب وقوع المحرمات من هذا الباب وقد لبس فبه الحق بالباطل وأشرك فيه الحق بالباطل
والمؤمن ينبغي له أن يعرف الشرور الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة كما يعرف الخيرات الواقعة ومراتبها في الكتاب والسنة فيفرق بين أحكام الأمور الواقعة الكائنة والتي يراد إيقاعها في الكتاب والسنة ليقدم ما هو أكثر خيرا وأقل شرا على ما هو دونه ويدفع أعظم الشرين باحتمال أدناهما ويجتلب أعظم الخيرين بفوات أدناهما فإن من لم يعرف الواقع في الخلق والواجب في الدين لم يعرف أحكام الله في عباده وإذا لم يعرف ذلك كان قوله وعمله بجهل ومن عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح
وإذا عرف ذلك فلا بد أن يقترن بعلمه العمل الذي أصله محبته لما يحبه الله ورسوله وبغضه لما يبغضه الله ورسوله وما اجتمع فيه الحبيب والبغيض المأمور به والمنهي عنه أو الحلال والمحظور أعطي كل ذي حق حقه ليقوم الناس بالقسط فإن الله بذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل فالعلم بالعدل قبل فعل العدل
فإذا علم وأحب كان من تمامه الجهاد عليه كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} والعلم
هو طريق إلى العمل وسبب كما قيل في قوله تعالى {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} أي علما
فالعلم بالخير سبب إلى فعله والعلم بالشر سبب إلى منعه هذا مع حسن النية وإلا فالنفس الأمارة بالسوء قد يكون علمها بالسوء سبب لفعله وبالخير سبب لمنعه وكذلك الإثم والبغي بغير الحق مثل الخمر الذي اتخذ منه أنواع من المسكرات وقيل إنها حلال وسميت بغير أسماء الخمر وهي من الخمر
وكذلك ظلم العباد في النفوس والأموال والأعراض فيه ما قد سمي حقا وعدلا وشرعا وسياسة وجهادا في سبيل الله وهو من الكفر والفسوق والعصيان ما لا يحصيه إلا الله وكذلك الإشراك بالله بغير حق والقول بما لا يعلم مثل أنواع الغلو في الدين واتخاذ العلماء والعباد أربابا من دون الله والقول بتحريم الحلال وتحليل الحرام وأنواع الإشراك بالمخلوقات عبادة لها واستعانة بها وغلوا فيها وقولا على الله في أسمائه وصفاته وأحكامه ما قد دخل في ذلك من الباطل الذي سمي بأسماء محمودة أو غير مذمومة كالعبادة والزهادة والتحقيق وأصول الدين والفقه والعلم والتوحيد والكلام والفقر والتصوف ما لا يحصيه إلا الله
ومما ينبغي أن يعرف أن كل تبديل يقع في الأديان بل كل اجتماع في العالم لا بد فيه من التحالف وهو الاتفاق والتعاقد على ذلك من اثنين فصاعدا